أسلوب قيادة نقاط القوة: فهم نقاط القوة ونقاط الضعف

لقد انضم "أحمد" إلى فريقك منذ ثمانية عشر شهراً وقد أثبت أنَّه مندوب مبيعاتٍ موهوبٌ وناجح. فهو يعقد أبرز الصفقات، ويجلب أعلى العائدات، ويبني أمتن العلاقات مع العملاء. لذلك عندما انتقل قائد فريق المبيعات لديك إلى قسمٍ آخر كنت واثقاً من أنَّ ترقية "أحمد" هي الحل. ولكنَّك بدأت بعد بضعة أسابيع تندم على قرارك هذا. حيث لم يجري تسخير المهارات الحالية التي يتمتع بها "أحمد" للاستفادة منها في مجال إدارة الفريق. فقد كان يفتقر إلى الصبر، وكان مثالياً بصورةٍ جعلته عُرضةً لكثيرٍ من الانتقاد، كما أخفق في توضيح ما يريد من الأشخاص تنفيذه. لقد أدركت الآن أنَّك ركزت على نجاحات "أحمد" عندما قمت بترقيته وتغاضيت عن نقاط ضعفه. لقد كان يجب عليك استخدام نهج نقاط القوة في القيادة والتركيز على بناء نقاط قوته الحالية وترقية شخصٍ لديه مهارات أكثر فعالية يمكن استغلالها في منصب قائد الفريق.

سنكتشف في هذا المقال ما هو نهج نقاط القوة الذي يُستخدم في القيادة، وسنرى كيف يمكنك استخدامه لتطوير نفسك وأعضاء فريقك. وسنتعرف أيضاً على ميزات هذا النهج وعيوبه، وسنلقي نظرةً على كيفية تحديد نقاط قوتك بحيث يمكنك أن تصبح قائداً أكثر فعالية.



أولاً: ما هو نهج نقاط القوة الذي يُستخدم في القيادة؟

يتضمن نهج نقاط القوة التركيز على نقاط قوتك، وتفويض المهام التي لا تتقن تنفيذها إلى أشخاصٍ أكثر مهارةً وخبرة. ويمكنك استخدام هذا النهج أيضاً لتحديد نقاط قوة أعضاء فريقك وتشجيعهم على استخدامها بطريقةٍ تحقق الفائدة للجميع.

إنَّنا نتوقع من القادة في بعض الأحيان أن يكونوا بارعين في كل شيء، وألَّا يكون لديهم سوى نقاط ضعفٍ قليلة. ولكن على الرغم من حجم المؤهلات والخبرات التي تتمتع بها لا يمكنك في الواقع أن تكون خبيراً إلا في مجالٍ محددٍ فقط وهذا لا يضمن لك النجاح في مجالاتٍ أخرى. فعندما تسعى إلى أن تصبح خبيراً في جميع المجالات فإنَّ ذلك يجعلك غير فعال ويشتت قدراتك. لذلك من المهم أن تتعرف على نقاط قوتك ونقاط ضعفك وأن تفوض المهام التي يؤديها غيرك من الأشخاص بشكلٍ أفضل.

ثانياً: فوائد نهج نقاط القوة:

دعنا نلقي نظرةً على فوائد استخدام نهج نقاط القوة في القيادة. على سبيل المثال:

  • تحسين الإجماع والتفويض: إنَّ العمل مع الخبراء في المجالات التي تعوزك فيها الخبرة هو دليل قوةٍ وليس دليل ضعف. حيث يكون ذلك من خلال الاعتراف بحاجتك إلى المساعدة، وتقبُّل فكرة وجود أشخاص آخرين يتمتعون بالخبرة أكثر منك في مجالاتٍ محددة، وتطوير أسلوب قيادةٍ توافقيٍّ بشكلٍ أكبر، والتركيز على ما تتقنه، وتعزيز التفويض الفعال.
  • تحسين المشاركة: يزيد تشجيع الأشخاص على التركيز على نقاط قوتهم من استمتاع أعضاء الفريق بالمهام التي يؤدونها ومشاركتهم فيها بشكلٍ فعال. لقد وجد هذا الاستطلاع أنَّ 1% فقط من الموظفين يفقدون اهتمامهم بالمشاركة إذا ما ركز مديروهم بشكلٍ فعال على نقاط قوتهم، بينما يفقد 40% من الموظفين اهتمامهم بالمشاركة إذا ما جرى تجاهل نقاط القوة تلك.
  • التوظيف الفعال: يمكنك استخدام نهج نقاط القوة لتطوير فريقك. حيث يشجعك هذا النهج على توظيف الأشخاص بالاعتماد على نقاط القوة الفردية لديهم، وليس لأنَّ مهاراتهم واهتماماتهم تتوافق مع مهاراتك واهتماماتك. لذلك فإنَّك ستطوِّر على الأرجح فريقاً يتميز بالتنوع في نقاط قوته، ومهاراته، ومواقفه، وقيمه الثقافية.
  • تشجيع الإبداع: يعني استخدام هذا النهج أنَّك ستكون على الأرجح أكثر ثقةً في تفويض المسؤولية ونقلها إلى أعضاء فريقك، وأقل تركيزاً على جعل الأشخاص "مناسبين" حيث يؤدي ذلك إلى تقليل الإبداع والابتكار.

ثالثاً: عيوب نهج نقاط القوة:

على الرغم من الفوائد التي يتميز بها إلَّا أنَّ ثمة نقاط ضعفٍ جوهرية في نهج نقاط القوة. من بينها:

  • التعوُّد (التعود على تأدية الأشخاص للمهام نفسها بشكلٍ دائم): يزيد هذا النهج من خطر إلصاق صفة محددة بالأشخاص. فعلى سبيل المثال إذا شجعت الأشخاص على التركيز على نقاط قوتهم فقط فقد يصيبهم الملل، والإحباط، ويشعرون بالاستياء لأنَّ الآخرين يتقدمون ويطوِّرون خبراتهم بينما هم يراوحون في أماكنهم.
  • الإفراط في الإجماع: إذا ركَّز كلُّ شخصٍ على نقاط القوة التي لديه وشقَّ طريقه بنفسه فإنَّك قد تعاني في تحديد التوجه الكلي للمجموعة واتخاذ القرارات النهائية.
  • تجاهل نقاط الضعف: يركز هذا النهج على بناء المواهب ونقاط القوة ولكنَّك تحتاج في بعض المجالات أيضاً إلى التعامل مع نقاط الضعف الموجودة في الأداء والنواقص الموجودة في المعرفة والمهارات. من دون ذلك سيقل احتمال تطورك وتحسُّنك أنت وفريقك، وسيصيب الضعف عملك بسبب نقاط الضعف التي لم يعالجها أحد.

رابعاً: كيفية استخدام نهج نقاط القوة:

في كتابهما الذي أصدراه في العام 2009 تحت عنوان "قيادة نقاط القوة: القادة العظماء، والفِرَق، ولماذا يتبعهم الناس" يقول استشاريا مكان العمل "توم راث" (Tom Rath) و"باري كونتشي" (Barry Conchie) أنَّ الفرق الأكثر نجاحاً تمتلك مجموعةً واسعة من نقاط القوة. حيث حددوا أربع مجموعاتٍ رئيسة لهذه النقاط:

  1. التنفيذ: وهو القدرة على إنجاز الأشياء. حيث يتَّسم الأشخاص البارعون في التنفيذ بالمهارة في تنظيم المهام، والأحداث، والأشخاص والتحكم بهم، وبثبات أداءهم، وبقوة التركيز التي لديهم، وبأنَّهم جاهزون لتحمُّل مسؤولية أعمالهم.
  2. التأثير: وهو القدرة على تسويق الأفكار، أو المشاريع، أو المهام، أو المواقف، أو المناهج التنظيمية للآخرين، والتأثير بهم، وإقناعهم بدعمها.
  3. بناء العلاقات: وهو تشجيع الأشخاص على العمل معاً من أجل تحقيق هدفٍ أو طموحٍ مشترك.
  4. التفكير الاستراتيجي: يُعدُّ الشخص الذي يفكر بشكلٍ استراتيجي ماهراً في تحليل المعلومات، واكتشاف الروابط والعلاقات، و"التفكير داخل الصندوق وخارجه".

ليس من الضروري أن تتقن المجالات الأربعة جميعها لكي تكون ناجحاً، ولكن يجب عليك أن تتأكد من أنَّ فريقك يضم على الأقل عضواً واحداً يتمتع بنقاط قوة في كل مجالٍ من هذه المجالات بحيث يتكامل الأشخاص وما يتمتعون به من مهارات مع بعضهم البعض.

خامساً: دعنا نلقي نظرةً على كيفية تحديد مكمن نقاط القوة لديك ضمن هذه المجالات الأربع:

  1. التنفيذ:

يدير الأشخاص الذين توكل إليهم مهمة التنفيذ غالباً وقتهم بكلُّ فعالية، ويتمتعون بمستوى عالي من الإنتاجية، ويحبون الإنجاز.

هل تركيزك مرتفع، وهل تجد أنَّه من السهل بالنسبة إليك الوصول إلى أعلى درجات الإنتاجية؟ أم أنَّك تعاني في سبيل الوصول إلى التركيز؟ إذا كنت ممن يتشتت انتباههم بسهولة، أو إذا كنت تواجه مشكلةً في التعامل مع التفاصيل فوِّض المهام "التنفيذية" إلى شخصٍ أكثر قوةً في هذا المجال.

  1. التأثير:

يُعدُّ الأشخاص الأقوياء في هذا المجال قادرين على التأثير في الآخرين وتحفيزهم للحصول على الدعم لأفكارهم ومشاريعهم. اكتشف مدى قدرتك على إثارة الأشخاص ودفعهم إلى المشاركة بشكلٍ فعال،وتعرَّف على مدى قدرتك على التفاعل مع أعضاء فريقك والتواصل معهم.

هل لديك ما يكفي من الشجاعة والثقة بالنفس للنهوض وتولي القيادة؟ هل هدفك هو دفع الفريق بأكمله نحو النجاح؟ إذا كان الأمر كذلك فأنت على الأرجح شخصٌ مؤثِّر ويجب عليك أن تسعى إلى التركيز على القيام بالمزيد من هذه المهام.

  1. بناء العلاقات:

ربما تفضِّل العمل مع الآخرين من أجل تحقيق هدفٍ أو طموحٍ مشترك، وربما يمكنك بسهولةٍ إيجاد الروابط بين الأشخاص، والمشاريع، والأهداف، والمنظمات؟ يتمتع الأشخاص الذين لديهم نقاط قوة في هذا المجال بمستوى عالي من الذكاء العاطفي، ويحبون العمل كجزءٍ من الفريق.

  1. التفكير الاستراتيجي:

هل أنت بارعٌ إلى حدٍّ كبير في التحليل، وهل يمكنك التعرف على العلاقات والروابط عندما يخفق الآخرون في ذلك؟ إنَّ الأشخاص الذين يفكرون بشكلٍ استراتيجي هم غالباً في غاية الإبداع، ويفضِّلون التعامل مع الأفكار "ذات المستوى العالي" في المهمة بدلاً من التعامل مع تفاصيلها.

 

النقاط الرئيسة:

يركز نهج نقاط القوة على تحديد ما تتقنه أنت وفريقك، وتفويض المهام ضمن المجالات التي لا تمتلك فيها الكثير من القوة إلى أشخاصٍ أكثر مهارةً وخبرة. وتُقسم نقاط القوة إلى أربع مجالات عامة (ولكنَّها مُتداخلة): التنفيذ، والتأثير، وبناء العلاقات، والتفكير الاستراتيجي. يمكن لنهج نقاط القوة أن يحسِّن مهارات التفويض لديك، ويزيد من التنوع ضمن فريقك، ويؤسس لأسلوب إدارةٍ توافقيٍّ بشكلٍ أكبر. ولكن احذر من أن تتخذ القرارات والأحكام بناءً على نقاط القوة الظاهرية للأشخاص، وإياك أن تتجاهل نقاط الضعف لأنَّك إذا لم تأخذها في حسبانك فإنَّها يمكن أن تؤدي إلى تقويض العمل الذي تقوم به.

طبِّق ذلك في حياتك:

ألقِ نظرةً إلى الوراء وقوِّم نقاط قوتك. ما هو أفضل ما تقوم به؟ وما هي نقاط ضعفك؟ فكِّر فيما إذا كنت تركز بشكلٍ كبير على نقاط ضعف فريقك، أو على ما يقومون به بشكلٍ خاطئ وتتغاضى عن مهاراتهم ونقاط قوتهم. وهل لديهم نقاط قوةٍ لا تستخدمها، أو تتجاهلها؟ فكر فيما إذا كان في إمكانك تحسين طريقة تفويضك للمشاريع وإدارتك لها. وهل أنت في حاجةٍ إلى إعادة النظر في نهجك الذي تتبعه في تعيين أعضاء الفريق بحيث تستطيع التركيز على مجموعةٍ أوسع من نقاط القوة والصفات؟

 

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة