أسباب تدفعك إلى تعلم المزيد حول شخصيتك

تعدُّ اختبارات الشخصية شائعةً جداً على الإنترنت هذه الأيام، ومن الصعب تصفح تطبيقي بنترست (Pinterest) أو فيسبوك (Facebook) دون أن تجد العديد من الاختبارات القصيرة التي تدعي قدرتها على اكتشاف صفات شخصيتك الخفية أو الحقيقية، أو تحديد المشاهير الذين تتشارك معهم بعض الصفات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة كيندرا شيري (Kendra Cherry)، والذي تحدثنا فيه عن الأسباب التي تدفعنا إلى اكتشاف المزيد عن أنفسنا.

عادة ما تكون هذه الاختبارات للتسلية فقط، لكنَّها تكشف أحياناً بعضاً من الحقيقة والحكمة، وتساعد في تسليط الضوء على جوانب مختلفة من الشخصية والسلوك والأولويات، وغالباً ما توفر مصدراً ممتعاً للتسلية وسط يوم عملٍ شاق؛ ولكنَّها تشكل تمريناً مفيداً للتعرف على نفسك بشكلٍ أفضل قليلاً، سواءً كنت تجري اختباراً معقداً للحالة النفسية، أم لاكتشاف شخصية النجم التي تمثلك.

بالإضافة إلى هذه الاستبيانات الترفيهية، هناك الكثير من التقييمات النفسية المنطقية المتاحة عبر الإنترنت والقادرة على إخبارك بالمزيد عن نفسك؛ فعلى سبيل المثال: يعدُّ مؤشر مايرز بريجز لأنماط الشخصية (MBTI: Myers-Briggs Type Indicator) أحد أكثر التقييمات النفسية شيوعاً في العالم اليوم، حيث يؤكد الكثير من الناس أنَّ معرفة أنماط شخصياتهم ساعدهم على اكتساب فهمٍ أفضل لأنفسهم وللآخرين.

لقد صُمِّم هذا المؤشر لتقييم الأولويات النفسية، بما في ذلك: كيفية رؤية الناس للعالم من حولهم، وكيف يتفاعلون معه، وكيف يتخذون القرارات؛ وقد طور فريقٌ مكوَّنٌ من أمٍّ وابنتها الاختبار بناءً على النظريات الشخصية للمحلل النفسي "كارل يونج" (Carl Jung).

منذ ذلك الوقت، أصبح هذا التقييم أحد أكثر اختبارات الشخصية شيوعاً واستخداماً، وكثيراً ما يستخدمه علماء النفس والمستشارون المهنيون وأرباب العمل، وغالباً ما يُوصَف الاختبار كوسيلةٍ سريعةٍ لمعرفة مزيدٍ عمَّا يتقنه الأشخاص، وفيما إذا كانوا سينجحون في أدوار معينة.

لذا، هل يمكنك معرفة نمط شخصيتك من خلال اختبار مايرز بريجز لأنماط الشخصية (MBTI) والتقييمات الأخرى؟ وما الأمور الجيدة التي يمكن أن تقدمها مقاييس الشخصية هذه؟

فوائد اختبارات الشخصية:

قد تساعدك معرفة نمط شخصيتك فيما يأتي:

1. فهم الآخرين بشكل أفضل:

قد يتكوَّن لديك من خلال إجراء اختبار (MBTI) ورؤية نتائجك فهماً أفضل لجميع ردود الأفعال والتصورات المختلفة التي قد يمتلكها الأشخاص الآخرون للمواقف نفسها، حيث نمتلك جميعاً طرائق مختلفة في رؤية العالم والتفاعل معه؛ إذ لا توجد شخصية أفضل من الأخرى، وتجذب كل وجهة نظر فكرة جديدة ومثيرة للاهتمام.

غالباً ما يقع الناس في فخ الاعتقاد الخاطئ بأنَّ معظم الأشخاص الآخرين يشاركونهم الآراء ووجهات النظر والمواقف والصفات نفسها التي تميزهم؛ حيث يمكن لإبراز أولوياتك الشخصية والقدرة على إلقاء نظرة سريعة على بعض الصفات التي يمتلكها الآخرون أن يكون أمراً ملفتاً للكثيرين.

يعدُّ فهم بعض الصفات الأساسية لشخصيتك وصفات الأشخاص المقربين منك أمراً مفيداً في العلاقات، فعلى سبيل المثال: إذا كنت شخصاً منفتحاً وشريكك أكثر انطوائية، فستكون قادراً بشكلٍ أفضل على اكتشاف الحالات التي يكون فيها شريكك مرهقاً ويحتاج إلى أخذ استراحةٍ بعيداً عن العلاقات الاجتماعية؛ بحيث يمكنك من خلال معرفة الصفات الشخصية لبعضكما بعضاً الاستجابة بشكلٍ أفضل لاحتياجات أحبائك وبناء علاقات أقوى.

شاهد بالفيديو: 12 صفة تجعلك صاحب شخصية مثالية

2. تحديد ما تحبه وما تكرهه:

ربَّما كنت تكره التحدث عبر الهاتف، ولكنَّك لم تفهم السبب قط؛ أو تحتاج دائماً إلى مزيدٍ من الوقت للتفكير في مشكلةٍ ما قبل اتخاذ القرار المناسب.

قد تصبح من خلال معرفة كونك منفتحاً أو انطوائياً وإدراك نمط تفكيرك أو شعورك قادراً على فهم أسباب تفضيلك لأشياء معينة وعدم إعجابك بغيرها، وقد يكون ذلك مفيداً عندما تحاول اتخاذ قرارات هامة لها تأثير كبير على مجرى حياتك، مثل اختيار تخصصك الجامعي؛ إذ يعني اختيار تخصص ومهنة تتماشى جيداً مع أولوياتك الشخصية أن ينتهي بك المطاف إلى أن تكون أكثر سعادة ورضا عن اختياراتك وعملك على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: ما هو الفارق بين ذوي العقلية المنفتحة، وذوي العقلية المنغلقة؟

3. تحديد المواقف التي تسمح لك بأداء أفضل ما لديك:

يمكن أن يساعدك تعلم المزيد عن نمط شخصيتك في اكتشاف طرائق جديدة لمعالجة المشكلات؛ فإذا كنت تميل إلى أن تكون على درجة عالية من الانطوائية، فقد تحرص في المستقبل على منح نفسك متسعاً من الوقت لتكون مستعداً قبل أن تقدِّم نفسك إلى زميل عمل جديد على سبيل المثال؛ إذ تمنحك معرفة ما يناسب نمط شخصيتك أفكار جديدة حول طريقة حل المشكلات، والتعامل مع التوتر، والتغلب على النزاعات، وإدارة عادات العمل.

4. فهم نقاط قوتك وضعفك بشكل أفضل:

تعدُّ معرفة ما تجيد القيام به أمراً هاماً يفيدك عندما تواجه العديد من المواقف، سواءً كنت تختار تخصصاً جامعياً أم تفكر في الحصول على مقعد في مدرسة داخلية؛ فعلى سبيل المثال: إذا كانت نتيجة اختبارك في اختبار (MBTI) أنَّك شخص (انطوائي، وحساس، وعقلاني أو حكيم)، فعليك أن تدرك أنَّ هذه الصفات قد تعدُّ نقاط قوة في بعض المواقف ونقاط ضعف في مواقف أخرى.

رغم أنَّ مهاراتك التنظيمية القوية وشخصيتك المولعة بالتفاصيل يمكن أن تشكل قوة رئيسة في عملك، إلَّا أنَّها قد تؤدي أحياناً إلى تعثرك في المواقف التي تحتاج فيها إلى السماح للآخرين بتولي زمام الأمور.

إقرأ أيضاً: كيف تعرف نقاط القوّة والضعف في شخصيتك؟

تذكر أنَّ اختبارات الشخصية محدودة:

لا يعدُّ تحديد نوع شخصيتك كلّ شيء، حيث تكون اختبارات الشخصية والتحليلات القصيرة مفيدة وممتعة أحياناً؛ ولكن حتى التقييمات النفسية الأكثر جدية ليست كلّ شيء، وإنَّما يتعلق الأمر بك شخصياً، وبما يمكنك إنجازه، وكيف يمكن أن تتصرف في بعض المواقف، وماذا ستصبح في المستقبل.

إليك بعض الأسباب التي تجعلك لا ترغب في أخذ نتائج جميع اختبارات الشخصية على محمل الجد:

1. قد لا تخبرك معرفة نوع شخصيتك فيما إذا كنت ستحب مهنة معينة أو تنجح في عملك:

قد يمنحك إجراء اختبار أو تقييم للشخصية فكرةً أفضل عن المجالات التي تناسبك، ولكن هناك اختلاف كبير بين الاهتمام بمهنة معينة والاستمتاع بالعمل الفعلي بها؛ فعلى سبيل المثال: قد يشير تحليل الشخصية إلى أنَّك ستصبح محاسباً جيداً، ولكنَّك قد تجد العمل مملاً وغير مريح.

2. قد يمنعك التمسك بأفكار حول ما "أنت عليه" من تجربة أشياء جديدة:

على سبيل المثال: قد يرفض الشخص المنفتح القيام بأنشطة فردية أو صامتة، وقد يؤدي ذلك إلى فقدان الخبرات التي قد تتعلم منها أو تستمتع بالقيام بها؛ بالإضافة إلى ذلك، قد تفوتك فرصة مقابلة أشخاص مثيرين للاهتمام لأنَّهم لا يشاركونك الصفات والاهتمامات ذاتها؛ لذا حاول ألَّا تبالغ في وصف جوانب شخصيتك المختلفة أو رفض الأشياء التي لا تلائم "نمط شخصيتك".

3. قد يمنعك التركيز المفرط على نوع شخصيتك من تكوين علاقات حقيقية مع الآخرين:

يسهِّل عليك التمسك الشديد والسريع بالأفكار المتعلقة بنوع شخصيتك رفض الأشخاص الآخرين الذين لا يشبهونك، ويعدُّ هذا الأمر خاطئاً تماماً؛ ذلك لأنَّه يمكنك أن تتعلم الكثير من العديد من هؤلاء الأشخاص رغم امتلاكهم أفكاراً وأساليب مختلفة في الحياة.

قد يؤدي استبعاد بعض الأشخاص من حياتك إلى تقييد علاقاتك الاجتماعية التي تعزز من أفكارك؛ وقد يضر ذلك بحياتك العاطفية إذا رفضت منح الناس فرصة فقط لأنَّهم لا يحبون الأشياء نفسها التي تحبها أو لا يتصرفون بطريقتك نفسها.

كلمة أخيرة:

يمكن أن تكون اختبارات الشخصية -بما فيها التقييمات النفسية المعتمدة والاختبارات الممتعة التي تجدها عبر الإنترنت- مثيرةً للاهتمام وعميقةً وممتعة، ولكن يجب عدم التمسك بنتائجها.

تذكر دوماً، بينما وجد الباحثون أنَّ شخصياتنا العامة ثابتة بشكلٍ مدهشٍ مع مرور الوقت، فإنَّ حياتنا ليست ثابتة؛ فنحن ننمو ونتغير عندما نتعلّم أشياء جديدة ونخوض تجارب جديدة؛ ولذلك يمكن لشخصياتنا أن تتغير أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة