أساليب وطرق التعامل مع كبار السن وكيفية تطبيقها

يمر الإنسان في حياته بعدة مراحل وصولاً إلى مرحلة الشيخوخة؛ والتي تُعَدُّ المرحلة الأخيرة في الحياة، وتختلف المعاملة في كل مرحلة من مراحل الحياة، لكن قد تكون مرحلة الشيخوخة هي الأصعب؛ ففي هذه المرحلة يصبح الإنسان أكثر عرضة إلى الإصابة بالأمراض وقلة النشاط والفتور وانعدام القدرة على تجديد قدراته، كما نلاحظ أنَّ معظم كبار السن يكونون في توتر دائم وعصبية قد تبدو لنا غير مبررة، لكن كما يُقال: "للعمر حقه"؛ لذلك لا بدَّ من معاملتهم بطريقة خاصة نوعاً ما.



مَن هو المُسن؟

هو الإنسان الذي تجاوز عمره الستين عاماً، والذي حثَّت جميع الكتب السماوية على ضرورة الاهتمام به ورعايته رعاية خاصة؛ إذ يحتاج الإنسان في هذه المرحلة إلى رعاية صحية وجسدية وغذائية ونفسية، وتوجد العديد من المؤسسات المتخصصة بالعناية به في حال لا يوجد من يهتم به من أقربائه، لكنَّها ليست منتشرة بكثرة في بلادنا العربية بخلاف البلدان الأجنبية؛ إذ يُعتَمَد في بلادنا العربية غالباً على الأبناء؛ وذلك لأنَّ معظم الأسر العربية لا تقبل أن تترك مهمة رعاية الوالدين لمنظمات الرعاية أو مأوى العجزة.

الأسباب التي تتسبب في الحساسية الزائدة والغضب لدى كبار السن:

قبل أن نتعرَّف إلى طرائق معاملة كبار السن لا بدَّ من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى غضبهم وتوترهم الزائد، فقد نشعر في معظم الأوقات أنَّ كبير السن يشبه الطفل صعب المراس والمدلل في بعض الأحيان، إليك بعض أسباب غضب كبار السن:

1. عدم تقبُّل أنَّهم أصبحوا مسنين:

وذلك يؤدي إلى الاكتئاب الذي بدوره يسبب الغضب لكبار السن؛ فالإنسان الطبيعي حتى في مرحلة الشباب إن اكتَأب، يصبح غاضباً من أبسط التفاصيل في حياته؛ لذلك ليس من الغريب أن يكون كبير السن المكتئب غاضباً.

وقد أكَّدت إحدى الدراسات أنَّ نسبة الغضب عند كبار السن المكتئبين أكبر بكثير مقارنة بالمسنين الطبيعيين، وطبعاً يعود ذلك إلى كثرة التجارب الصعبة التي مروا بها في حياتهم وامتلاكهم الكثير من الذكريات السيئة، فكلَّما تذكروها؛ ازداد غضبهم وانعكس ذلك أيضاً على حالتهم الصحية بشكل سلبي.

2. عدم امتلاك المرونة للتكيُّف مع نمط الحياة الجديد:

إذ إنَّ الإنسان يجد ذاته في العمل ويشعر بأنَّه عنصر فعال في الحياة، وبمجرد وصوله إلى مرحلة التقاعد، يبدأ التفكير في الكثير من الأمور التي كان يصرف النظر عنها نتيجة انشغاله في العمل طوال النهار؛ مما يسبب له الغضب، بالإضافة إلى صعوبة التكيُّف مع الوضع الصحي الجديد، فغالباً تترافق هذه المرحلة مع الكثير من التغيرات الصحية السلبية.

3. عدم توفُّر المال الكافي لدى المسنين:

إذ ينخفض الدخل المادي عادةً بعد التقاعد، وقد يتوقف الدخل المادي نهائياً بالتوقُّف عن العمل، فيجد المسن صعوبة في مواجهة الضغوطات المادية الجديدة، ويحتاج غالباً إلى أولاده أو زوجته ليساعدوه على تأمين احتياجاته، بخلاف ما اعتاد عليه سابقاً، وهذا الأمر يسبب التوتر الكبير.

طرائق التعامل مع كبار السن وكيفية تطبيقها:

توجد عدة طرائق يساعد اتباعها على تسهيل التعامل مع المسنين، إليك منها ما يأتي:

1. التعامل معهم بالرحمة والصبر والاحترام:

فمن السهل أن يفقد الإنسان صبره عند التعامل معهم وخاصةً إن لم يكُن المسن متقبِّلاً للمساعدة من أحد، وقد يجد الإنسان صعوبة في مساعدة الشخص المريض، لكن يجب أن يتحلَّى بالصبر ويكون رحيماً به قدر الإمكان.

2. سؤال المسنين عن احتياجاته بشكل دائم:

فلا يجب أن يفرض أحد على المسنين تطبيق نظام معيَّن في حياتهم؛ بل يجب أن يسألهم عمَّا يفضلون كي يشعر المسن بأهمية رغباته، وإن كان من المفترض عليه اتباع نظام صحي معيَّن نتيجة حالة صحية يمر بها، فيجب أن يُشرح الأمر له بشكل يسهل عليه فهمه كي يكون متعاوناً قدر الإمكان.

3. توجيه الأسئلة إليهم:

فمن الأفضل ألَّا يفعل أحد شيئاً بالنيابة عنهم قبل التأكُّد من أنَّ المسن يريد مَن ينوب عنه في هذا العمل كي لا يشعر أنَّه عاجز ولا فائدة من وجوده؛ فينعكس ذلك سلباً على حالته النفسية.

4. استخدام كلمة نحن بدلاً من أنت في أثناء توجيه التعليمات إلى المسنين:

فغالباً لا يشعر المسن بالراحة عند توجيه التعليمات إليه؛ لذلك بدلاً من أن تقول له: "عليك تناول الطعام الآن" يُفضَّل أن تقول: "علينا أن نتناول طعامنا الآن"، أو مثلاً بدلاً من قولك: "عليك الخروج لاستنشاق هواء نظيف" يُفضَّل أن تقول له: "علينا الخروج لاستنشاق الهواء النظيف"؛ إذ أثبتت الدراسات أنَّ معظم كبار السن لا يستجيبون إلى الأوامر التي تُطلب منهم إذا شعروا بالإلزام والتسلُّط من أحد.

5. ضرورة الاهتمام بسلامتهم:

إذ نتيجة للعمر الذي توصَّل إليه المسن والحالة الصحية التي يعيشها لا يمكنه التحرك بالسهولة كالشباب، وحتى في بعض الأحيان يصعب عليه النهوض من مكانه؛ لذلك يجب مراعاتهم وترتيب المنزل بالطريقة التي تضمن تحركهم بسلامة.

على سبيل المثال، يجب الحرص على وجود حمايات على جوانب الأدراج وعلى شرفات المنازل ليستندوا إليها فتمنع سقوطهم، بالإضافة إلى وجود الأضوية القوية في الممرات خلال الليل، وأيضاً من الممكن وضع جرس إنذار في غرفة المسن ليستخدمه في حال أراد شيئاً ولا يوجد أحد إلى جانبه في غرفته.

6. ضرورة الاهتمام بتغذيتهم جيداً:

لأنَّ الغذاء الصحي المتكامل جزء من أي علاج لجميع الناس وبمختلف المراحل العمرية وضروري لتفادي الكثير من الأمراض؛ لذلك لا بدَّ من مراجعة اختصاصي تغذية ليحدد الغذاء الذي يجب تقديمه لكبير السن، فمثلاً قد يمنعه عن تناول الحلويات أو الإكثار من الملح نتيجة لحالة صحية معينة يعاني منها.

7. يجب الاستماع لحديثهم دون تذمُّر:

فغالباً يصاب المسن بالنسيان فيُعيد الحديث عدة مرات دون الانتباه إلى ذلك، وقد يقاطع حديثك ليتحدَّث عن أمر بعيد عمَّا كنت تقول؛ لذلك عليك الصبر وعدم التذمر والضجر؛ بل إعطائه فرصة للفضفضة والحديث عما يريد، ومن الأفضل أن تنظر إليه وهو يحدثك كي يشعر بأهميته ولا يشعر بأنَّك مجبر على الاستماع له.

شاهد: نصائح صحية لكبار السن

8. عند التحدُّث إلى مسن يجب عليك مراعاة أن يكون الصوت واضحاً ومفهوماً واللغة سليمة وسلسلة:

إذ يجب عدم استخدام مفردات غريبة أو غير مفهومة بالنسبة إليه.

9. مساعدته على التعرُّف إلى مشكلاته التي يعاني منها:

فقد لا يكون المسن كثير الكلام بطبعه ولا يشكو من شيء يعاني منه بسهولة؛ لذلك تحدَّث إليه وتقرَّب منه وأَجِب عن أسئلته وحاول أن تعرف مما يعاني لتساعده على إيجاد الحلول المناسبة.

10. تنفيذ طلباتهم دون تذمُّر:

حتى إن كثرت طلبات المسن لا يجب الضجر منه؛ بل يفضَّل أن تقضي طلباته في نفس وقت الطلب كي لا يشعر بالغضب وتسوء حالته النفسية ومن ثم تسوء حالته الصحية غالباً.

11. مشاركتهم ببعض الأنشطة البسيطة:

لأنَّ التواصل مع كبار السن من أفضل ما يمكن تقديمه لهم، فهم بحاجة ماسة إلى عدم الشعور بالوحدة والحزن؛ لذلك من الممكن اقتراح بعض الأنشطة للقيام بها معاً في المنزل أو خارجه بحسب حالته الصحية مثل الاستماع للموسيقى أو مشاهدة فيلم أو القيام ببعض التمارين الرياضية أو مشاركتهم الطهي.

12. عدم انتظار الشكر من المسن:

فقد لا تساعده ذاكرته على تذكُّر ما تبذله من جهد في سبيل راحته، وقد لا يستطيع تمييز جهودك عن جهود غيرك فيتهمك بالإهمال مثلاً؛ لذلك لا تغضب من ذلك وتتراجع عن تلبية حاجاته، فإنَّه لا يدرك غالباً ما يحدث حوله.

13. عدم مناقشتهم في موضوع عجزوا عن تذكُّره سواء حدث من فترة قريبة أم بعيدة:

لأنَّ هذا الأمر يسبب لهم التوتر والحزن والإحساس بالعجز.

14. الابتعاد عن لوم المسن أو توجيه الكلام القاسي له مهما كانت حالتك النفسية سيِّئة:

ولا يجب أن تسخر منه إن لم يستطع استخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة؛ لأنَّ هذا الأمر يسبب لهم الإحراج الكبير.

15. مراعاة قضية العاطفة والأحاسيس:

التي تُثار فجأة دون وجود مبرر؛ لذلك لا تسخر من مشاعرهم؛ بل عليك تقدير ذلك وتفهُّمه.

16. استشارتهم والأخذ برأيهم في بعض الأمور التي تتعلق بحياتك:

وذلك لأنَّ الأهل حتى إن كانوا مسنين فإنَّهم يرغبون في أن يشعروا بأهميتهم وأهمية وجهة نظرهم في الحياة.

17. إن كان المسن يعاني من الخرف أو ألزهايمر:

فهنا تزداد المسؤوليات ويجب الحذر أكثر؛ ففي هذه الحالة يبدأ المسن بنسيان الكلمات والأسماء والمعلومات الجديدة وينسى القيام بإدارة الأنشطة المعقدة كقيادة السيارة مثلاً ومن ثم يتطور الأمر وتتأثر الوظائف الحسية والجسدية، وقد ينتهي الأمر بفقدان شديد للذاكرة ومحدودية الحركة أو انعدامها مع مشكلة في التحكم بالأمعاء أو المثانة؛ لذلك لا بدَّ من معاملته بطريقة تحد من التحديات.

إقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية أثناء الشيخوخة: أسبابها، وطرق التعامل معها

إليك بعض النقاط المساعدة على ذلك:

  1. يجب وضع روتين يومي يتضمن المهام التي ينبغي القيام بها كالاستحمام ومواعيد الأدوية ويفضَّل القيام بها عندما يكون المسن أكثر يقظة.
  2. الاستعداد لقضاء وقت أطول معه عند مساعدته على القيام بالمهام اليومية؛ وذلك لأنَّها تستغرق وقتاً أطول من المعتاد؛ لذلك عليك تنظيم وقتك جيداً.
  3. يجب الاستعانة بشخص يساعدك على تلبية احتياجات المسن، فلن تستطيع وحدك القيام بكل مهام رعايته بشكل متواصل؛ بل يجب عليك أن تأخذ استراحة بين المهام اليومية لتعود أكثر نشاطاً وأكثر قدرة على تحمُّل المسؤوليات.
  4. عدم منعه عن القيام ببعض الأمور البسيطة مثل ارتداء الملابس بشكل مستقل أو تناول الطعام بنفسه إن كانت الحالة الصحية له تسمح بذلك.
  5. محاولة التقليل من عوامل التشتيت لتسهيل تركيزه وخاصةً في وقت الطعام أو الحديث.
  6. تجهيز بيئة آمنة له؛ إذ يجب تجنُّب وجود أسلاك كهربائية أمامه ومن الأفضل تركيب قضبان للإمساك بها في المناطق الحرجة أو في الحمام.
  7. استخدام الأقفال على الخزانات التي يوجد فيها مواد ضارة مثل مواد التنظيف أو الأدوية أو الكحول أو الأدوات الخطرة كالبنادق والأسلحة أو الولاعات كي لا يتسبب بحدوث حرائق، كما يُفضَّل تركيب أجهزة استشعار الدخان والحريق، بالإضافة إلى ذلك فقد يكون ممنوعاً عن بعض الأطعمة الضارة بصحته؛ لذلك يجب عدم وضعها في مكان يسهل الوصول إليه.
  8. التحقُّق من درجة حرارة المياه؛ فيجب أن تتأكد منها قبل الاستحمام أو قبل الغسل تجنُّباً لإصابته بالحروق.
  9. إن كان المسن مدخناً، فيجب أن تشرف على التدخين حرصاً على سلامته وسلامة المكان الموجود فيه.
إقرأ أيضاً: أهم التغيّرات التي تطرأ على كبار السنّ وطرق التعامل معها

في الختام:

لا يمكن الهروب من تحمُّل مسؤولية رعاية والديك عندما يكبران في السن؛ بل عليك أن تقتنع بأنَّ الدور الذي أداه والداك من أجلك في الماضي ستؤديه أنت الآن، وستعمل على تأمين الراحة والأمان لهما كما حصلت عليهما في طفولتك، بالإضافة إلى ذلك سوف تنقلب الأدوار وستصبح أنت مضطراً إلى قبول تصرفات وكلمات غريبة بالنسبة إليك.

المصادر: 1،2،3،4،5،6




مقالات مرتبطة