أدوات ضمان جودة الترجمة

سنتحدث في هذا المقال عن الأدوات التي يستخدمها المترجمون والمحررون ومديرو وكالات الترجمة لضمان جودة الترجمة، وسنراجع وظائفها ونقاط قوتها وحدود إمكاناتها والمفاهيم الخاطئة الشائعة عن كفاءتها.



آلية عمل أدوات ضمان جودة الترجمة:

برمجيات ضمان جودة الترجمة هي أدوات تساعد على تحديد الأخطاء الشائعة في النصوص المترجَمة وفقاً لصفات محددة، وتعمل حصراً مع الملفات ثنائية اللغة من برامج الترجمة الاحترافية؛ حيث يحلل برنامج ضمان الجودة النص المصدر ونص الترجمة بحثاً عن جملة أو فقرة معينة، ويسجِّل جميع الأجزاء التي يبدو أنَّ هناك مشكلة فيها في تقرير خاص، ثم يقرر المستخدم ما إذا كانت تلك الأجزاء تحتوي على أخطاء أم لا.

أمثلة على الأخطاء التي يكتشفها هذا النوع من الأنظمة:

  • الاختلاف بين النص المصدر ونص الترجمة من حيث علامات ترقيم في النهايات أو الأحرف الكبيرة أو الصغيرة أو التنسيق.
  • احتواء نص الترجمة على مسافات مزدوجة، ومسافات قبل علامات الترقيم، ومسافات طويلة في نهاية الفقرات وغيرها من الأخطاء المشابهة.
  • الفواصل العشرية ووحدات القياس غير الصحيحة وغيرها.
  • احتواء النص المصدر على اختصارات لا يحتوي نص الترجمة عليها أو العكس.
  • ترجمة مقاطع متماثلة في النص المصدر ترجمات مختلفة، أو استخدام الترجمة نفسها لمقاطع مختلفة من النص المصدر.
  • اختلاف طول نص المصدر ونص الترجمة عن بعضهما اختلافاً كبيراً.
  • وجود مقاطع غير مترجمة أو نص غير مُجزَّأ.
  • عدم تطابق المصطلح المترجم مع الترجمة في الفهرس.
  • وجود أقواس فتح لا يقابلها أقواس إغلاق، وعلامات اقتباس غير صحيحة في نص الترجمة وغيرها.
  • الأخطاء الإملائية.

هذه أخطاء مطبعية بالكاد تكون ملحوظة، ويمكن حتى للمترجمين المحترفين ارتكابها بسبب عدم الانتباه، ولكنَّ البحث عن مثل هذه الأخطاء يدوياً يستغرق وقتاً طويلاً بينما يكتشفها برنامج ضمان الجودة بسرعة وبسهولة، لهذا يُنصح المترجم والمحرر باستخدام أنظمة ضمان الجودة في تدقيق نصوصهم، لتقليل احتمال تلقيهم تغذية راجعة سلبية من عملائهم، وعند الاعتماد على البرنامج لتولي هذه الأمور التقنية، يتمكن المترجمون والمحررون من التركيز على مهام تتطلب إبداعاً أكثر، مثل التأكد من دقة الترجمة وجودة النص.

إقرأ أيضاً: للمهتمين بالكتابة، استخدم Grammarly وستنسى الأخطاء الإملائية

أشهر أدوات ضمان جودة الترجمة:

أشهر أدوات ضمان جودة الترجمة اليوم هي:

  • برنامج "إكس بينش" (Xbench).
  • برنامج "كيو أي ديستيلر" (QA Distiller).
  • برنامج "فيريفيكا" (Verifika).
  • برنامج "إرور سباي" (ErrorSpy).
  • برنامج "لينغويستيك تولبوكس" (Linguistic Toolbox).

يعمل كل برنامج من برامج ضمان الجودة المذكورة آنفاً مع ملفات ثنائية اللغة وتنسيقات مختلفة، وتكون معظم عمليات التحقق المعيارية التي يجرونها متشابهة، لكن لكل واحدة منها وظائفها الفريدة، فعلى سبيل المثال، يسمح برنامج "إكس بينش" (Xbench) بالبحث دون الاتصال بالإنترنت عن نص المشروع في المادة المصدر ونص الترجمة، إضافة إلى البحث على الإنترنت.

إضافة إلى أدوات برامج ضمان الجودة، يمكن للمستخدم إنشاء فهرس مصطلحات خاص به أو التحقق من المعايير أو تعطيل الوظائف غير الضرورية؛ بحيث يخصص البرنامج بالطريقة الأمثل إما للتحقق من مشروع معين أو لتلبية متطلباته الفردية العامة، وفي حين أنَّ بعض هذه البرامج مدفوعة فقط، لكن تُقدِّم العديد منها نسخة مجانية، وتجدر الإشارة إلى أنَّ واجهة المستخدم تختلف بين أداة وأخرى؛ لذلك يستطيع كل مترجم استخدام الخيار الأنسب والأفضل له، أو حتى أن يستخدم أكثر من واحدة.

أضاف العديد من منتجي برامج الترجمة بمساعدة الكمبيوتر، بما في ذلك برنامج "ترادوس" (Trados) و"إس دي إل إكس" (SDLX) و"ستار ترانسيت" (Star Transit) و"ووردفاست" (Wordfast) وغيرها، وظائف ضمان جودة تلقائية يمكن استخدامها، وفي بعض البرامج يمكن للمستخدم حفظ تلك الإعدادات للتحقق من المشاريع حسب تقديره، وهكذا يمكن للمترجم إجراء فحوصات عدة دون الحاجة إلى استخدام برنامج ضمان جودة منفصل.

تُطوِّر بعض وكالات الترجمة أدوات إضافية خاصة بها لضمان الجودة، وفي الواقع أنشأت جميع أدوات ضمان الجودة التي ذكرناها في البداية وكالات ترجمة للاستخدام ضمن الوكالة، وأصبحت منتجاً تجارياً لاحقاً، لكنَّ العديد من هذه التحديثات لا تصدر للعامة أو الاستخدام التجاري، وتُستَخدم حصرياً داخل وكالات الترجمة التي طورتها.

إضافة إلى ذلك، هناك خدمات على الإنترنت للتحقق من جودة النص المُتَرجم باستخدام مبادئ "البرمجيات كخدمة" (Software as a Service)، ويُدعى أحدها برنامج "lexiqa" (ليكسيكا)، وتُصمَّم مثل هذه الأنظمة عادة كحل داخلي ضمن وكالة ترجمة؛ أي كمنتج ثانوي بالإضافة إلى عملها الأساسي، وتصدرها كمنتج منفصل بعد صقلها وإخضاعها لاختبارات مراقبة الجودة، لكن في هذه الحالة يكون المطور قد عمل حصرياً على منتج واحد، وتسمح جميع الإصدارات بإجراء فحوصات أساسية، ويُطوَّر النظام بسرعة ويتعاون المطور مع وكالات الترجمة وينفذ اقتراحاتهم.

ظهر حديثاً في السوق أيضاً نظام لمراقبة جودة الترجمة يدعى "تي كيو أوديتر" (TQAuditor)، والغرض منه هو ضمان جودة الترجمة أيضاً، ولكنَّه يؤدي مهمة مختلفة قليلاً، فهو ليس مصمماً للكشف عن الأخطاء؛ بل ليتمكن المترجم من تحليل تصحيحات المحرر والتعلم من الأخطاء.

على سبيل المثال، يقارن برنامج "تي كيو أوديتر" (TQAuditor) النسخ المختلفة من الملفات ثنائية اللغة ويُنشئ تقريراً عن التصحيحات على النص، وهذا النوع من التقارير هو فرصة للمترجم والمحرر والمدير؛ حيث يمكن بمعونته للمحررين مراجعة تصحيحاتهم قبل تقديم النص والتأكد أنَّهم لم يرتكبوا أيَّة أخطاء، ويمكن للمديرين تقديم تقرير يحتوي التصحيحات إلى مترجم آخر ليتعلم من أخطاء سلفه، وتُستخدَم هذه الأداة عادة كجزء من برامج ضمان الجودة المذكورة آنفاً.

تسمح بعض إصدارات برنامج "تي كيو أوديتر" (TQAuditor) لوكالات الترجمة بتصنيف أخطاء المترجمين وفقاً لنوعها وتأثيرها السلبي في جودة النص، إضافة إلى تقييم جودة الترجمة كمِّياً، فيستطيع المترجم والمحرر مناقشة النقاط المثيرة للجدل، وطلب وجهة نظر ثالثة فيها، وتُحفَظ كل البيانات في قاعدة بيانات واحدة تُستخدم لتوليد تقارير عن جودة عمل كل مترجم، مما يسمح بتحديد نقاط الضعف الفردية وتحديد المجالات التي تتطلب عناية إضافية، مثل القواعد أو علامات الترقيم أو الأسلوب أو غيرها، وهكذا يساهم النظام في نمو المترجمين مهنياً؛ ليصبحوا قوة عاملة ماهرة، كما يُولِّد البرنامج تقارير مماثلة لكل محرر، وإحدى فوائده هو أنَّه يسمح بتحديد المحررين "الصارمين" و"المتسامحين"؛ أي أولئك الذين يجرون العديد من التصحيحات على النص وغيرهم الذين يصححون مقاطع قليلة، ثم يقدم البرنامج هذا المعلومات تقديماً تَسهُل قراءته.

إقرأ أيضاً: هل الترجمة الآلية جيدة أم سيئة؟

نقاط الضعف في أدوات ضمان جودة الترجمة:

كما ذكرنا آنفاً، لا يمكن لأي برنامج أن يحل محل محرر محترف؛ بل يمكنه فقط تسهيل عمله، فلا يضطر إلى إجهاد عينيه بحثاً عن أخطاء هامة يصعب ملاحظتها، مثل فراغات إضافية لا حاجة لها قبل علامة ترقيم، فالبرنامج هو روبوت لا يستطيع تحليل معنى النص؛ ولهذا فإنَّ عدم عثور أداة ضمان الجودة على أيَّة أخطاء لا تضمن أنَّ الترجمة صحيحة، فإذا كتب المترجم كلمة "سلطة"؛ بحيث تتوافق مع متطلبات البرنامج، فلن يكتشف أيَّة أخطاء حتى لو كان النص عن موضوع لا علاقة له بالطعام.

إضافة إلى ذلك، أحياناً تكتشف أنظمة ضمان جودة الترجمة العديد من المقاطع التي تكشف عن نتائج إيجابية زائفة، وتصل النسبة في تلك الحالات إلى 90ِ%، لكن من ناحية أخرى، يستطيع المترجمون أو المحررون أن يقرروا بأنفسهم أي الإجراءات فعالة وأيها يجب تعطيلها.

يطلب الزبائن الذين لا يتحدثون لغة الترجمة ويعتمدون على برنامج ضمان الجودة إرسال تقرير ضمان الجودة مع تفسير مفصل لسبب عدم تصحيح "خطأ" معيَّن في النص؛ ونتيجة لذلك يضطر المترجم إلى قضاء وقته في شرح قواعد لغة الترجمة النحوية لهم، ويبذل الكثير من الجهد لإقناعهم بأنَّه ما من أخطاء، لهذا السبب يجب على جميع أصحاب المصلحة في عملية الترجمة أن يفهموا بوضوح متى تساعد أدوات ضمان الجودة حقاً على زيادة جودة الترجمة، ومتى تصبح مضيعة للوقت والمال، ومن الجدير بالذكر أنَّه من الصعب تخيل ترجمات تقنية حديثة لا تستخدم برامج ضمان الجودة في ظل الاقتصاد المعولم اليوم، مثل أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب، ولكنَّ هذه التقنيات ليست عملية جداً كونها تقدم ترجمة حرفية.

في الختام:

في حين أنَّه لا يمكن لأي برنامج ضمان للجودة أن يحل محل المحرر المحترف في المرحلة الحالية من التقدم العلمي والتقني، لكنَّ استخدامها يُسهِّل جزءاً من مهام المحرر ويحسِّن جودة النص، وهناك العديد من الأدوات المتاحة حالياً، ويستطيع كل لغوي محترف أو وكالة ترجمة العثور على الأداة الأنسب بالنسبة إليهم، لكن يجب أن يحدد خبير مؤهل مدى ملاءمة البرنامج وإجراءات استخدامها، وإلا فقد تصبح مجرد إجراء شكلي يضيع وقت جميع أصحاب المصلحة في عملية الترجمة.

المصدر




مقالات مرتبطة