أجرِ هذا التحول البسيط لتجنب حدوث كارثة في شركتك

إذا لم تكن تستخدم فريقك بشكل فعَّال، فأنت لا تُحقِّق أقصى قدر من الأرباح أو النمو.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رائد الأعمال والمدير التنفيذي "جيسن هينيساي" (Jason Hennessey)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في العمل مع الفِرَق.

بدأتُ عملي الأول مع فريق عمل يضم شخصاً واحداً فقط مثل كل رائد أعمال أعرفه، فكنتُ وحدي فقط، حيث كنتُ مسؤولاً بمفردي عن كل جانب من جوانب المنظمة؛ كالمبيعات، والتسويق، والعمليات، والفواتير، والخدمات، وتكنولوجيا المعلومات، ولا عجب أنَّ أدائي كان أفضل في بعض هذه المهام من أدائي في بعض المهام الأخرى، كما أنَّه كان هناك بعض المهام التي لم أستمتع بها على الإطلاق، وعلمتُ أيضاً أنَّني لا أستطيع الاستمرار في تأدية الأدوار جميعها بنفسي دون أن أشعر بالإرهاق، وكنتُ قد أُرهِقتُ فعلاً عندما حان الوقت لطلب بعض المساندة.

من أكثر الأشياء الممتعة في إدارة الشركة هو مشاهدتها وهي تنمو، وهذا يعني استقدام موظفين جدد (أشخاص موهوبون أمهر منك في مجالات خبراتهم الشخصية)، ولكن عليك الحذر، فإذا كنتَ لا تثق بهم للقيام بعملهم بشكل جيد، وإذا لم تُمكِّنهم من أداء وظيفتهم بشكل مستقل، فستعمل ثلاثة أو خمسة أو حتى عشرة أضعاف ما تحتاج إليه؛ بل ولن يعود الوقت الضائع الذي استثمرتَه في إدارة التفاصيل كلها بأي نفع.

من أجل تأسيس شركة، عليك ببساطة أن تتعلم كيف تتخلى عن بعض الأمور:

يبدو هذا غير منطقي؛ إذ إنَّه من السهل تصديق أنَّك والشركة التي بدأتَها من الألف إلى الياء مُتَّحدان ومتماثلان، ولكن مثلما يحتاج النجار إلى كهربائي وسباك لبناء منزل، فأنت بحاجة إلى فريق لبناء عمل مزدهر، لا بل والأكثر من ذلك، أنت بحاجة إلى الوثوق بأعضاء الفريق هؤلاء وتمكينهم من القيادة.

إذا صدمَتني شاحنة آيس كريم غداً، فإنَّ عملي سيستمر، وستظلُّ العمليات تُجرَى، فهناك هيكل تنظيمي؛ لذلك يعرف الجميع واجباته، ونحن نتحدث عن قيمنا ومبادئنا الأساسية ونُعلِّمها حتى يعرف كل فرد في الفريق سبب تنفيذ المهام بالطريقة التي ننفذها.

إذا لم تَعُد قادراً بشكل فجائي على تلبية احتياجات شركتك، فهل يمكِنك قول الشيء نفسه؟ علاوة على ذلك، ضع في الحسبان أنَّه إذا كان هدفك النهائي هو بيع الشركة يوماً ما والحصول على أموال من شركة أكبر أو من صاحب رأس مال، فهل تحتاج إلى أن تكون جزءاً من الصفقة؟ لاحِظ هنا أنَّهم على الأرجح يريدون أن يشتروا شركةً، لا شخصاً.

إذا وجدتَ نفسك متوتراً بمجرد التفكير في التخلي عن بعض مهامك، فخذ لحظةً لتهدأ، وتخيَّل ما سيكون عليه الأمر عندما تركز فقط على الأشياء التي تجيد القيام بها، والمهام التي تمنحك الطاقة، وتترك الباقي في أيدي فريق القيادة الموهوب والمدرَّب جيداً، وتخيَّل أنَّك تعمل لساعات أقل وتحصل على نتائج أفضل لأنَّ الأفراد الأكثر ذكاءً منك في مناطق معيَّنة يعتنون بهذه المهام بطرائق أكثر ذكاءً.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات لتفويض المهام وفق نصائح مديري غوغل

من أين نبدأ في تحقيق هذا إذاً؟

بافتراض أنَّك في المراحل الأولى، فأنت تنمو ومستعد لتعيين بعض الموظفين الجدد، كيف تبدأ وما الذي تتخلى عن فعله أولاً؟ هذا سؤال عظيم.

أنشِئ سجلاً دقيقاً شاملاً لكيفية قضاء وقتك كل أسبوع، وحدِّد كم ساعة في الأسبوع تُخصصها لمختلف قطاعات العمل، وأي المهام تجيدها وأيها تمنحك الطاقة، وحدِّد أيضاً المهام التي تُعَدُّ من نقاط ضعفك وتستنزف طاقتك.

إذا استطعتَ تفويض مهمةٍ لا تُجيد تنفيذها إلى شخص بارعٍ في ذلك، فسوف يتحول أسبوع عملك إلى أسبوع أكثر إرضاءً وإنتاجيةً.

ومع ذلك، يواجه الكثير من المؤسسين صعوبةً في الالتزام بمسؤولية إسناد المسؤوليات للآخرين، ومن طبيعة رواد الأعمال أن يتدخلوا عندما يقوم موظفوهم بشيء مختلف قليلاً عما كانوا يفعلونه، إنَّه فخ يسهل الوقوع فيه؛ إذ إنَّه من السهل أن نشعر بأنَّنا الوحيدون الذين يمكِنهم فعل ما يجب القيام به بالطريقة الصحيحة.

أوضح "ستيف جوبز" (Steve Jobs) ذلك جيداً حينما قال: "ليس من المنطقي توظيف أشخاص أذكياء ثمَّ إخبارهم بما يجب عليهم فعله؛ فنحن نوظف أشخاصاً أذكياء حتى يتمكنوا هم من إخبارنا بما يجب القيام به". سوف يتطلب الأمر بعض الإيمان والكثير من الثقة والعقل المنفتح.

عندما نجري عملية التوظيف بشكل استراتيجي ونختار بحكمة -أو يكون لدينا مدير موارد بشرية ذو كفاءة عالية يعيِّن أشخاصاً آخرين أكفاء للغاية- نأخذ الوقت الكافي للاستماع والتعلم، حيث يُفترَض أن يكون موظفوك أذكياء وموهوبين للغاية؛ لذلك ثق في تجربتهم واحترمها ومكِّنهم من تجربة أداء المهام على طريقتِهم، وضع توقعاتٍ وأهدافاً واضحة. ومن المؤكد أنَّه عليك جمع البيانات ومراجعتها، ولكن عليك أن تتقبَّل التغيير، وإلا فلماذا تكلف نفسك عناء توظيف أي شخص؟ فلسفتي هي التوظيف والتدريب ثمَّ الابتعاد عن طريق الموظفين.

كيف تساعد موظفيك على النجاح؟

من الأساليب المفيدة لمساعدة الموظفين على النجاح التأكد من أنَّ كل من ينضم إلى فريقك يمر بعملية تدريب كاملة، حيث إنَّه عليك تزويد كل موظف بمعرفة عميقة بالمنظمة؛ أي بتاريخها وثقافتها وفلسفتها والأنظمة والمقاييس المتَّبَعة ضمنها لاتخاذ القرار، وهذه المعرفة هي قوة شركتك؛ لأنَّها تمنحك تواقفاً كلياً مع موظفيك كلهم، وتجعلهم يعرفون المؤشرات التي يجب تتبُّعها قبل القيام بأي تصرف، وبهذا تكون قد قمتَ بتمكين جيش من الأشخاص الذين يشبهونك والذين سيعملون دائماً محاولين تحقيق مصالح الشركة لأنَّهم يفهمون أساس تلك المصالح.

الاتصال والمساءلة أمران ضروريان لإنشاء أساس متين لفريقك العامل عن بُعد؛ لذلك طبِّق النصائح التالية:

  • وضِّح رؤية الشركة وهدفها.
  • اجعل الهيكل التنظيمي والأدوار والمسؤوليات معروفة للجميع.
  • أنشِئ مكاناً تعليمياً مخصصاً لمشاركة المعلومات المتعلقة بالشركة.
  • ابنِ إطار عمل يعتمد على مبدأ "الغايات والنتائج الرئيسية" (Objectives and Key Results) اختصاره (OKRs) وراقِب مقاييس المخرجات.
  • استخدِم منصةً لإدارة المشروع للتأكد من أنَّ الفريق يمكِنه رؤية الصورة الكبيرة وأنَّ كل شخص يعرف المكونات التي يتحمل مسؤوليتها.

تُجرَى اجتماعات فريقي، على المستوى الفردي، وعلى مستوى الشركة عبر تطبيق "زوم" (Zoom) من أجل تحقيق التفاعل وجهاً لوجه، فبذلك يسير كل شيء بسلاسة أكبر من خلال الاتصال الواضح والمساءلة المحدَّدة، وبذلك تطَّلع اطلاعاً أفضل على مستجدات الشركة.

إقرأ أيضاً: كيف تضمن إدماج الموظفين الذين يعملون عن بعد؟

تراجَع وراقِب نمو الشركة:

سنتطرق الآن إلى الجزء الممتع والصعب، وهو التراجع، فعليك أن تتراجع حقاً (خذ نفساً عميقاً آخر إذا كنتَ بحاجة إلى ذلك) وتقبَّل ثقافة الثقة. للقيام بذلك، يجب أن يكون الموظفون مسلحين بالقدر المناسب من السلطة لاتخاذ القرارات دون الحاجة إلى طلب موافقتك؛ إذ لا يمكِن للقادة الأقوياء قيادة أقسامهم إلا إذا كانت هذه الأقسام قادرةً على التوصل إلى استنتاجات بشكل مستقل ومن ثمَّ العمل عليها.

من المؤكد أنَّه سيتوجب على بعض القرارات الحاسمة أن تصل إلى أعلى مستويات الشركة قبل البت بشأنها، ولكنَّ هذا سيحدث فقط عندما يكون لها تأثير ملحوظ في عمليات الشركة، وربما لا تحتاج إلى التفكير في أنماط الخطوط أو الجولات الأولى من مقابلات المتدربين أو الصيانة الروتينية لموقع الويب، وإنَّما عليك التفكير في التخطيط الاستراتيجي واكتساب العملاء الرئيسين والموافقات النهائية على الميزانية بدلاً من ذلك، فكلما أظهرتَ لموظفيك أنَّك تثق بهم وتدعمهم وتُقدِّر قراراتهم، زادت ثقتهم بأنفسهم وزاد اندماجهم بالشركة، ومع ازدياد تفويضك وسماحك لهذه الثقة بالنمو، ستنمو كذلك شركتك.

تنحصر حواجز التفويض في المقام الأول في الثقة والسلطة والسيطرة، وبقبول التفويض كضرورة للنمو، يمكِنك ممارسته تماماً كما تفعل مع أيَّة مهارة أخرى، فتدرَّب على الثقة في الأشخاص الذين توظفهم، وتدرَّب على مشاركة سلطتك شيئاً فشيئاً، ومارِس التخلي عن التحكم في العمليات اليومية، وعندما تتقن هذه الأشياء، ستتفاجأ بأنَّك ستجد الحرية، على خلاف ما تعتقد، وستقضي ساعات أقل في العمل، وستحمل عبئاً أقل على كتفيك وأنت تُشارك العبء مع الآخرين، كما ستقضي المزيد من الساعات على الأشياء ذات المغزى والفائدة، وستُحقق الشركة مزيداً من النمو.

أحِط نفسك بأفضل الأشخاص، وشارِك رؤيتك وتعلَّم أن تثق بفريقك، ومكِّن الموظفين وحمِّلهم المسؤولية، فهم أعظم مَن لديك، وركِّز جهودك على مهاراتك الريادية الفريدة، واكتشِف الحرية وشاهِد النمو الناتج عن القيادة من خلال التخلي عن بعض السيطرة.

المصدر




مقالات مرتبطة