أثر طريقة التفكير على زيادة التركيز

يعدُّ معظم الناس مشكلة التركيز مشكلة تقنية؛ إذ يعتقدون أنَّ الأمر يتعلَّق بالقضاء على عوامل الإلهاء أو تحديد الأهداف أو اتِّباع جدول زمني أو أن يصبحوا أكثر تنظيماً؛ لدينا مبررات كثيرة للتشكيك في فاعلية هذه الحلول العملية، فمنطقياً إن كانت تزيد من إنتاجيتنا، فيجب أن تزيد من تركيزنا.



1. نهاية مسدودة:

معظم الناس الذين يأملون في إيجاد التركيز ربما سينفذون هذه الحلول؛ لكنَّهم سيجدون أنَّ تركيزهم ما يزال ضعيفاً، وهذا لأنَّ المشكلات التقنية لم تكن أبداً مصدر المشكلة في المقام الأول، والحل الحقيقي يتطلب منا الاعتراف بالصلة بين التركيز والعزيمة، وعندما نمتلك عقلية الإصرار والعزيمة يكون تركيزنا أقوى من أن يتشتت، وإذا لم نتمكن من القضاء على المشتتات فنتعلم تجاهلها على الأقل.

2. المهام الروتينية المملة:

عندما نكون عازمين على إنجاز مهمة معينة، فقد يكون ذلك لأنَّنا نجدها جوهرياً محفزة، نحن نتطلع إلى نتائجها ونكون مندفعين لتحقيقها؛ ومن ثمَّ التركيز يأتي تلقائياً، لكن في حال لم نكن نستمتع بالمهام التي يجب علينا إنجازها أو كانت مهاماً روتينية مملة، لا يوجد لدينا في هذه الحالة الدافع للتركيز على ما يجب القيام به، وعقليتنا هي المشكلة هنا، فقد لا نكون مقتنعين بأنَّ جهودنا ستكون مثمرة، أو قد لا نكون مقتنعين بعواقب الفشل، أو ربما لأنَّنا نفكر تفكيراً قصير الأمد.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتدريب عقلك على تحسين التركيز

3. الحوافز والنتائج:

في هذه الحالات نحتاج إلى إقناع أنفسنا بالحوافز من أجل ما نحاول تحقيقه، وإذا كان لدينا أيُّ شك في أذهاننا فيما إذا كانت أفعالنا ستؤدي إلى النتائج المرجوة، فنحن بحاجة إلى قضاء بعض الوقت في التفكير مع أنفسنا حتى نتمكن من مواجهة هذا الشك وحلِّه، وإذا أدركنا أنَّنا كنا مخطئين في الشك، فسنجد أنفسنا متحمسين مجدداً ولدينا العزيمة المطلوبة.

أما إذا أدركنا أنَّنا كنَّا محقين في الشك، وأنَّ نهجنا كان خاطئاً، فسيتعين علينا تغيير استراتيجيتنا، وإذا قررنا في النهاية أنَّ المهمة لا تستحق وقتنا وجهدنا، فلا بأس، لكن علينا أن نكون جديين وواقعيين بشأن الاعتراف بعواقب إهمالها.

يقتنع معظم الناس من خلال التجارب وليس من خلال الحقائق، فإذا كنا نرغب في رؤية الحافز لمهمة ما بوضوح، فيجب أن نجد طريقة لنرى بأنفسنا ما يحدث عندما نقوم بتلك المهمة أو نهملها، ويجب أن ننظر في تجاربنا السابقة أو تجارب الآخرين، وقد يوفر الإحساس الواقعي بالحافز لمهمة ما إلى جانب استراتيجية واضحة إطاراً مثالياً للتركيز.

إقرأ أيضاً: 7 طرق مهمة لزيادة التحفيز

4. توسيع نطاق تركيزنا:

لكنَّ زيادة تركيزنا في المهام بحد ذاتها ليست سوى نصف المعادلة، ويمكننا أيضاً زيادة قدرتنا على التركيز بطريقة شاملة؛ فلا نحتاج إلى مثل هذه الحوافز القوية في المقام الأول، وتوصي الحكمة التقليدية بالاعتناء بالصحة وزيادة ساعات النوم، وربما حل الألغاز في بعض الأحيان لتحسين قدراتنا العقلية، وبالطبع هذه نصائح مفيدة، لكن إذا كنا نعاني قلة التركيز معاناة كبيرة، فنحن بحاجة إلى إيجاد حلول أعمق:

  • تمنحنا الصحة العاطفية طاقة جديدة تجاه كل ما نسعى إليه.
  • يعطينا تقدير الذات إحساساً بالهدف والثقة في جهودنا.
  • تساعدنا معرفة الذات على تحديد أهداف مدروسة ومحفزة جوهرياً.

كل هذه الأشياء تؤدي – إضافةً إلى أشياء أخرى عديدة - إلى زيادة التركيز.

5. العوامل الداخلية والخارجية:

توجد طرائق عديدة يمكننا من خلالها التحكم بالعوامل الخارجية لتحسين تركيزنا، فمثلاً يمكننا إزالة عوامل الإلهاء أو تحديد الأهداف أو تحديد جدول زمني؛ إجراءات كهذه سهلة وقابلة للتنفيذ، لكن على الرَّغم من ذلك فإنَّ التركيز في الواقع نتيجة ثانوية للإصرار والعزيمة والتحفيز، وقد يؤدي تغيير بيئتنا وعاداتنا إلى تسهيل التركيز؛ لكنَّها لا توجده من العدم.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لتحسين التركيز وزيادة الإنتاجية

في الختام:

إنَّ النقص المزمن في التركيز ناتج عن عوامل داخلية لا يمكننا معالجتها، إلا من خلال معالجة شكوكنا ونقص الإحساس بالهدف واحترام الذات، وهذه أهداف طويلة الأمد وتتطلب جهداً طويل الأمد؛ لكنَّها توفر بالمقابل حلاً طويل الأمد أيضاً، وهو الوعد بإحساس واضح ودائم بالتركيز في كل ما نقوم به.




مقالات مرتبطة