آلام أسفل الظهر: الأسباب والعلاج

يُعَدّ ألم أسفل الظهر واحداً من الأسباب الشائعة التي تدفع الناس إلى زيارة الأطبّاء، إذ وفقاً لـ "المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتات الدماغية الأمريكي" يُعَدُّ ألم أسفل الظهر من أبرز أسباب الإصابات المرتبطة بالعمل، حيث يعاني 80% من الأمريكيين من آلام أسفل الظهر خلال فترة حياتهم.



وتنتج آلام الظهر في المُجمل عن إصاباتٍ كالتواء العضلات أو الإجهاد العضلي الناجمين إمَّا عن الحركات المفاجئة وإمَّا عن اتّخاذ الجسد وضعية سيئة أثناء رفع الأشياء الثقيلة. ويمكن أن تكون آلام أسفل الظهر ناتجةً كذلك عن أمراض معينة كسرطان النخاع الشوكي، أو الانزلاق الغضروفي، أو التهاب العصب الوركي، أو التهاب المفاصل، أو أمراض الكلية، أو أمراض العمود الفقري. وقد يستمر الشعور بألمٍ حاد في أسفل الضهر مدةً تتراوح بين بضع أيام وحتى بضع أسابيع، في حين تمتد آلام أسفل الظهر المزمنة أكثر من 3 أشهر.

ويُعَدُّ الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 30-35 عاماً أكثر ميلاً إلى الإصابة بآلام أسفل الظهر، حيث يعود هذا جزئياً إلى التغيّرات التي تصيب الجسد مع التقدّم في السن، إذ حينما تتقدّم في السن تقل السوائل الموجودة بين الفقرات في النخاع الشوكي، وهذا يعني أنَّ الغضاريف الموجودة فيه ستتهيّج بسهولةٍ أكبر. كما ستفقد العضلات لديك بعض قوتها ما يجعل الظهر أكثر عُرضةً إلى الإصابات، ولهذا السبب تُعَدّ تقوية عضلات الظهر والانتباه إلى الوضعيات التي تتّخذها أجسادنا أمرَيْن مفيدين للوقاية من آلام أسفل الظهر.

ما أسباب آلام أسفل الظهر؟

يمكن للعضلات والأوتار الموجودة في الظهر أن تتمدّد أو تتمزّق نتيجة النشاط الزائد فتظهر نتيجةً لذلك أعراض من بينها ألمٌ وتصلُّبٌ في أسفل الظهر إضافةً إلى تشنّج العضلات، حيث يمكن علاج هذه الأعراض بالراحة والعلاج الفيزيائي:

1- إصابة الأقراص:

إنَّ الأقراص الموجودة في الظهر مُعرّضة لخطر الإصابات، ويزداد هذا الخطر مع التقدّم في السنّ حيث يمكن أن يتمزّق القسم الخارجي من القرص أو أن ينزلق. أمَّا انزلاق الأقراص فيحدث حينما يندفع الغضروف المحيط بالقرص نحو الحبل الشوكي أو جذور الأعصاب فتتمدّد الوسادة الموجودة بين الفقرات إلى خارج موقعها الطبيعي. يمكن أن يؤدي هذا إلى انضغاط الجذر العصبي نتيجة خروجه من الحبل الشوكي من خلال عظام العمود الفقري. تحدث إصابات الأقراص عادةً بشكلٍ مفاجئ بعد رفع غرضٍ ما أو التواء الظهر، وعلى عكس إصابات الظهر يمتد الألم الناجم عن إصابة الأقراص أكثر من 72 ساعة.

2- العصب الوركي:

يؤدي القرص المنزلق إلى الإصابة بالتهاب العصب الوركي نتيجة ضغط القرص على هذا العصب الذي يربط العمود الفقري بالقدمين، ونتيجةً لذلك يسبب العصب الوركي ألماً في الساقين والقدمين، ويكون الألم الناجم عن ذلك ألماً شديداً على شكل وخز الإبر.

3- تضيُّق النخاع:

يحدث تضيّق النخاع حينما يضيق العمود الفقري فيضغط على النخاع الشوكي والأعصاب الشوكية، حيث يُعَدُّ تهتّك الأقراص الموجودة بين الفقرات أبرز أسباب تضيّق النخاع شيوعاً. وينتج عن ذلك انضغاط الجذور العصبية أو الحبل الشوكي نتيجة النتوءات العظمية أو الأنسجة الناعمة كالفقرات. يسبب الضغط المُتشكِّل على الأعصاب الشوكية أعراضاً من بينها الخدر، والتشنّج، والوهن، وقد تشعر بهذه الأعراض في أي مكان من الجسد. ويلاحظ العديد من الناس الذين يعانون من تضيّق النخاع أنَّ الأعراض تزداد سوءً في أثناء الوقوف أو المشي.

4- انحناءات العمود الفقري المرضية:

الانحناء الجانبي (الجنف)، والتحدب، والظهر الأجوف تُعَدُّ جميعاً حالاتٍ تتسبب بها الانحناءات غير الطبيعية التي تصيب العمود الفقري. وتُعَدُّ هذه التشوهات تشوهاتٍ خلقية تُشخَّص أول مرة حينما يكون المصابون أطفالاً أو في سن المراهقة. هذه الانحناءات غير الطبيعية تضغط على العضلات، والأوتار، والأربطة، والفقرات ممّا يُسبّب شعوراً بالألم واتّخاذ الجسد وضعيات غير صحيّة.

5- حالات أخرى:

ثمَّة عدد من الحالات الأخرى التي تُسبّب آلاماً في أسفل الظهر من بينها التهاب المفاصل، والألم العضلي الليفي (وهو ألمٌ يبقى مدةً طويلة في المفاصل، والعضلات، والأربطة)، والتهاب الفقار (التهاب يصيب المفاصل الموجودة بين عظام العمود الفقري)، وتنكّس الفقار (اضطراب تنكسي قد يسبب فقدان العمود الفقري بنيته الطبيعية ووظائفه). وعلى الرغم من أنَّ التقدم في السن يُعَدُّ السبب الأساسي لتنكُّس الفقار إلَّا أنَّ موضع التنكُّس ودرجته يختلفان بين فردٍ وآخر.

ويمكن للكلية، ومشاكل المثانة، والحمل، والانتباذ البطاني الرحمي (endometriosis)، والكييسات المبيضية، والورم الليفي الرحمي، والسرطان أن تكون جميعاً كذلك من أسباب آلام أسفل الظهر.


اقرأ أيضاً:
أمراض العظام الأكثر شيوعًا وطرق الوقاية منها


كيف يتم تشخيص آلام أسفل الظهر؟

يبدأ معظم الأطبّاء بإجراء فحص سريري لتحديد موضع الألم، ويمكن للفحص السريري كذلك أن يُحدّد إذا ما كان الألم يؤثر في القدرة على القيام بمختلف الحركات، ويمكن للطبيب أن يتحقق كذلك من منعكساتك وتجاوبك مع أحاسيس معينة وبذلك يتأكَّد إذا ما كان ألم أسفل الظهر لديك يؤثر في أعصابك. فإذا لم تكن تشعر بالوهن أو إذا لم تكن الأعراض مثيرة للقلق فإنَّ الطبيب سيراقب حالتك مدة بضع أسابيع على الأرجح قبل أن يرسلك لإجراء فحوصات، لأنَّ معظم آلام أسفل الظهر يمكن علاجها من خلال الرعاية الذاتية.

قد تحتاج بعض الأعراض المُعيّنة كعدم القدرة على التحكّم بعملية التبرّز، والوهن، والحمى، وفقدان الوزن إلى إجراء مزيد من الفحوصات، وإذا استمرت آلام أسفل الظهر بعد إجراء العلاجات المنزلية أيضاً قد يقوم طبيبك بإرسالك لإجراء فحوصات. فإذا شعرت بأيٍّ من هذه الأعراض مترافقةً مع آلامٍ في أسفل الظهر فابحث فوراً عمَّن يقدم لك الرعاية الطبية.

وقد تكون اختبارات التصوير كالأشعة السينية، والتصوير الطبقي المحوري، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، والرنين المغناطيسي ضروريةً ليتمكن الطبيب من التحقق من وجود مشاكل في العظام، أو الأقراص، أو الأربطة، أو الأوتار الموجودة في الظهر.

فإذا شكَّ الطبيب بوجود مشكلة في عظام الظهر قد يُرسلك لإجراء مسح للعظام، أو اختبار كثافة العظام، ويمكن أن يساعد كلٌّ من تخطيط كهربائية العضل أو فحص توصيل الأعصاب في تحديد أيَّة مشكلة موجودة في الأعصاب.

ما الخيارات المُتاحة لعلاج آلام أسفل الظهر؟

1- العناية المنزلية:

تُعَدّ وسائل الرعاية الذاتية مفيدةً خلال الـ 72 الأولى التي تلي بدء الشعور بالألم، فإذا لم يخفّ الألم بعد 72 ساعة من الرعاية المنزلية يجب عليك أن تتصل بالطبيب.

توقّف عن الأنشطة البدنية الاعتيادية مدة يومين، وضَع الثلج على منطقة أسفل الظهر، حيث يوصي الأطباء عادةً باستخدام الثلج خلال الـ 48-72 ساعة الأولى، ومن ثمَّ الانتقال إلى التسخين فالانتقال من التبريد إلى التسخين يريح العضلات. واستخدم مسكنات الألم التي يمكنك الحصول عليها من دون الحاجة إلى وصفة طبية كالأيبوبروفين (ibuprofen) والأسيتامينوفين (acetaminophen).

قد يُسبّب الاستلقاء على الظهر في بعض الأحيان مزيداً من الشعور بعدم الراحة، فإذا كان الحال كذلك حاول الاستلقاء على جانبك واثنِ ركبتيك وضع وسادةً بين قدميك. أمَّا إذا كنت تشعر بالراحة وأنت مستلقٍ على ظهرك ضع وسادةً وضعها أو اطوِ منشفةً وضعها تحت فخذيك لتقلّل الضغط على منطقة أسفل الظهر، ويمكن للاستحمام بالمياه الدافئة أو المساج أن يخففا من التشنج أو انقباض العضلات في منطقة الظهر.

2- العلاج الدوائي:

يمكن لآلام أسفل الظهر أن تترافق مع مجموعة مختلفة من الأعراض كالإنهاك العضلي، والوهن، وانضغاط الأعصاب، وانحراف الحبل الشوكي. ومن ضمن العديد من العلاجات الطبية الممكنة ثمَّة الأدوية، والأجهزة الطبية، والعلاج الفيزيائي. وسيكون الطبيب مسؤولاً عن تحديد الأدوية والجرعات المناسبة للأعراض التي تظهر عليك.

ومن ضمن الأدوية التي قد يصفها لك الطبيب المُرخّيات العضلية، ومضادات الالتهاب غير الستيرودية، وقد يصف لك الطبيب كذلك العلاج الفيزيائي الذي يتضمن التدليك، والمطمطة، والتمارين الرياضية، والمعالجة النخاعية.

3- العمليات الجراحية:

قد تكون العمليات الجراحية ضروريةً في الحالات الخطيرة فهي مجرد خيارٍ لا يتم اللجوء إليه إلَّا حينما تُخفق جميع العلاجات، وإذا فقد الشخص السيطرة على عمليتي التبرز والتبول أو في حال وجود مضاعفات عصبية.

  1. استئصال القرص: يخفف الضغط عن الجذر العصبي الذي يضغط عليه القرص الناتئ أو البروز العظمي حيث يستئصِل الجَرّاح قطعةً صغيرة من الصفيحة وهي جزء عظمي من القناة النخاعية.
  2. عملية بضع الثقبة (foraminotomy): هي عملية جراحية تقوم بفتح ثقب عظمي موجود في القناة النخاعية حيث يوجد جذر العصب.
  3. علاج منطقة بين الفقرات بالكهرباء والحرارة: الذي يتضمن إدخال إبرة قسطرة إلى القرص وتسخينه مدة 20 دقيقة مما يجعل جدار القرص أسمك ويزيل النتوءات الداخلية الموجودة في القرص ويخفف من تهيج العصب.
  4. عملية الـ (nucleoplasty): يُستخدَم فيها جهاز يشبه العصا يتم إدخاله بواسطة إبرة إلى القرص ومن ثمَّ يمكنه أن يزيل المواد الموجودة داخل القرص، بعد ذلك يستخدم الجهاز موجات الراديو ليرفع حرارة النسيج ويجعله أضيق.
  5. المعالجة أو الاستئصال بموجات الراديو (Radiofrequency): وهي طريقة تستخدم موجات الراديو للتدخل في طريقة تواصل الأعصاب أحدها مع الآخر، حيث يُدخِل جرَّاحٌ إبرة خاصة في الأعصاب ويرفع حرارتها مما يؤدي إلى إتلاف العصب.
  6. دمج الفقرات (Spinal fusion): هذه العملية تجعل العمود الفقري أقوي وتخفف من الآلام الناجمة عن الحركة، حيث تتم خلالها إزالة الأقراص الموجودة بين فقرتين أو أكثر ويقوم الجراح بدمج الفقرات المتتالية برقعة عظمية أو ببراغي معدنية خاصة.
  7. عملية "إزالة الضغط عن النخاع الشوكي": تزيل الصفيحة لجعل القناة الفقرية أوسع ممّا يُخفّف الضغط عن الحبل الشوكي والأعصاب.


اقرأ أيضاً:
تعرَّف على أهم المعلومات عن مرض الروماتيزم


كيف يمكنني أن أقي نفسي من آلام أسفل الظهر؟

ثمَّة العديد من الطرق للوقاية من آلام أسفل الظهر، وقد يساعدك اتّباع تقنيات وقائية في التخفيف من حدة الأعراض إذا تعرّضت لإصابةٍ في أسفل الظهر. ومن ضمن الإجراءات الوقائية تمرين عضلات البطن والظهر، وتخفيف الوزن إذا كنت تعاني من السمنة، وحمل الأغراض بشكلٍ مناسب (بثني الركبتين والاعتماد على القدمين) مع الحفاظ على وضعية مناسبة للجسد.

ونم على سطحٍ صلب واجلس على كراسٍ متينة يكون ارتفاعها مناسباً، وابتعد عن الأحذية ذات الكعب العالي. وإذا كنت مدخناً يجب عليك التوقف عن التدخين – فالنيكوتين يسبب تهالك أقراص العمود الفقري ويقلل تدفق الدم كذلك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة