8 نصائح لتنمية مهارات الإنصات

يقول الكاتب الأمريكي "ستيفن كوفي" (Stephen Covey): "يصغي معظم الأفراد إلى حديث الآخرين بغرض إيجاد ردٍّ مناسبٍ، وليس بِنِيَّةِ تفهمهم".



يصرُّ بعض الناس خلال تواصلهم مع الآخرين على فرض آرائهم ووجهات نظرهم، ومقاطعة الطرف المقابل، ونقل تجاربهم ومعارفهم الشخصية، والسيطرة على مجرى المحادثة، حتى إنَّ بعضهم يعمد إلى مقاطعة الطرف المقابل وسرد قصة مشابهة يظنُّ أنَّها أفضل ممَّا رواه محاوره للتو.

تدل هذه السلوكات على الافتقار إلى مهارات التواصل الفعال؛ فلا يقتصر دورك في أثناء الإنصات إلى الطرف المقابل على التفكير بجواب أو رد مناسب؛ بل إنَّك يجب أن تستفيد من هذه الفرصة في تعزيز مستوى التواصل بينكما، وتفهُّم مشاعره ووجهات نظره، وإبداء اهتمامك من خلال تركيز كامل انتباهك على كلامه؛ هذا يعني ألَّا تبحث عن قصة أو تجربة مشابهة لتشاركها معه، ولا أن تشرد وتفكر في موضوعات مختلفة، وبالتأكيد ألَّا تستخدم هاتفك الجوال ولا تنظر إلى الساعة حتى.

فيما يأتي 8 نصائح لتنمية مهارات الإنصات:

1. حدِّد الطريقة التي تود أن تتصرف وفقها بالتفصيل الممل:

يتمُّ ذلك من خلال التفكير بشخص تود أن تصبح مثله؛ وليكن صديقاً، أو شريكاً، أو زميلاً، أو فرداً من العائلة مثلاً، لا بأس في أن تكون مختلفاً للغاية عن الشخصية التي تختارها، فتتطلب هذه الخطوة ببساطة أن تحدد الشخصية التي تود أن تصبح مثلها.

تقتضي مهمتك أن تقلِّد تصرفات هذه الشخصية التي اخترتها لنفسك وسلوكاتها ما أمكنك، وتصبح العملية أسهل عندما تفكر بشخص تعرفه يُحسن الإنصات وتقلِّد سلوكاته؛ ومن ثمَّ عليك أن تراقب تصرفاتك خلال عمليات التواصل التي تقوم بها، وتجري التعديلات والتغييرات اللازمة عندما تكون مختلفة عن سلوكات الشخصية التي اخترتها.

2. ركِّز على التواصل البصري:

من الهام أن تنظر إلى المتحدِّث، وتضع هاتفك جانباً، وتركز كامل انتباهك على كلامه دون أن تلقي بالاً لما يجري حولك، وتحرص على النظر إلى وجهه والتركيز على فمه وعينيه؛ فمن المزعج أن تتحدث إلى شخص لا ينظر إليك؛ لأنَّك ستبدأ بالتساؤل فيما إذا كان يصغي إلى حديثك بالفعل، أو إذا كان مهتماً بكلامك وما أنت على وشك طرحه، أحياناً يمتنع المتحدث عن طرح فكرته في مثل هذه الظروف حتى لو كانت علاقة أطراف الحديث متينة؛ بناءً على ما سبق يجب أن تركز على التواصل البصري؛ لأنَّ الانتباه والاهتمام هو أسمى ما يمكن أن يقدمه الإنسان للآخرين.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لتطوير مهارة التواصل الفعّال

3. بيِّن للمتحدِّث أنَّك تصغي إليه:

يتم ذلك من خلال الإيماء بالرأس، والابتسام، واستخدام لغة جسد مفتوحة، وقول عبارات تؤكد أنَّك تستمتع إلى مجرى الحديث وتفهمه؛ مثل: "أجل"، "حسناً"، "أنت محق"، "حقَّاً؟".

لا داعي لأن تبالغ في استخدام هذه الإشارات والكلمات؛ حتى لا يبدو الأمر كأنَّك ضقت ذرعاً وبتَّ تنتظر الفرصة المناسبة لتتدخل وتسيطر على الحديث؛ إذ يجب أن تستخدم هذه الإشارات باعتدال؛ أي بما يكفي ليشعر المتحدث بانتباهك واهتمامك بحديثه.

4. توقَّف قليلاً قبل أن ترد على كلام المتحدث:

حبذا لو تستطيع أن تنتظر لثانيتين بعد أن يتوقف محاورك عن التحدث قبل أن ترد عليه، قد يكون هذا الانتظار صعباً بالنسبة إلى المتحدثين النهِمين؛ لكنَّك يجب أن تحاول من أجلك ومن أجل العلاقة، كما يساعدك هذا الأسلوب على التخلص من عادات الإنصات غير الفعال وسلوكاته، كما أنَّه يتيح للطرف المقابل إمكانية إكمال حديثه في حال أراد إضافة فكرة معينة، أو أنَّه لم ينهِ حديثه بالأساس.

إقرأ أيضاً: 7 أسرار للإصغاء الفعال

5. اطرح سؤال:

يُستحسَن أن تطرح سؤالاً على المتحدث بدلاً من أن تخبره بقصة ترابط بك، أو تشارك رأيك الشخصي، أو تجعل من نفسك ومن تجاربك محور الحديث، فيُعَدُّ طرح السؤال دعوة أو تشجيعاً للمتحدث على مواصلة الكلام، وبهذه الطريقة تصبح المحادثة ممتعة بالنسبة إلى جميع الأطراف بدلاً من أن تكون مجرد حوار جاف يتنقل فيه محور الحديث من شخص لآخر، سيتذكرك، ويقدرك، ويستلطفك المتحدث عندما تبدي اهتماماً بكلامه.

6. انتبه إلى الرغبة التي تدفعك للسيطرة على الحديث:

يشعر الإنسان باللذة والحماسة عندما يُعبِّر عن نفسه بالطريقة التي تحلو له، والطريقة المتَّبعة والمفضلة لمعظم الأفراد هي التحدث، ويقوم الفرد خلالها بالسيطرة على مجرى الحديث؛ لأنَّه يستمتع بكونه محور الاهتمام، ومحط الانتباه، وقد يصبح هذا التصرف عادة دائمة نتيجة التكرار.

إنَّ فرض الآراء ووجهات النظر، وسرد القصص والتجارب الشخصية، وجعل الفرد نفسه محوراً للحديث لا يكون لائقاً ولا مقبولاً في بعض الحالات، فإذا كنت تتصرف على هذا النحو في جميع المحادثات التي تجريها يستحسن أن تُقلع عن هذه العادة وتحاول إيجاد بعض التوازن والاعتدال في حديثك.

يكمن الحل في هذه الحالة في مراقبة العادات، ستشعر في البداية بأنَّ سلوكاتك تلقائية وآلية، وعليك أن تلاحظ الرغبة التي تدفعك إلى المقاطعة والكلام، وتقمعها وتوجه انتباهك مجدداً إلى المتحدث، إنَّ مجرد شعورك بالحاجة الملحة إلى الكلام لا يعني بالضرورة أنَّك يجب أن تتحدث في بعض الحالات.

7. قدِّر مدى أهمية القصة أو الرأي الذي تعتزم طرحه:

حبذا لو تستطيع أن تضبط نفسك قبل أن تبدأ الكلام، وتقيِّم مدى أهمية الفكرة التي تعتزم طرحها وملاءمتها سياق الحديث، قد لا تكون الفكرة ذات أهمية بالنسبة إلى الحديث الدائر، أو ربما أنت بالفعل تود مشاركة تجربة شخصية مفيدة للطرف المقابل؛ لكنَّ تكرار القصص القديمة معدومة الفائدة لمجرد رغبتك في السيطرة على مجرى الحديث ليس تصرفاً سليماً، وفي هذه الحالة عليك أن تعيد النظر في هدفك من القصة التي تعتزم مشاركتها.

يمكنك أن تطرح على نفسك السؤال الآتي قبل أن تستهل الحديث: "هل سيكون كلامي مفيداً، أو إيجابياً، أو داعماً؟".

إذا كان الجواب "نعم"، عندئذٍ لا بأس بمشاركة التجربة، أما إذا كان "لا"، فيستحسن أن تمسك عن الكلام وتطرح سؤالاً على الطرف الآخر.

إقرأ أيضاً: 9 تصرّفات يقوم بها كل المستمعين الجيّدين خلال محادثاتهم اليومية

8. ابذل جهدك لتنمية مهارات الإنصات:

إذا كنت تعاني مسألة تنمية مهارات الإنصات، فعندئذٍ يجب أن تذكِّر نفسك بالأسباب الكامنة خلف رغبتك بتحسين هذه المهارة من الأساس.

يؤدي تطبيق هذه النصائح بانتظام إلى التخلص من العادات القديمة وبناء أخرى جديدة إيجابية، ويمكنك أن تختار شخصاً معيناً تود أن تولي مزيداً من الاهتمام والانتباه إليه، ثمَّ استخدم كل محادثة تدور بينكما في ممارسة مهارات الإنصات لديك وتنميتها.

تحتاج تنمية مهارات الإنصات إلى الوقت، والانضباط، والتحدث باعتدال، والتوقف عن الكلام في أثناء الحديث للإصغاء إلى الطرف الآخر، ولا شك في أنَّك ستحقق مبتغاك في نهاية المطاف، والعلاقات التي ستنمِّيها خلال ذلك تستحق الجهد المبذول.




مقالات مرتبطة