8 حكم عطائية للفقيه ابن عطاء الله السكندري

إذا ما تحدثنا عن علوم الدين والفقه الإسلامي لابدّ من أن نتطرّق إلى الحكم العطائية لكاتبها ابن عطاء الله السكندري، تحتوي هذه الحكم على 264 حكمة يشرح من خلالها الطرق التي تساعد على تزكية النفس والارتقاء بها في مدارج الكمال والسمو، والكثير من العلماء اعتبروا هذه الحكم أحد أهم أركان الصوفية، فيما يلي سنسلط الضوء على بعض الحكم الواردة.



الحكمة الأولى:

أحد الحكم العطائية: إن رغبتك البدايات زهدتك النهايات، وإن دعاك إليها ظاهر نهاك عنها باطن، إنما جعلها محلا للأغيار ومعدنا لوجود الأكدار تزهيدا لك فيها.

إن أشرقت بداية طالب الزهد أشرقت نهايته فإذا كان جاداً في طلب الحق باذلاً كل ما لديه من قدرات وإمكانيات للوصول إلى مرضاة الله والقيام بوظائف الربوبية، بالتأكيد سينجح في الوصول إلى محبوبه.

الحكمة الثانية:

أحد حكم ابن عطاء الله السكندري: علم أنك لا تقبل النصح المجرد فذوقك من ذواقها ما يسهل عليك وجود فراقها.

قالوا الامتحان بقدر الإمكان وكل محنة تزيد قوة وصبر وفي حال تبقى في القلب بقية من حب شيء من هذا العالم يسلط عليه من بشوشه عليه وينغصه لديه كل ذلك عناية به ليرحل من هذا العالم إلى عالم الملكوت فإذا تحقق رحيله استوى عنده الحلو والمر والعز والذل والغنى والفقر لأنه تحقق أن كلا من عند الله وما في الوجود سواه، وهذا هو العلم الحقيقي.

الحكمة الثالثة:

أحد الحكم العطائية: العلم النافع هو الذي ينبسط في الصدر شعاعه وينكشف عن القلب قناعه.

هو علم القلوب ومرجعه إلى تصفية القلوب من الرذائل وتحليتها بالفضائل فيبحث أولاً عن عيوب النفس وعيوب القلب وعيوب الروح وعيوب السر فيطهر كل واحد من عيوبه فإذا تطهر من الجميع تحلى بصفات الكمال وبسائر الأخلاق الحسنة فشعاع العلم الذي ينبسط في الصدر هو ثلج اليقين وبرد الرضى والتسليم وحلاوة الإيمان ومواجيد العرفان.

الحكمة الرابعة:

أحد حكم ابن عطاء الله السكندري: خير علم ما كانت الخشية معه، فالعلم إن قارنته الخشية فلك وإلا فعليك.

لأن العلم الذي تصحبه الخشية يمنع صاحبه من الغفلة وأسبابها ويزهده في كل ما يشغل عن العمل به ويرغبه في كل ما يقربه إلى ربه فيكون عوناً له على الوصول إلى معرفة الله والقريب من ساحة رضاه، فإن لم تقارنه الخشية كان وبالاً عليه لأنه حينئذ حجة عليه لأن المعصية مع العلم أقبح من المعصية مع الجهل.

الحكمة الخامسة:

متى آلمك عدم إقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك، فارجع إلى علم الله فيك، فإن كان لا يقنعك علمه فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك من الأذى منهم، إنما أجرى الأذى على أيديهم كي لا تكون ساكنا إليهم، أن أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء.

إذا سلط الله عليك خلقه ليختبرك هل أنت غنى به أو بخلقه فأدبروا عنك أو اشتغلوا بذمك ثم توجعت من ذلك فارجع إلى علم الله فيك إذ لا يخفى عليه شيء من أمرك فإن كفاك ذلك وقنعت به واستوى عندك ذمهم ومدحهم بل ربما آثرت أدبارهم إذ فيه راحتك وتفريغ قلبك مع ربك، فإن لم تقنع بعلم الله وتأسفت على أدبارهم فمصيبتك بضعف إيمانك وذهاب يقينك أشد من مصيبة ذم الناس وأدبارهم عنك لأن هذا موجب لسخط الله وغضبه وسقوطك من عين محبته.

الحكمة السادسة:

 إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده، جعله لك عدوا ليحوشك به إليه، وحرك عليك النفس لتديم إقبالك عليه.

لقد جعل الله بحكمته الشيطان والنفس والناس حراس الحضرة وكلهم الله بباب حضرته وقال لهم لا تتركوا أحداً يدخل إلا من يغلبكم فوقفوا بالباب فإذا جاء من يريد الدخول تعرض له فإذا غلبهم جاءه الشيطان يطول عليه مدة الفتح ويخوفه من الفقر ويقول له متى يفتح الله عليك قيل يكون وقيل لا يكون فإذا غلبه وزاد تعرضت له النفس تقول له كيف تترك دنياك وجاهك وعزك إلى شيء يكون أو لا يكون، فإذا غلبها قال له الحق تعالى مرحباً بك وأهلاً.

الحكمة السابعة:

من أثبت لنفسه تواضعا فهو المتكبر حقا، إذ ليس التواضع إلا عن رفعة، فمتى أثبتت لنفسك تواضعا فأنت المتكبر، إذ ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع ولكن المتواضع هو الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع.

التواضع هو مجاهدة النفس في وضعها وسقوطها فهي تريد الرفعة وأنت تريد السقوط فإذا حققت ونظرت بعين فكرتك وجدت الأشياء كلها مستوية معك في الخلقة والتجلي، فأنت والكلب في حقيقة الخلقة سواء وإنما وقع التفضيل في التشريع والحكمة عند أهل الفرق فأهل الفرق يرون المزية لأنفسهم عما سواهم فإذا تساووا بأنفسهم مع الأشياء رأوا أنهم قد تواضعوا وفي الحقيقة إنما تكبروا فهم المتكبرون على خلق الله حقاً.

 

اقرأ أيضاً: التواضع: أجمل كلمات اللغة

 

الحكمة الثامنة:

التواضع الحقيقي هو الناشئ عن شهود عظمته، وتجلّي صفته.

التواضع الحقيقي هو تواضع العارفين لأنه ناشئ عن شهود عظمة الحق وتجلى ذاته وصفاته وهو من عطف التفسير فلذلك ترى العارفين يتواضعون مع الحجر والمدر وكل شيء لمعرفتهم في كل شيء، قال ذو النون المصري رضي الله عنه من أراد التواضع فليوجه نفسه إلى عظمة الله فإنها تذوب وتصغر ومن نظر إلى سلطان الله تعالى ذهب عنه سلطان نفسه لأن النفوس كلها محقورة عند هيبته ومن أشرف التواضع ألا ينظر إلى نفسه دون الله تعالى.

المصادر: 

  1. كتاب الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري
  2. شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري



مقالات مرتبطة