8 استراتيجيات لتكون قوياً عاطفياً في علاقاتك

تجربة شخصية.

سأكون أول من يعترف بأنَّني اعتدتُ أن أكون ضعيفاً عاطفياً في علاقاتي، ليس بطريقة سخيفة يائسة، لكن بنفس الطريقة التي يعاني منها كثيرون منَّا؛ إذ أردتُ شخصاً ما أن يجعلني سعيداً، وكنت ألوم الآخرين على حزني، وسعيت إلى تلبية احتياجاتي العاطفية من خلال التحقُّق المستمر من تأييد الآخرين لي، وقد أدى هذا السلوك إلى ثلاث صعوبات عاطفية واضحة في حياتي:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الضعف العاطفي في علاقاتهم.

  1. كان لدي كثير من المشكلات في العلاقة؛ لأنَّه عندما كان سلوك الشخص الآخر لا يلبِّي احتياجاتي، كنت أشعر بالضيق والاستياء من ذلك.
  2. أكون غالباً غير سعيد؛ لأنَّني كنت أبحث عن سعادتي بالكامل خارج نفسي، متوقعاً من الآخرين أن يملؤوا بطريقةٍ ما نقص حبي لذاتي.
  3. شعرت بأنَّني عاجز ومسلوب الحرية في كثير من الحالات؛ لأنَّه إذا كان من المفترض أن يلبِّي الآخرون احتياجاتي ويجعلونني سعيداً، فماذا يحدث عندما لا يفعلون ذلك؟ ماذا يمكنني أن أفعل إذا قرَّروا إيذائي بدلاً من ذلك؟ لم يكن لدي أي فكرة.

بالنظر إلى حياتي اليوم، أجد أنَّني قضيت معظم العقدين الماضيين في تحسين الأمور وتنمية قوتي العاطفية، وهذا أحدث فرقاً هائلاً في حياتي، وأصبحت علاقاتي أكثر صحة وأنا أكثر سعادة.

عندما بدأتُ أنا وزوجتي "آنجل" مدونتنا ومهنة الكوتشينغ منذ عدة سنوات، بدأ عددٌ لا يُحصى من الناس يأتون إلينا ممَّن كانوا يعانون من نفس أنواع الضعف العاطفي التي كنت أُعاني منها؛ لذلك بدأت بمشاركة الاستراتيجيات التي ساعدتني على التعافي، وليس من المستغرب أنَّها نجحت مع هؤلاء الناس أيضاً، لقد حسَّناها تدريجياً على مرِّ السنين لتصبح عملية مفيدة جداً وبسيطة.

اختبر قوتك العاطفية:

هل أنت ضعيف عاطفياً وتعتمد على الآخرين من أجل سعادتك؟ اسأل نفسك الأسئلة البسيطة الآتية:

  1. هل تبحث عن شريك ليجعلك سعيداً؟
  2. إذا كنت في علاقة حميمة، فهل تنتظر من الطرف الآخر الإقرار بجميع احتياجاتك؟
  3. عندما تكون وحدك، هل تشعر بالضغط لملء وقتك بالمشتتات باستمرار؟ هل تستخدم دائماً هاتفك/جهازك اللوحي/جهاز الكمبيوتر/ عندما تكون وحدك؟
  4. هل تنزعج إذا كان شريكك لا يفعل الأشياء على طريقتك؟
  5. هل علاقتك هي عالمك بأكمله؟ ماذا عن علاقاتك مع الأصدقاء أو الأفراد الآخرين في العائلة؟ هل يمكنك معرفة أين تنتهي احتياجاتهم وتبدأ احتياجاتك؟
  6. هل تنزعج إذا لم يُشاركك شريكك فيما يقوم به على الدوام؟
  7. هل تعاني من الغيرة؟

هذه القائمة ليست شاملة، لكن أُراهن أنَّ بعض الأسئلة تنطبق عليك، على الأقل إلى درجة معيَّنة، وهذا لا يعني أنَّك فاشل؛ إذ يعاني معظم الناس من عديد من هذه المشكلات، مع أنَّ الكثيرين سيُنكرون ذلك على الأرجح؛ لأنَّهم قلقون من أن يجعلهم ذلك يبدون أقل شأناً من الآخرين، فلا أحد يحب أن يبدو بهذه الطريقة، أو أن يفكِّر في نفسه على أنَّه ضعيف، لكنَّ هذه المشكلات لا تعني سوى أنَّك إنسان لديه شيئاً إيجابياً للعمل عليه.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتنمية الذكاء العاطفي

كيف نصبح ضعفاء عاطفياً في علاقاتنا؟

هذا النوع من التفكير الذي يؤدي إلى الضعف العاطفي يبدأ عادة في مرحلة الطفولة، فنحن نعتمد على والدينا في تلبية جميع احتياجاتنا العاطفية، مثل: الحب، والراحة، والتأييد، وما إلى ذلك، ومن ثمَّ لا نطوِّر تطويراً كاملاً المهارات لدعم قوتنا العاطفية بطريقة مستقلة بوصفنا أطفالاً؛ وذلك لأنَّ والدينا بدافع الحب يبذلون قصارى جهدهم لتوفير جميع احتياجاتنا، ثمَّ ننمو إلى مرحلة البلوغ دون أن نتعلَّم كيف نقف بقوة وحدنا؛ لذلك نحن نبحث عن شخص آخر ليساعدنا ويلبِّي احتياجاتنا العاطفية، فنحن نبحث عن الشريك المثالي، ومن المرجَّح أن ننفصل عدة مرات لسببين:

  1. نحن لسنا مستقلين عاطفياً، ومن ثمَّ نقوم بأشياء "من منطلق الحاجة" تضرُّ بعلاقاتنا.
  2. شركاؤنا يكافحون بنفس الطريقة.

إذا تعرَّضنا للأذى، فإنَّنا نلوم الشخص الآخر على إيذائنا، وإذا لم يمدوا لنا يد العون عندما نحتاج إليهم، فإنَّنا نلومهم أكثر، وإذا عاملونا معاملة سيئة مراراً وتكراراً، نشعر أنَّنا ضحايا؛ لأنَّنا لا نستطيع المضي قدماً في حياتنا إذا عاملنا شريكنا بقسوة، ولكنَّ هذا المفهوم خاطئ.

إن كان أي ممَّا سبق ينطبق عليك، فثمَّة حل يتطلَّب منك أن تبحث في الداخل عن السعادة والتقدير، لكن أولاً، اسمحوا لي أن أقدِّم لكم بعض النقاط الهامَّة للتفكير فيها:

يجب أن تتذكر:

1. إذا كانت سعادتك تعتمد فقط على قبول وموافقة الآخرين:

فأنت تتخلَّى عن كثير من قوتك، فمن الطبيعة البشرية أن ترغب في أن تكون محبوباً ولافتاً للإعجاب، وأن تكون جزءاً من حياة الآخرين، ولكنَّها ضارة لاحترامك لذاتك وقوتك العاطفية إذا كان عليك أن تكافح من أجل ذلك باستمرار.

2. مقدار ثقتك بنفسك أمر جوهري للحصول على النتائج المرجوَّة من جهودك، (خاصة في علاقاتك):

وعلى مستوى أعمق عندما تعرف أنَّك تستطيع الاعتماد على نفسك للقيام بالأشياء التي تقول إنَّك تريد فعلها؛ إذ يصبح من الأسهل أن تصدِّق أنَّك ستنجح في أشياء أكبر وأكثر خطورة، وتذكَّر أنَّ الممارسة تحقِّق تقدماً في جميع مجالات حياتك.

3. السعادة هي شيء تقرِّره بنفسك في الوقت الحاضر:

سواء كنت تحب منزلك أم لا، فهذا لا يعتمد على كيفية ترتيب الأثاث؛ بل على الطريقة التي ترتِّب بها عقلك، فيجب أن تقرِّر أن تحب منزلك كما هو، إنَّه قرار تتخذه كل صباح عندما تستيقظ؛ إذ يمكنك قضاء يومك في السرير متحسِّراً على ما فاتك، أو النهوض من السرير مُمتنَّاً لما تملكه الآن، الأمر متروك لك، لك وحدك.

4. يمكنك أن تمنح نفسك القبول الذي تحتاج إليه:

لذا عندما تشعر بالضغط لإبهار شخص ما، حاول أن تأخذ نفساً عميقاً، وذكِّر نفسك أنَّك لا تدين لأحد بأي تبرير، استمتع بالواقع الذي ستختاره، فلديك السلطة لتقرِّر كيف تقضي وقتك وطاقتك، وهنا يكمن الجمال الحقيقي؛ عندما لا تدين لأحد بأي شيء، فأنت حرٌّ في أن تعطي وتحب من القلب.

5. عندما تغيِّر نظرتك إلى الحياة، كل شيء في حياتك يتغيَّر:

هذا هو الجزء القوي من الخطوات البسيطة أدناه، فعندما تصبح أقوى عاطفياً، فأنت لا تمتلك فقط القدرة على تغيير عالمك؛ بل عوالم الآخرين أيضاً؛ إذ لديك القدرة على تغيير العالم كله عندما تتحلَّى بالقوة العاطفية، الحاضر والمستقبل ليسا ثابتين، يمكنك تغييرهما.

كيف تصبح قوياً عاطفياً؟

يجب في هذه المرحلة أن يكون واضحاً أنَّ الأشخاص الآخرين هم مصدر لا يمكن الاعتماد عليه لاحتياجاتك العاطفية، سيأتون ويرحلون، أو سيكونون غير متاحين عاطفياً في بعض الأحيان لأسباب شخصية لا يمكن السيطرة عليها؛ فإنَّ قوتك العاطفية (السعادة، القبول، وما إلى ذلك) لا تتطلَّب مشاركتهم؛ إذ تقبع القوة العاطفية في داخلك وللعثور عليها والاستفادة منها، يتطلَّب منك الأمر بعض البحث في داخلك، والكثير من الممارسة، لكن ضع في حسبانك هذه الاستراتيجيات البسيطة التي رأيتها تُحسِّن حياة المئات من الناس على مرِّ السنين:

1. الجلوس وحدك لمدة 20 دقيقة كل يوم:

دون هاتف أو جهاز لوحي أو تلفزيون أو أي أداة لهو أخرى، انظر إلى الداخل، وتأمَّل، ولاحظ أفكارك عندما تراودك، تعرَّف إلى عقلك، شاهد كم هو رائع وأنت تنتقل من فكرة إلى أخرى، وهذا في حدِّ ذاته مصدر لا نهائي للترفيه والتعلم.

2. ابتكار أفكار لبناء شيء من الصفر، ثمَّ تطبيقها:

قصيدة، لوحة، أغنية، خطة عمل، عمل، وما إلى ذلك؛ فأنت لا تحتاج إلى أي شخص للقيام بهذه الأشياء، فإنَّها تعطيك نظرة ثاقبة إضافية عن قدراتك وشغفك.

3. الفضول هو مصدر غير محدود للسعادة لمعظم الناس:

مارس هذا الفضول؛ استكشف، سافر، ثقِّف نفسك، اقرأ الكتب الجيدة، عمِّق قاعدة معلوماتك عن الموضوعات التي تستمتع بها.

4. التحدث إلى نفسك عن مشكلاتك الخاصة:

ابحث عن حل، إذا كنت تشعر بالملل، غيِّر روتينك، وإذا كنت تشعر بالوحدة أو الأذى، أبهِج نفسك، وإذا كنت تغار، فلا تأمل أن يُطمئِنك شخص ما، طَمئِن نفسك.

شاهد بالفيديو: 10 أفكارٍ مدهشة تساعدك على تطوير الذات

5. تحمُّل المسؤولية:

إذا وجدت نفسك تلوم الآخرين، أخبر نفسك أنَّ الشخص الآخر ليس المشكلة أبداً، فيمكنك أن تختار أن تظنَّ أنَّ الشخص الآخر هو المشكلة، لكن في هذه الحالة ستعتمد عليهم لحلها، إذا كنت تظن أنَّ الآخرين ليسوا المشكلة، فأنت قادر على البحث داخل نفسك عن الحل.

6. إذا وجدت نفسك تشتكي:

فابحث بدلاً من ذلك عن طريقة لتكون مُمتناً.

7. إذا وجدت نفسك محتاجاً:

فجد طريقة للعطاء بدلاً من ذلك.

8. إذا وجدت نفسك تريد شخصاً ما لمساعدتك:

ساعد نفسك.

إقرأ أيضاً: تمرينات في الذكاء العاطفي: طوِّر نفسك

كما ترى، هذه الاستراتيجيات ليس لها أي علاقة بعلاقاتك، على الأقل ليس بصورة مباشرة، فالأمر يتعلَّق بأن تصبح شخصاً قوياً عاطفياً يدخل في جميع العلاقات المستقبلية، أو يعود إلى العلاقات الحالية مع قوة داخلية مكتشفة حديثاً، فعندما تستمد السعادة والقبول من داخلك، فستملأ السعادة حياتك، ولن تحتاج إلى أي مصدر آخر.

إقرأ أيضاً: ثلاث أساليب علاجية للتنظيم العاطفي

في الختام:

اعمل من منطلق القوة العاطفية والاستقلالية، ثمَّ أحبب الآخرين، ليس لأنَّك تريدهم أن يحبوك، أو يحتاجوا إليك؛ بل لأنَّ مبادلتهم الحب تسمو بك إلى أعلى المراتب.




مقالات مرتبطة