8 أشياء لا يفعلها الأشخاص المستقرون عاطفياً

تلقيت الليلة الماضية بريداً إلكترونياً بعنوان "الأشخاص المستقرون عاطفياً لا يفعلون هذا" من أحد قرَّاء مدونتي، يصف فيه بعض التقلُّبات العاطفية والفوضوية نوعاً ما، والتي كان يمرُّ بها خلال السنوات القليلة الماضية، على الصعيدين الشخصي والمهني، ثمَّ أنهى بريده الإلكتروني بما يأتي:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، صاحب مدونة "مارك وآنجل" (marcandangel.com)، يخبرنا فيه عن بعض الأشياء التي لا يقوم بها الأشخاص المستقرون عاطفياً.

"أنا أحب كتابك ومدونتك، فكلاهما ساعداني على اجتياز بعض الأوقات الصعبة جداً، لكن مع أنَّني قد أحرزت تقدماً، فإنَّني غالباً ما أجد صعوبة في التحكُّم بعواطفي، فأنا أسمح باستمرار لكل مشكلة صغيرة أن تستهلك كل ما لديَّ من طاقة؛ لذلك كنت أتساءل، ما الذي لا يفعله الأشخاص المستقرون عاطفياً؟ أنا أسأل لأنَّني على الرَّغم من تقدُّمي في تجاوز الصعوبات، فما زلت متمسِّكاً بالعادات القديمة التي تعوقني؛ لذا أحتاج إلى بعض التذكيرات بما لا يجب عليَّ فعله".

ثمَّة مليون طريقة للإجابة عن هذا السؤال (خاصةً فيما يتعلق بوضعه الحياتي الفريد)، ولكن نظراً لأنَّ الاستقرار العاطفي هو أمر نبحث عنه جميعاً في بعض الأحيان، ففكَّرت في إجراء محاولة للإجابة عن سؤاله بطريقةٍ مفيدة لنا جميعاً.

وإليك فيما يأتي ما لا يفعله الأشخاص المستقرون عاطفياً:

1. لا يأخذون سلوك الآخرين على محمل شخصي:

قد تشعر بأنَّك شخصٌ غير محبوب أو غير مرغوب به عندما لا يتمكَّن الآخرون من التواصل معك بالطريقة التي تتوقَّعها، ومن الصعب جداً ألَّا ترى طريقة المعاملة هذه على أنَّها انتقاص من قيمتك؛ ولكنَّ الطريقة التي يتصرَّف بها الآخرون لا تتعلَّق بك؛ إذ ينشغل معظم الناس بمشكلاتهم ومسؤولياتهم وصراعاتهم، لدرجة أنَّ التفكير في سؤالك عن أحوالك لا يخطر ببالهم، ولا يُعدُّ ذلك لُؤماً أو قِلَّة اهتمام، بل لانشغالهم بما يخصُّهم فقط، وأنانيتهم في بعض الأحيان، فهو ليس دليلاً على وجود عيب أساسي فيك أنت؛ بل يعني فقط أنَّ غرور بعض الأشخاص لا يسمح لهم سوى بالتركيز على ذواتهم، وعلى الرَّغم من اليأس الذي تشعر به، فلديك القدرة على مشاركة حبك ونورك مع الآخرين، وهذه قوة لا تُصدَّق.

2. لا ينشغلون في النقاشات والمشكلات الصغيرة:

أن تكون قوياً ومستقراً عاطفياً لا يعني أنَّ عليك أن تقضي وقتك في خوض المعارك والجدالات التافهة التي تعترض طريقك؛ بل على العكس تماماً، فلست مضطراً إلى الرد على تصريحات وآراء الآخرين غير المهذَّبة، والعداء غير الضروري؛ فعندما تصادف شخصاً ما يتَّسم بسلوك سيِّئ، لا ترد بإلقاء الشتائم عليه؛ بل حافظ على كرامتك، ولا تقلِّل من قدرك بالنزول إلى مستواه، فالقوة الحقيقية هي أن تكون جريئاً بما يكفي للابتعاد عن هذا الهراء وكرامتك مُصانة.

شاهد بالفيديو: 8 تصرفات لا يفعلها الأشخاص الأقوياء عاطفياً

3. لا تكون استجابتهم ناتجة عن رد فعل سلبي، بل يستجيبون بانتباه:

رد الفعل هو اندفاع عاطفي شديد وطائش ولحظي، وعادة ما يكون مدفوعاً بالأنا (من المرجَّح أنَّ رد فعلنا يظهر عندما نكون منفصلين عن عقلنا الواعي)، وقد يستمر رد الفعل هذا لجزء من الثانية فقط قبل أن يبدأ حدسنا بتقديم بعض وجهات النظر، أو يتولى التصرف بناءً عليها؛ فعندما نشعر بالغضب أو الاضطراب بعد التعامل مع موقف ما أو شخص ما، فهذه علامة على رد فعلنا السريع بدلاً من الاستجابة بانتباه ووعي؛ إذ تجعلك الاستجابة الواعية تبدو وكأنَّك تعاملت مع الأشياء بنزاهة واتزان.

4. لا ينشغلون في التفكير في أنَّ العالم سينتهي:

يمكن أن تقودك أحلك الأوقات في بعض الأحيان إلى الأماكن الأكثر إشراقاً، ويمكن أن تمنحك صراعاتك الأكثر إيلاماً أكبر قدر من النمو، ويمكن أن تفسح لك أكثر الخسائر التي تبعث على القلق في العلاقات مكاناً لأروع الأشخاص، فما يبدو وكأنَّه لعنة في الوقت الحالي، يمكن أن يكون في الواقع نعمة مُقنَّعة، وما يبدو أنَّه نهاية الطريق، هو مجرَّد إدراك أنَّك من المفترض أن تسير في مسار مختلف.

بصرف النظر عن مدى صعوبة الأمور، ثمَّة دائماً أمل، وبصرف النظر عن مدى شعورك بالعجز أو كيف تبدو الأشياء مروعة، لا يمكنك الاستسلام؛ بل عليك أن تستمر، وحتى عندما يكون الأمر مخيفاً، وعندما يبدو أنَّ كل قوَّتك قد ضاعت، عليك أن تستمر في النهوض مرة أخرى والمضي قدماً؛ لأنَّك مهما كنت تواجه من صراعات ومشكلات في الوقت الحالي، فسوف تمر وتتجاوز ذلك.

لقد مررت بهذا الأمر من قبل، وشعرت بهذه الطريقة أيضاً؛ لذا فكِّر في الأمر، وتذكَّر ذلك الوقت الذي ظننت فيه أنَّ العالم سينتهي، ولكنَّه لم ينتهِ، ولن ينتهي هذه المرة أيضاً.

5. لا يقيِّدون عواطفهم الحالية بسلبية الماضي:

عندما نركِّز اهتمامنا وتفكيرنا في "الوقت الحاضر"، يصبح من الأسهل التعامل مع العواطف ورؤيتها على أنَّها مجرد عواطف؛ أمَّا إذا وقعنا في هوس التفكير بالماضي، يمكن أن تأخذ العواطف والمواقف معاني جديدة (وغير صحيحة) عندما تصبح مرتبطة بالقصص.

على سبيل المثال، تخيَّل أنَّك قد رُفضت للتوِّ من وظيفة جديدة، فمن الطبيعي أن تشعر بخيبة أمل، لكن إذا لم تكن حاضر الذهن، وحاولت أن تتصرَّف بصفتك شخصاً واعياً وتتجاهلها، فإنَّ العقل سيتعمَّق في الماضي في كل الأوقات الأخرى التي شعرت فيها بهذه الطريقة، وستشعر حينها بالفشل، ويبدأ إحساسك بعدم الجدارة بالظهور في كل مقابلة عمل مستقبلية، فعندما نبقى حاضرين ونحصر اهتمامنا باللحظة الحالية، نتمتَّع بالقدرة على البدء من جديد في كل لحظة، ويمكن أن نرى كل موقف بمنظور أكثر دقة، ممَّا يسمح لنا بالتغلب على المشاعر السلبية (والنتائج) التي تقف في طريقنا.

6. لا يحاولون الهروب من التغيير:

بصرف النظر عن مدى عدم الارتياح الذي يسبِّبه لنا التغيير، ثمَّة أشياء في حياتنا لا يجب أن تبقى على حالها، وقد لا يكون التغيير هو ما نريده، ولكنَّه دائماً ما يحدث بالضبط؛ فالأرض لا تتوقَّف عن الدوران، وأحياناً أن تغيِّر حالة معيَّنة اعتدت عليها هو أصعب ما يمكنك فعله، لكن في معظم الأوقات، التغيير هو الشيء الوحيد الذي سينقذ حياتك، ويسمح لك بالحلم والنمو والنجاح والابتسام مرة أخرى، فالحياة تتغيَّر في كل لحظة، وكذلك أنت.

7. لا يحاولون أن يكونوا مثاليين:

يقول الشاعر "دانييل كوبكي" (Daniell Koepke) "على الرَّغم ممَّا قد يخبرك به الآخرون، يمكن أن تخيِّب آمال الناس فيك، وأن تظل جيداً بما فيه الكفاية؛ أي يمكنك أن تفشل وأنت ما تزال ذكياً وقادراً وموهوباً، ويمكنك أن تخذل الناس وأنت ما تزال تستحق الثقة والحب والإعجاب، فالجميع قد أُصيب بخيبة أمل من شخص ما كانوا يهتمون لأمره في مرحلة ما، فالجميع يخطئ، ويخذل الناس، ويرتكب أخطاء، ليس لأنَّنا جميعاً غير مؤهلين، ولكن لأنَّنا جميعاً بشر، ولسنا مثاليين"؛ فأن تتوقَّع أي شيء مختلف هو تهيئة نفسك للارتباك وخيبة الأمل.

شاهد بالفيديو: 8 أشياء يجب أن تقوم بها حتى تعيش شغف الحياة

8. لا يلقون الكراهية على أنفسهم:

عندما تجد نفسك تغرق في كراهية الذات، فيجب أن تذكِّر نفسك أنَّك لم تولد وأنت تشعر بهذه الطريقة؛ فربما في وقت ما في الماضي، قدَّم لك شخص ما، أو تجربة سابقة، رسالةً مفادها أنَّ ثمَّة شيئاً خاطئاً فيك، واستوعبت هذه الكذبة وقبلتها على أنَّها حقيقتك، لكن هذه ليست حقيقتك، وهذه الأحكام ليست عنك، وبنفس الطريقة التي تعلَّمت بها التفكير بطريقة سلبية عن نفسك، يمكنك تعلم التفكير بطريقة جديدة وإيجابية مع تقديرٍ للذات.

يمكنك أن تتعلَّم تحدي هذه المعتقدات الخاطئة، وتجريدها من قوتها، واستعادة احترامك لذاتك، فلن يكون الأمر سهلاً، ولن يحدث بين عشية وضحاها، ولكنَّه ممكن، ويبدأ عندما تقرِّر أنَّه يجب أن تكون لديك طريقة أفضل للعيش، وأنَّك تستحق اكتشافها.

إقرأ أيضاً: كيف يتعامل الأذكياء عاطفياً مع الأشخاص السلبيين؟

في الختام:

قد يساعدنا الاعتناء بصحتنا العاطفية على تحقيق أقصى استفادة من الحياة، فعندما نشعر بالاستقرار العاطفي، نشعر بمزيد من التركيز والتواصل مع حدسنا، ونصبح أكثر إنتاجية، وأفضل في اتخاذ القرارات، وأكثر حضوراً، وأكثر رضى.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح تساعدك على التعامل مع الأشخاص غير الأذكياء عاطفياً

الآن بعد أن غطينا ثمانية من "المحظورات" الكبيرة، فلنختتم ببعض الأشياء السريعة التي عليك فعلها لتحسين ثباتك العاطفي وسلامتك العامة:

  1. أن تفهم أنَّ المشكلة ليست هي المشكلة بحد ذاتها؛ بل تكمن في المقدار الهائل من الإفراط في التفكير فيها.
  2. أن تدرك أنَّ مجرد قدرتك على فعل شيء ما لا يعني أنَّه يجب عليك ذلك، ولا يعني أنَّه يستحق وقتك فقط لأنَّه عمل سهل؛ لذا افعل ما هو صحيح في الحياة، وليس ما هو سهل.
  3. أن تعرف أنَّ ثمَّة فرقاً كبيراً بين التعب جرَّاء أمور فارغة وبسيطة، وبين الإرهاق الناتج عن العمل المُرضي، فالحياة قصيرة جداً؛ لذا استثمر أكثر في الأنشطة التي تهتم بها.
  4. أن تعترف عندما تكون مخطئاً، ثم تبنَّى حقيقة أنَّك أكثر حكمة الآن ممَّا كنت عليه من قبل.
  5. أن ترفض حتى يكون للقبول مزيداً من الجاذبية.
  6. أن تشغل نفسك جداً في حب الأشخاص الذين يحبونك بحيث لا يكون لديك وقت للقلق بشأن الأشخاص القلائل الذين لا يحبونك دون سبب وجيه.
  7. أن تُركِّز على أن تكون مستمتعاً أكثر من كونك مسلياً.
  8. أن تعبِّر عن امتنانك، وتقدِّر مدى ثرائك، فأسرتك وأصدقاؤك لا يقدَّرون بثمن، ووقتك من ذهب، وصحتك ثروة حقيقية.
  9. أن تدرك أنَّه إذا كان عشب الحديقة يبدو أكثر خضرة لدى جارك، فقد حان الوقت للتوقف عن التحديق والمقارنة، والتوقف عن الشكوى، والبدء في سقي العشب الذي تقف عليه أنت.
  10. أن تكون كبيراً بما يكفي لتقدير حريتك، وشابَّاً بما يكفي للاستمتاع بها.
  11. أن تنظر إلى التحولات في الحياة بوصفها فرصة مثالية للتخلي عن موقف واحد وتقبُّل شيء أفضل في طريقك.



مقالات مرتبطة