7 قواعد هامة لفهم الناس

قد يبدو العنوان مبالغاً فيه، ومن الواضح أنَّه ما من شيء أكثر تعقيداً من السلوك البشري، لكن على الرَّغم من ذلك، يرتكب معظم الناس الأغلاط نفسها، وهذه الأغلاط متكررة لدرجة أنَّها تؤدي إلى صراعات فيما بعد.



لذا سنتحدث في هذا المقال عن سبع قواعد ستساعدك على تجنب هذه الأغلاط، ومن الصفات التي نتصف بها نحن البشر هي أن نكون لطيفين وودودين ومثيرين للاهتمام، وتتحدث معظم الكتب التي ستقرأها عن طريقة التعامل مع الناس عن أمرين:

  1. أمور واضحة جداً، والتي يفهمها معظم الناس العقلاء، وإن لم يتقنوها دائماً، مثل: أن تكون لطيفاً أو مراعياً لمشاعر الآخرين، وما إلى ذلك.
  2. نظريات غريبة، ومعقدة قد تفسر بعض السلوك، لكن يصعب تعميمها.

يوجد بين هذين الأمرين فجوة في المعلومات؛ أي يمكن تطبيقها عموماً، ولكنَّها ليست واضحةً دائماً، وتميل هذه الأغلاط المتكررة إلى إحداث صراعات لدى معظم الناس وأغلاط اجتماعية واضطرابات عاطفية.

القواعد السبع لفهم الناس:

القاعدة الأولى: عدم الخلط بين الحقد والغرور:

لا يهتم الناس بك؛ وذلك ليس لأنَّهم لئيمون أو مؤذون؛ وإنَّما ببساطة؛ لأنَّهم يركِّزون غالباً على أنفسهم؛ لذا ضع في حسبانك هذا المخطط الافتراضي الذي يوضح مجموعة متنوعة من الأفكار التي يمتلكها الشخص العادي:

تقسم طريقة التفكير لدى الناس إلى: 10% تعاطف، و30% علاقات، و60% توجيه ذاتي.

في هذا المثال، 60% من الأفكار موجهة ذاتياً، وتشمل الأهداف، والمشكلات، والمشاعر، و30% موجهة نحو العلاقات، وكيف تؤثِّر فينا، على سبيل المثال ما رأي فلانٍ بي؟ كيف سيُقيِّم المدير أدائي في المراجعة التالية؟ هل يحبني أصدقائي أو يرونني شخصاً مزعجاً؟

والـ 10% الأخيرة في هذا النموذج هي الوقت الذي نقضيه في التعاطف، فهو حدث نادر؛ إذ يشعر الشخص بمشاعر ومشكلات ووجهات نظر شخص آخر؛ لذا بدلاً من السؤال عن رأي فلانٍ عني، اسأل ما الذي يفكر فيه؟

ضمن هذه النسبة، يقسِّم معظم الناس الاهتمام بين مئات الأشخاص الآخرين الذين يعرفونهم؛ ونتيجةً لذلك، ستشغل جزءاً بسيطاً من أذهان معظم الناس، وستكون النسبة المخصصة لعلاقة ارتباط متينة أقل بكثير، وإن كنت تشغل أفكار أشخاص آخرين، فهذه هي الطريقة التي تؤثِّر بها علاقتك فيهم وليس فيك.

ماذا يعني هذا الأمر؟

  1. الإحراج أمر غير منطقي، ولأنَّ الآخرين يركِّزون جزءاً صغيراً فقط من أفكارهم في الحكم عليك؛ فإنَّ حكمك على الذات يكون أكبر بكثير.
  2. الأشخاص الذين يُظهِرون أنَّهم لئيمون أو مؤذون لا يفعلون ذلك عادةً عن قصد، إذ يوجد استثناءات لذلك، لكن عموماً إنَّ الأذى الذي تشعر به هو أحد الآثار الجانبية وليس السبب الرئيسي.
  3. مهمتك هي الحفاظ على العلاقات؛ فلا تنتظر حتى يدعوك الآخرون إلى الحفلات أو حتى يقترب منك الناس.

القاعدة الثانية: قليل من السلوكات الاجتماعية واضحة

تعني هذه القاعدة أنَّ معظم النيات وراء أفعالنا مخفية؛ فإذا كان الشخص يشعر بالاكتئاب أو الغضب، فعادةً ما تؤدي السلوكات الناتجة إلى تشويه مشاعره الحقيقية، فإذا شعرت أنَّ أحدهم يتجاهلك، فقد تبقى صامتاً لكنَّك تتجاهله لاحقاً.

النكتة القديمة هي أنَّ النساء يستخدمن بعض الكلمات مثل "حسناً" و"استمر" عندما يشعرن بخلاف ذلك حقاً، ولكنَّك ستلاحظ أنَّ الرجال يفعلون ذلك أيضاً في المواقف المهذبة، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بنفس الطريقة.

لتطبيق هذه القاعدة تحتاج إلى التركيز على التعاطف، وليس مجرد الإصغاء إلى شخص ما؛ لذا أظهر الثقة، وابنِ علاقة، وتعلَّم البحث والاستكشاف، فبالتركيز على التعاطف، يمكنك التخلص من المشاعر السلبية، والوصول إلى جوهر المشكلة بسرعة.

التطبيق الآخر لهذه القاعدة، هو أنَّه في معظم الأوقات التي تشعر فيها بأمر ما، لن يعرف به أحد آخر غيرك؛ لذلك لا تغضب عندما لا يستجيب لك الناس.

القاعدة الثالثة: السلوك يمليه إلى حدٍّ كبير الإيثار الأناني

إنَّ القول: إنَّ كلَّ شخص أناني تماماً هو أمر مبالغ فيه، فهذا الأمر يؤدي إلى تجاهل كلِّ أعمال اللطف والتضحية والمحبة التي تجعل العالم ينجح، لكن تعمل معظم السلوكات انطلاقاً من مبدأ الإيثار الأناني.

الإيثار الأناني هو في الأساس تحقيق الفائدة لجميع الأطراف، والطريقة التي تساعد بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

شاهد بالفيديو: ما هي مهارات التواصل الفعال؟

يوجد 4 فئات أساسية ينطبق عليها ذلك:

1. الصفقات:

إذا اشتريت سيارةً، ستستفيد أنت والتاجر؛ إذ ستحصل على سيارة تريدها، وسيحصل التاجر على المال لتحسين حياته؛ فهذا هو الشكل السائد للإيثار الأناني بين الأشخاص الذين لا يمتلكون روابط عاطفية.

2. الأسرة:

إنَّ عائلة الإنسان أهم من علاقاته واحتياجاته، ولقد خُلِقنا لحماية الأشخاص الذين يشاركوننا جيناتنا، ويمكن أن يشمل هذا أحياناً الأصدقاء المقربين والأحبَّاء.

3. الحالة:

إنَّ مساعدة شخص ما هي علامة على القوة؛ إذ ستقدم معظم أنواع الرئيسيات المساعدة بوصفها دليلاً على الهيمنة، ويتصرف الناس بالمثل ويقدمون المساعدة لتعزيز احترامهم لذاتهم وسمعتهم.

4. المعاملة الضمنية بالمثل:

تستند معظم العلاقات إلى فكرة أنَّك إذا ساعدت أحدهم، فسيساعدك يوماً ما أيضاً.

قد يقع السلوك خارج هذه المجموعة، على سبيل المثال، أبطال مجهولون يموتون لأسباب لا تساعد سلالتهم، أو المتطوعون الذين يكرسون وقتهم للبعثات الإنسانية لكنَّهم الأقلية، في حين أنَّ معظم الإجراءات يمكن تفسيرها على أنَّها  شكل من أشكال الإيثار الأناني.

كيف تُطبَّق هذه القاعدة؟ أنت تفهم دوافع الناس، وتناشدهم كما لو أنَّهم أنانيون؛ لذا ابحث عن طرائق لمساعدة الأشخاص ضمن هذه الفئات الأربع، ولا تتوقع من الناس تقديم المساعدة بعيداً عن الإيثار الأناني، فهذا الأمر ليس مستحيلاً، لكنَّه غير محتمل.

القاعدة الرابعة: الناس لديهم ذاكرة ضعيفة

هل أخبرك أحدهم عن اسمه في إحدى الحفلات ثم نسيته لاحقاً؟ قاعدة أخرى للسلوك البشري هي أنَّ الناس يجدون صعوبة في تذكُّر الأمور، وتحديداً المعلومات التي لا تنطبق عليهم، ومن المحتمل أن يتذكر الناس أوجه التشابه لديك أكثر من اختلافاتك ما لم يكونوا غاضبين منها عاطفياً.

الحقيقة هي أنَّ معظم الناس ينسون بطبيعتهم؛ لذلك مرةً أخرى لا تفترض الحقد أو اللامبالاة إذا نسي الآخرون أمراً ما، والجانب الآخر من هذه القاعدة هو أنَّه يمكنك إثبات المصداقية بتعزيز ذاكرتك.

القاعدة الخامسة: جميع الأشخاص عاطفيون

ربما يكون هذا الأمر مبالغ فيه، لكنَّ جوهر الرسالة هو أنَّ الناس يميلون إلى أن تكون لديهم مشاعر أقوى تجاه أمر ما أكثر ممَّا يدَّعون، فإنَّ الأشخاص الذين يغضبون فجأةً أو يكتئبون أو يتحمسون كثيراً، يكونون مستائين عموماً في معظم الحالات، وينطبق هذا الأمر تحديداً على الرجال.

تطبيق هذه القاعدة، هو عدم افتراض أنَّ كلَّ أمر بخير لمجرد أنَّ شخصاً ما لا يعاني من انهيار عصبي، فلدينا جميعاً مشكلاتنا الفردية ومشاعر القلق والاضطرابات التي نحتويها عادةً، لذلك أنت لا تحتاج إلى انتقاد الناس بشأن خداعهم، لكن أن تكون شخصاً حساساً تجاه تلك الأمور الأساسية يمنحك ميزةً في محاولة المساعدة.

التطبيق البديل لهذه القاعدة مماثل للقاعدة الثانية؛ إذ يفترض الناس عموماً أنَّ كلَّ أمر يسير على ما يرام إلا إذا وصلت لمرحلة الغضب.

القاعدة السادسة: الناس وحيدون

هذا تعميم آخر واسع النطاق، لكن من المدهش كم من الناس الذين يبدو أنَّهم يمتلكون كلَّ شيء، يعانون من نوبات من الوحدة؛ فالناس حساسون بصورة خاصة تجاه التهديدات، ويخشون أن ينبذهم الآخرون، وفي العصر البدائي للبشرية، كان المنفى يعني الموت؛ لذلك فإنَّ الشعور بالوحدة والرغبة في الوجود مع الآخرين هو أمر بالغ الأهمية.

تطبيق هذه القاعدة هو أنَّ الشعور بالوحدة أمر شائع إلى حد ما؛ لذلك أنت لست وحدك حقاً، ويمكن أن تتضايق عندما تشعر بالوحدة أو أنَّك غريب في مجموعة اجتماعية، وعلى الرَّغم من أنَّك ما زلت إنساناً، إلا أنَّك ستجد الاعتراف بهذا الشعور أمراً شائعاً بوصفه وسيلة لتقليله إلى أدنى حدٍّ ممكن.

إقرأ أيضاً: مهارات التواصل وطرق تطويرها وتنميتها

القاعدة السابعة: الناس مهووسون بأنفسهم

قد يبدو هذا كأنَّه تكرار للقاعدة الأولى، لكنَّ التطبيقات تتجاوز العلاقات وحالتك العاطفية، فإنَّ حقيقة أنَّ الناس يميلون إلى الاهتمام بأنفسهم ولا يهتمون بك، وبأنَّهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر وحدةً وأكثر عاطفيةً، ويشعرون بطريقة مختلفة عمَّا يتظاهرون؛ تنطبق على الطريقة التي تنظر بها إلى العالم.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح بسيطة لتحسين مهاراتك في التعامل مع الناس

في الختام:

إذا كان يمكن الخروج من هذا المقال بأية نتيجة، فهي أنَّ هذا المنظور يجب أن يجعلك مُبادِراً وأكثر استقلالية، وبعد أن تبدأ بتعلُّم هذه القواعد حقاً، سيكون من المنطقي أن تتولى المسؤولية، وعندما تربط سعادتك بالآخرين؛ فإنَّك تتجاهل كلَّ هذه القواعد، وتفعل ذلك على مسؤوليتك الخاصة.

يبذل الناس قصارى جهدهم عموماً، لكنَّهم يرتكبون الأغلاط ويعانون من حبِّ الذات غير المقصود، وبعبارة أخرى هم في الأساس مثلك.

المصدر




مقالات مرتبطة