7 دروس تقدمها أمّ لطفلة مصابة بمتلازمة داون

حينما علِمَت هذه الأم أنَّ ابنتها مصابٌةٌ بمتلازمة داون أُصيبَت بصدمة، وبعد أربع سنواتٍ تتذكَّر ما حدث، وتتمنى لو أنَّ هناك من شجَّعها بهذه الدروس السبعة. ديانا أمٌّ لطفلين صغيرين، أديسون التي تبلغ من العمر 3 أعوام والمصابة بمتلازمة داون، وكارتر البالغ من العمر عامين. وهي تنتظر الآن طفلاً ثالثاً في شهر أيلول. كانت ديانا معلمة موسيقى في المدرسة الثانوية قبل أن تصبح ربَّة منزلٍ ملازمةً لبيتها، وهي تروي في مدوَّنتها رحلة الأمومة التي رَعَت فيها طفلتها المصابة بمتلازمة داون.



تقول ديانا: لو كان بإمكاني الرجوع بالزمن، والعودة لعيش لحظةٍ واحدةٍ من الماضي؛ لاخترت بلا شكٍّ اللحظة التي تلقيتُ فيها مكالمةً قبل أربع سنوات، وسمعتُ فيها العبارة التالية: "طفلتك مصابةٌ بمتلازمة داون". وقتها، استلقيتُ على الأريكة والدموع تنهمر من عيني، وأحسست أنَّ حياتي قد تحطَّمَت تماماً. لم أشعر قَطُّ بشعورٍ مماثل.

حينما تلقيتُ تشخيص حالة ابنتي، الذي سبق ولادتها، أتذكَّر أنَّني أحسست بيأسٍ حطَّم روحي. يئست بسبب الحياة التي تنتظر ابنتي، ومما كان يعنيه التشخيص لي كأُمّ، ويئست لأنَّ حياة عائلتي ستكون مختلفةً عن الحياة التي كنت أتخيلها. لقد غيَّرتني تلك المكالمة إلى الأبد.

لكنَّني حينما أتذكَّر الآن تلك اللحظة التي كانت قبل أربع سنوات، أرغب في أن أستبدل القلق، والحزن، والغضب؛ بمشاعر مختلفة، مشاعر مُفعمةً بالأمل.

ثمَّة أمورٌ لم أكن أعلمها في ذلك الوقت. ففي تلك المرحلة، كان لديّ صورةٌ نمطيّةٌ عن متلازمة داون؛ صورة حياةٍ لا أمل فيها، حياة أقضيها محتجزةً في زاوية، ولا أملك فيها وقتاً للتفكير أو الإحساس، أو لعَيش حياةٍ حقيقية. جعلني النظر إلى متلازمة داون نظرةً مبنيةً على أفكارٍ لا أساس لها من الصحة، أتخيَّل واقعاً كئيباً وحزيناً، والذي تبيَّن لي لاحقاً ألَّا وجود له.

لو كان بإمكاني العودة إلى الماضي، وعيشَ لحظة ما مرة أخرى، لاقتنَصتُ هذه الفرصة لأتعلَّم هذه الدروس السبعة التي تعلمتها منذ ذلك اليوم:

1- طفلكِ هو طفلٌ أوَّلاً:

طفلكِ هو من تلدين، وليس متلازمة داون. إنَّه طفلكِ المميز الذي يشبهكِ، ويشبه عائلتكِ، ويمتلك بعض الصفات التي تشبه صفات أطفالٍ آخرين مصابين بهذه المتلازمة. من المذهِل أن يشبه أحد طفلَيَّ الآخر، على الرغم من أنَّ أحدهما مصابٌ بمتلازمة داون، والآخر غير مُصابٍ بها. ليس ضروريَّاً أن تُحبِّي تلك المتلازمة حتى تُحبِّي طفلكِ، ركزي اهتمامك على الحياة عوضاً عن تركيزك على نوع المرض الذي يعانيه ابنك.

2- الأطفال المصابون بمتلازمة داون يحققون ما يحققه الأطفال العاديون:

إذا كان لديك إخوانٌ أو أخواتٌ أو أصدقاءٌ أنجبوا أطفالاً في الوقت نفسه الذي أنجبتِ فيه طفلك، فقد تقعين في مصيدة الموازنة. لا توازني طفلكِ بالأطفال الذين ينمون نموَّاً طبيعيَّاً، دوِّني، عوضاً عن ذلك، الإنجازات التي يحققها، ولا تقلّلي من شأنها عن طريق موازنتها بإنجازات الآخرين. قد تحتاج الإنجازات التي يحققها الطفل المصاب بمتلازمة داون إلى وقتٍ أطول قليلاً، لكن حينما يحققها في نهاية المطاف سيكون الاحتفال بها سارَّاً جدَّاً.

إقرأ أيضاً: أهم النصائح للتعامل مع الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة

3- ثمَّة الكثير من الدعم والمساعدة اللّذين يمكن أن يُقدَّما إليكِ:

ثمَّة دائماً أشكالٌ من الدعم تُقدَّم إلى الأبوين اللذين يملكان طفلاً ذا احتياجاتٍ خاصة، يمكنكِ، على سبيل المثال، تسجيل الطفل في برامج "التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة" (Early Intervention) منذ بلوغه الستة أسابيع. "التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة" يعني: التدخُل لتعزيز نمو الطفل وتطوره، حيث يشارك في الخدمات المُقدَّمة في هذا البرنامج عديدٌ من الخبراء المختلفين، من ضمنهم أخصائيون في: المهارات الحركية، واللغة، والتواصل، والتعلُّم، والنمو الاجتماعي العاطفي. يبدأ الطفل بتلقي علاجاتٍ تساعده في تحقيق الإنجازات بسرعةٍ وبشكلٍ صحيح، وهذا يمهِّد له الطريق نحو التعلُّم مستقبلاً.

4- ثمَّة الكثير من جوانب الجمال لدى الأطفال المصابين بمتلازمة داون:

يُذهلني جمال ابنتي في كثيرٍ من الأحيان: عيناها المشرقتان اللتان تشبهان حبَّتَي اللوز، والملوَّنتَان بلون عينَي أبيها نفسه، وابتسامةٌ آسرةٌ تتحوّل في كثيرٍ من الأحيان إلى ضحكةٍ مُعدِيةٍ تُذوِّب أقسى القلوب أمامها، ويدان صغيرتان تسارعان في البحث عن التخريب قبل أن تطلبا السماح، وفراغاتٌ جميلةٌ بين أصابع قدميها اللتين يليق بهما الصندل تماماً. تخلصي من الصورة النمطية التي رسمها عقلكِ لواقع الحياة مع الأطفال المصابين بمتلازمة داون، وتعرَّفي فعلاً إلى الشخص المختبئ خلف تلك الصفة.

5- يُحِسُّ الأطفال المصابون بمتلازمة داون بمجموعة واسعة من المشاعر:

قد تسمعين من يقول لكِ أنَّ طفلكِ سيكون "سعيداً دائماً"، وهذا يمكن أن يجعله أقلَّ شبَهاً بالبشر، لكنَّ طفلك سيُحِسُّ حقيقةً بجميع أنواع المشاعر من: سعادةٍ، وحزنٍ، وسخافةٍ، وغضبٍ، وتذمُّرٍ، وهياجٍ، وبهجة؛ حاله حال أيِّ شخصٍ آخر.

6- استثمري إحباطكِ في ابتكار طرائق تعليم جديدة:

تقبَّلي حالات الإحباط الخاصة التي قد تصيبكِ، واعلمي أنَّ كلّ طفلٍ يتعلّم بطريقةٍ مختلفةٍ عن طرائق الأطفال الآخرين. إذا كان طفلكِ يواجه مشكلةً في التواصل الشفهي، على سبيل المثال، علِّميه لغة الإشارة، إذ أنَّها تُعَدُّ أداةً رائعةً تتيح حتّى للأطفال الصغار جدَّاً التعبير عمَّا يريدون.

إقرأ أيضاً: أساليب تربية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة

7- متلازمة داون لا تحدّد شكل حياة طفلكِ بأكملها:

لن يسيطر خبر إصابة ابنكِ بمتلازمة داون على حياتك كلِّها، وسيصبح في النهاية جزءاً طبيعيَّاً من حياة العائلة. ستَمُرِّين بأيامٍ سيئةٍ لا علاقة لحالة ابنكِ بها، وستُبكِيك وتُضحككِ أشياء أخرى مراراً وتكراراً. ستستمتعين كثيراً بحياة طفلك بعيداً عن الكروموزومات، أو العلاج، أو مواعيد الأطبَّاء.

أنا مندهشةٌ اليوم من مقدار الأمل الذي يعتريني؛ لديّ أملٌ بمستقبل ابنتي أديسون، وبالحماسة التي تتحلّى طفلتي بها تجاه الاستمتاع بحياتها الخاصة، وبقدرتها على إنجاز كلِّ ما تتطلَّع إلى إنجازه. لقد زودني مرضها بآفاقٍ جديدة، وطرائقَ لممارسة الامتنان، وجعلني أنظر إلى الأمور الصغيرة بمزيدٍ من التقدير.

 

المصدر




مقالات مرتبطة