7 استراتيجيات إرشادية للنجاح في الحياة - الجزء الأول

يبدو أنَّ اكتشاف ما تريد القيام به في الحياة هو أحد الأسئلة الأكثر شيوعاً في مجال التنمية الشخصية؛ إذ يشعر كثير من الناس بالضياع، ولا يعرفون ماذا يريدون من حياتهم، وقد أُلِّفَت الكثير من الكتب حول إيجاد شغفنا وهدفنا، وهناك الكثير من ندوات اكتشاف الذات في كل مكان، ولكن ما يزال الكثير من الناس في حيرة من أمرهم بشأن ما يريدون القيام به في الحياة. إذا كنتَ أحد هؤلاء الأشخاص ولا تعرف ماذا تفعل في الحياة، فلا تقلق؛ لأنَّ هذا المقال سيساعدك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب شون ليم (Shawn Lim) والذي يُحدِّثنا فيه عن طرائق عدَّة تساعدنا على معرفة ما نريده من الحياة بالضبط، وتدلنا على طريق النجاح.

يسعى معظم الناس إلى النجاح في الحياة، ومن السهل أن نقول إنَّنا جميعاً نريد أن نكون ناجحين في كل ما نقوم به، ولكن ماذا يعني النجاح وكيف يبدو؟

يختلف معنى النجاح من شخص لآخر، لأنَّ كل شخص يفكر بطريقة مختلفة عن الآخر، حيث يُقدِّر بعض الناس الأمن والأمان، ويُقدِّر بعضهم الآخر المغامرات والإبداع، وهذا هو السبب في أنَّ رغباتنا قد لا تعكس رغبات الآخرين.

فإن كنتَ ترغب في معرفة ما تريد القيام به في حياتك، فإنَّ القاعدة الأولى التي يجب عليك الالتزام بها هي تجاهُل آراء الآخرين وعدم مقارنة نفسك بهم.

القاعدة الأولى لاكتشاف الذات، "استمِع إلى نفسك":

هذه هي حياتك وأنت مَن يعيشها؛ وبالتالي، يجب أن تعيشها بالطريقة التي تريدها أنت، وليس كما يريدها الآخرون.

ما زلتُ أذكر قبل دخول الجامعة كيف كنتُ أشعر بالضياع، وأنَّه لم يكن لدي أيَّة فكرة عن الاختصاص الجامعي الذي يجب أن أدرسه أو الجامعة التي يجب أن أتقدم إليها.

إذاً، ماذا فعلتُ؟ أخذتُ بنصيحة والديَّ واستمعتُ إلى ما قاله لي معظم أصدقائي، واخترتُ دراسة الهندسة المدنية في جامعة محلية، لأصبح مهندساً في المستقبل.

لقد اخترتُ الاختصاص الجامعي بناءً على توصية عائلتي وأصدقائي. بالمناسبة يعمل والدي مقاولاً في قطاع البناء منذ عقود، فهل تساءلتَ يوماً لماذا انتهى بي المطاف باختيار الهندسة المدنية؟

أنا لا أقول إنَّ تأثير الأسرة أو الأصدقاء سيء، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعثور على مهنتنا أو هدفنا أو ما نريد القيام به في الحياة، يجب أن نستفتي قلبنا، وللقيام بذلك، يجب ألا نسمح لآراء الآخرين بالتأثير فينا. بالمناسبة، لم أمارس الهندسة، ولم أتولَّ أيَّة وظيفةٍ في قطاع البناء، فقد أصبحتُ مدوناً ومسوِّقاً عبر الإنترنت، وها أنت ذا تقرأ مقالي هذا.

وُصِفَ المحاضر التحفيزي الشهير "لس براون" (Les Brown) ذات مرة بأنَّه "مضطرب ذهنياً" خلال دراسته في المدرسة الابتدائية، ونتيجة ذلك، بدأ الشاب حياته وهو يشعر بضعف احترام الذات والثقة بالنفس.

حتى أنَّ الناس اقترحوا عليه العمل في مكتب البريد أو الانتساب إلى الجيش لأنَّه لم يكن ذكياً بما يكفي، ويجب عليه ممارسة الأعمال التي لا تحتاج إلى إبداع؛ فكانت النتيجة أن صدَّقَ "لس" آراء الآخرين، وظنَّ أنَّه لم يكن جيداً بالفعل، وأنَّه لن يُحقِّق أي شيء، ولكن لحسن حظه، شجَّعَته والدته، والتقى بمُعلِّم غيَّر حياته إلى الأبد، لقد أخبره مُعلِّمه شيئاً غيَّر طريقة تفكيره في حياته، حيث قال له: "لا تدع آراء الآخرين تصبح واقعاً تعيشه".

منذ ذلك الحين، قرَّر "لس" الوثوق بنفسه وبقدرته على النجاح في الحياة، وبأنَّه يستحق أن يُحقِّق نجاحاً مذهلاً مثل الآخرين، وقد فعل ذلك، حيث أصبح محاضراً تحفيزياً شهيراً، وسافر وألقى خطابات حول العالم، وأثَّرَت قصته وألهمَت الملايين، بمَن فيهم أنا.

إذاً، الدرس الأول، إذا كنتَ تريد معرفة ما تريد القيام به في حياتك، فلا تلتفت أبداً إلى آراء الآخرين فيك، ولا تقارن نفسك بهم، وبمجرد أن تفهم هذه القاعدة الأساسية، تبدأ الخطوة التالية باكتشاف شغفك، وهدفك، وما تريد القيام به في حياتك.

سنتعرف إلى 7 استراتيجيات للنجاح في الحياة، وسنتعرف إلى إيجابيات كلٍّ منها وسلبياتها، وقد يتطلب بعضها وقتاً أطول من بعضها الآخر، ولكن في النهاية، العثور على هدفك وما تريد القيام به في الحياة ليس نزهةً قصيرة؛ بل هو رحلةٌ طويلة؛ لذا، حاوِل تخصيص الكثير من الوقت لكل استراتيجية، فالهدف هو أن تفهم نفسك حقاً، وهذه ليست منافسةً تقتصر على زمن معيَّن، وما عليك سوى أن تستمتع في رحلة اكتشاف الذات، وعندما تكتشف ما تريد أن تفعله في حياتك، لن يقف في طريقك أي شيء.

إقرأ أيضاً: إدارة الذات - أول طريق النجاح

1. استخدام تقنية السماء الزرقاء للتفكير:

تعني هذه التقنية ببساطة الأفكار الإبداعية التي لا تُقيِّدها الأفكار أو المعتقدات الحالية؛ أي التفكير غير المحدود الذي يوحي لك بأنَّ كل شيء ممكن، وهي فكرة رائعة لتوليد الأفكار وتصوُّر نفسك في المستقبل البعيد حتى تتمكن من اكتشاف ما تريده من حياتك.

يُقيِّد الناس أنفسهم في كثيرٍ من الأحيان بالافتراضات وبظروف حياتهم الحالية؛ فيقولون مثلاً:

  • أحتاج إلى العمل الجاد لكسب المال الذي يُمكِّنني من عيش الحياة التي أريدها.
  • لن تسمح لي زوجتي بفعل هذا أبداً.
  • أحتاج إلى قضاء المزيد من الوقت مع أطفالي وعائلتي.
  • سأكون طاعناً في السن بحلول الوقت الذي أحقق فيه هدفي أو أحقق هذا التغيير.
  • لا أمتلك المُقوِّمات اللازمة، ولا أجيد المهارات التقنية.
  • ليس لديَّ منتج ولا أعرف كيف أصنعه.
  • ليس لديَّ وقت لممارسة الرياضة، ناهيك عن بدء عمل تجاري عبر الإنترنت.
  • أنا مديون ولديَّ الكثير من الالتزامات، لذلك ليس لديَّ رأس مال للبدء.

هذه بعض القيود الأكثر شيوعاً التي تمنعنا من تصوُّر المستقبل الذي نريده، ومن هنا تأتي أهمية التفكير باستخدام تقنية السماء الزرقاء؛ إذ عليك التخلص من هذه الافتراضات والقيود من أجل معرفة ما تريده حقاً من حياتك. هناك تمرينان يمكِنك القيام بهما لإطلاق العنان لقوة التفكير باستخدام تقنية السماء الزرقاء:

  • سؤال المئة مليون دولار.
  • تمرين الخمس سنوات.

لنلقي نظرةً على كل منهما بالتفصيل.

سؤال المئة مليون دولار:

"إذا كان لديك 100 مليون دولار في حسابك المصرفي الآن، فماذا ستفعل؟".

يُعدُّ هذ السؤال أحد أقوى الأسئلة لاكتشاف الذات؛ فالسبب وراء معظم قيودنا وافتراضاتنا هو القيود المالية، وعندما نُخرج المال من المعادلة، نُتيح لأنفسنا التفكير بصورة أفضل وبلا قيود.

إذاً ماذا ستفعل إن كان لديك 100 مليون دولار في حسابك المصرفي الآن؟

  • هل ستوزع المال؟ وكيف ستوزعه؟
  • هل ستمنح جزءاً منه لأفراد عائلتك؟
  • هل ستتبرع بجزء منه إلى الجمعيات الخيرية؟
  • الآن، بعد أن أصبح لديك 100 مليون دولار، هل ستظلُّ تعمل في الشركة نفسها؟
  • هل ستبدأ عملاً تجارياً؟ ما هو؟
  • هل ستذهب في رحلة حول العالم؟
  • هل ستزور معرض السيارات غداً وتشتري سيارة أحلامك؟
  • هل ستنشئ مُدوَّنةً وتشارك العالم تجربة سفرك؟
  • هل تريد أن تصبح مؤثراً من خلال تطبيق "يوتيوب" (YouTube) ومشهوراً عبر الإنترنت؟
  • هل ستبقى في منزلك، أم ستنتقل إلى مدينة أخرى أو مكان بعيد؟
  • هل ستستمر في تحضير طعامك بنفسك لأنَّك تحب الطهي، أم أنَّك ستوظف شخصاً للقيام بذلك؟

هذه ليست سوى بعض الأسئلة لإثارة إبداعك.

الآن، خذ هذا التمرين على محمل الجد، فإن كنتَ تريد حقاً معرفة ما تريد القيام به في الحياة، فيجب أن تكون جاداً بشأن ذلك.

دوِّن ما ستفعل إذا كان لديك 100 مليون دولار في حسابك المصرفي الآن، ولكن توقَّف عن التفكير في أنَّ هذا لن يَحدث أبداً، أو أنَّه ليس حقيقياً، فمبلغ المئة مليون دولار هو مجرد فكرة لإخراج القيود المالية من هذا التمرين.

أعتقد أنَّنا جميعاً لدينا قيود والتزامات مالية في الحياة، وبسبب هذه القيود، غالباً ما نصبح "واقعيين" أكثر من اللازم، حيث نقول لأنفسنا: إنَّ السفر غير ممكن لأنَّنا لا نملك الميزانية، أو ليس لدينا الوقت لأنَّ الموارد البشرية لن توافق على منحنا إجازة أبداً.

انسَ كل هذه القيود أو الحدود التي تمنعك، فبعد أن أصبح لديك بالفعل 100 مليون دولار في حسابك المصرفي، يمكِنك أن تعيش حياتك كما يحلو لك.

هل ستستيقظ الساعة 6 صباحاً كل صباح، أم ستنام حتى تأخذ كفايتك من النوم؟ هل ستعيش حياةً مترفة أم تُفضِّل أسلوب حياة مقتصد؟ فكِّر في الأمر، وتخيَّل فقط أنَّ لديك 100 مليون دولار، والمال ليس مشكلة على الإطلاق، والسؤال هو، ماذا ستفعل؟ كن جاداً، واكتب إجاباتك، وفكِّر في الإجابات المخزنة في أعماقك.

شاهد بالفديو: كيف تتجاوز صعوبات الحياة بنجاح؟

تمرين الخمس سنوات:

يُعدُّ هذا التمرين سهلاً وبسيطاً؛ إذ ما عليك سوى الإجابة عن هذا السؤال: "أين ستكون وماذا ستفعل خلال السنوات الخمس المقبلة؟".

إنَّ سبب اختيار 5 سنوات بالتحديد هو أنَّ هذه المدة ليست طويلةً جداً ولا قصيرةً جداً، فمِن الجيد معرفة إلى أين سنذهب وما سنفعله في المستقبل.

إذا حاولتَ أن تتخيَّل أين ستكون خلال العشرين عاماً القادمة، فقد تكون الإجابة غامضةً للغاية، وقد لا تعرف من أين تبدأ، وإذا تخيَّلتَ المكان الذي ستكون فيه خلال العام أو العامين القادمين، فقد لا تعكس إجابتك حقاً ما تريده لأنَّك ستعتمد على ظروف حياتك الحالية كون الإطار الزمني قصير جداً؛ لذلك، 5 سنوات هو إطار زمني جيد كبداية.

طبِّق هذا التمرين كما فعلتَ مع سؤال المئة مليون دولار، واكتب أفكارك.

  • أين ترى نفسك في السنوات الخمس المقبلة؟
  • هل ستكون في عملك ذاته في الشركة ذاتها؟ أم سيكون لديك عملك الخاص؟
  • هل ستكون في مكانك ذاته أم في مكان آخر؟
  • هل ستستمر في قيادة سيارتك ذاتها، أم سيكون لديك سيارة أحدث وأكثر فخامةً؟

لا يهم إذا كانت إجاباتك واقعيةً للغاية أو غير واقعية؛ فالمهم هو تطبيق التمرين حتى يتكون لديك فكرة عما تريد أن تفعله في حياتك.

ما تريده هو معرفة وجهتك، ولا يهم إذا كنتَ لا تعرف كيفية الوصول إلى هناك، "الكيفية" ليست القضية الرئيسة هنا، والأمر الذي يجب أن تركز عليه هو "أين" - إلى أين تريد أن تصل في غضون 5 سنوات؟ تحتاج إلى فكرة وخطة أولية ورؤية لما ستكون عليه حياتك في المستقبل، وليس خطة مفصلة لتحقيق ما تريد.

إذاً، أين ترى نفسك في السنوات الخمس المقبلة؟

في الختام:

تحدَّثنا في هذا الجزء عن خطوة اكتشاف الذات، وعن الاستراتيجية الأولى للنجاح في الحياة، وسنتناول في الجزء الثاني الحديث عن بقية الاستراتيجيات.

 

المصدر




مقالات مرتبطة