6 طرق لتعزيز إنتاجيتك

إن كنتَ تعمل بجدٍّ على تحقيق هدفٍ ما وتشعر بأنَّك عالقٌ في مكانك في الوقت الحاضر، أو بأنَّ لا شيءَ في حياتك يتقدم إلى الأمام على الرَّغم من أنَّك تُمضي أياماً وأسابيع في العمل والاجتهاد، فعليك أن تتعلَّم بضع طرائق لتعزيز إنتاجيتك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة والمدوِّنة "سيلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن أهم الطرائق لزيادة الإنتاجية والعمل بفاعلية في سبيل التقدُّم وعدم الوقوع في زحام التطور.

إليك 6 طرائق لتعزيز إنتاجيتك:

1. تقسيم المهمة التي لديك إلى أجزاء صغيرة:

يسهُل الشعور بالخوف من مشروعٍ ما عندما يكون هدفاً نظريَّاً مُجرَّداً ويحيط به غموض كبير، كأن يكون هدفُك تأليف كتابٍ ما أو رسم قصةٍ مُصوَّرة؛ ومن ثَمَّ أجدُ أنَّه من المفيد للغاية تقسيم المهام المماثلة؛ إذ تصبح مجموعةً من خطوات العمل أو الإجراءات البسيطة.

لذا فلنفترضْ أنَّك تعمل على تأليف كتابٍ جديد، ربَّما يبدو مهمةً بسيطة؛ لكنَّه ليس كذلك في الواقع؛ إذ يجب أن تبدأ بكتابة رؤوس أقلامٍ أو وصفٍ عام يلخِّص ما يجب فعله؛ كأن تكتب:

  1. الأبحاث عن موضوع الكتاب.
  2. التخطيط لمُسوَّدة الكتاب.
  3. كتابة مُسوَّدة أولى لمقدِّمة الكتاب.
  4. كتابة مُسوَّدة أولى للفصل الأول من الكتاب وإلى آخره.

بعد الانتهاء من ذلك، ابدأْ بالعمل على تأليف الجزء الأول من كتابك مع التركيز جيداً على هذه الخطوة دون أي شيءٍ آخر، ولا تشغلْ بالك أو تقلق بشأن الأجزاء الأخرى من الكتاب في أثناء عملك على الجزء الأول منه.

إن كنتَ ما تزال تجدُ المهمة مخيفةً بالنسبة إليك، يمكنك تقسيمها وتجزئتها أكثر فأكثر مع الاستمرار في ذلك حتى التخلُّص من ذلك الشعور؛ ومن ثمَّ ركِّزْ على الخطوة ذات الأولوية التي تعمل عليها حالياً، ولا تقلقْ بشأن الأمور الأخرى حتى الانتهاء منها وإكمالها تماماً.

2. التبسيط:

أعاني عادة المبالغة في تعقيد الأمور التي ينبغي عليَّ فعلُها بصفتي مهووسةً بالكمالية؛ لكنَّ المشكلة هي: عند زيادة عدد المتغيِّرات في مشروعٍ ما بمقدار ضعفَين، فلا تتوقف زيادة درجة تعقيده على الضعفَين فقط؛ بل يتعقد بدرجةٍ كبيرة جداً وبصورة متسارعة جداً.

على سبيل المثال، إن كنتَ تعمل على برنامجٍ بميزتين فقط وقررتَ إضافة ميزتَين إضافيتين إليه، فلا يزداد تعقيدُ مشروعك الذي تعمل عليه بمقدار ضعفَين فحسب؛ وإنَّما يتعقَّد بدرجة أكبر من ذلك بكثير؛ لذا فمن الهام جداً التركيز دوماً على الأمور الأساسية والجوهرية؛ فبدلاً من محاولة تنفيذ كل مهمة على عاتقك وفعل واجباتك كلها، ركِّزْ فقط على الأشياء التي تُحدِث الفرقَ الأعظم أو تترك الأثر الكبير في حياتك.

عندما كنتُ أعمل على إعادة تصميم موقعي الإلكتروني السنةَ الفائتة، أدركتُ أنَّ عدداً من عناصر تصميمي القديم ومكوِّناته تتطلب صيانةً متكررة ومتواصلة؛ ففي كل مرةٍ أَدخلتُ فيها ميزةً جديدة إلى الموقع وطبَّقتها، كان شيءٌ آخر يتعطل بسبب طبيعة الاعتماد المُتبادَل التي تتَّسم بها عناصر الموقع الإلكتروني ومكوناته، ولا سيما المواقع الإلكترونية والمكونات البرمجية التي تُضيف ميِّزات مُحدَّدة لبرامج الحاسوب الموجودة مُسبَقاً لنظام "ووردبريس" (WordPress).

لقد قررتُ تبسيط الأمور وتسهيلها من خلال إنشاء تصميمٍ سهل الاستخدام وإزالة كل ما هو غير ضروري؛ لذا أزلتُ الشريط الجانبي الموجود على طرف صفحة الويب الخاصة بي وغيرتُ شكلَ موقعي الإلكتروني ليُصبح أكثر بساطةً ويحتوي على الحد الأدنى من العناصر، وتخلصتُ من العناصر الأخرى التي أضفتُها سابقاً لإضفاء جمالية أو طابع لطيفٍ وجذَّاب إلى الموقع، وتخلصتُ أيضاً من التعليقات ومُنتديات النقاش في المُدوَّنة، التي كانت تضيِّع كثيراً من وقتي، بينما لا تُضفي إلا القليل من الفائدة للقرَّاء، وأنهيتُ التصميم الجديد لموقعي الإلكتروني بعد أسبوعٍ؛ ويعني هذا التبسيط الجديد أنَّني سأقضي وقتاً أقلَّ بكثير في صيانة الموقع من الآن فصاعداً.

لذا حاولْ تبسيط أمورك ومهامك قدرَ المستطاع، وتستطيع الاستعانة بمبدأ باريتو أو قاعدة 80 - 20؛ من خلال تحديد المهام الرئيسة والتي نسبتُها 20%، وتُحدِث أعظم فرقٍ أو تأثير في طريقك نحو تحقيق هدفك؛ ومن ثمَّ التركيز عليها وإزالة الأشياء غير الهامة من حياتك، وستنذهل عندَها من حقيقة أنَّ العمل على مهام وواجباتٍ أقل يحقق لك مزيداً من الإنجازات ويمنحك كثيراً من العطايا في الواقع.

 شاهد بالفيديو: 4 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

3. التفويض إلى الآخرين وتلقي المساعدة:

كثيراً ما نظنُّ أنَّه يتحتم علينا فعلُ كل شيءٍ وحدنا دون مساعدةٍ من أحد؛ لكنَّ ذلك غيرُ صحيح في الواقع؛ إذ يجب أن نحاول طلب المساعدة من الآخرين وتفويض بعض الأعمال إليهم، ما لم يكُنْ لدى الإنسان هدفٌ يجب أن يعمل على تحقيقه بنفسه.

على سبيل المثال، أصبحَت الأعمال التجارية الإلكترونية مُعقَّدةً إلى أبعد الحدود في السنوات القليلة الماضية؛ ومع أنَّه كان باستطاعتي فعلُ كلِّ شيءٍ وحدي في الماضي، لكن توجد أجزاء عدة متغيرة ومتقدمة اليومَ يصعُب عليَّ التعامل معها وحدي، وأدركتُ أنَّني أحتاج إلى إسناد أجزاء من أعمالي التجارية لمزوِّدي خدماتٍ متخصصين، حتى إن تحتَّم عليَّ دفعُ مبالغ ماليةٍ أكبر؛ لذا فقد لجأتُ إلى استخدام خدمات عربات التسوُّق الخاصة والتحديث للحصول على مخدِّم إنترنت أفضل والاستعانة بطرفٍ ثالثٍ بوصفه حلاً لإدارة الدورات التدريبية والإشراف عليها، مما وفَّر لي مقداراً كبيراً من الوقت وخلَّصني من كثير من القلق والتوتر.

إذ أستطيع الآن العودة إلى الأمور الهامة حقاً في حياتي والتفرُّغ لها مثل مساعدة الآخرين على التقدم والتطور وحل مشكلاتهم، بدلاً من قضاء ليالٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى في حل المشكلات التقنية، وأتمنى في الواقع لو أنَّني طلبتُ المساعدة وفعلتُ ذلك منذ البداية.

إن وُجد أمرٌ ما لستَ متأكداً أو واثقاً منه، اطلُب المساعدة فيه واستشرْ الاختصاصيين المحترفين الذين حققوا النتائج التي تطمح إليها، واحصلْ على نصيحة الأشخاص ذوي الخبرة في هذا المجال، ووظِّفْ أحداً ما لمساعدتك؛ حتى إن لم تكن تعرف أحداً يفعل ذلك لأجلك، فليس لديك أي عذرٍ في الواقع بسبب وجود مجموعات مجانية عدة اليوم على تطبيق "فيسبوك" (Facebook)، التي تتناول الموضوعات جميعها التي تستطيع تخيُّلها من أعمال تجارية وتأليف الكتب وإنشاء الفيديوهات والتدريب.

أيضاً باستطاعة مستخدمي "فيسبوك" مساعدتك وتقديم النصيحة لك؛ إذ تستطيع بكل بساطةٍ التفتيش عن الموضوع الذي تريده؛ ومن ثمَّ البحث عن المجموعات التي تلائمك والنقر على خيار (الانضمام إلى المجموعة).

لقد تعلمتُ كثيراً من مُجرَّد قراءة تعليقات الناس في المجموعات المُنشأَة على تطبيق "فيسبوك"؛ لذا ينبغي ألا تشعر بأنَّك بحاجةٍ إلى تنفيذ مهامك كلها وحدك؛ لأنَّك لستَ وحيداً في الواقع؛ بل يوجد أشخاص عديدون مستعدون وراغبون في مساعدتك إن سمحت لهم بذلك.

إقرأ أيضاً: ما هي عناصر التفويض الستة؟

4. تغيير البيئة أو الوسط الذي تعمل فيه:

إن كنتَ تشعر بأنَّك عالقٌ في مكانك ولا تتقدم في حياتك لمدة من الوقت، فربَّما ذلك بسبب بيئتَك المُحيطة التي تخنقك وتكتم إبداعك؛ ومن ثَمَّ يمكن لتغيير البيئة التي تعمل بها والتحدث مع أشخاصٍ مختلفين وقضاء الوقت في أوساط اجتماعية مختلفة أن يمنحك إلهاماً وإبداعاً جديداً ومختلفاً.

إنَّ البيئة التي أعمل بها - بصفتي كاتبة - تؤثِّر تأثيراً شديداً في نفسيَّتي وكتاباتي؛ إذ تعلمتُ بالممارسة أنَّ الجلوس في الطبيعة يعزِّز كثيراً من قدراتي الكتابية ويمدُّني بإلهام وطاقة كبيرَين للكتابة والإبداع، بينما يقيِّدُ الجلوسُ في بيئة خانقة انسيابيةَ الأفكار في ذهني ويحدُّ من قدراتي الإبداعية.

عندما تنفد أفكاري وأعجز عن الابتكار أو الإبداع، أعلم أنَّ ذلك يعني عادةً أنَّني بحاجةٍ إلى تغيير بيئة عملي، وأنَّ استمراري بفعل الشيء نفسِه من خلال محاولة إجبار نفسي على المضي قدماً ومواصلة الكتابة على الرَّغم من افتقاري إلى الإلهام والإبداع ما هو إلَّا مضيعةٌ للوقت.

لذا إن عملت على مشروع إبداعي مثل رسمة أو قصة مُصوَّرة أو كتاب أو دورة تدريبية أو تصميم مواقع إنترنت، فعليك تغييرُ المكان أو الفسحة التي تعمل فيها وإيجاد طرائق تستطيع من خلالها الشعور بالإلهام والإبداع والإيجابية إلى أبعد الحدود.

يمكنك أن تجرِّب اتباع روتين مختلف أو زيارة أماكن مختلفة أو قضاء الوقت والتسلية في بيئة مختلفة أو محيط مختلف، وتستطيع الاستمرار بذلك إلى أن تجد مكاناً يساعدك على الإبداع والابتكار بسرعة وسهولة؛ ومن ثمَّ كرِّر إبداعاتك من جديد في بيئة عملك أو منزلك قدرَ المستطاع.

إقرأ أيضاً: قوائم المَهام: أساس الكفاءة في العمل

5. إنشاء مُسوَّدة أولية:

إن وجدتَ نفسَك حائراً بين خيارات ومسائل عدة ينبغي لك النظر فيها، أنشئ نسخة مُسوَّدةٍ أولية في البداية؛ فالمُسوَّدة الأولية هي نسخةٌ من الأساسيات المُجرَّدة لِما تحاول إنشاءه أو ابتكاره، مُختزلة إلى الضروريات المُجرَّدة الأولية؛ ومن ثَمَّ بدلاً من محاولة إنشاء إنتاج مثاليٍّ منذ الجولة الأولى - وهو ما يُعَدُّ أمراً مستحيلاً - اسعَ إلى الحصول على نسخة أو صيغة متواضعة في البداية.

كانت الطريقة التي أطلقتُ بها مُدوَّنتي منذ البداية هي ببساطةٍ كتابة مقالاتٍ ونشرها شعرتُ بأنَّها ستغير حياة الناس، فقد خططتُ للأمور التي نويتُ كتابتَها وراجعتُ مقالاتي قبل نشر أيٍّ منها؛ لكنَّني لم أقضِ أسابيع أو أشهر في تحسين عملي لدرجة الإتقان والمثالية سابقاً؛ فحين أنظر إلى الوراء وأتذكر الماضي، أشعر بالإحراج والارتباك بسبب بعض مقالاتي السابقة، وهو من الأسباب التي دفعَتني إلى مراجعة مقالاتي القديمة وتنقيحها خلال السنتَين الماضيتَين؛ لكنَّ قدرتي على التطوُّر وتأسيس مُدوَّنتي وتنميتها إلى ما هي عليه اليوم تنجم بالتحديد عن سماحي لنفسي بنشر أعمال فنية تشوبُها العيوب والعلل؛ فلو ظللتُ مهووسةً ومشغولة البال بهاجس المقال الأول أو المقالات العشرة الأولى المثالية، لا أظن أنَّني أطلقت مُدوَّنتي حتى اليوم.

لذا، انسَ التفاصيل ولا تأبهْ لها، واسعَ فقط إلى إنشاء واستخلاص مُسوَّدة أولية مبدئياً؛ وإن كنتَ تُطوِّر برنامجاً حاسوبياً، فاعملْ على نموذج أوليٍّ في البداية؛ وإن كنت تؤلف كتاباً، فاكتبْ أبسط مخطوطةٍ ممكنة؛ إذ تستطيع دوماً إضافة التفاصيل التي تريدها في الإعدادات أو النُسَخ الثانية أو الثالثة أو الرابعة إلى عملك.

6. الاهتمام بصحتك جيداً وعدم إهمالها:

يجبُ ألَّا تهمل صحتك إطلاقاً؛ بل يجب أن تحافظَ على إيقاع أو نظام عملٍ صحي؛ إذ يكون لديك قائمة من الأشياء التي لا تضحي بها أو تقدم تنازلاتٍ بشأنها مثل نومك وفترات استراحتك وأوقات وجباتك؛ لذا لا تفوِّتْ أو لا تستغنِ عن تناول الوجبات أو الاستحمام أو تخصيص وقتٍ كافٍ للنوم حتى إن شعرتَ برغبة في ذلك، ولا تستمرَّ في العمل حتى تشعر بالتعب والإرهاق؛ بل حدِّدْ بوضوح موعداً نهائياً أو حدَّاً أقصى لعملك، كأن تتوقف عن العمل في الساعة الثامنة مساءً أو قبل ساعتَين من موعد نومك.

يُعَدُّ هذا هاماً للغاية لأنَّك في الواقع روح مشروعك وجسده الذي تعمل عليه؛ ومن ثَمَّ عندما تهملهما وتقصر في حقهما، فإنَّك تضحي بنتاج مشروعك أو محصلته النهائية؛ ومع أنَّك قد تشعر بأنَّك تقضي وقتاً أقل في العمل - لأنَّك تأخذ وقتاً مُستقطَعاً للراحة والاسترخاء وما شابه - فإنَّك ستجدُ بعد بضعة أسابيع أنَّ إنتاجيتك ستبدأ بالتغير من التركيز على الأمد القصير إلى التركيز على الأمد الطويل، كما أنَّك ستبدأ بالعمل بذكاء أكثر بسبب امتلاكك لمساحةٍ أو حيِّز ذهنيٍّ لفعل ذلك؛ ويعود ذلك إلى أنَّ العمل يميل إلى التوسُّع لكي يملأ كلَّ الوقت المُتاح لإنجازه وفق قانون باركنسون

بالنتيجة غالباً ما يؤدي تخصيصُ جدول زمنيٍّ لا متناهٍ للعمل إلى انخفاض إنتاجيتك التي تقدِّمُها في الساعة الواحدة، بدلاً من مساعدتك على تحقيق مزيد من الإنجازات، ومن جهة أخرى توجد مجالاتٌ رئيسة وجوهرية في الحياة مثل الذات والراحة والعلاقات الاجتماعية التي تستنزف النفس الإنسانية عند إهمالها وعدم الاهتمام بها.

فقصةُ وادي السيليكون التي يُضرَب بها المثل - التي تحدثَت عن وجوب إغراق حياتك بأكملها، والانغماس كلياً في العمل على حساب نفسك وراحتك وعلاقاتك؛ للتغلُّب على الصعوبات واحتمالات الفشل كلها - مُبالَغٌ فيها في الواقع؛ لأنَّك تنال مكاسب وأرباح إضافية كثيرة على الأمد الطويل من خلال احترام احتياجاتك الشخصية وتلبيتها، التي بدورها تزيد إنتاجيتك أضعافاً مضاعفة.




مقالات مرتبطة