6 حقائق تجعل التأمُّل الوسيلة الأفضل لتحقيق النجاح

أدرك الحكماء والرهبان منذ آلاف السنين في مختلف الثقافات والشعوب الشرقية أهمية التأمُّل وفوائده الصحية للإنسان، وفي الآونة الأخيرة أُثبِتَت هذه الفوائد في المجتمعات الغربية، لا سيَّما خلال العقدين الأخيرين، وقد أثبتت كثير من الأبحاث فوائد التأمُّل وانعكاساته الإيجابية على مختلف جوانب الحياة.



على المستوى النفسي أوضحت عالمة الأحياء الحائزة على جائزة نوبل "إليزابيث بلاكبيرن" (Elizabeth Blackburn) أنَّ التأمُّل يُبطئ شيخوخة العقل، أمَّا على المستوى العاطفي أثبت "جون كابات زين" (Jon Kabat-Zinn) مؤسس برنامج الحد من التوتر في جامعة "ماساتشوستس" (Massachusetts) ومديره قدرة التأمُّل على تقليل التوتر لدى عديد من الحالات، إضافة إلى تأثيره الإيجابي في عملية التعلم من حيث تنشيط المناطق الدماغية المسؤولة عن التعلم والذاكرة.

إن كنت تواجه صعوبة في البدء، أو ممارسة التأمُّل بانتظام، فإنَّ الفوائد المذكورة في هذا المقال ستعطيك الحافز لجعله أولوية تلتزمها؛ إذ تركِّز الأبحاث عادة على فوائد التأمُّل الصحية، لكن لا بُدَّ من ذكر دوره الهام في التطور الشخصي وتحقيق الأهداف، ومن خلال جمع آراء الحكماء القدماء مع نتائج الدراسات الحديثة يمكن التوصُّل إلى بعض الحقائق.

إليك فيما يأتي 6 حقائق تجعل التأمُّل الوسيلة الأفضل لتحقيق النجاح:

1. تحسين التركيز والإنتاجية:

يعتمد التأمُّلُ بجوهره التركيزَ؛ فعند ممارسة التأمُّل بانتظام ستزداد قدرتك على إنجاز المهام الضرورية، وسينعكس ذلك إيجاباً على طريقة التفكير وابتكار طرائق لتحقيق النتائج المرجوة للأهداف القريبة والبعيدة الأمد؛ وهذا يعني تحسُّن الإنتاجية.

لقد أدرك هذه الفائدة الحكماء من القدم، وأكَّدوا أنَّ الذهن يكون بحالة صفاء في أثناء التأمُّل، وتزداد قدرة العقل على التركيز المتواصل.

2. ازدياد الوعي والمرونة الذهنية:

الركيزة الثانية للتأمل هي اليقظة والحضور، ومن خلال الممارسة المنتظمة للتأمل ستعتاد حالةَ الوعي التي لها دور كبير في تحقيق الأهداف؛ لأنَّك ستصبح أكثر إدراكاً لسلوكاتك الخاطئة التي تعوق نجاحك؛ لأنَّك لم تكن على وعي بضررها عليك.

إضافة إلى ذلك فإنَّ ربط المعطيات وتحليلها دون التأثر بالعواطف أو الأفكار الشخصية سيسهِّل عليك تغيير المعتقدات أو السلوكات غير المناسبة، إضافة إلى اكتساب المرونة في الشخصية والقدرة على تطويرها، وكما يُقال: "كن سيد عقلك، بدلاً من أن تكون تابعاً له".

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لامتلاك شخصية إيجابية تساعدك على تحقيق النجاح

3. تنمية الإبداع:

يُصِرُّ بعض الأشخاص عند السعي إلى النجاح على اتباع أسلوب ثابت لا يتغيَّر؛ ممَّا يمنعهم من الوصول إلى أهدافهم بأفضل الطرائق وأكثرها فاعلية؛ لذا يفيد التأمُّل في تحديد المشكلات والأخطاء التي تعوق الإنجاز، ويساعد على اكتشاف الحلول الإبداعية الكامنة، وقد أثبتت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يمارسون التأمُّل بانتظام لديهم قدرات أفضل لحل المشكلات، ولديهم أفكار خلَّاقة ومبتكرة، كما يقلِّل التأمُّل من اعتماد الأنماط العقلية القديمة، ويفتح الذهن على أساليب وطرائق جديدة.

يقول "إيكارت تول" (Eckhart Tolle) أحد أهم الكُتَّاب الروحيين في العصر الحديث: "الأذكياء حقاً يعملون بصمت؛ لأنَّ الحلول والإبداع ينشآن من الهدوء والسكينة".

4. تعزيز العلاقات وتطويرها:

قلَّما تجد شخصاً نجح وحده دون مساعدة من أحد؛ فطريق النجاح يتطلَّب تنمية العلاقات وتعزيزها من خلال التواصل الصادق والشفَّاف مع الآخرين؛ إذ يُحسِّن التأمُّل فنون التواصل مع الجميع وأساليبه على نحو طبيعي، ولأنَّه يزيد الوعي والحضور باللحظة الحالية فهو يعزِّز القدرة على التواصل الحقيقي والكامل مع الآخرين.

كما أثبتت الدراسات فوائد التأمُّل ودوره في تحسين المرونة العاطفية، وتطوير مهارات تواصل هامَّة وضرورية، مثل التعاطف، وزيادة مشاعر الفرح والسلام والسعادة، التي بدورها تشكِّل داعماً للعلاقات الاجتماعية، وكما يقول المعلم الروحي والمؤلف الشهير "ديباك تشوبرا" (Deepak Chopra): "التأمُّل ينقلك من ضجيج الأفكار في العقل إلى الوعي الصافي مصدر السعادة والإلهام والحب".

5. تقليل الحاجة إلى النوم:

قد يتجاهل بعض الأشخاص حاجته إلى النوم في سبيل تحقيق أهدافه، أو بسبب القلق بشأن المرحلة التي وصل إليها وما أحرزه من تقدم، وهذا ما لا يُنصَح به إطلاقاً؛ فقد تبيَّن أنَّ التأمُّل يُحسِّن من نوعية النوم، ويقلِّل الحاجة إليه، وقد توصَّل العلماء باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة لنتائج تقول إنَّ التأمُّل يحدث نشاطاً في موجات الدماغ بأسلوب مشابه لتأثير النوم العميق.

كما قال أحد الحكماء: "التأمُّل يعني أن تكون مسترخياً كما لو كنت في نوم عميق وفي الوقت نفسه متيقظاً".

إقرأ أيضاً: النوم: أثره على الصحة، وانعكاسه على الإنتاجية

6. اختيار أهداف حقيقية ذات معنى:

ربَّما من أهم الأسباب التي جعلت التأمُّل عاملاً أساسياً في النجاح هو القدرة من خلاله على تمييز الأهداف الحقيقية من الرغبات السطحية، ومن خلال ممارسة التأمُّل يمكن التحرُّر من الأهداف التي وضعتها وفقاً لمعايير المجتمع والإعلانات واستبدالها بأشياء تجلب السعادة الحقيقية؛ فعندما يفهم المرء تماماً المعاني الروحية الهامَّة مثل الأنا والتغيير، سيبدأ تلقائياً في السير في طريق الإنجاز الذي يحقِّق من خلاله ما يريده حقاً، وكما يقول أحد الحكماء: "التأمُّل هو السر، إذا كنت هادئاً بما يكفي ستسمع تدفق الكون، وستشعر بإيقاعه، فاذهب مع هذا التدفق؛ فالسعادة تنتظرك هناك".

إقرأ أيضاً: الفرق بين الأهداف الخاطئة والحقيقية

في الختام:

يُقال: "هدية تعلم التأمُّل هي أعظم هدية يمكن أن تقدمها لنفسك في هذه المرحلة"، وقد ساد اعتقاد خاطئ لعقود من الزمان أنَّ ممارسة التأمُّل لا طائل منها، في حين السهر لتحقيق الأهداف والعمل بعزيمة قوية هو الأكثر فاعلية للوصول إلى الحياة التي تحلم بها، وقد يتعجَّب كثيرون من فكرة الجلوس لمدة طويلة ومدى دور ذلك في تحقيق النجاح.

تُعدُّ ممارسة التأمُّل بانتظام وفقاً لآراء كبار المدربين الوسيلة الأفضل للصحة الجسدية والنفسية والعاطفية وتحقيق أشياء عظيمة للجادين في البحث عن النجاح واستثمار وقتهم بأفضل طريقة.




مقالات مرتبطة