5 نصائح لتحقيق السعادة في الحياة

يقول الروائي الروسي العملاق "ليو تولستوي" (Leo Tolstoy): "السعادة قرار داخلي خالص مستقل عن الظروف الخارجية".



يقضي معظم الأفراد حياتهم في محاولة تحقيق السعادة على افتراض أنَّها مرتبطة بتحصيل النجاحات وبلوغ الأهداف، ولا يعي أيٌّ منهم أنَّ السعادة هي قرار داخلي وعقلية يعتمدها الفرد في حياته؛ إذ يفترض غالبية الأفراد أنَّ تحصيل المال سيمكِّنهم من القيام بالأعمال التي تشبع شغفهم، وبالنتيجة تحقيق السعادة، لكن ماذا لو عكست هذه العملية: أن تتخذ قرارك بأن تكون سعيداً، ثمَّ تقوم بالأعمال التي تشبع شغفك، وبالنتيجة تكسب المال.

يعدُّ المرء السعادة نتيجة مستقبلية يجب أن يسعى جاهداً إلى بلوغها، غافلاً عن أنَّها في متناول اليد في كل حين، وتراه يربطها بتحصيل الممتلكات، كامتلاك سيارة فخمة مثلاً، أو تحقيق دخل مادي ممتاز، أو تأسيس حياة عائلية مستقرة، وهكذا يقضي حياته في مطاردة شبح السعادة التي تأبى أن تستقر في حياته، ولا يشعر بها إلَّا في لحظات عابرة عندما يزيد ممتلكاته، أو يحقق أحد أهدافه على سبيل المثال، ثمَّ لا تلبث أن تختفي ويعاود سعيه من جديد؛ لذا يجدر بالإنسان أن يتوقف عن مطاردة السعادة، ويتخذ قراره بأن يكون سعيداً في هذه اللحظة.

فيما يأتي 5 نصائح لتحقيق السعادة في الحياة:

1. كن سعيداً وراضياً عن وضعك الحالي في الحياة:

يعني هذا أن تكون واثقاً من أنَّك تسير على الطريق الصحيح، وتضع في حسبانك أنَّ الحياة ملآى بالأسئلة الوجودية المعقَّدة التي تستدعي التفكُّر والحل، وتتقبَّل ظروفك بحلوها ومرها؛ وذلك لأنَّ استجابتك لها تحدِّد مدى تأثيرها فيك.

أحياناً تحل المصائب على الإنسان لأسباب غيبية قد لا يدركها في بادئ الأمر؛ لذا عليه أن يستخلص العبرة منها، ثمَّ يحاول المضي في حياته، فكثيراً ما يفترض الإنسان خطأً أنَّ السعادة نتيجة أو مرحلة نهائية في عملية تحقيق الأهداف والأحلام، وتراه يشعر بالخيبة عندما يبلغ غايته؛ لأنَّه تكبَّد كثيراً من المشقة، واستغرق وقتاً أطول من اللازم، فلا يجب أن يربط الإنسان مشاعر الرضى والسعادة ببلوغ الحلم أو الغاية النهائية؛ بل بالتقدم الشخصي التي يحرزه خلال مراحل الإنجاز بحدِّ ذاتها.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لخلق سعادة حقيقية في حياتك

 

2. كن ممتناً للنعم الموجودة في حياتك وللأشياء التي تنقصك وترغب في تحقيقها:

يساهم الامتنان في تحويل عقلية المرء من الندرة إلى الوفرة، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة وعي الإنسان بالفرص المتاحة أمامه؛ إذ تؤدي عقلية النقص أو الندرة إلى محدودية التفكير، وضيق البصيرة، والرؤية المستقبلية، والامتناع عن خوض المخاطر والتجارب الجديدة خشية فقدان ما يمتلكه المرء حالياً.

يجدر بك أن تدوِّن النعم الموجودة في حياتك، حتى تتوسَّع مداركك، وتتسنَّى لك ملاحظة الفرص المتاحة التي بوسعها رفع سوية حياتك؛ إذ تساعدك هذه العقلية على تلبية أحلامك ورغباتك الخاصة، فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تكون شاكراً وممتناً للنقود التي تمتلكها مهما كانت قليلة، وتعتمد عليها لزيادة وعيك وتحسين علاقتك ونظرتك إلى موضوع المال في حياتك، فبهذه الطريقة سيزداد وعيك بوجود المال في حياتك، وستعتقد أنَّه وفير ويتغيَّر كامل موقفك منه.

ينطبق المفهوم نفسه على الأشياء التي تنقصك وترغب بامتلاكها؛ إذ تسهم ممارسة الامتنان في زيادة وعيك، وتغيير مفهومك من "لا يسعني القيام بهذا الأمر لأنِّي..."، إلى "ما هي الإمكانات المتاحة لدي حتى أتمكَّن من إنجاز هدفي؟"؛ أي إنَّ سلوكك يتحوَّل من التفاعل مع الحدث إلى المبادرة.

3. مارِس التأمل لزيادة تركيزك:

يساهم التأمل في تسكين العقل والأفكار المؤذية والسلبية، والتخلُّص منها دون إصدار الأحكام عليها؛ إذ ينجم تأثير هذه الأفكار في الإنسان بسبب الأحكام السلبية أو الإيجابية التي يسبغها عليها؛ لذا عليك أن تمتنع عن إصدار الأحكام على الأفكار التي تراودك حيال ظروف حياتك.

يستحسن أن تخصِّص 5-10 دقائق يومياً لممارسة التأمل، وتسكين العقل، وإيجاد السلام الداخلي؛ إذ لا مثيل للتأمل في تهدئة الأعصاب، وتسكين الإجهاد النفسي، ويساهم التأمل أيضاً في تخفيف الإجهاد الوظيفي؛ لذا يُنصَح بتخصيص بعض الوقت، وليكن في السيارة، أو غرفة فارغة ضمن مكان العمل، كقاعة المؤتمرات على سبيل المثال، لممارسة التأمل واستعادة التوازن والاستقرار النفسي.

4. ردِّدْ عبارات التحفيز الإيجابية:

يظنُّ بعض الأشخاص أنَّ عبارات التحفيز الإيجابية لا تعدو كونها مجرد أساليب مبتذلة رائجة ضمن فئة معينة من الأفراد في العصر الحديث، لكنَّها تسهم في حقيقة الأمر في انتشال جميع الأفكار والرواسب النفسية المؤذية الراسخة في عقل الإنسان خلال مراحل نشأته، والناجمة عن التفاعلات، والأقوال، والأفعال، والسلوكات التي تعرَّض لها وسط محيطه الاجتماعي من عائلة، وأصدقاء، ومعلمين في الماضي.

تساهم عبارات التحفيز الإيجابية بصرف الأفكار المحبطة، وتقوية عزيمتك، وحملك على خوض التجارب التي تتهيَّب المضي فيها، وتلبية أحلامك وأهدافك في الحياة، ولا شك أنَّ التفكير بالقدرات والإمكانات المُتاحة لهو خيرٌ من التركيز على جوانب الضعف التي يمكن أن تحول دون تحقيق الغاية المنشودة.

من الطبيعي أن تواجه بعض الصعوبة والمقاومة النفسية عندما تردِّد عبارات التحفيز الإيجابية لأول مرة؛ وذلك لأنَّ رواسب الأفكار السلبية العالقة ستكون في أوج قوتها وتأثيرها فيك، لكنَّ الممارسة المنتظمة ستمكِّنك من ترسيخ مجموعة من الأفكار الإيجابية والبنَّاءة الجديدة مع مرور الوقت.

إقرأ أيضاً: أقوال وعبارات تحفيزية لتطوير النفس والذات

5. تخيَّل النجاح:

يقتضي التمرين أن تتخيَّل لحظة تحقيق النجاح أو الهدف الذي ترغب فيه، مع الحرص على استخدام حواسك الخمسة (البصر، واللمس، والسمع، والشم، والتذوق) في الصورة الذهنية حتى تبدو حيَّة وواقعية بالنسبة إليك، فيجب أن تشعر بالسعادة، والشغف، والترقب، والنعيم، والفرح في تصوراتك؛ لأنَّك عندما تعيش لحظة الإنجاز، ستؤمن بأحلامك، وتستثمر عواطفك الإيجابية في تحقيقها وهو ما يؤدي إلى زيادة الدافع، وتكثيف الجهود المبذولة لتحقيق الصورة الذهنية على أرض الواقع.

يمكنك أن تمارس التصور الذهني يومياً، فهو تمرين ممتع بوسعه تحسين مزاجك، وثمَّة طريقة أخرى لممارسة التصور الذهني، تقتضي تدوين التجربة الحياتية التي تعتزم خوضها، كما يمكنك تدوين يومياتك على افتراض أنَّ أهدافك قد تحقَّقت بالفعل، وتكتب عن شخصيتك، وروتينك الصباحي، والأشخاص في محيطك الاجتماعي، وطبيعة عملك.

إقرأ أيضاً: أساسيات التفكير الإيجابي: الخيال من أسس النجاح

في الختام:

يجب أن تتَّخذَ قرارك بأن تكون سعيداً في هذه اللحظة، وتطبِّق النصائح آنفة الذكر، بدل أن تقضي حياتك في مطاردة شبح سعادة لحظية أو عابرة أو غير موجودة في الواقع، ويجب أن تكون سعيداً بوضعك الحالي في الحياة، وتبدأ بممارسة الامتنان يومياً، وتبحث دائماً عن النعم والخير الموجود في حياتك، وتدوِّنها في دفتر يومياتك، كما يمكنك أن تكتب عن الأشياء التي تود تحقيقها في المستقبل، والتي تفتقر إليها في الوقت الحاضر، مع الحرص على الخوض في تفاصيلها وكأنَّك قد حقَّقتها بالفعل، والشعور بالعواطف الإيجابية المرافقة لها، واستثمار هذه المشاعر في تمرينات التصور الذهني، ويساعدك التأمل من ناحية أخرى على تركيز انتباهك وتسكين ضجيج أفكارك، وبوسع هذه الممارسات أن تزيد من مستويات سعادتك عندما تلتزم بتطبيقها وتأخذها على محمل الجد.




مقالات مرتبطة