5 نصائح تساعدك على تجاوز الأوقات العصيبة

لنتمكَّن من تحفيز مجموعة من المتدربين في الدورة، الذين كنَّا ندرِّبهم أنا وزوجتي "آنجل" (Angel)، وضعتُ لنفسي هدفاً يتضمَّن ممارسة التمرينات الرياضية لمدة ساعة يومياً طوال 90 يوماً متواصلة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك تشيرنوف" (Marc Chernoff)، والذي يقدِّم لنا فيه 5 نصائح استفاد منها في تجاوز الأوقات العصيبة.

لقد اخترت هذا الهدف لأنَّ كثيراً من طلاب الدورة اشتكوا من معاناتهم في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، وقد ألهمتهم رغبتي في خوض تحدٍّ صعب مثل هذا؛ لكنَّ التجربة كانت أصعب ممَّا كنت أتوقعه، فمع وجود شركةٍ عليَّ أن أُديرها، ومتدرِّبين تجب عليَّ مساعدتهم، ومع طفل صغير يجب أن أعتني به، وواجبات عائلية وسفر، فوتُّ ثلاثة أيام من التدريب منذ الشهر الأول.

مع بساطة هذا الأمر، فإنَّه جعلني أشعر ببعض الاكتئاب أحياناً، طبعاً تعرَّضتُ أنا وزوجتي "آنجل" لانتكاسات أكبر من هذه بكثير، مثل موت الأشقاء، وفقدان أصدقاء أعزاء بسبب المرض والانتحار، وتسريحنا من العمل مع حاجتنا إلى إعالة أسرتنا، وليس انتهاءً بالمشاريع التجارية الفاشلة، والأزمات المالية وغير ذلك، ومع ذلك فقد تفاجأت عندما أدركت أنَّ كل هذه النكسات رغم شدتها تشبه إلى حدٍّ كبير هذه الانتكاسة الصغيرة.

قد يبدو هذا غريباً للوهلة الأولى، لكنَّ الحقيقة أنَّ كل الانتكاسات الصغيرة والكبيرة لها نفس التأثير السلبي فينا من حيث إنَّ جميعها يثقل كاهلنا، وكلها تتشابه في 3 نقاط:

1. توقعاتنا ومعاييرنا المثالية لا تتحقَّق:

عندما نبدأ مشروعاً جديداً مثلاً، أو نُدخِل عادة جديدة إلى روتيننا، أو نبدأ بوظيفة جديدة، فإنَّنا نمتلك بداية تصوُّراً عن الطريقة المثالية التي سيُنفَّذ فيها هذا المشروع، لكن ما يحدث أنَّه يتبيَّن لنا أنَّ تصورنا غير دقيق تماماً، ولا تسير الأمور كما خطَّطنا لها.

فلا يتصرَّف الآخرون كما كنَّا نتوقع، وغالباً لا نلتزم نحن أنفسنا بالخطة التي وضعناها تماماً، فالخلاصة أنَّنا امتلكنا تصوراً واعتقدنا أنَّه واقع، وهذا ما أصابنا بخيبة أمل، قد يكون هذا مُحبطاً، فحياتنا ليست كما كنَّا نأمل، وهذا مؤلم حتى لو كانت مشاريعنا بسيطة.

2. الشك بالذات يتغلَّب علينا:

الانتكاسة تبدِّد طموحاتنا وتجعلنا نشكُّ في إمكاناتنا وقدراتنا على تحقيق أهدافنا، والأهم من ذلك أنَّها تجعلنا نشك بذاتنا في نهاية المطاف؛ إذ نبدأ بسؤال أنفسنا عن أهمية ما نقوم به، وهل يستحق منَّا هذا الجهد، وهل نحن على درجة كافية من البراعة لتحقيق ذلك، وهل نستحق الحصول على ما نطمح له.

فهذا النوع من الشك بالذات هدَّام، فهو يمثِّل انتكاسة إضافية على الانتكاسات التي نواجهها أصلاً.

3. الشعور بالضعف والعجز:

الأسوأ من أنَّ الأمور لا تسير على ما يُرام في بعض الأحيان، هو الوقوع ضحية مشاعر الضعف والعجز التي تمنعنا من المضي قُدماً في حياتنا، وذلك لأنَّنا عندما نشعر بالضعف والعجز نصبح غير قادرين على تجاوز حتى أسهل الصعوبات، ونشكُّ في قدرتنا على فعل أي شيء هام مهما كان سهلاً، وهذه انتكاسة أخرى تزيد الأمور سوءاً.

إذاً هذه هي الخطوط العريضة لما شعرت به مؤخراً، ومن المؤكَّد أنَّ جميع الأشخاص اختبروا هذه المشاعر في مرحلةٍ ما من حياتهم، لكن قد يوجد أمل، وأقول هذا من خلال ما تعلمته أنا وزوجتي "آنجل" طوال السنوات التي حولِّنا فيها الصعوبات إلى فرص للتطور والنمو.

فمن خلال تدريب آلاف الأشخاص الذين يعانون من إخفاقات بدرجات مختلفة ومن جميع أنحاء العالم، لقد تعلَّمنا ما هي الطرائق التي تساعدنا على تجاوز الانتكاسات وتحقيق التقدُّم في الحياة، مثلما تعلَّمنا ما هي الطرائق التي لا تساعد وما هي الأمور التي تزيد الوضع سوءاً.

شاهد بالفديو: 7 أمور يعينك تذكرها على تخطي الأوقات العصيبة

سنقدِّم بعض النصائح التي تعلَّمناها من خبرة عشرات السنين:

1. تقبَّل ما حدث لكي تتقدَّم:

يوجد نوعان من الألم، الألم الذي يسبِّب لك الأذى، والألم الذي يغيِّرك، وعندما تتقبَّل ما يحدث في الحياة بدلاً من رفضه فإنَّ كلا النوعين من الألم يساعدانك على تطوير وتنمية شخصيتك.

فلكي تتقدَّم إلى الأمام في أي وضع، يجب أن تتقبَّل الواقع الذي تعيش فيه؛ إذ تكمن أهمية التقبُّل في أنَّه يوفِّر لك نقطة انطلاق تستطيع منها اختيار الاتجاه الذي تريد أن تسلكه.

كما يؤدي إنكار الوضع أو تجاهله أو محاولة تغيير ما حدث إلى تبديد الوقت والطاقة، بمعنى أن تتمنَّى لو أنَّ الأمور لم تسر على هذا النحو السيِّئ، أو تتظاهر كما لو أنَّ شيئاً لم يحدث لا يحقق لك أي فائدة.

فالتقبُّل هو التوقف عن محاولة تغيير ما حدث والسماح للأمور بأخذ مجراها الطبيعي، ولا يعني بطبيعة الحال أنَّك لا تهتم بتغيير واقعك، كل ما هنالك أن تدرك أنَّ الشيء الوحيد الذي تملك سيطرة عليه في الوقت الحالي هو نفسك.

الغفران هو جزء هام من هذه الحالة النفسية والموقف الذهني أيضاً، فهو تقبُّل الوضع الراهن دون التفكير في الماضي أو المستقبل أو ربط الواقع مع زمن أو بيئة أخرى أو ظرف مختلف.

فإنَّ سبب المشاعر والأفكار السلبية هو عدم القدرة على الغفران وإنكار الوضع الراهن، بدءاً من القلق وليس انتهاءً بالشعور بالذنب والتوتر، فتحدث كل هذه النتائج غير الصحية، بسبب الإفراط في الندم أو الحنين للماضي أو التفكير بقلق في المستقبل، وبالنتيجة عدم توجيه الأفكار والعواطف نحو اللحظة الحالية.

2. تقبَّل حقيقة أنَّك في طور التقدم:

نحن نشكُّ بذاتنا عندما نرغب في أن نكون غير ما نحن عليه في الواقع، فمثلاً نرغب في أن نكون منضبطين بطريقة مثالية، وعندما لا نكون كذلك نوبِّخ أنفسنا بشدة ونُصاب بالإحباط.

الحل، هو أن أذكِّر نفسي على الرَّغم من أنَّني لست مثالياً، إلا أنَّني رائع كما أنا، فكل ما أحتاج إليه هو أن أتقبَّل وبسرور حقيقة أنَّني لست مثالياً، وقد حققت أيضاً كثيراً من النجاحات في حياتي من خلال ما أنا عليه.

لذا، تقبَّل طبيعتك، فأنت إنسان في النهاية ولست مثالياً، توقف عن التظاهر بالمثالية، وتقبَّل جانبك الفوضوي وعيوبك، فلا فائدة من محاولة أن تكون شخصاً مختلفاً، ولا توجد أي قيمة جمالية في التزييف.

فأنت جيد كما أنت، أمَّا إذا كنت تشعر بخلاف ذلك فأنت تضخِّم الأمور بأسلوب مبالغ فيه، لا نقول أن تصبح متبلِّد المشاعر، فبعض القلق أمر مفيد، ونحن نتعلَّم من أخطائنا، لكن تذكَّر ألَّا تبالغ في خوفك وقلقك وستبقى بخير.

3. عبِّر عن مشاعرك السلبية:

لا تخجل من كونك حسَّاساً أو عاطفياً عندما تصيبك الحياة بخيبة أمل، فما من شعور يجب أن يجعلك تشعر بالخجل، فأنت في النهاية إنسان ومن حقك التعبير عن ألمك.

فالحساسية والعواطف الجياشة هي دليلٌ على أنَّك تمتلك شعوراً نبيلاً، ولا تخشى أن تعبِّر عن نفسك بالطريقة التي تريدها، والأكثر من ذلك التعبير عن مشاعرك هو دليل على قوتك بوصفك إنساناً، ومن يجب أن يخجل هم الأشخاص الذين يحكمون عليك لكونك عبَّرت عن مشاعرك.

فإذا رفضت التعبير عن ألمك، ورفضت أي شعور سلبي، فإنَّك تُفاقم المشاعر السلبية، لكن إذا سمحت لنفسك بتقبُّل هذه المشاعر، وإدراك أنَّ جميع البشر يشعرون بالإحباط والخيبة وغيرها من المشاعر السلبية في وقت ما، فأنت تمنح نفسك القدرة على التعامل مع ما تشعر به لاحقاً.

لذلك، امنح نفسك بعض الحرية في التعبير عن مشاعرك المؤلمة، وتقبَّل هذه المشاعر، ولا تكن من الناس الذين يريدون أن يكونوا سعداء طوال الوقت، فهم غير واقعيين، فكل إنسان يشعر بالألم والإحباط وغيرها من المشاعر السلبية من وقت لآخر، فلا بأس بذلك أبداً، فعندما تتقبَّل هذه الحقائق وتتقبَّل مشاعر الألم، فأنت تنتصر في كل مرة.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح للتغلب على المشاعر السلبية

4. تذكَّر أنَّ الأحداث الإيجابية والسلبية هي حالات مؤقتة:

ستحقق إنجازك الكبير عندما تدرك أنَّ كل قيودك وإخفاقاتك ونقاط ضعفك، هي مشكلات مؤقتة، وبمجرد أن تحدث هذه المشكلات فإنَّ ما من مبرِّر لأن تستمر بالتفكير فيها، فقد تشعر بالألم وعدم اليقين لبعض الوقت، لكن لا تستمر هذه المشاعر للأبد، وإذا استمرت فإنَّها لا تبقى بنفس الشدة.

فالزمن كفيل بجعلك تنسى آلامك، وقد اختبرت أنا وزوجتي "آنجل" هذا الأمر بعد أن فقدنا اثنين من أحبائنا بسبب المرض والانتحار؛ إذ دعمَ كل واحد منَّا الآخر، في حين كانت مشاعر الاكتئاب تظهر بين الحين والآخر طوال أشهر، لكن في النهاية اختفت هذه المشاعر تماماً.

فمن السهل الوقوع في موقف مؤلم؛ إذ تعتقد في البداية أنَّ كل شيء قد انتهى، لكن في الواقع هذا الشعور المؤلم والوضع الراهن مجرد حالات مؤقتة، فهي جزء من تجربة الحياة المتغيرة باستمرار، فمع قسوة هذه التجارب فإنَّها ستنتهي لا محالة، ويجب أن تتعامل معها بناءً على هذه الحقيقة.

لذا، ذكِّر نفسك بأنَّ الهدف ليس التخلُّص من كل المشاعر السلبية، أو منع حصول أي مشكلة، فهذا مستحيل، ما يجب أن تتعلَّمه هو تغيير استجابتك للظروف السيئة، فأنت لا تستطيع تغيير ما حدث في الماضي، لكن في إمكانك أن تغيِّر طريقة تعاملك معه في الحاضر والمستقبل، وتذكَّر أنَّ قوتك تكمن في طريقة استجابتك للظروف.

5. كن ممتناً لما لديك من نِعَم:

قد يبدو هذا مبتذلاً قليلاً، فدائماً ما يُنصح بالامتنان، لكن إنَّ سبب ذكره دائماً هو أنَّه فعَّال في كافة الظروف ومهما بلغت شدة المشكلة، حتى بعد موت أحد الأحباء، فإنَّه من الصعب جداً أن تستمر الحياة كما كانت عليه عندما كان موجوداً، إلا إذا تذكَّرنا أنَّه ما تزال لدينا حياتنا الخاصة وصحتنا وشغفنا بالاكتشاف، وما يزال لدينا عائلة وأصدقاء رائعين يحبوننا.

هذه مجرد أمثلة على الأشياء التي شعرنا أنا وزوجتي بالامتنان لأجلها، فهذه الحقيقة مُرَّة أحياناً، لكن يجب أن تتقبَّل ذلك أيضاً بدلاً من تخيُّل أشياء غير واقعية حتى تواسي نفسك.

لذا ابذل قصارى جهدك لتتعافى وتشعر بالتفاؤل، ولا تسمح لشيء أن يسلبك امتنانك لما تبقى لديك، وعندما تشعر أنَّ كل شيء في عالمك ينهار، تذكَّر أنَّك أمام خيارين، إمَّا أن تسمح لما يحدث بأن يحبطك ويسلبك عزيمتك، أو يجعل منك شخصاً أقوى بفعل الامتنان.

شاهد بالفديو: 7 فوائد للامتنان تذكرك أن تشكر الله كل يوم

نصيحة إضافية، تذكَّر أنَّ ما تمر به مجرد تجربة:

بصرف النظر عمَّا تمر به اليوم، فهو مجرد تجربة، هو شيء تمر به الآن وسينتهي سواء كان جيداً أم سيئاً، فقد تمر بتجربة مؤلمة، لكن لا بأس لأنَّها ستنتهي، والمشاعر لا تدوم للأبد؛ إذ يبدو أنَّه من الأفضل أن نسلِّم بأنَّه لا بد من تجربة مشاعر الغضب والحزن العميق والانتكاسات والإخفاقات، فهي جزء من الحياة ولا يمكننا منع حدوثها كلِّها.

لذلك، ابذل قصارى جهدك لتعيش هذه التحديات بكل ما فيها، بكثير من الحب، وابحث عن السلام وأنت تعيش هذه التجربة، وبمجرد أن تجد السلام اتبع النصائح الآتية:

  • قرِّر أن تكون ممتناً للشعور والتجربة والألم.
  • أحب الشخص الذي يؤذيك، أو الذي يتصرَّف بطريقة خاطئة.
  • أحب الكون كله، وامنحه الحب والامتنان.
  • افعل شيئاً بسيطاً يحسِّن من وضعك السيِّئ.
  • ساعد أحدهم على تحسين وضعه ولو بشيء بسيط.

فهذه مجرد أمثلة، ويوجد كثير ممَّا يمكن تعداده، لكن عموماً كلها تبدأ من شعورك بالسلام والتصالح مع تجربتك.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد الامتنان مفتاح السعادة والنجاح؟

في الختام:

في تجربتي الحالية، مع هذا الإخفاق البسيط الذي عانيت منه، بدأت ببذل قصارى جهدي لتقبُّل حقيقة أنَّني إنسان ولا ينبغي أن أسعى إلى المثالية، كما سعيت إلى مساعدة غيري، وهذا هو السبب الذي جعلني ألتزم بممارسة ساعة من الرياضة يومياً لمدة 90 يوماً، ليس لأنَّني ذو إمكانات خارقة أو غاية في الانضباط، وإنَّما بهدف تعلُّم شيء من التجربة يمكنِّني من مساعدة شخص آخر.

لذلك، لست الوحيد الذي يعاني من الإخفاق، نحن هنا معك، وجميعنا سنجتاز هذه الصعاب وسنصبح أقوى، ففي النهاية أصعب الأوقات هي التي تجعلنا أقوياء.

المصدر




مقالات مرتبطة