5 فروق بين الإقناع والتلاعب بالناس

نواجه كل يوم في مجال المبيعات والاستثمارات والأعمال والعلاقات العامة وحتى الحياة نفسها مواقف لا حصر لها يجب أن نستخدم فيها التواصل لجذب أو إقناع الآخرين باتخاذ قرار قد يكون ذا أهمية بالغة لمشروعنا.



يؤدي بحث بسيط على الإنترنت عن الدورات التدريبية والكتب المتعلقة بالمبيعات إلى ظهور ما يقرب من 250 مليون نتيجة، فجميع الشركات تحتاج إلى البيع في النهاية، وجميع أرباب الأعمال هم مندوبو مبيعات في الصميم: فهم مبدعون ودؤوبون وبناة فِرق ومسوقون بالفطرة.

ولكن حذار؛ تقدِّم العديد من الدورات والكتب ومن يسمُّون أنفسهم بخبراء المبيعات والإقناع تقنيات وأنظمة تتكون من أشكالٍ مختلفةٍ من التلاعب أو الخداع "لإيقاع" العملاء أو الشركاء أو الفِرق في الفخ، وحملهم على القيام بما تريده، بغض النظر عما إذا كانوا يريدونه أو يحتاجون إليه بدلاً من دفعك إلى التواصل الفعلي معهم.

فهل هناك فرق بين الإقناع والتلاعب؟ أوليس التسويق بحد ذاته نوع من الخداع؟ الجواب القاطع هو أنَّه ليس كذلك؛ لذا إليك فيما يلي 5 فروق بين الإقناع والتلاعب.

1. يراعي الإقناع الطرف الآخر بينما التلاعب يستغله:

يتطلب التواصل الترابط الإنساني بين البشر، ويقوم على مفهوم الأخلاق؛ أي على السلطة والثقة الموجودة بين شخصين، ومن ثم يسمح بتدفق المعلومات بينهما، مما يعني بالطبع أنَّه هناك شخصان على الأقل في عملية التواصل.

يستحق هذان الشخصان المساواة؛ فهما يتمتعان بالدرجة نفسها من الكرامة والحقوق نفسها، بغض النظر عن منصبيهما، ولا مجال لتغيير هذه الحقيقة، فالكذب والسرقة أمران سيئان، ولا يمكن أن يكون الغش مقبولاً في العمل.

على الرغم من أنَّه سيكون هناك دائماً أشخاص يكسبون المال عن طريق الغش، إلا أنَّنا جميعاً متشابهين وحالمين ونهدف إلى المثالية؛ لذلك سنوضح لك في السطور التالية أنَّ التحلي بالأخلاق ليس جيداً عموماً فحسب؛ ولكنَّه جيد في مجال العمل أيضاً.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن مهارات الإقناع

2. يبني الإقناع العلاقات بينما التلاعب يدمِّرها:

تقوم الأعمال التجارية الدائمة بناءً على العلاقات طويلة الأمد مع العملاء، فدائماً ما يعود العميل الذي يثق بك باستمرار إلى شركتك، بالإضافة إلى أنَّه يجلب لها المزيد من الأعمال من خلال توصياته التي يقدِّمها لأصدقائه وعائلته.

من الممكن التلاعب بشخص ما لبعض الوقت، لكنَّ ذلك لا يستمر إلى الأبد، ومن المؤكد أنَّ الثقة تُكتَسب ببطء وتُفقَد بسرعة، فنحن نذهب إلى الميكانيكي نفسه ونتعاقد مع وسيط التأمين نفسه لعقود من الزمن؛ وذلك ليس لأنَّه الأفضل في العالم؛ بل لأنَّنا نثق به، ولأنَّه رفع من ثقتنا به في كل مرة احتجنا بها إلى خدماته.

تقوم المهن التجارية والشركات نفسها على العلاقات الإنسانية، فلا تدمِّر علاقاتك لصالح الربح السهل.

3. يبني الإقناع الفِرَق بينما يسبب التلاعب مشكلات بين أفرادها:

يعتقد الأشخاص المتلاعبون أنَّهم دائماً في الصدارة، وأنَّهم تمكَّنوا من اكتشاف "السر" أو "النظام" الذي يسمح لهم بالإفلات من العقاب في كل مرة، غير أنَّ هذا السر بسيطٌ، ويسمى ببساطة بالخيانة.

هذه هي الحقيقة، إنَّه يسمى بالخيانة فعلاً، فهو ينطوي على تلقِّي الثقة واستخدامها ضد الشخص نفسه الذي قدمها، وهذا ليس ذكاءً أو مهارةً أو تفاوضاً؛ بل هو تلاعب؛ فالشخص المتلاعب سامٌّ يدمر الفِرق والشركات والمؤسسات.

ينتقل المتلاعبون من عمل لآخر ويحققون على ما يبدو نتائج سريعة؛ حيث يستخدمون رأس المال الموثوق الذي لديهم لتطوير أجندتهم؛ ولكن سرعان ما يصبح الوضع لا يُحتمَل بسببهم، ويتوقف الناس عن التواصل، وتفشل الشركات، ودائماً ما يستخدمون الحيل، ويشتكون من أنَّهم تعرضوا إلى الغش، لكنَّهم يحفرون مصيرهم البائس، وينتهي بهم الأمر وحدهم.

4. يعزِّز الإقناع السمعة، بينما التلاعب يدمِّرها:

الإقناع

ينصح روبرت سيالديني (Robert Cialdini)، مؤلِّف كتاب (ما قبل الإقناع) (Pre-Suasión) الأكثر مبيعاً، والمخصص لتطوير أنظمة تواصل مقنعة للأفراد والشركات، عملاءه دائماً باستخدام تقنيات توجهها الأخلاق التي لا تشوبها شائبة؛ حيث يقول: "سرعان ما تفقد الشركات التي تكذب العملاء والمستثمرين"، وليس هذا فقط؛ بل وتخلق بيئة عمل يكذب فيها الجميع.

عندما تتصرف القيادة الرسمية للشركة ورواد الأعمال بطرائق استغلالية، سرعان ما يجدون أنَّ الإدارة وفريق العمل بأكمله يفعل المثل، وهذا ما حصل في شركة إنرون(ENRON) سيئة السمعة؛ حيث تعلَّم كل مستوى من مستويات الإدارة والمبيعات والإنتاج والمحاسبة أنَّه كان من الأسهل التلاعب بنتائجهم للحصول على مكافآت، بدلاً من مواجهة العواقب المباشرة، فأصبحت هذه العواقب في النهاية أكثر خطورة بكثير.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لزيادة تأثيرك في الآخرين

5. يخلق الإقناع الثروة، بينما يخلق التلاعب الثروة الزائفة (أي الفساد):

لا توجد أعمال تتطور بصورة سحرية أو سهلة؛ فالسجون والشوارع مليئة بالناس الذين قرروا السير في الطريق السهل، أي طريق الكذب أو الخيانة أو الاحتيال.

يبدؤون دائماً بشيء صغير لا يبدو أنَّه كذبة، كأن يقولوا: "الشيك جاهز بالفعل؛ أنا متأكد من أنَّك ستحصل عليه غداً"، أو "تحتاج سيارتك إلى قطعة جديدة"؛ وسرعان ما يصبح هذا الشيء الصغير عادةً ترسم أقدارهم.

يكرر الأشخاص المتلاعبون الذين ينشئون شركات متلاعبة عبارات مثل: "يفعل الجميع ذلك" أو "إنَّه أمر طبيعي" أو "هذا مبالغ في أمره"، والتي تبني بدورها مجتمعات متلاعبة تنتخب الحكومات المتلاعبة، فنجد أنفسنا قبل أن ندرك منغمسين في ثقافة حيث يكذب الجميع ويسيؤون إلى بعضهم، ويحتفلون وهم يفعلون ذلك.

إذا كنت تعتقد أنَّ قول الحقيقة مكلف، فأنا أدعوك إلى التفكير فيما يكلفنا به الكذب؛ حيث يكلف الفساد المؤسسي في الشركات والحكومات 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه هي التكلفة الاقتصادية فقط، أما التكلفة البشرية والاجتماعية والثقافية فلا تقاس بمقياس؛ وكل هذا يبدأ بجملة يقولها المتلاعبون عادةً: "من سيلاحظ ذلك؟"

يمكن أن يكون التواصل أفضل حليف في حياتك المهنية وعملك إذا استخدمته استخداماً جيداً، واتخذت الحقيقة سيفاً والكرامة درعاً، كما يمكن أن ترفع مبيعاتك وسمعتك إلى مستويات عالمية؛ لذا تعلَّم كيفية البيع والإقناع من خلال استراتيجية الاطلاع على جميع وجهات النظر؛ أما التلاعب، فاتركه للخاسرين، أنت لست واحداً منهم، ولا تريد أن تكون كذلك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة