5 سمات تميِّز الأشخاص البارعين في استثمار الوقت

الوقت ثمين، هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان، وتصبح أكثر وضوحاً عندما نشعر بأنَّنا أمام مواقف حاسمة.



خذ على سبيل المثال: الكوتش الذي لدى فريقه بضع دقائق ليحوِّل الخسارة إلى فوز قبل نهاية المباراة، أو مراقب برج التحكُّم في مطار ضخم تقلع منه وتحط فيه عشرات الرحلات الجوية في كلِّ دقيقة، أو مراسل الأخبار الذي سمع للتو بخبر عاجل، ويجب أن يُعِّد تقريره بسرعة، وحتى مريض السرطان الذي يعلم أنَّه لم يتبقَ له في هذه الحياة سوى شهرين.

مصطلح إدارة الوقت هو تناقض لفظي؛ لأنَّه يحتوي على كلمتين متناقضتين ظاهرياً، فعندما نقول وقت فإنَّنا نتحدث عن شيء خارج عن سيطرتنا، والوقت يمر بصرف النظر عن الطريقة التي ندير بها حياتنا.

إدارة الأولويات هي السر في مضاعفة الوقت الذي نمتلكه، فعلى الرَّغم من أنَّنا نشعر، وكأنَّ الأيام مختلفة عن بعضها، إلا أنَّها في الواقع عبارة عن وحدات زمنية متساوية أشبه بحقائب متطابقة من حيث الحجم لكن بعضنا فقط يعرف كيف يحزم أشياء أكثر في حقيبته.

لا يستطيع أحد أن يزيد من ساعات يومه، لكن إذا امتلكنا القدرة على توجيه حياتنا، فسنكون قادرين على استثمار كلِّ دقيقة من وقتنا على أفضل وجه، وقد لا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إنَّ إدارة الوقت هي أبرز مسؤوليات القائد، وكما يقول الأب الروحي لعلم الإدارة بيتر دراكر (Peter Drucker): "لا شيء يميز المديرين التنفيذيين الفعالين عن غيرهم أكثر من تقديرهم الشديد لقيمة الوقت".

في هذا المقال سنتحدث عن 5 سمات تميِّز الأشخاص الذين يستثمرون وقتهم بحكمة، حتى تثابر على تطوير ما تملكه من هذه السمات، وتسعى إلى امتلاك ما ليس لديك من أجل تحقيق أقصى فائدة من الوقت الذي لديك:

1. يمتلكون هدفاً:

يستثمر الأشخاص الذين يديرون حياتهم بحكمة الوقت الذي لديهم في أنشطة تساعدهم على تحقيق هدفهم الإجمالي في الحياة، فيمكن لأيِّ شخص الوصول إلى مستوى عالٍ جداً من الأداء بواسطة استثمار وقته وطاقته في تحقيق هدفه الأسمى في الحياة.

المعادلة ببساطة، هي أنَّه حتى نصل لمستوىً عالٍ من الأداء، ينبغي أن يكون لدينا هدف كبير في الحياة، فالهدف هو ما يعطي المعنى لأفعالنا في الحياة، في الواقع يُعدُّ أهم حدث في حياة أيِّ إنسان هو حدث ولادته، أمَّا الحدث الذي يليه من حيث الأهمية هو لحظة اكتشافه لغايته من الحياة.

إنَّ امتلاك الإنسان لهدف في الحياة يضفي على أعماله طابع الشغف، ويزيد من تركيزه، وطاقته، ويجعله أكثر مثابرةً، والنتيجة النهائية هي تحقيق الإنجازات.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار لإتقان إدارة الوقت

2. يلتزمون بقيمهم:

يتميَّز الأشخاص الذين يستثمرون وقتهم بحكمة بأَنَّهم يبقون ملتزمين بقيمهم في الوقت الذي يقضونه سواء في العمل أم غير ذلك، إنَّهم يشعرون بالرضى عندما يتصرفون بما يتماهى مع معتقداتهم، وعلى النقيض من ذلك، يشعر الأشخاص الذين يفشلون في تحديد قيمهم الأساسية بحالة من الضياع، والسبب هو أنَّهم لا يعرفون بالضبط ما هي الأمور الهامة بالنسبة إليهم في الحياة.

امتلاك رؤية واضحة عن القيم الأساسية يشبه امتلاك مصباح كشَّاف يساعد على معرفة الطريق عندما يواجه الشخص فترات عصيبة، وعلى مستوى أكبر، عندما تعمل مؤسسة من المؤسسات، وفق منظومة قيم محددة فإنَّ الإلهام يشمل مكونات المؤسسة كلِّها التي تعمل مثل يد واحدة لتحقيق هدف موحَّد.

تجعل القيم عمل المؤسسة مثمراً، وفي مؤسسة يعمل فيها الجميع وفق رؤية محددة بهدف إنجاز مهمة محددة، تكون القيم بمنزلة الجوهر الذي يمنح كلَّ التعاملات والعمليات اليومية معناها.

3. يعرفون نقاط قوتهم ويستثمرونها:

يعرف الأشخاص الذين يستثمرون الوقت استثماراً صحيحاً كيف يستفيدون من نقاط قوتهم، وهذا ما يجعلهم أكثر فاعليةً في أداء المهام.

لا يهتم أحد بالأداء العادي؛ لذلك إذا كان مستواك في إحدى المهارات متدنياً جداً فيجب ألا تضيِّع وقتك في محاولة تنمية هذه المهارة؛ لأنَّك لن تتجاوز المستوى المتوسط على الأغلب، لكن إذا كنت جيداً في مجال ما، فافعل ما بوسعك للتقدُّم في هذا المجال؛ لأنَّه حالما تصبح جيداً جداً فإنَّك ستبلغ مستوىً نادراً من الخبرة.

كما يقول نجم البيسبول الأمريكي السابق جيم ساندبيرج (Jim Sundberg): "اكتشف المهارات الفريدة لديك، ومن ثمَّ التزم بتطويرها"، فكلُّ واحد منا لديه مجموعة فريدة من المهارات والمواهب، وعليه أن يكتشفها أولاً، ومن ثمَّ العمل على تطويرها، وستكون كفيلة بتحقيق النجاح.

4. ينظِّمون أولوياتهم بما يحقق لهم السعادة:

يمتاز الأشخاص الذين يستثمرون وقتهم بحكمة أنَّهم يحققون السعادة بتنظيم علاقاتهم وأساليب رفاهيتهم على شكل أولويات، وفيما قد يبدو أنَّ اختيار السعادة أمر بسيط وواضح، إلا أنَّ أشخاصاً كثيرين يخفقون في ذلك في أثناء سعيهم إلى إثبات أنفسهم، وتحديد قيمتهم.

يسعى هؤلاء الناس وراء النفوذ والمكانة، وفي سعيهم يخسرون صداقاتهم، وينسون عائلاتهم، وقد تراهم عاجزين عن أخذ إجازة والاستمتاع بها، وفي النهاية وحتى عندما يحققون النجاح، فإنَّهم يفشلون بالاستمتاع به، ويشعرون بالوحدة رغم ما حققوه من إنجازات.

أحد أهم ركائز السعادة هي الصداقة والعائلة؛ ولذلك تخصيص الوقت الكافي للاهتمام بالعلاقات هو السمة المميزة للقائد الذي يتمتع بنفسية سوية، وبالمثل، فإنَّ تنظيم أوقات الفراغ يقلل من التوتر، ويسمح لنا بالاستمتاع بالهوايات التي تجلب لنا السعادة.

إنَّ السعادة هي حالة نفسية، ولهذا يكون من الحكمة أن نستمتع بوجود العائلة والأصدقاء وأوقات المرح لكن دون أن نغفل عن تحديد الاستجابة المناسبة للظروف والأشخاص في حياتنا.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لكسب المزيد من الوقت كل يوم

5. يدعمون الأشخاص الآخرين:

من ميزات الأشخاص الذين يجيدون استثمار الوقت هي أنَّهم يسهلون على الآخرين زيادة إنتاجيتهم، ويدرك هؤلاء الأشخاص حدود القدرات البشرية، ولذلك يلجؤون إلى تشكيل فرق متكاملة للحصول على نتائج أفضل.

استراتيجيتهم في المؤسسات هي بناء فرق من الأشخاص المميزين كلٌّ في مجاله وتوظيفهم توظيفاً جيداً من أجل مضاعفة التأثير الإيجابي، وتقليل الوقت، والجهد.

يدرك الأشخاص الداعمون أنَّ قيمة الأشخاص لا تتحدد بالإنجازات فقط؛ ولذلك ينضمون إلى الآخرين، ويشاهدون كيف تؤثِّر قيادتهم تأثيراً مضاعفاً وإيجابياً في حياة الأشخاص الذين قدموا لهم المنتورنغ، ويهدف الداعمون إلى الحصول على النتائج على الأمد الطويل، ما يجعلهم مهتمين بنجاح الجيل الذي سيخلفهم.

إقرأ أيضاً: النجاح في إدارة الوقت: 8 خطوات كفيلة بإدارة وقتك والتخلّص من التسويف

في الختام:

صحيح أنَّه لا يمكن الحصول على مزيد من الوقت، لكن بإمكاننا أن نتعلَّم كيف نستثمر وقتنا بحكمه، وسنجد أنَّنا أكثر إنتاجية والأهم من ذلك أكثر سعادةً.




مقالات مرتبطة