5 رسائل تذكرك بإيجاد القوة والسلام في أوقات الحزن

ثمة قول مأثور يقول: "يجب استخدام المأساة مصدراً للقوة"، ولطالما كررت جدتي هذه العبارة على مسمعي خلال نشأتي في كل مرة أتعرض فيها إلى محنة، وكانت تذكرني بلطف أنَّ معاناتي الحالية كانت تساعدني على النمو أقوى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" ( MARC CHERNOFF) صاحب مدونة (مارك وآنجل) (marcandangel.com)، ويخبرنا فيه عن بعض الرسائل التي يستحضرها في ذهنه دائماً لإيجاد القوة والسلام في أوقات الحزن.

مع ذلك في بعض الأحيان في خضم التوتر والمشقة يكاد يكون من المستحيل الحفاظ على مثل هذا المنظور الإيجابي، وهنا يأتي دور الرسائل الخمس أدناه؛ فأنا أستحضرها من وقت إلى آخر؛ لتذكير نفسي بأنَّ معاناتي تمنحني فرصةً للنمو، وأستخدم ما تعلمته؛ لإحداث تغيير إيجابي، واليوم أنقلها إليك على أمل أن تساعدك على العثور على بعض القوَّة الداخلية الإضافية والسلام عندما تكون في أمسِّ الحاجة إليها.

إليك 5 رسائل تذكرك بإيجاد القوة والسلام في أوقات الحزن:

1. المشكلات تسهم في تحسنك تدريجياً:

"قد تواجه العديد من الهزائم، لكن يجب ألا تُهزم، وفي الواقع قد يكون من الضروري مواجهة تلك الهزائم؛ حتى تتمكن من معرفة شخصيتك وما الذي يمكنك مواجهته والتغلب عليه".

الروائية الأمريكية مايا أنجلو (Maya Angelou).

في يوم من الأيام، وعندما لا تتوقع ستصدمك الحياة ببعض الأحداث المفاجئة التي ستثير الفوضى الضرورية في حياتك، وبمجرد أن تنتهي هذه الفوضى لن تتذكر بالضبط كيف حدث ذلك كله، وكيف نجحت في تجاوزها، أو أين وجدت القوة التي تحتاجها للاستمرار، ولن تكون متأكداً حتى ممَّا إذا كانت الفوضى قد انتهت تماماً، ولكن يوجد شيء واحد يمكنك التأكد منه وهو "عندما ينتهي الأمر أخيراً ستكون شخصاً أقوى بكثير ممَّا كنت عليه قبل حدوثه"؛ وهذا بالضبط السبب في كون هذه الفوضى ضرورية.

لذا دع ندوبك تذكرك أنَّك نجوت بالفعل من جروح عميقة وخطيرة، وهذا في حدِّ ذاته هو إنجازٌ كبير، ودع تلك الندوب تستمر في تذكيرك بحقيقة أنَّ الضرر الذي ألحقته الحياة بك قد جعلك أقوى وأكثر مرونة من نواحٍ كثيرة، وأنَّ ما آلمك في الماضي جعلك في الواقع أكثر استعداداً لمواجهة الحاضر.

إقرأ أيضاً: سر السعادة: فن التعامل مع الحزن بطريقة أفضل

2. أنت قوي بما يكفي لمعاملة تقلبات الحياة الضرورية:

"لا تكمن العظمة في عدم التعثر في الحياة أبداً؛ بل في النهوض بعد كل مرة نتعثر فيها".

رئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا (Nelson Mandela).

على الرَّغم من صعوبة إدراك ذلك إلَّا أنَّ القدرة البشرية على تحمل الألم والمعاناة تشبه الخيزران في ليونته؛ فهي أكثر مرونة بكثير ممَّا كنت تظنُّه للوهلة الأولى، وللأسف غالباً ما نتعلم في سن مبكرة أنَّ كل الآلام رديئة ومؤذية، ولكن كيف يمكننا معاملة الحياة الحقيقية والحب الحقيقي إذا كنا نخشى أن نشعر بما نشعر به حقاً؟

إذ إنَّنا بحاجة إلى الشعور بالألم تماماً كما نحتاج إلى الشعور بأنَّنا أحياء ومحبوبون؛ فالمقصود من الألم هو إيقاظنا، ومع ذلك نحاول إخفاء آلامنا، علينا إدراك أنَّ الألم شيء يجب تحمله عن طيب خاطر، تماماً مثل الشعور الجيد؛ لأنَّك لا تستطيع معرفة مدى قوتك إلا عندما يكون الخيار الوحيد لديك هو أن تكون قوياً.

تذكر أنَّ الصراعات الكبيرة في الحياة ليست فقط هي التي تتطلب هذا النوع من القوة والمرونة في الشخصية؛ فمع الدعم المعنوي الصحيح يمكن لأيِّ شخص تقريباً أن ينهض لفترة قصيرة لمواجهة أزمة أو مأساة مربكة بشجاعة، ولكن لمواجهة المشكلات الصغيرة والمخاطر غير المتوقعة كل يوم بابتسامة؛ فهذا يتطلب روحاً قوية.

هذا هو نوع القوة الذي يجب أن تسعى جاهداً إلى تطويره يومياً، وأن تعلم أنَّ الحياة كلها مجرد لعبة يجب أن تلعبها بمهارة وإنصاف قدر الإمكان، وإذا خسرت جولة فتعلَّم أن تبتسم لتلك الخسارة، وافعل الشيء نفسه عندما تفوز.

شاهد بالفيديو: 19 نصيحة للعثور على السعادة في الأوقات العصيبة

3 مخاوفك موجودة في رأسك فقط:

"افعل كل يوم شيئاً واحداً تخافه".

السياسية والدبلوماسية الأمريكية إليانور روزفلت (Eleanor Roosevelt).

هل يمكنك أن تكون شجاعاً حتى لو كنت خائفاً لدرجة الموت؟ بالطبع، في الواقع هذه هي المرة الوحيدة التي يمكنك فيها حقاً أن تكون شجاعاً؛ فالشجاعة ليست غياب الخوف؛ بل هي الخوف والقيام بما أنت خائفٌ منه على أيَّة حال.

يجب أن تكون شجاعاً بما يكفي لتتحلى بالجرأة؛ فعدم المخاطرة يعني إضاعة أحلامك، وسيكون الأمر مرهقاً للأعصاب في بعض الأحيان، لكن لا تدع مخاوفك تكون عقبة في طريقك؛ فهي ليست هنا لإيقافك؛ لكنَّها موجودة لإعلامك بأنَّ أحلامك ذات مغزى وتستحق الجهد والنمو الشخصي المطلوبَين لتحقيقها.

عندما تمر بأوقات عصيبة قد يكون من الصعب اتباع قلبك واتخاذ خطوة أخرى، ولكن من الخطأ أن تدع أكاذيب الخوف توقفك؛ فعلى الرغم من أنَّ الخوف يمكن أن يسبب لك الارتباك، ويهزم أشخاصاً أكثر من أي قوة أخرى في العالم إلا أنَّه ليس قوياً كما يبدو؛ فأنت تخاف فقط بالقدر الذي يسمح به عقلك؛ إذاً أنت ما تزال في مركز السيطرة؛ لذا خذ زمام المبادرة.

الحل لذلك هو الاعتراف بخوفك ومعاملته مباشرة؛ لذا حارب بجد لاستكشافه؛ لأنَّك إذا لم تفعل ذلك، وإذا أصبح خوفك سرَّاً تتجنبه دائماً ربَّما تتمكن من نسيانه لفترة وجيزة إلا أنَّك تجعل نفسك عرضةً لهجمات الخوف المستقبلية عندما لا تتوقعها على الأقل؛ لأنَّك لم تواجه حقاً الخصم الذي هزمك.

4. أنت تتحكم بأفكارك الحالية وأفعالك وردود أفعالك:

"أنت تمتلك السلطة والتحكم بعقلك وليس الأحداث الخارجية؛ لذا حاول أن تدرك ذلك، وسوف تجد القوة".

الإمبراطور والفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius).

ما قد تفكر فيه على أنَّه مصيرك هو في الحقيقة مجرد ظروفك، ويمكن تعديل أو تغيير هذه الظروف؛ فأن تدرك أنَّك مسؤول بالكامل ومسيطر على ظروفك من خلال أفعالك ومواقفك أمرٌ بالغ الأهمية، ولا يجب أن يكون هذا الإدراك محبطاً أيضاً؛ لأنَّه يعني ببساطة أنَّك حُرٌّ في إجراء التغييرات على النحو الذي تراه مناسباً.

بصرف النظر عمَّا حدث في حياتك فأنت لست مقيداً بالماضي؛ فربَّما يكون قد شكَّل مشاعرك تجاه نفسك، وقدراتك، وما يبدو ممكناً بناءً على تجاربك، ولكن هذا كله يمكن تعديله إذا كنت على استعداد لفحص كيف شكَّل الماضي تفكيرك الحالي؛ بمعنى آخر يمكنك تغيير حياتك من خلال تغيير أفكارك بشرط أن تكون لديك الشجاعة لتحليل الأسباب التي خلقتها.

لذلك لا تدع ألم الموقف يجعلك تيأس، ولا تدع السلبية تؤثر في تفكيرك، ولا تدع مرارة العيش تسرق حلاوة الحياة، وعلى الرَّغم من أنَّ الآخرين قد يختلفون معك افتخر بحقيقة أنَّك ما زلت تعرف أنَّ العالم مكان رائع، واستمر وفقاً لذلك.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتبدأ نهارك وأنت في قمة السعادة

5. أنت تستحق حبك واهتمامك واحترامك:

"لقول: "أنا أحبك" يجب أن يعرف المرء أولاً كيف يحب نفسه".

الكاتبة آين راند (Ayn Rand).

الحب هو قوة الحياة، ولأنَّ لديك حبَّاً بداخلك فلديك حياة بداخلك.

عندما تفقد الثقة والرغبة فقد تأخذ بعض الوقت للتفكير في كل شيء في الحياة، وعندما تملك المحبة والقبول لما تفعله فإنَّك تتقبَّل كل ما تقدمه الحياة من عظمة؛ لذا عليك أن تتعلم أن تحب نفسك أولاً بكل ما لديك من صفات غريبة وعيوب، وإذا لم تتمكن من فتح قلبك وعقلك لنفسك، فلا يمكنك فتحهما لمحبة الآخرين أو أي عواطف مدفونة بداخلك.

عندما يكون حب الذات موجوداً يمكنك المخاطرة وتجربة الفضول أو الدهشة أو الفرح المفاجئ أو أي حدث يكشف عن جمال روحك المزدهرة، وحتى لو لم تسر الأمور كما هو مخطط لها فما يزال لديك أساس من الحب والقبول بداخلك لتعود إليه؛ لأنَّك عندما تستمر في حب نفسك حتى عندما تتألم لن يكون لديك المزيد من الأذى فقط المزيد من الحب.

لذا تذكر: كثير من الناس يبالغون في تقدير ما ليس فيهم، ويقللون من قيمتهم؛ فلا تكن واحداً منهم، فمن المنطقي أن نجد الذات جزءاً من كلماتٍ مثل احترام الذات وتقدير الذات وحب الذات؛ فلا أحد يمكنه منحها لك.

إقرأ أيضاً: كيف تنعم بالسعادة في حياتك؟

في الختام:

"الأوقات العصيبة لا تدوم؛ بل قوة الشخصية هي التي تدوم"؛ كرِّر هذه العبارة لنفسك كلما احتجت إلى ذلك.

كل جرح يترك ندبة، وكل ندبة تحكي قصة، قصة تقول: "تعلمت ونجوت"؛ ففي بعض الأوقات تدخل المشكلات في حياتك ولا يمكنك فعل أي شيء لتجنبها؛ لكنَّها موجودة لسبب ما، وفقط عندما تتغلب عليها ستفهم سبب وجودها؛ لذا كن شجاعاً وتابع التقدم؛ فلن ترى النور في نهاية النفق حتى تمشي في الظلام.




مقالات مرتبطة