5 خطوات لتستعيد توازنك حينما تعصف بك الحياة

حينما تعصف بك الحياة، هل تستعيد توازنك سريعاً، أم تغرق في عواطفك وتستسلم؟



إذا كنت تواجه صعوبةً في التعامل مع مآسي الحياة، فأنت لست وحدك؛ إذ يواجه الجميع أوقاتاً عصيبةً في حياتهم، فلا أحد يعلم أبداً متى ستلقي الحياة بظلال قسوتها علينا، ذلك لأنَّ الدنيا متقلبة للغاية؛ حيث ترفعك إلى القمم الشاهقة ثمَّ تهوي بك إلى الحضيض مرةً أخرى دون أن تدري؛ لذا ستمر عليك أوقات تشعر فيها وكأنَّك تملك العالم، بينما قد تشعر في أحيان أخرى وكأنَّك بلغت الحضيض.

سيتأرجح معظمنا على طرفي هذه السلسلة في مرحلة ما من حياتنا؛ فمواجهة المجهول يجعل رحلتنا في الحياة مثيرةً ومرعبةً بنفس القدر؛ فإذا كنت تتشبث بالحياة ظناً منك بأنَّها مجرد ممر مستقيم يسهل الخوض داخله بحُرية، فسيصدمك الواقع الأليم، وحينما تواجه المصاعب في حياتك، من الطبيعي أن تصاب بالإحباط، وقد يصل بك الأمر إلى أن تفقد الأمل بأنَّ الأمور ستتحسن، ولكن لسوء الحظ، إنَّ طريقة التفكير هذه هي نفسها التي تترك الكثير من الناس في حالة من العجز، ليتعمق إحساسهم بأنَّهم الضحية.

إنَّ رحلة الحياة الجامحة هذه ما هي في الواقع إلا سلسلة لا نهاية لها من التقلبات، والنجاحات، والإخفاقات، والنكسات، والإنجازات؛ لذا، من الضروري أن تطور مرونتك.

تجربة استعادة التوازن:

يصعب على المرء أن يجمع شتات نفسه حينما تعصف الحياة به؛ إذ لا أحد يُعِدُّ نفسه لذلك، بل يتلقى ضربةً موجعةً تتركه غارقاً في اليأس، وقد تبدو أنَّك بخير ظاهريَّاً، ولكنَّك تشعر وكأنَّ الألم يعصر روحك، وكأنَّ معركة ضارية تدور رحاها في داخلك، ولا تستطيع الانتصار مهما كافحت وقاومت؛ حيث تظل أعصابك متوترة دائماً.

ولن تتمكن من استعادة التوازن في حياتك، والانتقال من حالة الضحية العاجزة إلى حالة من الراحة والرضا ما لم تتواصل مع ذكائك الجسدي تواصلاً أعمق؛ حيث تختبر مصاعب الحياة هذه مرونتك الجسدية والعقلية والعاطفية، كي تصبح هذه التجربة المروعة نعمةً لا نقمة، وتمنحك القدرة على التواصل مع عقلك، وجسدك، وروحك، على مستوى جديد تماماً؛ ليقودك بعد ذلك نحو هدف حياتك.

لذا لا يقتصر الهدف من المرونة على التمكن من استعادة توازنك فحسب، بل يتعلق الأمر بتعلم كيفية المضي قدماً؛ إذ لا يكفي أن تجمع شتات نفسك فقط كي تتجنب الوقوع في الأخطاء ذاتها؛ فعليك أن تخطو خطوةً أخرى إلى الأمام، وتبحث عن المعنى الكامن وراء هذه الأوقات العصيبة حتى تتمكن من تحويل الألم إلى أمل.

شاهد بالفيديو: كيف تعيش حياتك برضا تام؟

أهمية المرونة:

هل تساءلت يوماً لماذا يستعيد بعض الأشخاص توازنهم بشكل أسرع بعد مواجهة التحديات، بينما يخفق الآخرون في ذلك، ولا يستطيعون النهوض مجدداً؟

يتعلق الأمر كله في نهاية المطاف بالمرونة، حيث إنَّ المرونة هي قدرتنا على التكيف مع الشدائد، أو الصدمات، أو المآسي، أو التهديدات، أو مصادر التوتر البارزة التي نواجهها؛ فالطريقة التي تتعامل بها مع النكسات تحدد مستوى نجاحك في الحياة إلى حد كبير؛ لذا من الهام التمتع بطريقة تفكير مرنة.

تكمن روعة المرونة في أنَّها سمة يمكن تعلُّمها وتطويرها من خلال الممارسة والتدريب كل يوم كالعضلات تماماً؛ تذكَّر أنَّ التمتع بالمرونة لن يخلِّصك من التحديات التي تواجهها بطريقة سحرية، ولكنَّه سيمنحك القدرة على استعادة توازنك بشكل أسرع حتى تتمكن من الاستمتاع بحياتك إلى أقصى حد؛ فكما يقول الدكتور İستيف مارابوليİ (Steve Maraboli): "لا تصبح الحياة أسهل أو أكثر تسامحاً؛ بل نحن من نصبح أقوى وأكثر مرونة".

إقرأ أيضاً: تطوير استراتيجيات المرونة في التعامل مع الأزمات

5 خطوات لتستعيد توازنك حينما تعصف بك الحياة:

حينما تشعر أنَّك لا تقوى على تجاوز المحن، تأكَّد بأنَّك تستطيع فعل ذلك؛ فقط توقف برهةً، وفكِّر في كل المصاعب التي عانيت منها في الماضي، وها أنت ذا لا تزال صامد، لماذا تعتقد أنَّك نجحت في ذلك؟ وما هي السمة التي مكَّنتك من تجاوز هذه الأوقات العصيبة؟

لا يُقدِّر الناس قدرتهم على المرونة والصمود تقديراً كافياً، حيث لا يهم كم مرة أخفقت؛ بل ما يهم هو أن تستعيد توازنك بعد كل فشل؛ إذ لن تعرف مدى قوتك حتى تجد نفسك في موقف ليس أمامك خيار فيه سوى أن تكون قوياً، كما يمكنك تحويل أسوأ ظروفك إلى حياة هادفة؛ ولكن عليك أن تُؤمن أنَّ هذا الأمر ممكن بالنسبة لك؛ لذا، نقدِّم إليك فيما يلي خمس خطوات لتستعيد توازنك بسرعة حينما تعصف بك الحياة:

1. انظر إلى التجربة العصيبة من زاوية مختلفة:

دعنا نواجه الأمر؛ يشعر المرء بخيبة أمل كبيرة عندما تعصف به الحياة؛ حيث يسهل الوقوع في دوامة من رثاء الذات، وإلقاء اللوم على العالم في كل ما تواجهه، ولا ينفك يدور سؤال "لماذا أنا؟" في رأسك مراراً وتكراراً كتسجيل رديء؛ ومع ذلك، لمجرد أنَّك أفسدت مخططاتك، فهذا لا يعني أنَّك فشلت تماماً؛ فلا مشكلة في أن تشعر بخيبة الأمل قليلاً، ولكن احرِص على أن تسيطر على مشاعرك بعد ذلك من خلال إعادة النظر إلى التجربة السلبية التي تواجهها من زاوية مختلفة، مما يعني تغيير طريقة تفكيرك، أو "حديثك" مع نفسك حول المشكلة التي تثير توترك؛ فبدلاً من أن تقول: "أنا أستسلم"، و"أنا فاشل"، غيِّر حديثك مع الذات، وقل: "إنَّها مجرد نكسة، وسوف أتجاوز هذه المحنة لأنَّني شخص قوي".

يعتمد الأمر كله على المعنى الذي تمنحه للتجارب التي تخوضها في الحياة، سواء كانت جيدة أم سيئة؛ فما أحداث الحياة العصيبة إلا مجرد فرص تساعدك على تنمية شخصيتك.

2. تعاطف مع نفسك:

يساعدك التعاطف مع ذاتك على الوقوف أمام التحديات التي تواجهها في الحياة بمزيد من الرضا واليُسر؛ فبغض النظر عن النكسات التي تعترض طريقك، لا تَلُم نفسك، سواء كان ما تواجهه أمراً تحت سيطرتك أم لا، تعاطف مع نفسك قليلاً؛ فحينما تأخذ الوقت الكافي لتُعامِل نفسك بلطف، فإنَّك تعزز فكرة أنَّك تستحق أن تُعامَل بشكل جيد.

إنَّ أسوأ شيء يمكنك القيام به في هذه الظروف هو أن تلوم نفسك، لأنَّ ذلك كفيل بأن يغمرك بمشاعر الخجل التي تشكل عبئاً ثقيلاً يصعب عليك تحمله، وبالتالي تدرك من خلال التعاطف مع نفسك أنَّ ما تعاني منه ما هو إلا لحظةٌ عابرة غير صحية، وليس حياةً غير صحية، وأنَّ اللحظة التالية دائماً ما ستكون رهن اختيارك.

لذا، في المرة القادمة التي تجتاحك فيها المصاعب، اسأل نفسك عما تحتاجه لتنعم بالسكينة والاستقرار حينما لا تشعر بأي راحة في محيطك.

يتمحور منح الحب لنفسك حول الاعتراف، وتقبُّل حقيقة أنَّك لست مثالياً، ولا الحياة كذلك أيضاً؛ ولا يسعنا إلا أن نبذل قصارى جهدنا، وستتمكن من خلال تبنِّي طريقة التفكير هذه من النظر إلى التحديات بموضوعية أكثر، وبالتالي ستشعر بمزيد من التحكم في حياتك؛ وفي نهاية المطاف، لا يمكنك التحكم بردات فعل الناس، أو بما يعطيك إياه العالم، ولكنَّك قادر على التحكم في عالمك الداخلي.

3. تحمَّل مسؤولية حياتك:

حينما ترفض تحمل مسؤولية النكسات التي تواجهها في الحياة، فإنَّك تتجنب مواجهة المشكلات كلياً، وبالتالي تضعف نفسك؛ فربما لم تحدث المشكلة بسبب خطأ اقترفته، ولكن هذا لا يعني أنَّه لا يمكنك تحمل مسؤوليتها، فإنَّ قضاء الوقت في الشعور بالأسى إزاء مشكلة تعاني منها ما هو إلا هدر لوقتك وطاقتك، ولن تتمكن من المضي قدماً في حياتك إذا كنت تلقي اللوم دائماً على العالم في كل ما يحدث معك.

لذا تجنب تقديم الأعذار مهما كلَّفك ذلك، واعترف بدورك الذي لعبته في المشكلة؛ الأمر الذي سيمنحك القوة لتتعلم من أخطائك، وتستعيد توازنك بسرعة حينما تعصف بك الحياة، وكما تقول "إيريكا جونغ" (Erica Jong): "احمل حياتك بين يديك، وماذا سيحدث؟ سيحدث أمر رهيب: لا يمكنك أن تلقي اللوم على أحد".

إقرأ أيضاً: 13 خطوة للتوقف عن اختلاق الأعذار وتحمل المسؤولية

4. ابحث عن الجانب المشرق:

تتسم الحياة بالغرابة أحياناً؛ فقد تتحول التجربة التي تبدو أسوأ ما قد يحدث لك في العالم إلى نعمة مخفية، وهنا عليك أن تسأل نفسك: هل عصفت بك الحياة حقاً، أم أنَّها كانت تحاول إرشادك نحو اتجاه آخر؟

إنَّنا دائماً ما نحكم على أي موقف نتعرض له بأنَّه سيئ لمجرد أنَّ الأمور لم تجرِ كما أردنا، ولكن ماذا لو لم تكن كذلك؟ لذا، حينما تنظر إلى الجانب المشرق من أي موقف عصيب، ستشعر بقوة أكبر لتبحث عن حل للمشكلة؛ حيث تُظهر الأبحاث أنَّ التمتع بنظرة إيجابية في الظروف الصعبة هو أهم مؤشر على قوة مرونتك، ودائماً ما ينظر الأشخاص المتفائلون إلى العقبات والتحديات على أنَّها فرص تطوير أنفسهم؛ فإذا تمكنت من النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، ستنعم بسعادة أكبر في حياتك، بغض النظر عن مصاعب الحياة.

5. حاول مجدداً في كل مرة تخفق فيها:

لديك خياران لا ثالث لهما حينما تعصف الحياة بك: إما أن تجمع شتات نفسك وتمضي قدماً، أو أن تلازم مكانك وتقبل الهزيمة؛ وكلما طال استسلامك، يصعب عليك النهوض مجدداً؛ لذا عليك أن تتخذ كل إخفاقٍ في حياتك فرصةً لتصبح شخصاً يتمتع بحكمة أكبر؛ فما الفشل إلا مجرد دليل على أنَّك تحاول، إذ لن تتمكن من تحقيق التنمية الشخصية إذا بقيت حبيس منطقة راحتك، بل يتطلب الأمر أن تُقدِمَ على مجازفاتٍ كبيرة وتضع نفسك على المحك دون أن تعرف النتيجة النهائية، كما يتطلب عيش حياة استثنائية أن تفعل الأمور التي لا يرغب الآخرون في القيام بها؛ إذ لا وجود لأشخاص ناجحين لم يعانوا الأمرَّين لتحقيق ذلك النجاح، والفارق الوحيد بينهم وبين الآخرين هو أنَّهم لا يستسلمون حينما تتعقد الأمور؛ فعندما يخفقون في مساعيهم، فإنَّهم يحاولون مجدداً دون التفكير فيما حدث مرة أخرى، وإذا لم يتمكنوا من العثور على حل لمشكلتهم، فإنَّهم يخلقون ذلك الحل؛ إذ لا خيار آخر أمامهم.

لذا، في المرة القادمة التي تعصف بك فيها الحياة، استعِد توازنك سريعاً، واعلم أنَّ رفضك للاستسلام يعني أنَّك قد انتصرت بالفعل في لعبة الحياة؛ فكل صراع تواجهه ما هو إلا نقطة انطلاقٍ على طريق النجاح.

الخلاصة:

إنَّ الفشل مجرد جزء من الحياة، ولكنَّ الحياة الحقيقية تكمن في النهوض مجدداً؛ فمهما قَسَتْ عليك الظروف، لا تستسلم أبداً، وكما يقول مدرب كرة القدم الأمريكية، "فينس لومباردي" (Vince Lombardi): "لا يهم كم مرة تتعرض للإخفاق، بل كم مرة تنهض من فوضى حياتك مجدداً".

لذا اجمع شتات نفسك، وامسح دموعك، وامضِ في حياتك قدماً؛ فأنت تستحق ذلك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة