5 خطوات تساعدك على الاستفادة جيداً من قراءة الكتب

سألني أحدهم ذات يوم: "كيف يمكنك الاحتفاظ بمزيد من المعلومات من الكتب التي تقرؤها؟" أحببتُ ذلك السؤال؛ لأنَّني في أثناء نموي، لم أكن مولعاً بالقراءة، بينما في هذه الأيام، تعجُّ المقاهي بأشخاصٍ يقرؤون الكتب وهم يحتسون قهوتهم، ويُعَدُّ هذا تحوُّلاً كبيراً، فالكتب التي أقرؤها الآن أكثر من الكتب التي قرأتها في أي وقت مضى، لكنَّ الفكرة الهامَّة هي أنَّ الأمر لا يتعلَّق بعدد الكتب التي تقرؤها، بل بالمقدار الذي تحتفظ به ممَّا تقرؤه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في الاستفادة من الكتب التي يقرؤها في حياته.

معظم الأشخاص الذين أتحدث معهم ليس لديهم استراتيجية قراءة، هم فقط يلتقطون كتاباً ويبدؤون بقراءته، وقد كنت مثلهم في السابق، لكن هذا غير ممكنٍ الآن بالنسبة إليَّ، قد تقرأ رواية للترفيه، لكن فكِّر في الأمر، لماذا تقرأ كتاباً واقعياً في المقام الأول؟ أليس لأنَّك تريد الحصول منه على شيء هام والاستفادة منه، وأن تتعلَّم أشياء يمكنك تطبيقها في حياتك لتنمو وتتطور، إذاً هذا هو بيت القصيد من القراءة.

أنا أُسأل غالباً: "كيف تتذكَّر المعلومات التي تقرؤها في الكتب؟"، وفي هذا المقال سأشرح نظامي الذي اعتمدته في ذلك:

1. تحديد الهدف:

قبل أن أفكِّر حتى في الكتب التي سأقرأها، أفكِّر فيما أحاول تحقيقه، وأظنُّ بشدة أنَّ محتوى الكتب يجب أن يتوافق مع ما يحدث في حياتك، وسأعطيك مثالاً عن ذلك.

أوصاني أحد المنتورز عندما التقيته في عام 2011، بقراءة كتاب "التدفق" (Flow) لأستاذ علم النفس الهنغاري الأمريكي "ميهالي سيكسينتميهالي" (Mihaly Csikszentmihalyi)، فاستمعت إلى نصيحته واشتريت الكتاب، وبدأت أيضاً في قراءته، لكنَّني لم أنسجم مع المحتوى في ذلك الوقت، وهذا لا يعني أنَّ "التدفق" كتابٌ سيئ؛ بل على العكس فقد قرأته منذ فترة وأحببته حقاً، إنَّه أفضل كتاب قرأته عن عادات العمل.

لكن، بالعودة إلى عام 2011، لم أكن أهتم بهذا النوع من الأشياء، فقد كنت قد تخرَّجت حديثاً وبدأت العمل، وكنت أجد نفسي تائهاً وأفكِّر فقط في تنمية أعمالي؛ لذا أنت تحتاج إلى تحديد هدف القراءة.

ما الذي يجري في حياتك؟ هل تقوم ببناء عمل تجاري؟ هل تمر بحالة طلاق؟ هل تبحث عن وظيفة؟ هل تحاول اتخاذ الخطوة التالية في حياتك المهنية؟ هل تريد إنجاز مزيد من الأشياء؟ إذاً، اقرأ فقط الكتب التي تعلِّمك كيفية التغلُّب على التحديات الحالية.

2. مشاركة المعرفة:

المعرفة جيدة فقط إذا طبَّقتها، لكن ثمَّة شيء واحد لا يفكِّر فيه معظم الناس، وهو أنَّ مشاركة المعرفة تصرُّف رائع، فقد لا تكون معلِّماً، لكن إذا تصرَّفت مثل معلم، فأنت تقوم بالفعل بتطبيق المعرفة، وكل ما يتطلَّبه الأمر هو تغيير في العقلية.

لا تقرأ كتاباً بلا اكتراث، بل اقرأه بشغف وتحدَّث عنه مع الآخرين؛ وقل لنفسك: "يجب أن أركِّز على الكتاب المطروح لأنَّني سأشارك كل ما تعلَّمته مع الآخرين، فأنا أفضل من يعرف بهذا الموضوع".

شاهد بالفديو: 7 نصائح تساعدك على قراءة الكتب بفعالية

3. تمييز الأفكار الهامَّة وتشكيل الروابط الذهنية:

كلما زاد عدد الروابط التي تجريها بين أجزاء من المعلومات في دماغك، تذكَّرتها بصورة أفضل، وأنا أفعل ذلك من خلال تدوين كثير من الملاحظات.

إذا كنت تظنُّ أنَّ الكتب مقدسة ولا ينبغي وضع علامات فوق سطورها والكتابة عليها، فلن تحتفظ أبداً بكثير ممَّا تقرأه؛ لذلك فتدوين الملاحظات، وطي الصفحات، ووضع إشارات لتمييز أجزاء من النص، أمر بسيط وعملي؛ لذا احتفظ دائماً بقلم تمييز في أثناء القراءة، وإذا كنت تقرأ رقمياً، تحتاج فقط إلى إصبعك، فلا تنسَ وضع علامات تميز المقاطع الشيِّقة والهامَّة.

إليك فيما يأتي بعض الاستراتيجيات الأخرى التي تساعدني على ربط المعلومات بطريقة أفضل:

  • لديَّ مجلد منفصل استخدمه لتدوين الملاحظات عن الكتب في تطبيق تدوين الملاحظات الخاص بي.
  • عندما أميِّز شيئاً هامَّاً جداً، ألتقط صورة لتلك الصفحة وأحمِّلها إلى مجلد الملاحظات.
  • بعد ذلك، أكتب على الفور سبب أهميته وكيف يمكنني استخدامه.

استخدم هذه العملية؛ لأنَّني كثيراً ما أُميز المقاطع والعبارات الهامَّة، وعندما أراجع ما قرأت أفكِّر: "لماذا ميزت هذا؟".

لذلك؛ اكتب دائماً سبب تمييز فقرةٍ ما، ليس عليك أن تفعل ذلك مع كل ما تميِّزه، فقط ميِّز الأقسام التي تريد الوصول إليها على الفور؛ فأنا غالباً ما أكتب كيف يمكنني استخدام نصيحة في عملي، وعندما أحصل على فكرة لمقال، أفكرِّ في العنوان وأرفق صورة للنص الذي ميَّزته.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتذكر المعلومات وعدم نسيانها

4. التصور والتخيل:

توجد طريقة أخرى رائعة لتكوين روابط في عقلك، وهي تخيُّل ما تتعلَّمه؛ إذ تشارك أبصارنا في عملية التعلم، وذكرياتنا المرئية أيضاً، فما أحب أن أفعله عندما أقرأ هو إجراء محادثات خيالية عن الأشياء التي أقرأها، فأتخيَّل نفسي أجلس مع صديق وأتحدث عن الموضوع، أو عندما أقرأ نصيحة مفيدة، أتخيَّل نفسي أفعل ذلك الشيء بالفعل.

أتذكَّر بوضوح عندما قرأت لأول مرة كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" (How To Win Friends And Influence People)، للكاتب "ديل كارنيجي" (Dale Carnegie)، كانت إحدى النصائح التي يقدمها كارنيجي هي أن تصبح مهتماً حقاً بالناس.

لذلك؛ تخيَّلت نفسي أُجري محادثة مع شخص غريب وأهتم بصدق بما يقوله هذا الشخص، فعندما تتخيَّل شيئاً ما، تشعر أنَّ هذا الشيء حقيقي تقريباً.

يُعَدُّ التصور أيضاً أداة شائعة لتحسين الذات يستخدمها معظم أصحاب الأداء المتميز، وقد أوضح لاعب الدوري الأميركي للمحترفين المُعتزل مؤخراً "بول بيرس" (Paul Pierce) ذات مرة كيف يستخدمه قبل المباراة: "ربما أتخيَّل نفسي، والضربات التي سأحصل عليها في اللعبة، وكيف سألعب في الدفاع، وما يتعيَّن علينا القيام به لإيقاف أفضل لاعب في الفريق الآخر، وما الذي سيرهقني، وجميع جوانب اللعبة".

إقرأ أيضاً: 6 فوائد لقوة التخيّل – تعرف عليها

5. التطبيق الفوري للمعلومات الجديدة:

انظر إلى حياتك، واسأل نفسك: كيف يمكنني أن أنمو؟ يمكن أن يكون النمو شخصياً أو مالياً أو روحياً، افهم أنَّ النمو لا يحدث من تلقاء نفسه، فتعلُّم مهارات جديدة، وكسب مزيد من المال، والحصول على علاقة رائعة، كل هذا يتطلَّب عملاً شاقاً، لكن يمكنك جعل هذا النمو أسهل كثيراً إذا طبَّقت الأشياء التي تعلَّمتها في الكتب، فالمعرفة وحدها غير مُجدية تماماً.

لا يوجد شيء أكثر حزناً من شخص واسع الاطلاع يحتجز نفسه بين جدران غرفته الأربعة؛ لذلك يجب أن تخرج وتطبِّق ما تعلَّمته من هذه القراءة، وحالما تفعل ذلك، سوف تنمو، لا شك في ذلك؛ لذلك اسأل نفسك دائماً هذا السؤال بعد الانتهاء من الكتاب: "ما هو الشيء الوحيد الذي سأطبِّقه بعد قراءة هذا الكتاب؟" فكما ترى، يتعلَّق الأمر بما تفعله بمعرفتك، وليس بمقدار ما لديك؛ لذا لا تقرأ المزيد، بل اقرأ بذكاء.




مقالات مرتبطة