4 نصائح لتطوير أسلوب إدارة أكثر تشاركية

بدأت مؤخراً بقراءة كتاب "ثقافتنا المشتركة" (Everyone Culture)، واطَّلعتُ على قصة شخصية مذكورة في الكتاب، وقد أذهلتني كثيراً. يتتبع الكتاب ثلاث منظمات تعليمية موجودة فعلياً، ثم يحلل القواسم المشتركة بين هذه المنظمات الثلاث للتوصُّل إلى طريقة يمكن لأي منظمة استعمالها لتصبح منظمة تنموية هادفة. في هذه القصة تصف إحدى المديرات تغذية راجعة تلقَّتها من أحد الموظفين الذين وصفتهم بأنَّهم ثروة حقيقية لكن قلما يقدِّرها المديرون.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "كارول أندرسون" (Carol Anderson)، والذي تُقدِّم فيه 4 نصائح للتحول إلى أسلوب الإدارة التشاركي.

لقد قالت هذه المديرة إنَّها كانت تشعر بضيق شديد عندما كانت ترى أنَّ الأمور لا تجري بالطريقة التي تريدها، وبعد بحث مرهق عن النفس، توصَّلت إلى نتيجة مفادها أنَّه حتى يتمكَّن الناس من التطور، فإنَّه يجب عليهم القيام بذلك على طريقتهم الخاصة وليس بالطريقة التي أُخبِروا أنَّها الطريقة الصحيحة.

عندما تقرأ أي مجلة من المجلات التي تُعنى بمجال الأعمال، فإنَّك سترى أنَّ جميعها تؤكد أهمية تفاعل الموظف؛ إذ تشير مؤسسة "غالوب" (Gallup)، أنَّ 87% من الموظفين غير متفاعلين في بيئة العمل، وفي الوقت نفسه سيقدِّم لك كثيرٌ من المستشارين والمؤسسات الحلول الناجعة لهذه المشكلة.

ربما اكتسب مؤلف الكتاب نظرة ثاقبة، ساعدته على التوصُّل إلى طريقة مختلفة لجعل الموظفين يشاركون أفكارهم ومقترحاتهم، بدلاً من جعلهم يشعرون بأنَّه ليس لديهم أي دور في تقديم المبادرات.

وفي هذا الصدد، أرغب في أن أقدِّم وجهة نظري، التي تنصُّ على أنَّ جميع الوسائل التي تهدف إلى جعل الموظفين متفاعلين، لن تكون مُجدية طالما أنَّ الإدارة أو الموظَّف مصرٌّ على عدم التفاعل.

في التسعينيات من القرن الماضي بدأ علماء نفس الشركات بإيضاح أنَّ أسلوب الإدارة القائم على السيطرة لا يتلاءم مع عصر الصناعة، ومن ثمَّ، فإنَّ الأسلوب الأكثر فائدة هو القيادة التشاركية، وبدأت تظهر بعض الشركات التي تقدِّم خدمات للشركات الأخرى لمساعدتها على إجراء هذا التحول في أسلوب الإدارة.

كان ذلك في الوقت نفسه الذي كانت تتجه فيه الشركات إلى تقليص عدد موظفيها ورفع كفاءتها في الوقت نفسه. وانتهت برامج التدريب الإداري التي كانت تقوم بتدريب العمال على المهارات القيادية؛ وذلك نتيجة توجُّه الشركات إلى خفض التكاليف؛ أي أصبح الأسلوب الجديد قائماً على اختيار الموظف الأكثر كفاءة وترقيته إلى مدير، وفعلاً كان هذا الأسلوب أقل كلفة. لكن للأسف ظهرت مساوئ هذه السياسة في الوقت الحالي.

ما أريد أن أصل إليه، هو أنَّه إذا أصر قادة الأعمال في زمننا هذا على الاعتقاد بانَّهم يعرفون تماماً ما الذي يجب عليهم فعله والطريقة المثالية للقيام به، وبأنَّهم أكثر دراية من الآخرين بذلك، وتمسَّكوا بهذا الرأي تمسُّكاً ظاهراً للعيان، فإنَّهم يخاطرون بمنع الموظفين لديهم أو أي من أعضاء الفريق بالمشاركة في صنع القرار؛ بمعنى أنَّهم يجعلون من الموظفين أدوات غير ديناميكية إطلاقاً.

4 نصائح للتحول إلى أسلوب تشاركي في صنع القرار:

أوضحت المديرة الذي ذُكِرَت في الكتاب نقطة هامة جداً عن تلقِّيها تغذية راجعة مبكرة، وقالت إنَّها بينما كانت تستمع لذلك الموظف الذي قدَّم لها هذه التغذية الراجعة فقد شعرت بنوع من المفاجأة؛ وذلك لكونها لم تكن قد سمعت بهذه الأشياء من قبل ولم تكن تعرف ما الذي يجب فعله.

وهذا الأمر منطقي؛ وذلك لأنَّه إذا كنت قد صقلت حياتك المهنية بنجاح تلو الآخر، فسيصبح لديك نهج راسخ في العمل كونه أثبت فاعليته؛ أي إنَّ أسلوبك في العمل أصبح عادةً. ولكن إذا كان هذا النجاح نتيجة مفاهيمك ومعرفتك وأسلوبك الخاص، فإنَّ ذلك قد يؤدي إلى تحجيم دور الموظفين لديك، وإليك هذه النصائح لحل هذه المشكلة:

1. تقبَّل أنَّك تحتاج إلى مساعدة فريقك:

تقبَّل فكرة أنَّ كونك قائداً ناجحاً لا يعني بالضرورة أنَّ معرفتك بالأشياء هي معرفة شاملة، أو أنَّ قدراتك للقيام بالأشياء هي قدرات مطلقة، أو أنَّ طريقتك للقيام بالأمور هي الطريقة الصحيحة دوماً؛ أن تكون قائداً ناجحاً يعني أن تجمع بين الأفكار الجيدة التي لديك والأفكار الجيدة التي لدى الآخرين؛ وذلك بهدف التوصل إلى حل يشترك في صنعه الجميع.

لا يكفي أن تدرك أنَّه ليس من الضروري أن تقوم بكل شيء وحدك؛ بل يجب أن يعرف فريقك هذا أيضاً، يجب أن يعرف فريقك أنَّك تحتاج إلى مساعدتهم. ويوجد مفهوم قد يساعدك على فهم هذه النقطة، وهي أنَّ إظهار أنَّك لست قائداً ذا قدرات مطلقة يمنحك قوة أكثر في قيادة الفريق؛ إذ إنَّهم يشعرون بأنَّك تحتاج إلى مساعدتهم.

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات فعالة لإدارة الفرق

2. اطلب من موظفيك تقديم تغذية راجعة:

هذه النصيحة سهلة جداً إذا كنت تتقبَّلها بصدر رحب، ما يجب أن تتحقق منه في فريقك هو ما إذا كانوا ينتظرون اتخاذ القرار من جانبك وحدك دوماً، وشعورهم بالقلق دائماً وعدم وضوح الرؤية لكونك تحتكر القرار.

فعندما لا تكون واثقاً بخصوص شيء ما فيجب أن تطلب من فريقك المساعدة، وينبغي أن تتجنب تصديق الافتراضات التي تنص على أنَّ فريقك يثق بك، ففي أغلب الأحيان تكون هذه الافتراضات غير دقيقة.

طبعاً لن يقدِّم لك تساؤلك عما إذا كنت تدير الفريق إدارة سيئة أيَّ فائدة؛ وذلك لأنَّك بسهولة عندما تطلب من فريقك تقديم تغذية راجعة لأول مرة فهم سيرغبون حتماً في معرفة السبب الذي دفعك لهذا الطلب.

لذلك، يجب أن تسمح لنفسك بالظهور بمظهر الشخص غير الكامل، وتسمح لأعضاء فريقك بأن يروا أنَّك تحاول تحسين شخصيتك بصفتك قائداً؛ وبذلك تكون مؤثِراً جداً؛ وذلك لأنَّهم يرونك قائداً يحتاج ويطلب مساعدة فريقه.

ربما يكون من المفيد أن تفكر في الوسائل التي يمكنك استعمالها لتزيد من حماستك تجاه العمل الذي تنجزه بمشاركة أعضاء فريقك. ربما يجب أن تفكر في ذلك مراراً وتكراراً، خاصةً أنَّها المرة الأولى التي تطلب فيها تغذية راجعة من فريقك؛ الأمر الذي يتطلب بعض الوقت لبناء الثقة.

3. أصغِ بصمت:

لا تتخذ موقفاً دفاعياً، وقد يكون هذا الأمر واحداً من أصعب الأشياء التي ينبغي فعلها، لكنَّه هام جداً. قد يتخذ الموقف الدفاعي أشكالاً متعددة، ويكون أحد هذه الأشكال رغبتك الطبيعية في شرح موقفك أو تقديم تبريرات لوجهة نظرك.

لكن تذكَّر أنَّ الإصغاء ليس بهدف أن تردَّ على المتحدِّث؛ بل بهدف جعله يقول ما لديه، فإذا طلبت من أحدهم الحديث بصراحة ثم شرحتَ موقفك وأسبابك؛ فإنَّك بذلك توجِّه رسالة للمتحدِّث بألَّا يتحدث بصراحة مرة أخرى.

وعندما يشرح المتحدث شيئاً ولا تفهمه فلا تتردد بطلب أمثلة، أو طلب تكرار الفكرة مرة ثانية. فكما ذكرنا، لا يجب أن تحاول الظهور بمظهر القائد مطلق المعرفة. وفي النهاية اشكر المتحدث وقدِّم له التقدير، واجعله يتعرَّف حقيقة مشاعر التقدير والاحترام لديك.

إذا لم تكن متأكداً تماماً مما ينبغي فعله فلا تتردد بإخبارهم بذلك، وإذا كنت غير واثق من الخطوات التي يجب فعلها لتنفيذ المقترح فأبلغهم بنيَّتك لإعادة فتح هذا النقاش مرة أخرى، بعد أن تكون قد أخذت وقتك في معالجة الأفكار التي طُرِحت.

إقرأ أيضاً: 5 صفات يتمتع بها القائد الناجح

4. اتَّخِذ الإجراءات المناسبة بعد التفكير في المقترحات:

اتخاذ الإجراء لا يعني أن تُنفِّذ تنفيذاً حرفياً المقترَح الذي تقدَّم به أحد أعضاء الفريق، فإذا فكَّرت في المقترح، وما زلت تعتقد أنَّ مبرراتك لفعل الشيء على طريقتك هي أسباب قوية لعدم الأخذ بالمقترح، فعندها يكون من المناسب جداً أن تخبر فريقك بذلك.

في كثير من الأحيان، تتحقق فاعلية المشاركة بعدم مقاطعة المتحدِّث من خلال تقديم التبريرات في أثناء تقديم اقتراح أو بعده مباشرةً، ولكن يمكنك تقديم هذه المبررات وشرح وجهة نظرك بعد إعطاء نفسك الوقت الكافي للتفكير في المقترح.

لذلك عندما تختلف وجهة نظرك عن وجهة نظر الفريق بعد الإصغاء إلى وجهة نظرهم، فلا حرج بأن تخبرهم لاحقاً أنَّك ترى الأمور رؤية مختلفة، ولكنَّك ما زلت تقدِّر مشاركتهم ومساعدتهم.

شاهد بالفيديو: 12 علامة تدل على أنَّك قائد استثناني

تذكَّر أنَّك اتخذت قراراً بتحسين شخصيتك بصفتك قائداً:

مسؤولية قيادة فريق هي مسؤولية فريدة من نوعها، ومن خلالها يجب أن تدرك أنَّك جزء من الفريق مع أنَّك القائد. ومن خلال هذا الفهم يتضح الهدف النهائي للنجاح، الذي لا يمكنك تحقيقه وحدك؛ بل يجب مشاركة هذه المسؤولية بصدق وانفتاح من خلال جعل فريقك يرى بوضوح أنَّك منفتح على أفكارهم ومقترحاتهم؛ وهذا سيجعل فريقك فريقاً ديناميكياً بدلاً من وضعه في قالب جامد ينحصر فيه دوره على تنفيذ الأوامر.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة