4 عوامل تكمن وراء السعادة في الحياة المهنية

يمضي معظم البشر أكثر من نصف وقت استيقاظهم في العمل والذهاب إلى مكان العمل، والتفكير في العمل، بالطبع هذه ليست حقيقة مطلقة؛ فمعظمنا يقضي كلَّ وقت استيقاظه تقريباً في العمل؛ إذ يستهلك العمل بالنسبة إلى معظمنا نحو 80% من وقتنا وطاقتنا، ونفكِّر في عملنا طوال الوقت.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويتحدَّث فيه عن العوامل التي تؤدي إلى الشعور بالسعادة في الحياة المهنية.

لذلك ليس مفاجئاً أن يكون 50% من الأشخاص غير سعداء في حياتهم المهنية؛ فالسبب أنَّنا نهدر وقتنا الثمين من أجل الحصول على المال؛ لكنَّنا نُصاب أيضاً بالإحباط.

قبل أربع سنوات كنت أيضاً محبطاً بسبب عملي، ولأنَّ العمل يشكِّل جزءاً هاماً جداً من الحياة، فقد شعرت بأنَّ جوانب حياتي سيئة، أنا لا أدعي أنَّه يجب أن تشعر على الدوام بالرضى عن عملك، وأن تبقى متحمساً للعمل طوال الوقت؛ فأنا أشعر بين فترة وأخرى بعدم الرضى عن حياتي المهنية؛ لكنَّني على الرَّغم من ذلك راضٍ تماماً عن الطريقة التي أقضي بها وقتي.

ما نعنيه هنا أنَّ شعورك بالرضى تجاه عملك يتعلق بعوامل عديدة يجب أن تحققها جميعها، وإلا انتهى بك الأمر بالاستياء من عملك؛ ومن ثمَّ الاستياء من حياتك بالمجمل.

لقد اكتشفت أنَّ لدينا 4 عوامل رئيسة للرضى الوظيفي، ولا يحقق معظمنا سوى عامل أو عاملين من هذه العوامل بطريقة صحيحة، لكن كما هو معلوم فإنَّ البناء المتداعي لا يصمد، فإذا كان أساس المنزل يتطلب وجود 4 أعمدة فلا يمكنك الاكتفاء باثنين فقط، وإلا فإنَّ البناء سيسقط حتماً.

ستستمر بمهنتك لوقت أطول إذا حققت 3 عوامل، لكن لن يستمر هذا الوضع ما لم تمتلك العوامل جميعها.

العوامل الضرورية لتحقيق السعادة على صعيد العمل:

العامل الأول: التعويض

مقدار ما تجنيه من عملك يجعلك تشعر بأنَّ هناك تقدير لجهدك، وهذا هو الهدف من التعويض المالي، وليس الهدف من المال تحقيق المكانة أو القدرة على شراء الأشياء، فعندما تؤدي عملاً ذا قيمة يجب أن تحصل في المقابل على تعويض مناسب.

لكن في الوقت نفسه يجب أن نفهم دور المال فيما يتعلق بسعادتنا؛ إذ إنَّ العمل من أجل الحصول على المال فقط يؤدي إلى نتائج سلبية؛ لذلك يجب أن تتعلم كيف تدير أموالك، فهذا أحد أهم الأشياء التي يمكنك أن تفعلها من أجل مصلحتك.

بمعنى أن تتعلم كيف تدَّخر المال من أجل المستقبل؛ لأنَّ ذلك يمنحك شعوراً بالأمان، وعندما تشعر بالأمان ستكون قادراً على أداء عملك أداء أفضل، الأمر الذي سينعكس على مردودك المادي وسيساعدك على كسب مزيد من المال.

شاهد بالفيديو: 12 طريقة عملية لإيجاد المتعة في عملك

العامل الثاني: طبيعة العمل

عندما تولي اهتماماً للراتب أكثر من طبيعة العمل الذي تقوم به، فلن تشعر بالرضى عن حياتك المهنية، لكن للأسف يمارس معظم الناس عملاً لا يحبونه لسنوات عديدة فقط من أجل كسب ما يكفي من المال.

إذا كنت تولي اهتماماً للمال أكثر من طبيعة العمل الذي تقوم به فأنت تهدر الوقت الذي لديك في القيام بشيء لا يحقق لك السعادة؛ لذلك احرص على أن تؤدي عملاً تستمتع به، وعندما تختار وظيفة تحبها فقط، فإنَّك ستستمتع حتى في ظل الصعوبات التي تواجهها في العمل.

يمكنك أن تعتاد على الاستمتاع بالصعوبات، بشرط أن تؤمن كلَّ الإيمان بعملك، وإلا فإنَّك ستشعر بأنَّك تضيِّع وقتك فحسب، لكن لحسن الحظ إنَّ إعطاء مغزى للعمل الذي نقوم به هو شيء يمكننا القيام به.

العامل الثالث: نمط الحياة

لقد جربتُ كثيراً من أنماط الحياة ذات العلاقة بالعمل، أحياناً كنت أسافر حتى أصل إلى مكان العمل، كما استقريت في مدينة مزدحمة وجربت أيضاً العيش في منطقة هادئة.

وجدت أنَّ نمط الحياة الأخير هو أكثر ما يلائم شخصيتي وأهدافي الحالية؛ ولذلك اختر دائماً نمط حياة يتلاءم مع الوظيفة التي تحبها، والعكس صحيح أيضاً من جهة اختيار وظيفة تتلاءم مع نمط الحياة الذي تفضِّله، فمثلاً إذا كنت لا تحب السفر كثيراً فيجب ألا تصبح مستشاراً تجارياً في شركة كبيرة لها أفرع عديدة، وعلى الرَّغم من أنَّ هذه الفكرة تبدو من البديهيات، إلا أنَّ معظم الناس يكرهون نمط الحياة المفروض عليهم بسبب وظائفهم، مثلاً إذا كنت لا تحب العمل لساعات طويلة فلا تعمل في شركة ناشئة، الأمر بهذه البساطة، لكن احرص على أن تكون صادقاً مع نفسك.

نحن نكذب على أنفسنا كثيراً عندما نقول أنَّنا سنعتاد على نمط العمل وإن لم يكن يلائمنا، وبمجرد أن تعرف ما يناسبك، اختر وظيفة تتلاءم مع نمط الحياة الذي تحبه، مع العلم أنَّ ما يناسبك يتغير بتغيُّر مراحل الحياة؛ فمثلاً عندما تكون شاباً فإنَّك لا تمانع العيش في مدينة كبيرة والخروج من المنزل كثيراً، لكن عندما تريد تحقيق شيء هام في حياتك فستجد أنَّه ينبغي الاستغناء عن معظم النشاطات التي تهدف إلى التسلية، ستجد أنَّ وقتك بأكمله تقريباً يجب أن يكون مخصصاً للعمل والنوم وتناول 3 وجبات؛ ومن ثمَّ القيام بذلك في اليوم التالي، وفي هذه الحالة من الأفضل أن تعيش في مدينة صغيرة تنخفض فيها تكاليف المعيشة.

إقرأ أيضاً: 6 تغييرات في نمط الحياة لتحسين مزاجك

العامل الرابع: المساهمة الإيجابية

نرغب جميعاً في الشعور بأهميتنا ومدى تقدير الآخرين لما نقوم به من عمل، وتحقيق هذا الشعور لا يتطلب عملاً خارقاً يغيِّر العالم بأسره، يكفي أن تشعر فقط بأنَّك تساهم بطريقة فعالة في الحياة.

الحقيقة هي أنَّ القليل من الأشخاص هم المسؤولون عن غالبية النتائج؛ وذلك في معظم الشركات، وهذا ما يُعرف في علم الاقتصاد بمبدأ باريتو (Pareto)، والذي ينص على أنَّ 80% من النتائج تتحقق بفعل 20% من الأسباب.

بمجرد أن نفهم هذا القانون سنكون أمام مسؤولية ترك بصمة في عملنا تجعل من أدائنا شيئاً يستحق التقدير، ليس فقط لأنَّنا نرغب في جني المال أو الحصول على المكانة؛ فهذا ليس مغزى مبدأ باريتو، فالفهم السليم لهذا المبدأ يعني أن يكون كلُّ شخص منا مساهماً مساهمة إيجابية في الحياة.

الشعور بالرضى مقترن بتقديم مساهمة قيِّمة في الحياة، لا يعني ذلك أنَّه يجب أن تسعى لتكون الشخص الأكثر تميُّزاً في شركتك، يكفي أن يكون لديك بصمتك ومساهمتك الفريدة.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لاكتساب الطاقة الإيجابيّة

في الختام:

لا توجد إجابة مختصرة عن سؤال: "كيف أحصل على وظيفة تجعلني أشعر بالرضى؟"؛ فطالما أنَّنا نعيش في عالم تنافسي، فسيكون من الطبيعي أن يسعى الجميع إلى الحصول على وظيفة الأحلام، لكن لماذا يفشل معظم الناس في ذلك؟ في الواقع لا يتعلق الأمر بالذكاء والمهارة وغيرها من المواهب بقدر ما يتعلق بالتفاني والالتزام.

إذا أردت أن تحصل على الوظيفة التي لطالما حلمت بها، فيجب أن تعمل بجد من أجل ذلك؛ إذ لا توجد وظيفة فيها كلُّ مقومات السعادة، يجب أن تبدأ من الصفر وتجرِّب حتى تصل في نهاية المطاف إلى فهم شامل لوظيفة الأحلام؛ ومن ثمَّ سيكون من السهل الحصول عليها.

بمجرد أن تفهم أنَّ الحياة المهنية لا تقتصر فقط على العمل؛ بل هي مفهوم أوسع من ذلك ستدرك أنَّك لا تستطيع إيجاد وظيفة الأحلام؛ بل يجب أن تعمل لتحويل الفرصة إلى وظيفة تلائم تطلعاتك وتجعلك سعيداً؛ لذلك توقف عن البحث وابتكر مهنتك بنفسك.




مقالات مرتبطة