4 عناصر تعزز حماسة الموظفين وتزيد نسبة الاحتفاظ بهم

يقول رجل الأعمال ريتشارد برانسون (Richard Branson)، الذي يمتلك أكثر من 400 شركة، ويدير أكثر من 50 ألف موظف: "الأولوية ليست للعملاء؛ بل للموظفين، وإذا اعتنيتَ بالموظفين؛ فإنَّهم سيعتنون بالعملاء"، ويقول في اقتباسٍ آخر: "درِّب الموظفين تدريباً يستطيعون معه ترك العمل، وعامِلهم معاملةً تجعلهم يرفضون ذلك"، وحينما يقول برانسون كلاماً، فلا بُدَّ أن يكون مبنيَّاً على تجربة.



وفقاً لبعض التقديرات، تحتل شركة فيرجن (Virgin) المرتبة السادسة على قائمة أفضل الشركات التي تُحسِن تحفيز الموظفين، ومن المعلوم أنَّ الإنصات في فيرجن يُعَدُّ واحداً من أبرز ميزات الشركة؛ إذ يحظى الموظفون في الشركة بتقديرٍ شديد، وتحظى آراؤهم بالاهتمام. ونتيجةً لذلك، ينفِّذ الموظفون الذين يشعرون بالرضا مشاريعهم بمزيدٍ من الشغف والتفاني.

تهمل الشركات في أيامنا هذه تحفيز الموظفين، وتسعى إلى زيادة المبيعات عن طريق الحفاظ على رضى الزبائن. لكن ماذا عن الحفاظ على سعادة الموظفين؟ ومتى نفعل ذلك؟

لماذا يُعَدُّ تحفيز الموظفين أمراً لا غنى عنه أبداً؟

أوَّلاً، ثمَّة شُحٌّ في الأعمال المثيرة للتحدي؛ وحينما لا يُمنَح الموظفون فرصة إظهار إمكاناتهم كاملة، تنخفض مستويات التحفيز لديهم انخفاضاً شديداً، ويبدؤون ممارسة أنشطةٍ لا معنى لها حتى يمضي الوقت.

امنح الموظفين فرصة الخروج من مناطق الراحة؛ إذ تُعَدُّ ساعات العمل الطويلة سبباً في انكفاء الموظفين عن العمل، وفي دراسةٍ أجرَتها مجلَّةٌ بريطانية، تبيَّن أنَّ الأشخاص الذين عملوا أكثر من 55 ساعةً في الأسبوع، ارتفعَ لديهم خطر الإصابة بالسكتات الدماغية بنسبة 30% مقارنةً مع أولئك الذين يعملون 35-40 ساعة أسبوعيَّاً.

في أواخر القرن الثامن عشر، كان العمل 10-16 ساعة في اليوم مثمراً، وفي ذلك الحين كانت المعامل تطلب عُمَّالاً يعملون على مدار الساعة دون استراحة، بيدَ أنَّ الناشط روبرت أوين شعر بعكس ذلك، ووصَّى بالعمل ساعاتٍ أقل، وفي عام 1817 ظهر شعار "8 ساعات عمل، و8 ساعات تسلية، و8 ساعات نوم". لقد استنتجَت دراسةٌ حديثة أنَّ الموظفين فعليَّاً لا يعملون 8 ساعات؛ بل يبلغ في الواقع عدد ساعات العمل المُثمر ساعتَين و53 دقيقة.

شاهد بالفيديو: 6 أمور تبيّن أهمية التحفيز في عالم الأعمال

ماذا يفعل الموظفون في باقي الساعات؟

  • يتصفحون الإنترنت.
  • يحضرون اجتماعاتٍ لا معنى لها أو ينظمونها.
  • يبحثون عن عمل.
  • يتسوقون عبر الإنترنت بحثاً عن أغراض تعجبهم.
  • يتحدثون عبر الهاتف.
  • يشاركون في استغابة الآخرين وتشتيت انتباههم.
  • يَقِيلون في المكتب (في الحقيقة، تُعَدُّ القيلولة مفيدةً خلال فترة بعد الظهر).

هل توحي لك مقولة "من يزرع يحصد" بشيءٍ هنا؟ ماذا لو علمتَ بعد العمل كل هذه الساعات أنَّ كل العمل الجاد الذي بذلتَه ذهب هباءً منثوراً في نهاية يومٍ كان يبدو شاقَّاً. من الواضح أنَّه لم يكن هناك حاجة لكل العمل الجاد، أليس كذلك؟ ذلك أنَّ عملك لن يحظى أبداً بتقدير الإدارة العُليا، حيث أظهرَ استطلاعٌ أجرته مؤسسة جالوب (Gallup) أنَّ 1 من كل 3 موظفين فقط يرون أنَّ الحصول على التقدير خلال الأسبوع يضمن لهم إحراز إنجازاتٍ رائعة.

إنَّ الموظفين الوحيدين الذين لا يتركون شركاتهم هم الموظفون الذي يشعرون بالرضا فيها، وفي تقرير أعدَّته مؤسسة مايند (Mind) أُجري استطلاعٌ شمل 17 ألف موظف يعملون في 19 مجال عمل مختلف، حيث ذَكَر 71% من هؤلاء أنَّهم ناقمون على وظائفهم الحالية ويتطلعون إلى تغييرها، وتشمل أسباب ذلك قلة الرواتب، وافتقار ساعات العمل إلى المرونة، وانعدام الاستقرار في بيئات العمل، والأجواء التي تستنفد الطاقة، وغياب فرص النمو الشخصي.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم استراتيجيات الإصغاء إلى الموظفين لدعم سلامتهم؟

فيما يلي 4 عناصر تحفيز تعزز حماسة الموظفين:

1. العنصر الداخلي:

ساعِد الموظفين على تطوير شخصياتهم من خلال تطويرهم داخليَّاً على المستويَين الشخصي والمهني، واهتمَّ بهم، وأسنِد إليهم مهام تحفز عقولهم وتساعدهم على النمو، وامنحهم مزيداً من القوة من خلال إفساح المجال لهم للمشاركة في القرارات الهامة التي تُتَّخَذ في الشركة، واسألهم عن اقتراحاتهم وعن الطرائق التي يمكِن من خلالها تطوير المنظمة، وناقِش وجهات نظرهم؛ فابدأ بالثناء على نقاط القوة قبل التطرُّق إلى نقاط الضعف والعقبات، وتعاوَن معهم على حل مشكلاتهم، ودَعهم يشعرون بالدعم.

2. العنصر الخارجي:

امنح الموظفين فرصة العمل من المنزل بين الفينة والأخرى، وأفرِغ بيئة العمل من كل ما يثير التوتر، حيث يتيح لهم هذا التفاني في العمل ويساعدهم على ادِّخار طاقاتهم الذهنية لبذلها في المهام التي يؤدونها، وامنح الموظفين مكافآتٍ ومزايا ثمينة؛ إذ توصَّلت دراسة أجراها موقع ريسيرش جيت (ResearchGate) إلى أنَّ العوامل الخارجية مثل: الترقيات، والرضا عن العمل، وقلة الاهتمام، تُعَدُّ أهم الأشكال المُحفزة لهم أو المُثبِّطة لها لدى الموظفين في العصر الحالي، وضَع أيضاً قواعد صارمةً تنظِّم عمليات التواصل حتى لا يقع الموظفون في فخ الغيبة وإجراء حوارات مُضرة لا تساهم في إحراز الهدف العام للمنظمة.

أنواع المحفزات - التحفيز الداخلي مقابل التحفيز الخارجي

3. العنصر الشخصي:

الموظفون ليسوا مخلوقاتٍ فقط؛ إنَّهم بشرٌ ولديهم مشاعر، فتعرَّف إلى الموظفين، واسألهم عن الأمور التي تثير الحافز في نفوسهم وعن مشكلاتهم، وساعِدهم في حلها، ودرِّب الموظفين على إتقان التواصل؛ ففي كثيرٍ من الأحيان لا يتمكن الموظفون من التعبير عن مخاوفهم بسبب جمود شخصياتهم. يجب على المديرين التصرف كأهل ومساعدة الموظفين في إحراز أهدافهم الشخصية والمهنية دون أن يضطروا إلى خوض أوقات عصيبة.

4. الأقران:

اطلب من الموظفين العمل بسخاء والتعاون معاً كفريقٍ واحد، عوضاً عن بناء بيئة العمل على أسس التنافس، حيث تُعَدُّ غالباً سياسات المكتب عاملاً يستنزف جميع طاقات الموظف ويدفعه نحو التهور في أثناء العمل، وأفضل طريقةٍ للتعامل مع سياسات المكتب تدريب الموظفين على تطوير قدرتهم على بناء العلاقات؛ إذ كلما زادت العلاقات التي يمتلكها الموظف، هان عليه التعامل مع أدق التفاصيل في سياسات المكتب.

في الختام:

توصَّلَت دراسةٌ أجرتها شركة بامبو أتش آر (BambooHR) إلى اكتشافاتٍ مذهلة؛ إذ أظهرَت أنَّ 31% من الموظفين تقريباً يتركون وظائفهم خلال الأشهر الستة الأولى، فيما ترتفع هذه النسبة في الشركات التي تفرض على موظفيها سياساتٍ حازمة، وتُعَدُّ السياسات مفيدةً طالما أنَّها تساعد الشركة في الحفاظ على بيئةٍ مستدامة، وتثير تفاعل الموظفين وحماستهم، وأمَّا إذا كانت ثقافة الشركة مملَّةً ورتيبة ولا تمنح الموظفين العديد من فرص النمو، فإنَّ الموظفين المميزين سيفكرون في ترك العمل. تساعد العوامل المذكورة في الأعلى المديرين وأرباب الأعمال في الحفاظ على تفاعل جميع الموظفين وحماستهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة