4 خطوات ينبغي التفكير بها قبل طلب المشورة

يعشق الناسُ إعطاء النصائح وتلقِّيها من الآخرين طوال الوقت، وهو ما يُعدُّ أمراً جيداً في الواقع، فلا أحد في هذا العالم يملك إجاباتٍ لكلِّ شيء؛ وعلى الرَّغم من أنَّ معظم الناس لديهم نيَّات حسنة، لكنَّ نصائحهم تُحدِث نتائج ضارة ومُعاكسة في بعض الأحيان، وخصوصاً حين تطلب النصيحة من معظم الأشخاص ويخبرك كلٌّ منهم بأمر مختلف، فلن تحصل من كل ذلك إلا على الحيرة والتشويش التي لن تساعدك على الإطلاق.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، يحدِّثنا فيه عن أهم الخطوات التي ينبغي تذكُّرها عند طلب نصيحة الآخرين ومشورتهم.

فلنأخُذ الجامعة على سبيل المثال؛ ستجدُ أنَّ أحدَهم يصفُها بأنَّها معدومة النفع أو الجدوى، بينما يُخبرك آخر بأنَّها ضرورية في حياة الإنسان؛ ومن ثَمَّ إن كنتَ تقرر في الوقت الحاضر ما إذا كنتَ ستذهب إلى الجامعة أو لا، فلن تساعدك نصائح الآخرين على الأرجح؛ وهذا ينطبق على مُعظَم نواحي الحياة؛ لذا فثمة أشياء عديدة ينبغي تذكُّرُها وأخذُها بالحسبان عند طلب النصيحة من الآخرين.

إليك هذه الخطوات: 

1. دفاع الناس عن مُعتقَداتهم الخاصة التي يؤمنون بها:

الناسُ متحيِّزون للغاية، وأتفاجأ بعدد الأشخاص الذين لا يُدركون ذلك حين يطلبون من غيرهم نصائح موضوعية وغير متحيِّزة، فلا وجودَ للنصائح العادلة والبعيدة عن التحيُّز في الواقع؛ فعلى سبيل المثال، يظنُّ الناس أنَّ العمل الجاد والشاق مضرٌّ بالصحة، بينما أنصحك به لأنَّه أحد الأمور الهادفة والهامة التي تُضفي معنىً لحياتك.

كذلك الأمر حين تسألني عن الحصول على وظيفةٍ تقليدية؛ إذ يتعيَّن عليك اتباع الأوامر طوال اليوم؛ إذ سأجيبك عندَها بأنَّها موتُ مُحتوم يقضي على قوتك الجسدية والروحية؛ ومن ثمَّ أريدك أن تسأل والدَيك عن رأيهما في هذا الموضوع، وعلى الأرجح سيقولان إنَّني مُخطئٌ وأنَّك يجب عليك أن تحصل على وظيفة تقليدية؛ لأنَّ هذا ما يُعدُّ صحيحاً وواقعياً بالنسبة إليهما بالتأكيد.

لذا إنَّني دائماً ما آخذ بالحسبان أنَّ كلَّ شخصٍ يرى العالم من منظوره الخاص ويعطي النصائح حسب وجهة نظره وتجربته الخاصة حين أقرأ نصائح الآخرين أو أستمع إليها؛ إذ ينبغي ألا يكون الشيءُ الصحيح بالنسبة إلى أحدهم صحيحاً بالنسبة إليك أيضاً.

لذا عندما تتعرَّض للانتقاد من شخصٍ ما بخصوص قراراتك أو عملك أو شخصيَّتك إجمالاً، فعليك أن تنظر إلى ذلك على أنَّه مُجرَّد رأي وليس حقيقةً واقعية، وأفضلُ ما قيل في ذلك كلامُ الفيلسوف الرواقي "ماركوس أوريليوس" (Marcus Aurelius): "إنَّ كلَّ ما نسمعُه هو عبارةٌ عن آراء لا وقائع، وكلُّ ما نراه هو وجهة نظرٍ لا الحقيقة". 

شاهد بالفديو: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة

2. عدم اتخاذ القرارات أبداً بناءً على نصيحة شخص واحد فقط:

لنفترض بأنَّه عليك اتخاذ قرار هام جداً يتعلق بالعمل أو بحياتك الشخصية؛ ومن ثمَّ اتخذتَ ذلك القرار بعد سؤال شخصٍ واحد فقط عن رأيه، فليس من النادر أن نطلبَ النصيحة من شخصٍ واحد فقط، كما أنَّنا غالباً ما نطلب النصيحة والمشورة من الأشخاص ذاتهم في كلِّ مرة، وقد فعلتُ ذلك في الماضي أيضاً.

لكن أنصحك بالتفكير قبل فعل ذلك مُجدَّداً؛ وذلك لأنَّ استشارة الأشخاص أنفسهم في كلِّ مرة تحدُّ من منظورك للحياة، ويُشبه النظرَ إلى أمرٍ ما من جانب واحد فقط، اسأل أشخاصاً يختلفون عن بعضهم بعضاً لكي تحصل على نظرة شاملة تأخذ بكلِّ الجوانب، واطلب مشورة الشباب اليافعين والمسنِّين والرجال والنساء وأشخاصٍ من أعراق وخلفيات ثقافية مختلفة؛ فالتحدُّث إلى أشخاصٍ مختلفين على نحوٍ واسع سيؤدي إلى توسيع عقلك ومُخيِّلتك وتسليط الضوء حتَّى على أشياء لم تفكِّرْ بها قط. 

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتحسين اتخاذ القرارات

3. عدم البحث عن إثباتاتٍ لفرضياتك قبل التأكد من صحتها:

هو أحدُ أهم الدروس التي تعلَّمتُها فيما يتعلق باتخاذ القرارات، فغالباً ما نتخذ قرارَنا النهائي؛ ومن ثمَّ نحاول إيجاد الأسباب والحُجَج التي تدعم هذا القرار، وهو ما يُدعَى بالانحياز التأكيدي الذي يُعانيه أيضاً معظم الباحثين العلميِّين؛ إذ يخرج الأساتذةُ بفرضيةٍ ما؛ ومن ثَمَّ يبذلون قُصارى جهدهم لإيجاد دعمٍ لمُعتقَداتهم. 

هناك بضعة أسباب وراء سلوكنا وتصرُّفنا هذا، أوَّلُها أنَّنا نكره أن نكون على خطأ، وثانيها حبُّنا لأن نكون على صواب، وخلاصةُ الأمر هنا هو أنَّه لا يمكنك أن تثقَ بعقلك، فكما يقول الكاتب البريطاني "كلايف ستيبلز لويس" (Clive Staples Lewis): "إن كنتَ تبحث عن الحقيقة، فربَّما تجد الراحةَ والطمأنينة في النهاية؛ أمَّا إن كنتَ تبحث عن الراحة، فلن تحصل عليها ولا على الحقيقة؛ وإنَّما ستحصل على مجرد أمنيات، لتُصاب بعدَها باليأس والإحباط". 

4. تجنُّب سؤال الأشخاص الخاطئين:

أعتقد أنَّنا يجب أن نكون حذرين ومتأنِّين بخصوص الشخص الذي نطلب مشورته، وهُنا عليك أن تسأل نفسَك عن إمكانية تقديم شخصٍ ما للنصيحة أو المشورة بخصوص شيءٍ ما إن لم يفعلْه بنفسه أبداً؛ ففي مجال عملي مثلاً، صادفتُ عدة أشخاص يتحدثون عن النجاح والإنتاجية والصحة وغيرِها من الأمور؛ لكنَّك إن نظرتَ إلى حياتهم بتمعُّن، ستجدُ أنَّهم لم يحقِّقوا أيَّاً من تلك الأشياء على الإطلاق. 

في الواقع، تلك ليست المشكلةَ الأسوأ؛ فإضافة إلى ما سبق، يقدِّم هؤلاء الأشخاص نصائح لا يتَّبعونها في حياتهم الشخصية، كمَن يتحدثون عن المثابرة؛ لكنَّهم لا يواظبون على عملهم، ولا يمكن تسمية ذلك إلا جنوناً أو غباء. 

فمن المستحيل أن تجدني أتحدث مثلاً عن الطريقة التي تجعلك تجني المليارات أو عن طريقة تفكير الأثرياء، فلا علمَ أو خبرةَ لي في هذا المجال؛ إذ لستُ صاحب مليارات، كما أنَّ القراءة عنهم ستوصلك إلى حد مُعيَّن فحسب، بينما يختلف الأمرُ إن كنتَ قد عملتَ مع أحد الأثرياء عن كثب لفترة أطول.

إقرأ أيضاً: ما الصفات التي يجب أن تبحث عنها في المنتور؟

في الختام:

أودُّ أن تعلم أنَّك الشخصُ المسؤول عن حياتك، وربَّما يقدم لك الآخرون المشورةَ والنصيحة، لكن أنت من سيتحمل عواقب أفعالك وتصرُّفاتك، ولهذا ينبغي لك أن تأخذَ نصيحة الآخرين مع شيءٍ من التحفُّظ والشك، وينطبق ذلك على نصيحتي حتَّى، فأنا لا أعرفُك؛ بل أنتَ الشخص الوحيد الذي يعرف نفسه من الداخل؛ لذا استمِعْ إلى الآخرين، لكن اتخِذْ قراراتك بنفسك. 




مقالات مرتبطة