4 خطوات لتنمية ثقافة القيادة الخدمية في الشركة

كلما عَلت المرتبة التي تشغلها داخل الشركة، زاد عدد الأشخاص الذين تخدمهم وليس العكس، وبصفتي المدير التنفيذي ورئيس شركة "آسيت ليفينغ" (Asset Living)، خامس أكبر شركة تعمل في إدارة الشقق في الولايات المتحدة، غالباً ما أفكر فيما يعنيه دوري حقاً؛ حيث إنَّ توظيف أكثر من 4500 موظف من كل أنحاء البلاد، جعلني أدرك تماماً أنَّني أمارس عملاً يقوم بشكل أساسي على وجود الناس.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "رايان ماكراث" (Ryan McGrath) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحقيق نجاحاتٍ استثنائية.

ونحن نتعلم عادةً أنَّ الموظفين والمرؤوسين يعملون بهدف خدمتنا ظاهرياً، إلا أنَّ هذا النمط من التفكير خاطئ تماماً.

إنَّ الموظفين في شركتي لا يعملون لمصلحتي؛ بل على العكس تماماً، وبصفتي قائداً في الإدارة العليا، فإنَّني أعمل لأجلهم بالفعل، وفي الحقيقة، لولاهم لما حصلتُ على عمل، ولقد صاغ "روبرت كاي غرينليف" (Robert K. Greenleaf) مفهوم القيادة الخدمية للمرة الأولى في السبعينيات ومنذ ذلك الحين، انتشر هذا المفهوم انتشاراً واسعاً بين الشركات في العصر الحديث.

يتضمن جوهر القيادة الخدمية اعتقاداً أساسياً ينطوي على كون التركيز على نمو ورفاهية موظفيك لا يعود بالنفع على شركتك فحسب؛ بل هو مفيد لمجال الأعمال ككل؛ إذ يُعَدُّ الموظفون السعيدون أكثر قدرةً عادةً على الإنتاج ويتمتعون بحافز أعلى وتوجُّه أقوى للتطور، وهي العناصر كافةً التي تدفع الشركة إلى النجاح.

إذاً ما هي بعض الجوانب الفريدة التي تتمتع بها القيادة الخدمية؟

  • يركز القادة الخدميون تركيزاً رئيساً على ما يتمتع به المجتمع ككل من عافية إجمالية وتحقيق التطور على الأمد الطويل.
  • يولي القادة الخدميون اهتمامهم لاحتياجات الآخرين قبل احتياجاتهم.
  • القادة الخدميون لا يعرفون كل شيء ولا يدَّعون ذلك؛ بل يعتمدون اعتماداً دورياً على فِرقهم في الحصول على التوجيه والاستفادة من خبرتهم حيال أمر معيَّن.
  • يعين القادة الخدميون أفراداً أذكى وأفضل منهم، ومختلفين عنهم.
  • يدرك قادة الخدمة أنَّه في معظم الحالات تأتي الإنسانية في المرتبة الأولى، يليها العمل في المرتبة الثانية؛ ذلك لأنَّه دون الناس لن يكون هناك عمل.

نظراً لأنَّ المدير التنفيذي أو المؤسس يؤدي دوراً أساسياً في تأسيس القيادة الخدمية على مستوى المنظمة، فمن الهام أن يتبع القادة عبر الشركة هذا الأسلوب أيضاً، وفي الواقع يرى "جرينليف" بأنَّ القيادة الخدمية هي أسلوب حياة أكثر من كونها مجرد آلية تنظيمية يمكن تنفيذها بسرعة وسهولة، وبعد وضع هذا في الحسبان، إليك بعض الخطوات القابلة للتنفيذ التي يمكن اتخاذها لتنمية ثقافة القيادة الخدمية في شركتك الخاصة:

1. أن تكون مستمعاً جيداً:

القائد الماهر يصغي أولاً ومن ثمَّ يتكلم؛ حيث إنَّ هذا التكتيك مفيد على نحوٍ خاص في الاجتماعات أو العصف الذهني؛ إذ يزيد احتمال أن يبدي أحدهم معارضة لمقترحاتك الأولية في حال شاركتَها أولاً، وبصفتك رائد أعمال، فأنت تريد تعزيز القدرة على ابتكار الأفكار الصادقة بدلاً من الاستمرار في التفكير بعقلية القطيع التي تقود إلى نتائج أقل حيويةً، وفي كثير من الأحيان، يكون السؤال الأهم الذي يجب على القائد طرحه هو "ما اقتراحك؟" لا سيَّما عندما يتعلق الأمر بإيجاد حلول للمشكلات أو التخطيط الاستراتيجي، فمن المحتمل أن يتمتع الأشخاص الذين تعينهم بمعرفة أعمق أو خبرة أكبر في الموضوع للتوصل إلى حل أو ابتكار فكرة موثوقة.

شاهد بالفديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد

2. ممارسة التوجيه وليس الإدارة:

يتخلف القادة الخدميون عن الرؤساء؛ إذ لا يملون على الشخص ما يجب عليه فعله أو يوكلون إليه المهام فحسب؛ بل يدربون موظفيهم ويعززون إمكاناتهم، بدلاً من مجرد تقديم المشورة، ويشاركون باستمرار خبراتهم الشخصية سواء النجاحات أم الإخفاقات؛ إذ يتسم القائد الخدمي بالشفافية ويزوِّدك بالنصائح فيما لو كان تعرَّض لموقف مشابه لموقفك، فإنَّهم لطيفون بما يكفي لإعلامك بالشيء المختلف الذي كانوا سيفعلونه لو أُتِيحَت لهم الفرصة للقيام بذلك مرة أخرى، وبالنتيجة، عندما يتعلق الأمر بالتدريب، فقد حصدتُ نتائج أفضل عندما كنتُ منفتحاً على الحديث عن إخفاقاتي ومشاركتها مع الموظفين بدلاً من التركيز على نجاحاتي فقط؛ إذ ينمُّ الحديث بصراحةٍ عن نقاط الضعف عن صدقك وشفافيتك ويعزز ثقة موظفي شركتك بك.

إقرأ أيضاً: فن القيادة ومهارات القائد الناجح

3. الاستعانة بآراء من هم حولك:

مع نمو شركتك، وما يترتب على ذلك من زيادة مسؤولياتك، قد تنسى أن تعمل على تطوير ذاتك، بغضِّ النظر عن مدى تقدُّمك في السن، ولا بُدَّ من أن تستمر في السعي إلى تحقيق نموك الخاص، كما تقيِّم موظفيك وزملائك، بالمقابل لا بُدَّ أن يفعلوا الشيء نفسه من أجلك، وبصفتي المدير التنفيذي، أخضع بانتظام لمراجعات تنفيذية والتي تساعد على تحديد المجالات التي يمكنني الاستمرار في تطويرها، وفي الحقيقة، أخضع حالياً إلى تدريب لتمكين المهارات الإعلامية بما يخدم سعيي إلى النمو الذاتي، الأمر الذي سيمكنني من إيصال المعلومات المتعلقة بجوانب عملي للصحفيين والمحاورين والناس عامةً على نحوٍ أفضل.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح للتطوير الشخصي وتحقيق النمو المستمر

4. أن تكون مثالاً يحتذى به:

تعزز النصيحة الأخيرة الفكرة القائلة إنَّ القيادة الخدمية هي بمنزلة اختيار أسلوب حياة لشركتك، سواء كنتَ في المكتب أم خارجه، وسط اجتماع لأعضاء مجلس الإدارة أم في عشاء مع عميل، فإنَّ الطريقة التي تتحكم من خلالها بنفسك هي على قدرٍ عالٍ من الأهمية، فهل أنت ديمقراطي في الأسلوب الذي تتبعه في اتخاذ قراراتك؟ وهل تتسم باللطف والرحمة والوعي أم أنَّك استبدادي ومهيمن ومغرور؟ كقائد، يتم مراقبة كل حركة تقوم بها بعناية، فأظهِر نمط التصرف والسلوك الذي تريد من الآخرين اتباعه عند مواجهتهم لأزمة أو مشكلة معيَّنة، وعليك ممارسة القيادة بامتنان وتعاطف وتروٍّ وإعطاء الأولوية للجماعة قبل الفرد في الكلام والفعل، فمن خلال التركيز الدائم على المجموعة بدلاً من نفسك، لن تساعد شركتك على تحقيق النجاح فحسب؛ بل ستؤدي إلى تحسين حياة جميع الموظفين.

المصدر




مقالات مرتبطة