4 خطوات لتصبح شخصاً لا يُستغنى عنه

هل أنت جزء لا يتجزأ من فريقك؟ وهل تساهم مساهمة أساسية في المشاريع التي تعمل عليها؟ وهل يستمتع أصدقاؤك أكثر عندما تكون معهم؟ وهل أنت شخص أساسي لا غنى عنه؟



وفقاً لـ "سيث غودين" (Seth Godin)، مؤلف كتاب "الركيزة" (Linchpin)، فإنَّ مجرد كونك شخصاً يظهر ويتَّبع التوجيهات ويعمل بجد لا يكفي للمضي قدماً؛ وإنَّما يمكن أن يؤدي إلى كارثة، وبدلاً من ذلك، يقول "غودين": "إنَّنا جميعاً لدينا إمكانات هائلة لا نستثمرها"، فأول جملة ستراها في الكتاب هي: "أنت شخص عبقري".

هذا هو أساس كتاب "الركيزة"؛ إذ يخبرنا "غودين" أنَّنا يجب أن نركز على إيجاد الفنان الكامن في داخلنا جميعاً، والعبقرية التي نخفيها وأن نصبح أشخاصاً لا غنى عنهم تماماً؛ أي أن نكون محوراً أساسياً.

يجادل "غودين" بأنَّ الجميع دون استثناء لديهم عبقرية داخلهم، تحتاج فقط إلى مَن يُطلق لها العنان؛ إذ تمكنك العبقرية هذه من حل المشكلات وإحداث تغييرات إيجابية وإبعاد الناس عن الفشل.

سننظر في هذا المقال إلى العلامات التي يظن "غودين" أنَّنا بحاجة إلى استكشافها لنصبح محوراً أساسياً في حياتنا وأعمالنا.

إذاً، كيف يمكنك أن تجد عبقريتك؟ وكيف يمكنك أن تكون محوراً أساسياً؟ فيما يأتي بعض الأفكار التي يرى "غودين" أنَّنا بحاجة إلى تبنِّيها من أجل القيام بذلك:

الخطوة الأولى: ابتكار فن جميل

الفن ليس دائماً ما نظنه بالمعنى التقليدي؛ فاللوحات والمنحوتات والأفلام والمسرحيات والأغاني والكتب كلها فن، لكن أي شيء ينبع من الشغف والإبداع والشخصية هو فن.

يجب أن تفكر فيما كنت تحب أن تفعله عندما كنت طفلاً:

  • تصميم ملابس جديدة للعبة الباربي الخاصة بكِ.
  • بناء قلاع من المكعبات.
  • بيع عصير الليمون في زاوية اللعب الخاصة بك.
  • إجراء عمليات حساب.

فكل هذا فن لأنَّه قائم على الشغف.

لقد اتبعنا شغفنا عندما كنَّا أطفالاً، فكنَّا مصممي أزياء ومهندسين معماريين ورواد أعمال وإحصائيين رائعين دون أن ندرك ذلك.

لقد كنا نفعل ذلك لأنَّنا نحب القيام به، ونشعر بأنَّه أمر طبيعي، لكن في مرحلة ما على طول الطريق أضعنا شغفنا، فقد وُضِعَت الفساتين التي صممناها والمكعبات التي بنينا منها القلاع بعيداً في السَّقيفَة، وقيل لنا إنَّه يجب أن نركز على التأقلم مع البيئة حولنا واتباع التعليمات، والذهاب إلى المدرسة والذهاب إلى العمل.

إقرأ أيضاً: 6 عقبات تقف في طريق التفكير الإبداعي

حتى في عالمنا الذي يتميز باستخدام الأتمتة والسرعة في الإنتاج اليوم؛ تذكَّر أنَّ الآلة شيء ما يزال غير قادر على ابتكار الفن.

فيما يأتي بعض الأمور غير التقليدية التي يعدها "غودين" فناً:

  • أنشأ رائد الأعمال "طوني شاي" (Tony Hsieh) شركة تركِّز على تقديم خدمة مذهلة للعملاء.
  • صمَّم المصمم "جوناثان إيف" (Jonathan Ive) جهاز أي بود (iPod).
  • ابتكر "إيد سوت" (Ed Sutt) مسامير من شأنها أن تجعل المنازل أقوى.

لهذا السبب، فكِّر في العمل الذي تفعله الآن، هل تفعله لأنَّك مضطر إلى القيام بذلك أم لأنَّك شغوف به؟

إذا وجدت هذا الشغف أو وجهت نفسك نحوه، فقد أعطيت نفسك الفرصة لابتكار الفن حقاً.

الخطوة الثانية: كبح مشاعر المقاومة

قال "سيث غودين" (Seth Godin) في كتاب "الركيزة" (Linchpin): "دماغ السحلية (الجزء الأكثر بدائية من دماغنا) هو سبب خوفك، وسبب عدم قيامك بكل الأعمال الفنية الممكنة؛ فدماغ السحلية هو مصدر المقاومة".

دماغ السحلية هو الجزء الأول من دماغنا، والمسؤول عن الدوافع البيولوجية التي ساعدت الإنسان العاقل على البقاء على قيد الحياة طوال 200000 سنة الماضية.

يصعب التغلب على هذا الجزء من دماغنا، في حين أنَّ المخ (cerebrum) (الجزء الأمامي من الدماغ) المسؤول عن المنطق والتعرف وحل المشكلات والكلام والرؤية والذاكرة، سيخسر دائماً إلى حدٍّ كبير أمام اللوزة الدماغية (دماغ السحلية) المسؤولة عن حمايتنا.

عندما تبدأ في التغلب على ذلك الجزء من دماغك، لتتفكر وتسأل وتنقل معارفك لغيرك، ينتقل عقل السحلية إلى العمل ويطلق أنواع الدفاعات جميعها للتأكد من أنَّك تعود إلى حيث كنت.

إليك بعض الأمور التي قد تكون مألوفة بالنسبة إليك:

  • التسويف.
  • الانشغال بالمثالية.
  • عدم الالتزام بمواعيد نهائية.
  • اختلاق الأعذار.
  • الشعور بأنَّك "لست جيداً بما فيه الكفاية".
  • الشعور بأنَّه عليك أن تستسلم فقط.
  • القلق بشأن ما سيفكر فيه الآخرون.

هذه كلها أمثلة عن المقاومة وعمل دماغ السحلية.

ماذا يمكنك أن تفعل لمحاربة دماغ السحلية؟

شاهد بالفيديو: 7 خطوات لتفويض المهام وفق نصائح مديري غوغل

التعلم من الفشل:

هذا لا يعني أنَّ الفشل أمر سيئ، أو أنَّه لم يكن عليك المحاولة أساساً، بدلاً من ذلك، خذ دروساً وافهم سبب عدم نجاح أمر ما، وتحدَّ نفسك لتقبُّل الفشل واستخدامه بوصفه شيئاً ينقلك إلى الخطوة الآتية.

إليك بعض الطرائق التي يمكنك من خلالها التعرف إلى دماغ السحلية والتغلب عليه:

  • تقبُّل عيوبك.
  • البدء بالعمل قبل أن تكون جاهزاً.
  • تحديد ما إذا كانت تبريراتك مشروعة أم عادلة.
  • التغلب على نفسك من خلال البحث عن مواقف غير مريحة ووضع نفسك فيها.
  • عدم طلب الإذن دائماً.

الخطوة الثالثة: الاهتمام وتقديم الهدايا

كان مفهوم ثقافة الهدايا بوصفها أساساً لاقتصاديات القبائل موجوداً منذ فترة طويلة جداً؛ ففي القبائل القديمة، كان الملوك والملكات والرؤساء هم الأشخاص الذين قدموا أعظم الهدايا، لقد تأسست قوتهم في قدرتهم على منح كل ما لديهم، وبعد فترة، تغيَّر هذا المفهوم، وأصبح الأقوياء هم الذين يحصلون على أكبر قدر من الهدايا.

يجادل "غودين" أنَّ ظهور الإنترنت أعطانا القدرة على العودة إلى النظرة القبلية الأصلية لاقتصاد العطاء؛ ففي العالم الرقمي، يمكننا التقديم أكثر من أيِّ وقت مضى وإنشاء مجموعات من الأشخاص الذين يتواصلون مع الفنانين ومع بعضهم بعضاً.

هنا بعض الأمثلة:

  • المشاع الإبداعي للصور (Creative Commons).
  • مشروع غوتنبرغ للكتب (Gutenberg Project).
  • منصة نويز تريد للموسيقى (NoiseTrade).
  • رائد الأعمال "راميت سيثي" (Ramit Sethi)، الذي أعطى 98% من مواده مجاناً.

تساعد هذه الهدايا على بناء مجموعة من الناس يرتبطون مع بعضهم من خلال الفن الأصيل للشخص الذي ابتكر تلك الهدايا وقدمها للآخرين.

يظن "غودين" أنَّك تستطيع أن تصبح محوراً أساسياً من خلال تقديم فنِّك مجاناً، قد يكون فنُّك عبارة عن أفكار جيدة تستخدم في مقالات لمدونة، أو صوراً مذهلة أو أن يكون البرنامج الذي صممته متاحاً للجميع.

الفكرة هنا هي عدم التفكير بأنَّ الهدايا يجب أن تكون متبادلة؛ أي لا تشغل بالك بفكرة أنَّ أي شيء تقدِّمه يجب أن يعود إليك؛ وإنَّما قدَّم الفن من أجل الفن.

يشرح "غودين" هنا العلاقة بين الفن وتقديم الهدايا والأشخاص: "أحد الأسباب التي تجعل الفن يتمتع بقوة كبيرة هو أنَّه يمثل أغلى هدية يمكننا تقديمها، وتعزز عملية إيصاله إلى الأشخاص الذين نعمل معهم أو نتواصل معهم، كما أنَّه يقوي العلاقة بين الأشخاص"؛ لذا ضع في حسبانك بعض الهدايا التي يمكنك تقديمها لبناء علاقاتك وتعزيزها.

الخطوة الرابعة: نقل إبداعك إلى الآخرين

يستشهد "غودين" باقتباس مشهور من "ستيف جوبز" (Steve Jobs)، مؤسس شركة آبل (Apple): "ينقل الفنانون الحقيقيون فنهم إلى غيرهم"؛ إذ يروي قصة إطلاق جهاز ماك (Mac) الأصلي وكيف عمل المصممون طوال الساعة ولأيام عدة لإنهاء المشروع، ولم يكونوا متأكدين ممَّا إذا كان الحاسوب قد انتهى أو أصبح جاهزاً، لكن في تلك اللحظة كانوا متأكدين من استعدادهم لنقل الفكرة إلى الآخرين.

قد يبدو من السهل جداً أن تبدأ مشروعاً ما، وتُنشِئ شيئاً جديداً ثم تنقله إلى الآخرين، إنَّها تلك الخطوة الأخيرة؛ إذ يتعثر معظم الناس بسبب خوفهم ويجدون صعوبةً بالغةً في المضي قدماً.

لا شك في أنَّك قد واجهت هذا في حياتك، فيما يأتي بعض الأمثلة القليلة عن الأمور التي ربما حدثت معك:

  • نشر مقال خاص بك.
  • إنهاء سيرتك الذاتية.
  • الاتصال لتحديد موعد للمقابلة.
  • إنشاء مجموعة شرائح لعرض تقديمي.
  • بيع الكعك الذي قضيت نهارك في تحضيره.

يقول "غودين": "إنَّ عملية نقل عملك أو أفكارك إلى الآخرين هي الاصطدام بين عملك والعالم الخارجي"، بالنسبة إلى معظمنا يبدو الأمر عبارةً عن اصطدام بالفعل، هذا هو السبب في أنَّ قدرتك على نقل أفكارك إلى الناس باستمرار هو أمر يمكن أن يجعلك محوراً أساسياً؛ لأنَّه أمر يعانيه الكثيرون، ويتحدَّث "غودين" عن تحديين رئيسين استطاع الأشخاص القادرون على نقل أفكارهم التغلب عليهما، وهما:

الأول هو مفهوم تصادم الآراء، بالنسبة إلى معظمنا، كلما اقتربنا من نهاية المشروع زاد عدد الأشخاص المشاركين فيه من زملاء العمل والرؤساء وغيرهم، مما يؤدي إلى تعثُّر المشروع وتغييره؛ ومن ثَمَّ تصبح عملية نقله إلى الناس أكثر صعوبةً.

أما الشخص الذي يمثل المحور الأساسي في المشروع، فهو القادر على جمع آراء هؤلاء الناس والسماح لهم بالتدخل في بداية المشروع وليس في نهايته، فمع اقتراب المشروع من الانتهاء، يصبح الأشخاص المشاركون فيه والتغييرات التي تطرأ عليه محدودة، ممَّا يجعل عملية نقله إلى الآخرين أسهل بكثير.

التحدي الآخر هو التنسيق، من الشائع جداً في الشركات أن يكون للمشاريع أصحاب مصلحة كثيرون، وعندما يبدو المشروع جيداً، يرغب الجميع في المشاركة.

كلما زاد عدد الأشخاص المشاركين في المشروع، زادت المشكلات، يمكن أن يكون التنسيق بين المجموعات الكبيرة بمنزلة كابوس؛ إذ يؤدي بسهولة إلى إخراج المشروع عن مساره وتأخير تاريخ نقله إلى الناس باستمرار.

إليك طريقة إصلاح الأمر: كن صارماً في الحد من عدد الأشخاص المعنيين وعيِّن شخصاً يمثل محوراً أساسياً لتشغيله، لكن ما هو أكبر سبب يمنعنا من النقل؟ مرةً أخرى، يعود سبب ذلك إلى مقاومة دماغ السحلية.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح تُحفّزك على الإبداع

قدرات المحور الأساسي:

يسلط "غودين" الضوء في كتاب "الركيزة" على سبع قدرات رئيسة توضح الطريقة التي يعمل من خلالها الشخص الذي لا غنى عنه، هذا لا يعني أنَّ عليك امتلاكها جميعاً؛ وإنَّما هي طرائق مختلفة أثبت من خلالها الأشخاص الذين أصبحوا محاور أساسية سببَ عدم القدرة على الاستغناء عنهم، وهذه القدرات هي:

  1. توفير تواصل خاص أو فريد بين الأشخاص داخل المنظمة وخارجها.
  2. توفير الإبداع.
  3. إدارة المواقف المعقدة.
  4. قيادة العملاء.
  5. إلهام الموظفين الآخرين.
  6. امتلاك معرفة عميقة بأمر ما.
  7. امتلاك موهبة لا يمتلكها أي شخص آخر.

هذه كلها مهارات يمكن تعليمها وتعلُّمها، لكن يحب دماغ السحلية المزعج التسلل وإخبارنا أنَّنا لسنا جيدين بما فيه الكفاية، هذا ما يمنعنا من تحقيق كل الأمور التي يمكننا فعلها حقاً.

الآن، فكِّر في مهاراتك وقدراتك:

  • هل ميزت أي منها لأنَّها تتوافق مع القائمة أعلاه؟
  • هل يمكنك التفكير في طريقة يمكنك من خلالها تحسين مهاراتك وقدراتك بنشاط لتصبح محوراً أساسياً؟
  • هل يوجد شيء أنت متحمس له حقاً يمكن أن يساعدك على التقدم؟

يؤكد "غودين" عدو وجود خريطة طريق محددة لتصبح محوراً أساسياً؛ بل إنَّه أمر علينا جميعاً أن نكتشفه بأنفسنا إذا كنَّا على استعداد للخروج من النظام القديم وصياغة مسار جديد.

السؤال الرئيس هو: "هل أنت على استعداد لبذل الوقت والجهد لتتألق؟".

إقرأ أيضاً: 6 طرق تساعد على تحقيق النجاح

النقاط الرئيسة:

  • يوجد داخل كل منَّا فنان وشخص عبقري.
  • الخروج من الوضع الذي وضعك فيه المجتمع واختيار أن تكون مختلفاً.
  • سيحاول عقل السحلية دائماً إيقافك.

يعلِّمنا كتاب "الركيزة" القليل جداً عن نظام العمل كما هو اليوم وكيف يمكنك أن تقرر رؤية الأمور رؤية مختلفة، ويؤكد أنَّك عندما تكون شخصاً جيداً وكريماً، فإنَّ ذلك يربط الناس والأفكار ويبتكر الفن بوصفه طريقة للمكافأة، إنَّ ابتكار الفن في كل ما تفعله وتعزيز عبقريتك سيفيدك فقط.

يُعدُّ اختيار المسار المناسب بالنسبة إلى "غودين" لتصبح محوراً أساسياً أذكى خطوة يمكنك القيام بها الآن؛ فهو الطريقة الوحيدة للعمل، لأنَّك بمجرد إثبات نفسك بصفتك شخصاً لا يمكن الاستغناء عنه، ستبدأ في رؤية المكافآت، مثل مزيد من الاستقلالية في العمل، والحصول على راتب أفضل، ومزيد من الأمان الوظيفي.

بصرف النظر عن مدى صعوبة تحفيزك، ستواجه دائماً المقاومة ويدفعك عقل السحلية إلى الخلف، فكلما تمكنت من مقاومته، كنت مستعداً بصورة أفضل للمُضي قُدماً.




مقالات مرتبطة