4 أشياء يرفض معظمنا الاعتراف بها

كنت أكتب في مقهى محلي على شاطئ البحر عندما اقتربت مني امرأةٌ شابة، وسألتني: "إنَّك مارك، أليس كذلك؟".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن مارك كرنوف (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع أمورٍ يرفض بعض الناس الاعتراف بها.

قصة شخصية:

نظرتُ إليها، كانت ابتسامتها لطيفةً، لكن لا شيء آخر يلفت الانتباه، سألتها بلطف: "المعذرة، هل أعرفك؟".

أجابت: "لا، لكنَّني أعرفك"، ثمَّ عادت بسرعة إلى الطاولة؛ إذ كانت جالسة، وحملت حاسوبها اللوحي عائدةً إليَّ، على الشاشة ظهرت مدونتنا، مارك وإنجِل هاك لايف (Marc and Angel Hack Life)، وقالت بنبرة سعيدة: "تبدو كما في الصورة تماماً".

عندها ابتسمت، وقلت لها: "إذاً أنت واحدةٌ من الأشخاص القلائل في هذه المدينة الذين قرؤوا مدونتي"، فاحمرت خجلاً، وأجابت: "ما أحبه في كتاباتك هو أنَّها حقيقية للغاية".

تنحنحتُ قليلاً وسألتها: "حقَّاً؟"، فأجابت: "أقصد أنَّك لا تخفي أيَّ شيء، وتقول الأشياء على حقيقتها، ممَّا يمنحني الأمل".

هنا سألتُها: "لكن كيف تعرفين أنَّني لا أخفي أيَّ شيء؟".

ترددَت لبرهة، وأمالت رأسها قليلاً، وأغمضت عينها، وكأنَّها تبحث عن شيء عني كان قد فاتها سابقاً، ثمَّ قالت: "تبدو كلماتك صادقة".

قدَّرتُ مجاملتها؛ لكنَّها لم تكن في محلها، ربما لأنَّني لا أجيد تقبُّل المديح، أو ربما لأنَّني كنت أفكر كثيراً في الصدق في الفترة الأخيرة، ووجدت أنَّني مقصِّرٌ في هذه الناحية.

قلت لها: "إليك بعض الأشياء التي ربما يجب أن تعرفيها عني، عندما يلتقط أحدهم صورةً لي، فعادةً ما أبتسم نصف ابتسامة ملتوية لأنَّني أعتقد أنَّها تجعلني أبدو وسيماً، وإذا لمس أحدهم ذراعي، فإنَّني أثنيها قليلاً لأنَّني أعتقد أنَّ الناس معجبون بالعضلات القوية، وإذا كنت بانتظار ضيوفٍ في منزلي، فإنَّني أركض مثل المجنون لتنظيف المنزل قبل وصولهم، لأنَّني أريدهم أن يروني نظيفاً ومرتباً طوال الوقت".

واصلت: "لكنَّها البداية فقط، فعندما أكتب مقالاً جديداً في مدونتي، فعادةً ما أكتب فقط عن الأشخاص والتجارب التي تلهمني لكتابة جملة واحدة، جملة تؤثِّر فيَّ، على سبيل المثال، في مقال اليوم، هذه الجملة هي: "إنَّ الصدق مسألة وعي ونية"، أما الباقي فهو مجرد محاولة لإضفاء الحيوية على هذه الجملة ولإظهار المعنى الذي تحمله بالنسبة إلي".

أضفت: "وعندما أريد إثارة إعجاب شخص قابلته للتو للمرة الأولى، أتظاهر بأنَّني منفتح وجريءٌ جداً، وأحاول أن أقول أشياء ذكية أو عميقة مثل: "أن نفهم القليل خيرٌ من أن نسيء فهم الكثير"؛ لكنَّها عادةً لا تُظهر الحقيقة لأنَّني لا أريد حقاً أن أكون ذكياً أو شجاعاً أو عميقاً، أريد فقط كسر الحاجز النفسي وتقديم نفسي، وأريد أن أفعل ذلك دون أن أتلعثم في كلامي".

فقالَت عندها: "هذا هو بالضبط الصدق الذي يلهمني يا مارك".

أجبتُها: "لم تفهمي قصدي، إنَّني أكشف لك الحيلة، فتلك الابتسامات الوسيمة ليست الابتسامات التي يراها الناس كثيراً، ونادراً ما تتضمن المقالات الجمل التي ألهمتني لكتابتها، والناس الذين أعرِّفهم بنفسي لا يرونني دائماً على حقيقتي، ولا يدركون أنَّني متوتر؛ وذلك لأنَّني أحاول إثارة إعجابهم".

سألَتني: "مَن الذي تحاول إثارة إعجابه؟".

قلتُ: "ليس هذا المغزى".

أصرَّت: "لكنَّني أريد أن أعرف".

واصلتُ: "هذا ما أعنيه؛ أي شخص صادق سيجاوب مباشرةً، أما أنا فأكتب قصصاً في مقال عن فتاة تتجول في الشوارع، وليالي الرقص، وامرأة حزينة في محل الآيس كريم، ومن يدري ماذا سأكتب بعدها".

سألَتني عندها: "لكن من كان يرقص في تلك الليلة هو إنجل وأنت، أليس كذلك؟".

ابتسمتُ وقلتُ: "لا تخبري أحداً".

فسألَتني: "لكن ألن يعرف الأشخاص الجدد الذين تريد إثارة إعجابهم، وكل الأشخاص الهامين في حياتك ما تشعر به إذا قرؤوا مقالاتك؟".

أجبتُها: "لا أعتقد أنَّهم يقرؤون المدونة".

شاركنا صمتاً طويلاً حدَّقَت فيه مباشرةً في أعماق عيني، وقالَت أخيراً: "أعتقد أنَّني أفهم الآن بشكل أفضل لماذا تمنحني الأمل".

فسألتُها: "لماذا؟".

فقالَت: "لأنَّ في مرحلة ما نسي العالم، أو ربما لم يعرف أبداً، أنَّ الصدق لا يتعلق بما إذا كنا نبتسم للكاميرا، أو نختلق القصص، أو نحاول إخفاء مخاوفنا قبل مقابلة شخص جديد؛ لكنَّ الصدق هو مسألة وعي ونية، وإن كان ثمة شخص ما يدرك ذلك، فإنَّه يمنحني الأمل ويجعلني أفكر عميقاً".

ثمَّ ابتسمَت وقالَت: "ولدي شيء آخر، إنَّني متأكدةٌ من أنَّ هؤلاء الذين تريد إثارة إعجابهم سوف يقدرونك، كما أنت تماماً، كما أُقدرك بنفسي".

شاهد بالفديو: 13 علامة تشير إلى أنك تضيع حياتك ولكنك لا تستطيع الاعتراف بذلك

البحث عن الحرية الداخلية:

قد تتساءل لماذا أخبرتك للتو بهذه القصة، وفي الواقع، لأنَّ ذلك يحررني، إنَّ التفكير في تلك المحادثة الصادقة والحقيقية في المقهى يُحرر عواطفي، يذكرني أنَّه من خلال السماح لنفسي بأن أكون على حقيقتي، فإنَّني أسمح للآخرين بأن يكونوا على حقيقتهم أيضاً، ويؤدي ذلك إلى بيئة صحية وداعمة يمكن للجميع العيش والتواصل فيها.

في مجتمع يحب الناس فيه توجيه أصابع الاتهام والسخرية، في معظم الأحيان لا يمكنك محاربة الأحكام الوقحة بأمانة تامة، ومنها الأحكام الذاتية، وعندما تكون منفتحاً تماماً، وعندما تتحدث عن مشكلاتك وتسمح لنفسك بتلقي الرعاية والدعم، فإنَّك تسمح للآخرين بالرد بالمثل وحذو حذوك، والحقيقة هي أنَّنا نعاني جميعاً المعاناة نفسها، ونخوض تجارب التعلم ذاتها، ونعيش الصراعات الداخلية نفسها، إنَّنا متساوون تماماً في عيوبنا، ولا يوجد سبب لنكران ذلك.

لكن في كثير من الأحيان، نحاول أن نظهر للعالم أنَّنا بلا عيوب، على أمل أن نحظى بمحبة وقبول الجميع، لكن لا يمكننا إرضاء الجميع، ويجب ألا نحاول ذلك؛ إذ يكمن جمالنا في ضعفنا وعواطفنا المعقدة وعيوبنا الصادقة، وعندما نقرر أن نكون صادقين نتقبل حقيقتنا، وبدلاً مما يريدنا العالم أن نكون، سوف نسمح لأنفسنا بخوض المحادثات الحقيقية والعلاقات الصادقة وعيش راحة البال التامة.

تذكَّر ذلك دائماً، حرِّر نفسك واجعل الصدق والحقيقة نهجك، ابدأ بالاعتراف بما رفض معظمنا الاعتراف به لفترة طويلة جداً، ومن ذلك:

1. حساسيتنا وضعفنا وجهلنا بأنفسنا أكبر مما نظن:

لدى كل فرد منا جانب حساس، ومع ذلك يحاول معظمنا إخفاءه؛ وذلك لأنَّ الأشخاص الحساسين غالباً ما يُنظر إليهم على أنَّهم ضعفاء أو مُحطمون؛ لكنَّ المشاعر العميقة ليست دليلاً على الضعف؛ بل هو سمة من سمات العطوف والمفعم بالحياة، ليس الشخص الحساس هو المحطم؛ بل مجتمعنا الحديث هو الذي أصبح مختلاً وفاقداً للعواطف، ولا عيب في التعبير عن مشاعرك الحقيقية، فأولئك الذين يوصفون أحياناً بأنَّهم عاطفيون للغاية أو معقدون هم اللبنة التي تحافظ على حلمنا بعالم أكثر وعياً ولطفاً وإنسانيةً على قيد الحياة.

لا تخجل أبداً من ترك مشاعرك وابتساماتك ودموعك تسطع في هذا العالم المظلم، ولا تخف من الشعور ببعض الإحراج وعدم الثقة بنفسك نتيجةً لذلك.

في الواقع، إذا كنت تشعر أحياناً بعدم الثقة بنفسك، فأعرف بالضبط ما تشعر به، اعتدت ألا أثق بنفسي أبداً، وما زلت كذلك في بعض الأحيان، لكنَّ ذلك ليس سيئاً تماماً؛ فالوعي الذاتي المرتفع والقلق والخوف من أحكام الناس والشعور بالضعف والاختلاف عن الآخرين ليست مشاعر سيئة تماماً، فتلك الصراعات الداخلية وتلك المشاعر هي من أنقذني في بعض الأحيان، فمن دونها لم أكن لأمارس أبداً الأدب واللغة والعقل وعملي الشغوف وكل المشاعر العميقة التي كوَّنت الشخص الذي أنا عليه اليوم.

لكن تبقى حقيقة قاسية: الأعداء الذين نواجههم في الحياة، وخاصة صراعاتنا الداخلية، تستغل عدم ثقتنا بنفسنا، مما يعني أنَّنا لا نستطيع الاختباء إلى الأبد؛ لذا علينا أن نتحرر وننمو من خلال مخاوفنا، ففي مرحلة ما علينا أن نحرر أنفسنا ونستعيد قوتنا من خلال الثقة فيما نحن عليه، كائنات حساسة وضعيفة وغير واثقة من نفسها.

بدلاً من أن تبتسم لتبدو مؤدباً، ابكِ عندما تحتاج إلى ذلك، وبدلاً من الضحك عندما تكون متوتراً أو غير مرتاح، قل الحقيقة فقط، وبدلاً من التصرف وكأنَّ الأمور على ما يرام، قل إنَّها ليست على ما يرام وتحدَّث عن مشاعرك.

حرر نفسك واعترف بحقيقتك، وأظهر ضعفك وحساسيتك وتصرَّف على سجيتك، واتخذ خطوةً جريئةً إلى الأمام.

إقرأ أيضاً: ما مدى تأثير أفكارنا وكلماتنا على حياتنا

2. إنَّنا نمنح الآخرين سيطرةً كبيرةً على حياتنا ومشاعرنا:

"لقد فقدت اليوم احترام بعض الناس الذين أحبهم، عندما أخذت بنصيحتك أخيراً وأخبرت الجميع بحقيقتي وبمَ قررت أن أفعله في حياتي، باختصار، لقد اخترت أن أحب نفسي وأكرم نفسي، بدلاً من إقناع الآخرين بفعل ذلك".

إنَّها كلماتٌ سمعتها في جلسة دردشة أجريتها منذ فترة مع متدرِّبٍ جديد في أحد دوراتنا، على الرَّغم من أنَّ هذا الشخص طلب عدم الكشف عن هويته، فقد منحني الإذن للحديث عن ذلك، وإنَّني سعيد جداً بذلك؛ لأنَّه في مرحلة ما علينا جميعاً أن نتطلع إلى العالم بقلب صادق ومنفتح، ونقول: "هذا أنا، فتقبلني كما أنا أو ارحل"، ومع ذلك، فإنَّ الوصول إلى هذه النقطة هو رحلة طويلة؛ إذ يستغرق الأمر وقتاً لتعويد عقولنا على مقاومة حاجتها إلى القبول الاجتماعي.

إنَّ رغبتنا في الحصول على قبول الآخرين هي جزءٌ من تركيبتنا، على سبيل المثال، لقد ثبت مراراً وتكراراً أنَّ مشاعر الأطفال غالباً ما تتولَّد استجابةً لسلوكات من حولهم، وبينما نكبر، نتعلم فصل أفكارنا وعواطفنا عن مشاعر الآخرين؛ لكنَّ معظمنا يواصل السعي إلى الحصول على القبول الإيجابي من الآخرين، وحتى التوسل إليهم أحياناً، وفي استطلاع حديث أجريناه مع 1200 من عملائنا ومتدربينا، اعترف 67% منهم بأنَّهم يربطون قيمتهم الذاتية ارتباطاً وثيقاً بآراء لآخرين عنهم.

لكنَّ المشكلة الأكبر هي أنَّنا غالباً ما ننسى أنَّ الناس يحكمون علينا بناءً على مجموعة من التأثيرات الخاصة بحياتهم والتي لا علاقة لها بنا على الإطلاق، على سبيل المثال، قد يفترض شخص ما أشياء عنك بناءً على تجربة سيئة سابقة مر بها مع شخص آخر يشبهك، أو شخص آخر يشاركك الاسم نفسه، وما إلى ذلك؛ لذلك، فإنَّ تحديد قيمتك الذاتية بناءً على آراء الناس عنك يبقيك في حالة هشاشة عاطفية دائمة؛ لأنَّك تعيش حرفياً تحت رحمة وجهات نظرهم المتحيزة وغير الموثوقة؛ فإذا كان رأيهم عنك حسناً واستجابوا لك بطريقة إيجابية، سوف تشعر بالرضى عن نفسك، وإن لم يكن الأمر كذلك، فستشعر وكأنَّك ارتكبت خطأً ما.

الخلاصة هي أنَّك عندما تفعل كل شيء من أجل الآخرين، وتبني سعادتك وتقديرك لذاتك على آرائهم، فإنَّك تفقد قيمك الأخلاقية، وإذا وجدت نفسك تفعل هذا، وسوف ستفعله حتماً في مرحلة ما، ذكِّر نفسك بحقيقة أنَّ آراء معظم الناس عنك ليست هامة.

أعد تركيز انتباهك على العلاقات الصحيحة، واقضِ الوقت مع الأشخاص الذين يرونك كما أنت، وليس كما يريدونك أن تكون، واقض مزيداً من الوقت مع أولئك الذين يعرفونك حقاً، والذين يحبونك ويحترمونك على أي حال، وإذا توقعك شخص ما أن تكون شخصاً آخر، فتراجع خطوة إلى الوراء، ومن الحكمة أن تفقد العلاقات لكي تحافظ على طبيعتك بدلاً من الحفاظ عليها من خلال التصرف على غير طبيعتك، ومن الأسهل تخفيف حسرة القلب ومقابلة شخص جديد، بدلاً من ترميم هويتك المحطمة، ومن الأسهل أن تملأ فراغاً في حياتك شغله سابقاً شخص آخر، من أن تملأ فراغاً بداخلك كنت أنت فيه.

شاهد بالفديو: 12 طريقة فعالة لتطوير الذات

3. غالباً ما نحدد قيمتنا بناءً على ممتلكاتنا المادية:

إذا كانت الظروف مناسبة، فمن السهل أن تنمو أفقياً من خلال جني مزيد من الأموال وشراء للسيارات الأحدث والمنازل الأكبر وغيرها من الممتلكات المادية، أمَّا النمو العمودي فيتحقق عندما تبقى في المكان نفسه وتمتلك الأشياء نفسها؛ لكنَّك تنمو أعمق وأعمق في داخلك حتى يمكنك القول: "قبل خمس سنوات كنت سأفقد عقلي لو حدث هذا الموقف؛ لكنَّني لم أعد آخذ الأمر على محمل شخصي".

هذا النوع من النمو أكثر ندرة بكثير؛ لكنَّه النمو الحقيقي الوحيد، وللأسف يشعر معظمنا أنَّنا عالقون في مكاننا، نتقدم في العمر بسرعة أكثر مما ننمو؛ لأنَّنا نركز بالكامل تقريباً على الإنجازات المادية، إنَّنا نقضي كثيراً من حياتنا سعياً وراء الأمور المادية التي يعدها المجتمع قيمة، مثل كسب مزيد من المال، وشراء مزيد من الأغراض، والسعي إلى الارتقاء في المناصب، وما إلى ذلك، لدرجة أنَّنا نفشل في التركيز على ما يهم حقاً.

ليكن هذا نداء صحوتك، أينما ألقت بك الحياة، في مدنٍ كبيرة أو بلدات صغيرة، في لقاءاتٍ عبر الإنترنت أو معاملاتٍ شخصية، ستواجه حتماً مواقف تجعلك تشكك في نفسك، تلك المواقف التي يبدو الجميع فيها أفضل منك، والتي تجعلك تشعر بأنَّك أدنى من الجميع.

دون وعي ستحدد قيمتك الشخصية بناءً على ممتلكاتك المادية بدلاً من شخصيتك الحقيقية؛ فاعلم أنَّ السعي إلى المكاسب المادية والمجتمعية لدرجة إلحاق الضرر النفسي بنفسك هو أمر لا معنى له؛ لذا ابذل قصارى جهدك لمنع نفسك من ذلك، ثم مارس الأنشطة واتبع الأفكار التي تجعلك تشعر بالعافية مرةً أخرى.

اختر الأشياء ذات القيمة الحقيقية، تلك الأشياء التي لا يمكن للثروة المادية والمكانة الاجتماعية شراؤها، وما يهم حقاً هو امتلاك شخصيةٍ قوية وبال مرتاح وقلب ممتن، فإذا كنت محظوظاً بما يكفي لامتلاك أيٍّ من هذه الأشياء، فلا تتخلَّ عنها ولا تستهن بنفسك أبداً.

4. نادراً ما نعترف بفضلنا:

من السهل النظر إلى الماضي والندم على الأخطاء، ومن السهل أن نتمنى لو تعلمنا الدروس في وقتٍ أبكر، لكن لا فائدة من الندم؛ لذا امنح نفسك الفضل الذي تستحقه بدلاً من ذلك.

لقد تجاوزتَ العقبات التي اعتقدت أنَّك لن تتجاوزها، وسوف تفعل ذلك مرةً أخرى، لا تستسلم في وجه التحديات؛ بل كن ممتناً للتقدم الذي أحرزته، فلقد مررت بالكثير؛ لكنَّك تطورت كثيراً أيضاً، إنَّك تستحق التقدير لما أبديته من قوةٍ ومرونة.

يسألنا الناس كيف نبقى صامدين بعد كل ما مررنا به، ونقول لهم دائماً الشيء نفسه: "لأنَّنا ناجون ولسنا ضحايا"، والشيء نفسه ينطبق عليك، لقد صمدت حتى الآن، لا تنسَ ذلك أبداً، وتذكر ما تستحقه واستمر في المضي قدماً، فكلُّ خطوة وتجربة ضرورية.

في النهاية، كل الخطوات الصغيرة التي اتخذتها ستُحدِث فرقاً كبيراً، وليست الحياة مجرد لحظة انتصار وإنجاز عظيمين؛ بل تنطوي أيضاً على كثير من الأخطاء والتجارب الفاشلة والجهد والدموع والمهام الصغيرة التي تقوم بها كل يوم، والتي تُقربك من هدفك تدريجياً، فكل خطوة، وكل ندم، وكل قرار، وكل انتكاسة صغيرة وفوز بسيط، جميعها هامةٌ في النهاية.

إقرأ أيضاً: قوة الكلمات والحديث مع النفس

في الختام:

كل الخطوات التي تبدو تافهةً تحمل قيمةً معينة؛ تلك الوظيفة ذات الدخل المنخفض التي عملت بها في المدرسة الثانوية، وتلك الأمسيات التي قضيتها مع زملاء العمل الذين لم تلتقِ بهم منذ زمنٍ طويل، والساعات الطويلة التي أمضيتها في كتابة أفكارك في مدونة لا يقرؤها أحد، وتلك التخيلات عن خططك المستقبلية التي لم تتحقق قط، وكل ليالي الوحدة التي قضيتها في قراءة الروايات والأخبار ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والتي جعلتك تشكك في مبادئك الحياتية وما إذا كنت كافياً كما أنت.

كل هذه الانكسارات جعلتك شخصاً أقوى وقادتك إلى النجاح الذي حققته، وجعلتك ما أنت عليه اليوم، وأثبتت أنَّ لديك القوة والمرونة لمواجهة جميع التحديات؛ لذا شكر نفسك على ذلك، وتقدَّم إلى الأمام مرةً أخرى ممتناً لما حققته.




مقالات مرتبطة