3 نصائح لتجد الإبداع عندما تشعر بعدم القدرة على الابتكار

محفزات الإبداع موجودة في كل مكان من حولنا، لكنَّنا لا ندركها لأنَّنا اعتدنا على البحث عنها في أماكن قليلة فقط، لكن عندما تعيد تكوين معتقداتك عن الإبداع ستصبح أكثر إبداعاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "تايلر تيرفورين" (Tyler Tervooren)، ويُقدِّم فيه ثلاث نصائح لإيجاد الإبداع عندما تشعر بعدم القدرة على حل المشكلات بطريقة مبتكرة.

تجربة شخصية:

شاركت ذات مرة في نشاط تجاري أسَّسه بعض أصدقائي، وكانت وظيفتي هي معرفة ما يجعل أعضاء الفريق أكثر سعادةً، وكيف نجعلهم يستمرون بالعمل معنا أطول مدة ممكنة، وفي أحد الأيام تلقينا رسالة دعم من "نورا" (Nora)، وهي عضو في فريقنا منذ فترة طويلة، وهذا ما كتبته: "مرحباً، كنت أتحقَّق من كشف حساب بطاقتي الائتمانية، ويبدو أنَّه تُحصَّل الرسوم مني مرتين في كل شهر بدلاً من مرة واحدة".

لم أنتبه لهذه المشكلة سابقاً، لكنَّ نورا كانت مُحقَّة؛ إذ كنَّا نقتطع منها الرسوم مرتين في الشهر، واستمر ذلك لفترة طويلة قبل أن تكتشفه، وبقيتُ فترة طويلة لا أعرف ما الذي يجب القيام به حيال هذا الأمر.

عندما أتذكَّر ما حدث يتَّضح لي وجود عدة طرائق لحل المشكلة، لكن في وقتها كنتُ مرهقاً ولم أستطع إيجاد حل مبتكر؛ لذلك فعلت ما أفعله عادةً عندما أشعر بالإرهاق في منتصف النهار، ذهبت إلى المقهى وطلبت شاي الكمبوتشا، ففتحت موظفة البار الصنبور، لكن كان الكمبوتشا قد نفد، وكنت قد دفعت ثمن المشروب، والموظف الذي يمكنه معالجة مثل هذه القضايا غائب في الوقت الراهن.

لذلك؛ فكَّرت الموظفة لبعض الوقت وتوصَّلت إلى الحل الأمثل، وهو تقديم مشروب آخر حالياً، وفي المرة القادمة التي أدخل فيها إلى المقهى يُقدَّم لي شاي الكمبوتشا دون مقابل.

قبلت العرض بسعادة، وعرفت كيف يمكن أن أعالج مشكلة نورا، لقد اقترحت عليها تحويل المبلغ الإضافي الذي دفعته إلى حسابها، وبذلك لا تضطر إلى الدفع ممَّا تبقى من رصيدها في البطاقة لفترة طويلة، وكانت نورا سعيدة جداً بهذا المقترح، وحُلَّت المشكلة.

لا يبدو أنَّ هذه الحادثة تنطوي على شيء من الإبداع، فلا أنا أو أي أحد آخر في هذه القصة كتب أغنية، أو ألَّف كتاباً، أو رسم لوحة، أو صمم منتجاً، لكن كان لدينا إبداع في الحل، كان حلاً فريداً للمشكلة؛ لذا نقول إنَّ الإبداع موجود في كل مكان من حولنا، لكن تصعب رؤيته بالنسبة إلى الكثيرين، فإنَّه السهل الممتنع؛ وذلك لأنَّنا اعتدنا أن نبحث عنه في بضعة أماكن فقط.

لكن، ثمَّة كثير من الأمور والمواقف والأماكن التي يمكنك استخلاص أفكار جديدة منها لتحسين عملك، وكل ما عليك فعله هو بذل بعض الجهد الإضافي في البحث عن الإبداع من حولك، فعندما تواجه مشكلة، أو تحتاج إلى ابتكار شيء ما جديد يساعدك على التقدُّم بسرعة.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح تُحفّزك على الإبداع

جرِّب هذه النصائح العملية لإيجاد الإلهام:

1. خذ استراحة من التفكير في مشكلتك وفكِّر في شيء آخر:

لقد تعلَّمتُ الكثير عن كيفية البدء وإدارة الكثير من الأعمال، كما تعلَّمت فن الكتابة وبناء علاقات أفضل، وأحد الدروس الهامَّة التي تعلمتها هو أنَّ المشكلة التي لا يمكنك حلها الآن، فلن تكون على الأغلب قادراً على حلها بعد فترة وجيزة.

عندما تدرك أنَّك تواجه مشكلة، فإنَّ تفكيرك سينشغل بمحاولة إيجاد حل لها حتى لو لم ترد أنت ذلك، ومعظم المشكلات لا تُحل من تلقاء نفسها، بل غالباً ما تحتاج إلى جهد فكري، وهنا تكمن المفارقة؛ إذ إنَّ التركيز على المشكلة يحدُّ من قدرتك على التفكير بأشياء أخرى، إلا أنَّ إدراك الروابط بين المشكلة التي تعمل عليها وغيرها من الأمور هو ما يُعدُّ مصدر الإبداع.

يقول عالم الفيزياء الأمريكي الراحل "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein): "لا يمكن حل المشكلات الكبيرة بمستوى التفكير نفسه الذي كنَّا عنده عندما وقعنا فيها"؛ لذا لحلِّ المشكلات بطريقة إبداعية، عليك أن تخصِّص مساحةً ووقتاً للإبداع؛ إذ إنَّه أمر صعب في ظل تزاحم الواجبات في هذه الحياة، لكنَّ هذا أمر ضروري للإبداع، وكلما كانت المشكلة أكبر، وجب عليك أن تخصِّص لها مساحة ووقتاً أكبر.

بالنسبة إليَّ كان أحد الأشياء التي ساعدتني على الاستلهام من المشكلة التي حدثت معي في المقهى لحل مشكلة خدمة العملاء، هو أنَّني خصَّصت 20 دقيقة للاسترخاء والمشي للمقهى، فهذه الاستراحة ساعدتني على ابتكار أفكار أخرى، ربما لو حدثت المشكلة معي في أثناء وجودي في المقهى ما كنت لأستطيع التوصُّل إلى هذا الحل.

قد تحتاج بعض المشكلات الصغيرة إلى بضع دقائق فقط للعثور على الإبداع اللازم لحلها، في حين قد تحتاج المشكلات متوسطة الحجم إلى بضع ساعات، أمَّا المشكلات الكبيرة قد تحتاج إلى عدة أيام.

2. جد الإبداع في أماكن غير متوقعة:

قد يكون من الصعب العثور على الإبداع كوننا اعتدنا البحث عنه في أماكن محددة، فمثلاً نحن نذهب إلى المعارض الفنية لنرى إبداع الرسامين، ونستمع إلى الأغاني لنشعر بالإبداع الموسيقي، أو نقرأ الكتب لنسرح من خلالها في خيالنا.

إذ نبحث عن الإبداع في الفن، لكنَّ تعريفنا للفن هو تعريف ضيِّق، فالإبداع موجود في كل مكان من حولنا، وفي أماكن عادية، وعندما تنجح في رؤية الإبداع في كل مكان، فإنَّك ستكون قادراً على العثور عليه في نفسك.

إنَّ الاعتقاد بأنَّ الإبداع مرتبط فقط بالفن بمعناه المبتذل، يشبه الاعتقاد بأنَّك لا تستطيع الحصول على المال إلا من خلال المصارف، بينما الناس الأثرياء يجدون فرص جني المال في كل مكان، والناس المبدعون يرون الإبداع أينما كان.

3. ضع مواعيد نهائية وقيوداً لتحفيز نفسك على الإبداع:

أحيانا يكون لدينا سبب وجيه للتسويف، وأحياناً لا يكون لدينا عذر، وبصرف النظر عن السبب أو النتيجة فإنَّنا نعلم أنَّه مهما كان الوقت الذي تمنحه لنفسك من أجل إنجاز مهمة تتطلَّب الإبداع، فإنَّ هذا الوقت هو ما تحتاج إليه حقاً لتنجزها.

يُسمَّى هذا بقانون "باركنسون" (Parkinson)، وكان هذا القانون معروفاً قبل فترة طويلة من إعطائه اسماً، وإذا سبق لك أن واجهت صعوبة في إنجاز مشروع يتطلَّب الإبداع فعلى الأغلب ستكون قادراً على فهم ما أعنيه، فالأمر يتعلَّق بالمسؤولية التي تشعر بها عندما يتم تحديد موعد نهائي، فالموعد النهائي يسبِّب نوعاً من التوتر الذي يحفِّز عقلك ويجعلك تخرج من منطقة الراحة، فليس الأمر ممتعاً، لكن لا نعتقد أنَّ أحداً ما وصف الإبداع بأنَّه نشاط سهل.

لذلك؛ يكون السؤال الآن هو، كيف تحدِّد المواعيد النهائية بطريقة تحفِّزك على الإبداع؟

عندما يتعلَّق الأمر بالعمل الإبداعي الذي تقوم به لنفسك، فمن السهل وضع مواعيد نهائية لإنهاء العمل لأنَّك تعلم أنَّ هذه المواعيد ليست صارمة، لكن لأنَّ الإبداع ينشأ من القيود الحقيقية، يجب أن يكون لديك عواقب تترتَّب على عدم إنجاز العمل في المواعيد النهائية التي تحدِّدها لنفسك؛ أي يجب أن تشعر بأنَّ هذه المواعيد صارمة من أجل تحفيزك على إنجاز العمل.

اسأل نفسك، ما الذي يمكن فعله لجعل الموعد النهائي يبدو صارماً؟ الإجابة عن هذا السؤال هي ما سيعزِّز قدرتك على الإبداع؛ لأنَّك عندها تعلم أنَّ الموعد النهائي حقيقي وصارم ولا يمكن تجاوزه، ولتحفِّز نفسك على الإبداع قم بالحدِّ من الوسائل التي تستخدمها لإنجاز مهمة إبداعية، فهذه الطريقة تساعدك على الوصول إلى حلول بسيطة.

مثلاً، حاول رسم لوحة باستخدام لون واحد فقط، أو اكتب مقالاً باستخدام أقل من 500 كلمة فقط، أو ابنِ الأشياء باستخدام الأدوات الموجودة لديك دون استخدام أدوات أخرى.

تذكَّر أنَّ طاقم التحكم الأرضي الخاص برحلة "أبولو 13" (Apollo13) قد ابتكروا الوسائل التي أنقذت رواد الفضاء على متن الرحلة من الاختناق، وقد فعلوا ذلك لأنَّم لم يكن لديهم سوى المواد الموجودة فقط في كبسولة الفضاء، فكان عليهم أن يفكِّروا ببساطة لأنَّهم لا يستطيعون إعطاء تعليمات لرواد الفضاء إلا عبر الإرسال اللاسلكي، وقد نجحوا في ذلك في أقل من 24 ساعة، فهذا هو الوقت الذي كان لديهم قبل أن ينفد الأوكسجين في الكبسولة.

إذاً؛ كلما أحسست بضرورة ابتكار حل لتفادي كارثة، شعرت بالقدرة على الإبداع.

إقرأ أيضاً: الإبداع: أنواعه، وأهميته، ومظاهره، وصفات الشخصية المبدعة

جرِّب هذه النصائح حالاً:

لتلهم نفسك وتكون أكثر إبداعاً، حتى عندما لا تشعر بالقدرة على ذلك، افعل هذه الأشياء الثلاثة:

  1. خذ استراحة؛ لأنَّ من شأن ذلك أن يمنحك الفرصة لتفكِّر بأشياء أخرى غير مشكلتك.
  2. وسِّع مفهومك عن الإبداع، فكما قلنا نحن غالباً معتادون على البحث عن الإبداع في مجالات محدَّدة وينبغي لك الآن كسر هذا المفهوم.
  3. ضع قيوداً ذاتية، من حيث تقليل عدد الأدوات، وتقليل المدة الزمنية، وستجد أنَّك تصبح أكثر إبداعاً.
إقرأ أيضاً: 23 نصيحة تحفزك على الإبداع

في الختام:

فكِّر في مشروع إبداعي تعمل عليه بجدٍّ، وامنح نفسك استراحة من التفكير به، وابحث عن أمثلة لأشخاص يحلون مشكلاتهم بطريقة إبداعية لا تفكر بها عادة، ثمَّ استأنف العمل على مشروعك مع وضع قيود صارمة من حيث الوقت والأدوات، وستجد أنَّك أكثر قدرةً على الإبداع ممَّا كنت تعتقد.




مقالات مرتبطة