3 نصائح تساعد رواد الأعمال في الحفاظ على أسبقيَّتهم في عالم متغير

كانت حياة سودان سيلفا (Sodan Selva) تسير بوتيرةٍ سريعة في بداية حياته المهنية، إذ التحق بكلية الدراسات العليا ودرس التنمية الاقتصادية، وحصل على وظيفة في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية؛ ولكن لم يكن حلمه أن يكون مصرفياً استثمارياً، بل كان يحلم أن يكون موسيقياً مذ كان في التاسعة من عمره؛ لذلك ادخر مالاً من عمله مصرفياً استثمارياً، ثم ترك وظيفته ليعمل بمفرده، إنَّها الأشياء التي تُصنع الأساطير منها، فالشاب الحالم الشغوف يدير ظهره للوظيفة المكتبية المريحة والآمنة والمملة والقديمة ليشق طريقه بنفسه، ويتبع طريقاً قَلَّ من يسلكه، ويلاحق إلهامه الذي نمى في قلبه مذ كان صبياً.



بعد عقدين من الزمان، كان تحليل سيلفا لهذه الخطوة الجريئة الأولى في حياته المهنية مقتضباً: "كانت هذه أول مغامرة ريادية مخفقة بشكل كبير، لقد كان الأمر كله شغفاً، ولم يكن هناك منتج مناسب للسوق".

لم تكن المشكلة في الموسيقى التي صنعها، فقد كان هو وزملاؤه موهوبين، ولم تكن المشكلة في نقص بذل الجهد أو الجهل، إذ طبق تقنيات معروفة لدى أي رائد أعمال منفرد؛ فقد اتَّبع جاهداً النظام بالطريقة التي من المفترض أن يعمل بها، واجتمع مع المديرين التنفيذيين للموسيقى في أثناء النهار، وعزف في الحفلات؛ فالمشكلة كما يقول: هي أنَّ السوق رفض شراء ما كان يبيعه، ففي ذلك الوقت والمكان لم يكن السوق يريد الموسيقى من فرقة يقودها رجل من جنوب آسيا (إنَّه سريلانكي).

يقول سيلفا: "يجب أن يعمل نموذج العمل، ويجب أن تكون القنوات موجودة؛ ففي ذلك الوقت، حتى لو أحبك 1000 شخص أو حتى 10000شخص؛ فهذا لا يُشكِّل نموذجاً؛ فأنت تحتاج إلى بيع جميع تذاكر الحفل، ولكن في عالم اليوم، كان من الممكن أن يجد عملي جمهورَه، فقد كان الخطأ هو أنَّ السوق لم تكن جاهزة".

يسمي فترة عمله بالموسيقى "التألق العرضي"، لم يكن إخفاقه سوءاً محضاً؛ فقد أخفق في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وأمام الأشخاص المناسبين، يقول: "في ذلك الوقت، كنت محطماً، واستغرق الأمر ثلاثة أشهر للتوقف عن موسيقى الفانك، لكنَّ الأمور متصل بعضها ببعض؛ لذا نظرت إلى الوراء وقلت: كان هذا القرار الذي اتخذته القرارَ الأكثر أهميةً في حياتي".

إقرأ أيضاً: طرق فعالة تساعدك على اتخاذ القرارات بشكل أفضل

بعد فترة قضاها في عالم الشركات، أصبح سيلفا رائد أعمال (مرة أخرى) ومعلماً ومُدرباً يُطلق على مشروعه الأخير اسم "صنَّاع الحركة"، والذي يُعلِّم من خلاله قادة الأعمال والمُشغِّلين أن يضعوا على الفور الأسس" للهروب من المنافسة "من خلال تقنيات قابلة للتكرار، بالإضافة إلى تحسين أنفسهم ليقودوا في الأوقات التي يسودها الشك.

من خلال "صُنَّاع الحركة" وكتابه (عندما يصبح التابعون قادة: إعادة إحياء الشركات القائمة وغير التقنية في عصر الفوضى المتسارعة)  ، يشارك الدروسَ المستفادة في مشروعه الموسيقي وغيره من جهود ريادة الأعمال التقليدية والتكوينية.

تكمن متعة الدروس الصعبة -مثل تلك التي تعلمها سودان- في تطبيق ما تعلمتَه لتصبح أفضل مما كنت عليه؛ فبعد إخفاقه موسيقياً، استفاد سيلفا من العلاقات التي أقامها في ذلك المجال ليصبح مديراً موسيقياً، إذ وصل إلى هذه الصناعة عندما مرت بعملية إعادة بناء ضخمة إثر ظهور الموسيقى الرقمية، ثم عمل لاحقاً مديراً تنفيذياً لشركة ديزني؛ حيث تعلم هناك كيفية الحفاظ على تركيز استثنائي.

يقول سودان في إحدى المقابلات: "عليك أن تكون واضحاً للغاية بشأن ما تحاول حله، ولا تتردد بناءً على كل ما يُقال لك؛ فعليك أن تعرف نفسك ومن حولك باعتباركم فريقاً وما تحتاجه لمواجهة هذه المشكلة. وفي أعماقك، يجب أن يكون هناك بصمة تقول: "مهما كانت المهمة صعبة، فهذه رحلتي".

يقدم سيلفا إلى رواد الأعمال المنفردين الذين يتصارعون مع رحلاتهم ثلاثة نصائح:

1. لا تتبع القطيع؛ لأنَّ ذلك من أسوأ الأمور التي يمكنك القيام بها:

لكنَّ الجميع يفعل ذلك، لماذا؟ لأنَّ الخوف هو أحد الدوافع الأساسية، فقد يكون الخوف أمراً جيداً في ظروف خاصة ومعينة، لكنَّ سيطرة الخوف على عقلك سيؤدي إلى تدهور حياتك المهنية.

يتوقع سيلفا حاجة الشركات إلى دمج التحول القابل للتكرار في تركيبتها، ويقول إنَّ الشركات في حاجةٍ إلى أن تكون "ثوريَّةً"، وألَّا يكون التطور فيها تدريجيَّاً أو بطيئاً.

كان لا بد من دفع العديد من الشركات إلى الثورة الرقمية في أواخر التسعينيات، وما زالوا يتخذون القرارات وكأنَّ الثورة مستمرة؛ فالطريقة القديمة لن تحل المشكلات الجديدة، والنتيجة جزئياً: هي انخفاض حاد في قدرة الشركات على البقاء؛ فقد كتب أنَّ متوسط ​​مدة عمل الشركة حسب مؤشر ستاندرد آند بور (S&P 500) قد انخفض من 61 عاماً في عام 1958 إلى أقل من 18 عاماً في عام 2017.

يواجه رواد الأعمال الفرديون تحديات مماثلة للبقاء في القمة، فبدلاً من اتباع عقلية القطيع، يدعو سيلفا إلى نهج "جريمة البجعة السوداء" (black swan offense) لإعادة الابتكار، إذ تشير البجعة السوداء إلى الأحداث المفاجئة التي لها تأثير كبير ولا يمكن التنبؤ بها، وهو يستشهد على سبيل المثال: بانتقال ديزني من أفلام الرسوم المتحركة إلى حدائق الملاهي وانتقال شركة آبل إلى الإلكترونيات الاستهلاكية وأنظمة الترفيه.

بدأ برنامجه "صنَّاع الحركة" وكتب "عندما يصبح التابعون قادة" لمساعدة الناس في العثور على البجعات السوداء التي تبدو فرص عمل "غير مرئية" في السوق، ولكنَّها تصبح مرئية بمجرد البحث عنها.

شاهد بالفيديو: كيف تصبح ماكينة لتوليد الأفكار؟

2. تحلَّ بالوعي الذاتي:

"إذا لم تكن مدركاً لذاتك، فقد برمجك كلُّ شيء حولك، وهذا يعني أنَّه لا يمكنك الرؤية بوضوح، وبمجرد أن تحصل على هذا الوعي الذاتي، اسأل نفسك، ما الذي يحفزني؟" ويقصد بذلك، أنَّه يجب على رواد الأعمال المنفردين اكتشاف أفضل مزيج مما يحبونه وما يحتاجه السوق.

يقول سيلفا: "لماذا يُدفع لك؟ يُدفع لك لأنَّك تحقق قيمة للناس، فما هي الطرائق التي يمكنني من خلالها تقديم قيمة للناس؟ وكيف يمكنني تجربة ذلك بطريقة أتعلم فيها المزيد والمزيد حول كيفية تطبيقها؟"

3. اجمع المثالية المذهلة مع المصلحية العنيدة:

لن تبيع كل العاطفة في العالم منتجاً بدون سوق، وإذا كان لديك منتج رائع ومطلوب ولكنَّك لا تحب ما تفعله، فسوف تُنهك نفسك.

يقول: "كل شيء يتناسب مع الزمان والمكان"، فعندما أطلقَ أو حاول إطلاق مشروعه الموسيقيّ، كان في العشرينات من عمره وكان لديه الكثير من المال في البنك، وقليلاً من أعباء مسؤولية البلوغ، ولم يرَ نفسه أنَّه ليس لديه ما يخسره فحسب؛ بل ما قد يخسره هو ما خصصه لهذا الغرض بالذات؛ لذلك لم يخسر شيئاً فعلياً، وعلى حد تعبيره: "ماذا كنت سأفعل بكل تلك المكافآت المصرفية؟"

يقول سودان: أنا في الأربعينات من عمري، ومتزوج ولديَّ ابنتان، لذا سيكون "هذا هو الشيء الأكثر غباءً الذي يمكنني فعله، لذا لا يزال هناك طريقة عملية للغاية للقيام بذلك مع الاستمرار في تحقيق مهمتي".

 

المصدر




مقالات مرتبطة