3 مزايا رئيسة للاستثمار في الشركات الناشئة

كان الاستثمار في الشركات الناشئة منذ بضعة سنين محصوراً على صناديق الاستثمار الباهظة، والتي يصعب الوصول إليها؛ فقد فرضَت الجهات التنظيمية قوانين لحماية صغار المستثمرين من الاستثمارات المعقدة أو من الاحتيال، وصحيح أنَّ الهدف من هذه القوانين كان حسنُ النية، لكن حين لاحظَ المستثمرون أنَّ قسماً كبيراً من الربح في الشركات عالية النمو يأتي قبل العرض العام الأولي (IPO)، طالبوا بنظام أكثر إنصافاً، ولعلَّ أكثر الحلول المتاحة لهذه الحالة انتشاراً هو التمويل الجماعي (crowdfunding).



تسمح منصات مثل: "ريبوبليك" (Republic)، و"وي فوندر" (Wefunder) لأيِّ أحد الاستثمار بمبالغ صغيرة قد لا تتعدى 10 دولارات في المشاريع الناشئة التي يودون دعمها ويعتقدون أنَّها ستنجح في المستقبل، وهذا مكسب للجميع؛ لأنَّ المستثمرين أصبحوا قادرين على الوصول بسهولة إلى آلاف المشاريع الناشئة المثيرة للاهتمام، كما يملك رواد الأعمال الآن قناةً جديدة وفعالة لجمع رأس المال في المراحل الأولى من التأسيس. فالاستثمار في الشركات الناشئة أو ما يدعى بالاستثمار الجريء أخطر بكثير من استثمار "إس وبي 500" (S&P 500) في صندوق المؤشرات المتداولة (ETF)، لكنَّ فئة الأصول (asset class) تُقدِّم للمستثمرين فوائد لا يجدونها في استثمارات أسواق الأسهم، وإليك ثلاث منها:

1. رأس المال الاجتماعي:

قد يستثمر شخص ما في الشركة الترفيهية "نيتفليكس" (Netflix)؛ لاعتقاده أنَّها ستستمر في السيطرة على عالم البث، وأنَّ أسعار أسهمها ستستمر بالارتفاع، وهذا معقول تماماً، ولكن قد لا يُستخدَم المال الذي استثمره مباشرة لإنتاج أفلامه المفضلة، وعلى الجانب الآخر، حين يستثمر في المشاريع الناشئة على منصات التمويل الجماعي، فهو يساهم مباشرة في مساعدة الشركة على تحقيق هدفها.

تسعى العديد من هذه الشركات الناشئة إلى تحقيق أهداف إنسانية بشكل أو بآخر، على سبيل المثال: تهدف منصة "أغورا" (Agora) إلى مساعدة الأعمال الناشئة على منافسة عمالقة الإنترنت عن طريق إتاحة فرصة استعراض والبحث عن المنتجات، أو الخدمات التي تُقدِّمها تلك المتاجر على الإنترنت للمستهلكين؛ وتستخدم مختبرات "لياه لابس" (Leah Labs) التقانة الحيوية لتطوير العلاج لأمراض الكلاب المستعصية، والمغزى هو أنَّ المستثمرين يستطيعون العثور على شركات تتوافق أهدافها مع قيمهم وشغفهم ليساهموا مباشرة في تحقيقها، فالاستثمار بهذه الطريقة يحقق مكاسب تتعدى حدود الربح المادي.

كلما زادت المخاطر، ازداد احتمال تحقيق عوائد عالية:

الاستثمار في المشاريع الناشئة أخطر بكثير من الاستثمار في شركات الأسهم الكبيرة، ويجب أن يساهم المستثمر بقدر ما يتحمل أن يخسر فقط؛ فمثلاً: تعني مراهنة منزلك على شركة ناشئة تستهلك 100,000 دولار في الشهر خسارة ذلك المنزل حتماً، ولكن تحمل المخاطرة معها احتمال نجاح كبير كما هو الحال في الغالب، وإليك مثالاً سيدهشك: بلغَت عوائد المستثمر "غاري تان" (Garry Tan) من استثماره في شركة "كوين بيس" (Coinbase) عام 2012 حوالي 6000 ضعف، وكانت مخاطرته بقيمة ملياري دولار أمريكي في العرض العام الأولي، وبالطبع لن تصل معظم عوائد الأشخاص إلى هذا الرقم الخيالي، لكنَّه بالتأكيد حافز لتمويل الشركات الناشئة التي تسعى إلى تحقيق أهداف كبيرة؛ إذ يجب أن يهدف المستثمرون إلى تحقيق أقصى استفادة من تلك الفرص وتحويل كلِّ دولار واحد إلى 50 أو 500 دولار أو أكثر (قبل انخفاض نسبة ملكية حصة من الأسهم بسبب طرح سهم جديد).

يتطلب تقييم الشركات الناشئة أدوات تختلف عن التي تستخدمها لأجل الأسهم العامة، لكنَّ العديد من الدروس تنطبق على كلتا فئتي الأصول، وإحدى أهم نواحي الاختلاف هي أنَّ الشركات الناشئة تعتمد على تخيُّل المستثمر للسيناريو الذي تنجح فيه، بينما قسم كبير من الاستثمار في أسواق الأسهم يتطلب فهم ما قد يسير على نحو خاطئ.

إقرأ أيضاً: 9 أخطاء تؤدي إلى إخفاق الشركات الناشئة

2. عدم التمكن من الحصول على سيولة:

يمكِنك النظر إلى هذه النقطة من جهتين، حيث سنختار هنا النظر إلى الأمر بتفاؤل؛ فحين تستثمر في شركة وجدتَها على إحدى منصات التمويل الجماعي، ستفتقر الحصص التي اشتريتَها إلى السيولة، وذلك يعني أنَّ المستثمر لن يستطيع تحويل الأسهم إلى أموال خلال بضعة أشهر أو سنوات أو ربما أكثر؛ ولهذا سيضطر المستثمرون في الشركات الناشئة إلى انتظار تسييلها قبل أن يستلموا النقود، وقد ينتج ذلك عن عرض عام أولي، أو شراء الحصص، أو من تصفية الحسابات التي تتلو حلَّ الشركة أو دمجها مع شركة أخرى.

وهذا يؤكد على النقطة التي ذكرناها منذ قليل: عليك الاستثمار فقط بقدر ما تتحمل أن تخسر، لأنَّه حتى مع وجود عوائد، لن تستفيد منها مباشرة قبل وقت طويل، وفقط عندما يقرر شخص آخر ذلك؛ وذلك أمر جيد لأنَّ عدم توفُّر السيولة يمنع المستثمرين من اتخاذ قرارات متسرعة بناءً على مشاعرهم، وتسمح للاستثمار بالنمو حتى يحقق أقصى إمكاناته، حيث إنَّ أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها المستثمرون هي الإفراط في التداول؛ أي البيع والشراء حسب التقلبات قصيرة الأمد التي لا أثر لها في مسار الشركات فعلياً.

انظر إلى الموضوع بهذه الطريقة: يمكِن للمستثمر استخدام 1,000 دولار لشراء أسهم في شركة "أمازون" (Amazon) في أيار من عام 2015 حين تكون أسعارها بين 300 و 400 دولار للحصة، وبحلول آب 2018 ارتفع سعرها إلى 1,800 للحصة، ثمَّ هبط 20 بالمئة، ومن دون شك باع بعض الأشخاص حصصهم في تلك اللحظة في ظل التقلب السلبي للسعر ظناً منهم أنَّهم وصلوا إلى أعلى قيمة ربح ممكنة، لكنَّ الشركة شهدَت بعد ذلك انتعاشاً، واليوم تصل قيمة السهم إلى 3,500 دولار، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين باعوا حصصهم، حيث تشكِّل هذه الأرباح 5 أو 10 أضعاف قيمة مالهم.

حين تستثمر أموالك في شركة ناشئة، فستنحجز تلك الأموال؛ أي أنَّك ستضطر إلى اتباع منهج طويل الأمد، وهذه الاستراتيجية أفضل من التجارة ذات الفوائد قصيرة الأمد بالتأكيد.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 أدوات لتمويل مشروعك الجديد

3. إتاحة فرص جديدة:

فتحَت التعديلات الحديثة على الأنظمة والتقدُّمات التكنولوجية فئة أصول جديدة للاستثمار بالتجزئة، ومن المفيد الاطلاع على هذه الفرص؛ حيث كتب موقع "كابفي" (CAPVEE) عن عشرات حملات التمويل الجماعي المبتكرة التي يمكِنك العثور عليها الآن على "وي فوندر" (Wefunder)، في حين لا يجب أن يستبدل التمويل الجماعي سوق الأسهم والسندات، ولكن قد تعود استثمارات صغيرة من قِبَل المستثمرين العاديين في الفئات البديلة مثل الشركات الناشئة عليهم بنتائج أكبر من كافة استثماراتهم الأخرى معاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة