3 قواعد للتعامل مع الموظفين الذين ينوون ترك الوظيفة

لا بد أنَّك أدركت في يومٍ من الأيام أنَّ الوظيفة التي تؤديها لم تَعُد تناسبك، فبدأت بالبحث عن عمل جديد، إلا أنَّك لم تشعر أنَّك تستطيع إجراء حوارٍ صريحٍ حول ذلك مع المدير دون أن تُقال، فنحن نسمع قصصاً كثيرة عن زملاء حاولوا اتباع منهج الصراحة مع مديريهم حول بحثهم عن فرص عمل أخرى، وانتهى الأمر بفصلهم بسبب هذا الحوار.



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن تجربةٍ شخصية للمديرة التنفيذية جانيت كومينوز (Janet Comenos) والتي تحدِّثنا فيها عن التعامل مع رغبة الموظفين في الاستقالة من العمل.

حينما عملتُ لدى مجموعةٍ من الشركات التقنية الناشئة، شهدتُ كثيراً من الأحداث السلبية حينما يتعلق الأمر بإقالة الموظفين أو استقالتهم، فعندما يقوم رب العمل بفصل الموظف، فإنَّه يدفع له راتب الشهر الذي عمله فقط.

لقد رأيت العديد من النساء في بداية العشرينات من عمرهن يُقَلنَ ويحصلن على راتب أسبوعين فقط، وكان عليهن دفع أقساط القروض الطلابية، وفي المقابل كانت مدخراتهن قليلة أو شبه معدومة، ومن ثم كنَّ في موقف سيء.

في حال كان الموظف هو من يريد تقديم استقالته، يتَّخذ هذا الموظف قرار ترك عمله بنفسه؛ ولكن بدلاً من التحاور حواراً صريحاً مع المدير حول الأمر، يضطر إلى الكذب؛ حيث يقضي هذا الموظف 10% من وقته في مقابلات عمل، ويوهم رب العمل أنَّ لديه موعداً عند الطبيب، وهو بذلك يُضِرُّ نفسه؛ وذلك لأنَّه لا يقضي الوقت الكافي في البحث عن الفرصة الأفضل.

يمكن أن يقضي الموظف أشهر عدة في حالةٍ من فقدان الاهتمام، وفي النهاية عندما يستقيل، يُعلِم رب العمل بذلك قبل أسبوعين فقط، مما لا يعطي رب العمل وقتاً كافياً لملء الشاغر ملئاً ملائماً.

ولحل هذه المشكلة، اتَّبعتُ سياسة في شركتي، سبوتد (Spotted)، منذ مراحل العمل الأولى عندما لم يكن لديَّ بعْد أكثر من خمسة موظفين، ونصَّت السياسة على أنَّ أيَّ موظف يقرر أنَّ سبوتد لم تعد المكان المناسب له للعمل، أو إذا توصلتُ أنا إلى هذا القرار، نتحاور حواراً واضحاً وصريحاً حول الأمر.

سيحصل الموظف على راتب شهرين كاملين؛ حيث يمكنه قضاء 50% من وقت عمله في البحث عن عمل آخر، وإضافة إلى ذلك، سنتعاون لتحديد قائمة بالشركات التي يرغب في العمل لديها، وسأساعده للحصول على مواعيد مقابلات توظيف بحيث أزكيه فيها تزكيةً إيجابيَّة.

منذ أن بدأنا باتباع هذه السياسة، تابع العمل معي موظفان، فيما تركه ثمانيةٌ آخرون، فتخلق هذه السياسة بيئة تُسهِّل عملية الانتقال، وتجعل بيئة العمل صريحة؛ حيث لا يجد الموظفون حرجاً في الحديث حول مشكلات تتعلق بالثقافة والمعنويات والتواصل.

إقرأ أيضاً: نموذج التواصل الفعال ذو العناصر الأربعة (The 4Cs Model)

لا تقتصر إيجابيات ذلك على الحديث بصراحةٍ حول الاستقالة؛ بل تتجاوز ذلك إلى عمليات العمل اليومية؛ حيث أخبرتني إحدى أكثر الموظفات الموهوبات في الشركة أنَّها منذ ستة أشهر كانت تتساءل ما إذا كانت سبوتد المكان المناسب لها للعمل على الأمد الطويل، وبدلاً من الاحتفاظ بتلك المشاعر والسماح لها بالتفاقم، أجرت معي أربع أو خمس محادثات صريحة للغاية حول إحباطاتها من العمل مع أعضاء معينين في الفريق، والمشاريع التي شعرت أنَّها لم تنجح فيها، والمجالات التي كانت تتمنى أن تنفق المزيد من وقتها فيها، وبعض المشكلات المعنوية التي كانت تواجهها.

تحدثنا عن هذه المشكلات واحدة تلو الأخرى حتى وجدنا أفضل الطرائق للتخلص منها، والآن أصبحت تشعر أنَّ سبوتد هي المكان الذي ترى نفسها به على الأمد الطويل؛ فهذه هي المحادثات التي تجعل من هذه السياسة جديرة بالاهتمام.

حين ناقشتُ هذه السياسة مع بعض أصدقائي الذين يعملون مسؤولين تنفيذيين في شركات كبرى، أو حتى مديرين تنفيذيين في شركات ناشئة، عارضوا هذه السياسة قائلين إنَّها "مخاطرة كبيرة" أو "قد يسرق الموظف أسرار الشركة أو معلومات عملائها" أو "إنَّها سياسة مُكلفة للغاية"، إلا أنَّني لا أعتقد أنَّ هذه الردود مناسبة؛ وذلك لأنَّ خبرتي علَّمتني أنَّ هذه السياسة تقوِّي الثقة والصراحة والولاء.

ومن خلال إعلام الموظفين أنَّك، بصفتك المدير، تهتم اهتماماً شديداً بمصلحتهم، فأنت تخلق في هذه الحالة بيئة يؤْمِن فيها الموظفون وأرباب العمل ببعضهم بعضاً، ومن ثم لن يكون من المُحتمَل أن يفعلوا شيئاً يضر بشركتك، ومن المرجح أيضاً أن يعملوا بجد خلال الأشهر القليلة الأخيرة التي يقضونها في شركتك، فأنت تقدِّم لهم خدمة، وهم يردُّون الجميل لك.

شاهد بالفديو: أكثر المشاكل انتشاراً في أماكن العمل

وفي النهاية، توجد بعض قواعد الإدارة التي يجب عليك اتباعها إن أردت تبنِّي هذه السياسة:

  1. إذا شعرت أنَّ موظفك غير سعيد، ناقشه بالأمر نقاشاً تفاعلياً في اجتماع بينك وبينه، وكلَّما طبقت هذا الأمر أكثر، اعتاد الموظفون إجراء محادثاتٍ صريحةٍ وصادقة معك، ولن تكون هذه السياسة فعالة إذا أخبرت الموظف عنها في أول يوم عمل، ثم ظلَّت منسيَّةً إلى أن يحين اليوم الذي تحتاج إليها فيه.
  2. يجب أن تكون قائداً يسعى إلى تحقيق مصلحة موظفيه؛ هذا يعني أنَّه يجب عليك في بعض الأحيان أن تفضِّل مصلحة الموظف على مصلحة الشركة؛ حيث كانت لديَّ موظفة لطالما كررت ندمها لعدم دراسة الطب في الجامعة، انضمَّت هذه الموظفة إلى شركتنا بعد عام من تخرجها، وفي النهاية شعرت بالراحة الكافية لتحادثني حول رغبتها في الانضمام إلى جامعة تؤهلها لدراسة الطب وتحقيق حلمها، فأخبرْتها أنَّه يجب عليها القيام بذلك طبعاً، وعلى الرغم من أنَّها كانت جزءاً محورياً من فريق العمل، إلا أنَّ القرار المناسب كان تشجيعها للمضي قدماً وتحقيق أحلامها.
  3. بعد إجراء محادثة مع الموظف حول فترة السماح التي تبلغ شهرين، يجب أن يكون لديك خطة واضحة تتعلق بهذين الشهرين تحدد من خلالها كيف تريدهم أن يقضوا الـ 50% من هذه الفترة في العمل لديك، كما يجب أن تُعلِم الجميع في الشركة أنَّ فترة السماح قد بدأت لهذا الموظف كي لا يتساءلوا لماذا لا يقضي هذا الشخص وقت عمله كاملاً في الشركة.
إقرأ أيضاً: لأصحاب العمل: سر الاحتفاظ بالعمال المنتجين عن بُعد يكمن في اهتمامك بهم

من خلال إنشاء بيئة يُسمَح فيها لأرباب العمل والموظفين التحاور حواراً واضحاً وصريحاً حول ثقافة الشركة وبيئة العمل، ستطوِّر قوة عمل تتألف من أشخاص سيحذرونك من المخاطر في وقت مبكر، ويقدِّمون جهداً حقيقياً لمساعدتك على تحسين ثقافة العمل اليومية، وبالمقابل، سيشعرون بالحرية والأمان والثقة؛ لتكون النتيجة النهائية سياسة رابحة لكل الأطراف.

 

المصدر




مقالات مرتبطة