3 عوامل لتعزيز تفاعل الموظفين

عندما يواجهك تحدٍّ في الهندسة، فإنَّ أول شيء تفعله هو تدوين افتراضاتك حول الأمر، ثمَّ تبدأ برسم صورة للطرائق المُحتملة لحلِّها. ينطبق الأمر نفسه على التنمية البشرية. بدايةً، دعونا نتفق على أنَّ الناس ليسوا مشكلات؛ بل فرصاً. وعندما تنظر إلى شخصٍ ما، يجب أن تبدأ بالسؤال الآتي: "ما هي افتراضاتنا حوله؟ وما هو الأمر الذي لا نعرفه عنه؟ وكيف نستغل هذه الفرصة المُتمثلة في هذا الشخص؟".



قد يبدو الأمر سهلاً، لكنَّه أكثر تعقيداً في عالم المواهب.

تكمن المشكلة في إيجاد المواهب اليوم، أنَّنا لا نُركِّز على التفاعل حيث يوجد؛ أي في الفِرق ومع قادة الفِرق؛ بل إنَّنا ركَّزنا بشدة على إدارة المواهب، لدرجة أنَّنا أغفلنا كيفية تنشيط هذه المواهب، الأمر الذي يبدأ من المكان الذي يتم فيه العمل بالفعل. 

كشفت دراسة أُجرِيت في معهد أبحاث "أي دي بي" (ADP) بعنوان "جَسر الهوة بين الإدارة والمواهب" (Fixing the Talent Management Disconnect) أنَّ السبب الأول وراء اختيار الأشخاص لترك شركة متوسطة الحجم يرجع إلى علاقة سيئة مع مديرهم المباشر.

علاوة على ذلك، يُقدِّر تقرير لمؤسسة "غالوب" (Gallup) للتحليلات البيانية والاستشارات بعنوان: "حالة المدير الأمريكي" (State of the American Manager) أنَّ 70% من التباين الموجود في أداء الفريق يعود إلى قائد الفريق. ووجدت دراسة أجرتها شركة "آي بي أم" (IBM) أنَّ المديرين هم السبب وراء 14% فقط من استقالات الموظفين.

دعونا نعترف أنَّ الناس لا يصبحون مديرين لأنَّهم يريدون قيادة الآخرين دائماً، فغالباً ما تتمُّ إضافة إدارة فريق إلى مجموعة المسؤوليات التي يُكلَّف فيها الفرد بعدما يُثبت تفوُّقه في الدور الذي كان يشغله ويتقدم فيه خلال حياته المهنية. لكن قد لا يستطيع الأشخاص الذين يجيدون وظائفهم، إدارة الآخرين دائماً؛ لذلك فهم بحاجة إلى الحصول على الأدوات والمعرفة اللازمة حول كيفية قيادة وإثارة تفاعل القوى العاملة بشكل أفضل.

إنَّ تركيز الاهتمام بشكل إضافي على تطوير وتفاعل المواهب الماهرة الموجودة لديك بالفعل، هو الأمر المنطقي في بيئة يقترب فيها الاقتصاد من مرحلة الاكتفاء الوظيفي الكامل؛ إذ تكافح المنظمات لتوظيف شريحة صغرى من المواهب المتاحة. يُظهر بحث أجرته مؤسسة "غالوب" عام 2017 أنَّ المشاركة العالية تؤدي إلى زيادة الأرباح بنسبة 21%، وزيادة المبيعات بنسبة 20%، وانخفاض بنسبة 70% في حوادث السلامة، وانخفاض معدَّل دوران العمالة بنسبة 24%.

إذًا، كيف يمكنك أن تبدأ؟ من الهام النظر في ماهية التفاعل: يُمكن تعريفه بأنَّه "الشروط اللازمة للناس للقيام بعمل استثنائي"؛ وفيما يأتي بعض النصائح لضمان توفير هذه الشروط للمساعدة على إثارة تفاعل أفضل المواهب لديك، والاحتفاظ بها:

1. راقب البيانات:

إذا كنت تريد إيجاد مفتاح التفاعل الوظيفي، فعليك أولاً أن تعرف مكان هذا المفتاح. لكن هناك أربعة عوامل تُشوِّه - إلى حد كبير - الطريقة التي نرى فيها التفاعل اليوم:

  • الأسئلة الصحيحة: تحتاج الشركات إلى التأكد من أنَّ الأسئلة التي تطرحها تكشف عمَّا إذا كان لدى الفريق الظروف المناسبة للتفاعل.
  • الوقت المناسب: تحتاج الشركات إلى جمع البيانات بشكل متكرر بما يكفي حتى تتمكَّن من البقاء على اطلاع مع ما يحدث حالياً.
  • الأشخاص المناسبون: تحتاج الشركات إلى وضع بيانات الموظفين في أيدي الأشخاص الأكثر قدرة على إحداث فرق؛ أي قادة الفريق.
  • الإجراءات الصحيحة: تحتاج الشركات إلى مساعدة القادة على معرفة كيفية بناء فِرق شديدة التفاعل والمشاركة.

لا توفِّر لنا اللقاءات السنوية التي تُعقَد على المستوى المركزي البيانات اللازمة لمعرفة كيفية إجراء تغييرات فعَّالة؛ بل يجب أن يكون مديرو الموارد البشرية، وقادة الأعمال شجعانَ بما يكفي لإدراك أنَّ استراتيجية المواهب الخاصة بهم قد لا تكون مُجدية، والاعتراف بذلك صراحةً، ومن ثمَّ أن يُقدِّموا لفريقهم بيانات قابلة للتنفيذ يمكنها العمل على تعزيز التفاعل.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لبناء علاقات عمل إيجابية وفعالة

2. لا تتجنب مقابلة الموظفين:

قد يبدو أنَّه يجب أن يكون التواصل بانتظام أمراً بديهياً، أليس كذلك؟ حسناً، لكنَّ الأمر ليس بهذه السهولة. لقد دُرِّبَ المديرون على الحديث باستفاضة عن الإخفاقات. وكون لا أحد يريد أن يقوم بهذه المهمة، قد يتجنَّب المديرون تماماً التواصل مع الموظفين؛ لذا تحتاج الشركات إلى إيقاف اتِّباع مناهجها البالية عبر إنشاء إطار عمل استشرافي يكون مرناً بما يكفي للاستجابة للعمل الذي يُنجَز حالياً. يمكن أن يحدث هذا بأقل من 10 دقائق في الأسبوع، وهذا المكان الأكثر أهمية الذي يمكنك قضاء وقتك فيه في حال كنت أنت القائد.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتعزيز مشاركة الموظفين في العمل

3. اتَّخذ خطواتٍ صغرى:

قد يبدو أنَّنا ندعو الشركات إلى إجراء تحوُّل ثقافي ضخم، وقد يكون هذا صحيحاً بطريقة ما؛ فلكي يتحسَّن التفاعل تحسُّناً ملموساً، يجب تغيير ثقافة مكان العمل. ومع ذلك، يجب أن يكون التحوُّل الثقافي نتيجة ثانوية وليس هدفاً.

نحن نميل إلى التفكير في التغيير الثقافي على أنَّه شيء كبير ومخيف، ونسمع أموراً مثل: "نحن في رحلة تغيير ثقافي تستغرق خمس سنوات"، ولكن بحلول الوقت الذي تصل فيه الشركة إلى النهاية، تكون قد تغيَّرت ثقافتها مرات عدة، لكن لم يحدث أي شيء حقاً. وإليك هذه الرسالة التي يجب أن تحفظها: "فكِّر في خطواتٍ صغرى، وفكِّر في إجراء تلك المحادثات اليومية التي تُركِّز على نقاط القوة، وفي المقابل، ستصبح هذه النقاط متأصِّلة في شركتك. إذا كنت تفكر على مستوى الفريق، فسوف تُفاجأ بمعرفة ما سيحدث على مستوى المؤسسة".

إقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات لزيادة تفاعل الموظفين

الأمر المثير بشأن تنشيط المواهب هو رؤيته يحدث بالفعل مع أشخاص حقيقيين. إنَّ الطريق إلى الحصول على نتائج أعمال أفضل هو الموظفون؛ فلا يكمن مفتاح التفاعل في كتاب يحمل عنواناً جذَّاباً، أو في عرض تقديمي جميل. الأمر كله يتعلق بأشخاص حقيقيين في العالم الحقيقي، يقومون بأعمالهم بأفضل طريقة، ويعودون إلى منازلهم أكثر سعادة كل يوم.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة