3 عوامل تثبت أنَّ التأمل يدعم الإنتاجية

تربط كثير من الأبحاث التأمل بنتائج إيجابيَّةٍ صغيرة مثل السلام والسعادة، لكن ماذا عن تلك النتيجة التي يعطيها معظم الناس الأولوية في مختلف الظروف؛ ألا وهي الإنتاجية؟



حيث يعزو كثيرون إنتاجيتهم إلى التأمل؛ فالكاتب يوفال نوح هراري (Yuval Noah Harari) مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً عالمياً "العاقل" (Sapiens) - على سبيل المثال - يقضي فترة شهرين من كل عام معتكفاً صامتاً يراقب أفكاره فقط، ويقول إنَّه دون التركيز الذي يوفره هذا الصمت لما كان بإمكانه كتابة كتبه، وبالنسبة إلى مُقدِّمة البرامج الحوارية الأمريكية أوبرا وينفري (Oprah Winfrey) يشجع التأمل الإحساس بالسكون ويعطيها مساحة للقيام بعملها وعيش حياتها بطريقة أفضل.

كيف يمكن للتأمل أن يعزز الإنتاجية؟

يدعم العلم جيداً فكرة أنَّ التأمل يمكن أن يعزز الإنتاجية؛ والأسباب المحتملة لذلك عديدة من انخفاض الضغط والتفاعل العاطفي إلى زيادة ضبط النفس والطاقة.

لكن دعونا نركز على ثلاثة:

1. تحسين اتخاذ القرار:

تحقق الباحثون في ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania) ممَّا إذا كان التأمل يقلل من تحيز التكلفة الغارقة؛ وهي الميل إلى الاستمرار في شيء لمجرد استثمار المال أو الوقت أو الجهد فيه؛ على سبيل المثال قد تأكل أكثر ممَّا تريد؛ لأنَّ الطعام قد حُضِّرَ بالفعل، أو تبقى في علاقة سيئة؛ لأنَّك كنت فيها منذ سنوات، أو تواصل العمل على مشروع يبدو طريقه مسدوداً؛ لأنَّك بدأت به بالفعل، هل يبدو ذلك مألوفاً بالنسبة إليك؟

قسَّم الباحثون المشاركين إلى فئتين: فئة تمارس اليقظة الذهنية، وفئة تعيش حالة شرود الذهن، فهم إمَّا ركزوا على أنفاسهم (اليقظة الذهنية) أو فكروا فيما يتبادر إلى الذهن (شرود الذهن).

بعد ذلك كان عليهم اتخاذ قرار هام؛ وهو أن يتخيلوا أنَّهم الرئيس التنفيذي لشركة طباعة دفعت للتو 200 ألف دولار لآلة طباعة جديدة، وقد علموا أنَّ أحد المنافسين قد تعرَّض للإفلاس وأنَّه يبيع مطبعته مقابل 10000 دولار فقط، وهي أسرع بنسبة 50% وتحتاج إلى نصف التكلفة للتشغيل، فهل عليهم شراؤها؟

في حين أجاب 44% في حالة شرود الذهن بالرفض أجاب معظم مَن في حالة اليقظة (78%) بنعم ورفضوا المساومة على مستقبل الشركة لمجرد أنَّ الأموال أُنفقَت على آلة طباعة قديمة وبالية.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتحسين مهارة اتخاذ القرار

2. التحكم المدروس:

يتطلب القيام بأفضل عمل لدينا أن نظل مركزين، وأحد مقاييس التحكم بالانتباه هو مهمة "اثنان للخلف"، وبالنسبة إلى هذه المهمة تُقَدَّمُ أحرف إلى الأشخاص واحداً تلو الآخر ويُسألون من حين إلى آخر عمَّا إذا كان الحرف الذي يشاهدونه حالياً هو نفسه الذي ظهر قبل حرفين.

لفحص ما إذا كان تأمل اليقظة يعزز الأداء في هذه المهمة؛ جعل الباحثون بعض الأفراد يركزون على أنفاسهم (حالة اليقظة) ويستمع آخرون إلى كتاب صوتي مثل ملك الخواتم (Lord of the Rings) (حالة التحكم)، لم يقتصر الأمر على إظهار الأشخاص في حالة اليقظة الذهنية تحكماً فائقاً في الانتباه، لكن أدى التأمل أيضاً إلى تقليل التعب والقلق؛ لذلك إذا وجدت نفسك عرضة للإلهاء أو الخمول أو القلق فإنَّ قضاء بعض الوقت في الاهتمام بأنفاسك قد يعيدك إلى المسار الصحيح.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات تساعد المبتدئين على تعلُّم رياضة التأمل

3. حل المشكلات:

قال أينشتاين ذات مرة: "لا يمكننا حل مشكلاتنا بطريقة التفكير نفسها التي استخدمناها عندما ظهرت" لكن كيف نغير تفكيرنا؟ وكيف نجهز أنفسنا لرؤية الحلول لهذه المشكلات؟

درس الباحثون في هولندا ما إذا كان يمكن تعزيز حل المشكلات الإبداعي من خلال تأمل المراقبة المفتوحة (open-monitoring meditation) (OM)، فيهتمُّ الفرد بأيِّ أحاسيس أو أفكار تنشأ، وعلى وجه التحديد تساءل الباحثون عمَّا إذا كان من الممكن لهذه الطريقة أن تعزز التفكير المتشعِّب الذي يُعرَف بأنَّه توليد العديد من الأفكار عند وجود أكثر من حل لمشكلة ما.

استُخدِمَت مهمة الاستخدامات البديلة (Alternate Uses Task) (AUT) لتقييم التفكير التباعدي، فيبتكر الأشخاص لهذه المهمة أكبر عدد ممكن من الاستخدامات الممكنة لشيء ما؛ على سبيل المثال يمكن استخدام الطوب كدرج أو ثقالة ورق أو دمبل.

بعد تأمُّل المراقبة المفتوحة (OM) كان أداء المشاركين أفضل على نحو ملحوظ في مهمة الاستخدامات البديلة (AUT)؛ فإضافة إلى الخروج بمزيد من الاستخدامات كان تفكيرهم أكثر مرونة (كانت الاستخدامات أكثر تنوعاً) وتميزاً (كانت الاستخدامات أكثر تميزاً عن تلك التي اقترحها الآخرون).

إقرأ أيضاً: 8 استراتيجيات مؤكدة للنجاح في حل المشكلات

في الختام: من أين نبدأ؟

إذا كنت مهتماً بالتأمل على الرَّغم من ضيق الوقت، لاحظ أنَّه من الممكن تحقيق العديد من الفوائد المذكورة أعلاه من خلال جلسات قصيرة تصل إلى 5 دقائق، وإذا كانت فكرة الاهتمام بأنفاسك تبدو مملة للغاية، تأكد أنَّ هذه ليست الطريقة الوحيدة.

يلخص الكاتب جون كابات-زين (John Kabat-Zinn) في كتابه "أينما ذهبت فأنت هناك بالفعل" (Wherever you go, there you are) مجموعة من الممارسات من التأمل القائم على المشي إلى تصوير نفسه بصفته جبلاً محاطاً بالغابات والمروج؛ لذا إذا كان تحسين اتخاذ القرار والتركيز وحل المشكلات يبدو جيداً بالنسبة إليك، فلماذا لا تعطي التأمل فرصة؟ فقد يكون مجرد مفتاح لإطلاق العنان لإمكاناتك.




مقالات مرتبطة