3 طرق للتخلُّص من المشاغل والاستمتاع بالحياة

عند لقائك بصديق لم تتحدَّث إليه منذ مدَّة وسؤاله عن أحوالك هل قولك: "أنا بخير، لكن مشغول جداً" هو أول ما يتبادر إلى ذهنك؟ ربما كون الشخص مشغولاً جداً ليس أكثر ما يثير الإعجاب فيه، فيعيش مجتمعنا في ثقافة "المزيد"، كثير من الناس يريدون المزيد من المال والحصول على المزيد من الأشياء وإنجاز أعمال أكثر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "جيس ديكيرسون" (JES DICKERSON)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع الانشغال الدائم وطرائق حل هذه المشكلة.

أنا في العادة أكتب وأتحدَّث عن الإنتاجية وأكثر ما يُطرح عليَّ هو تساؤل: "كيف أُنجز المزيد؟"، العملاء والجمهور لا يتساءلون عن كيفية إنجاز المزيد من العمل في وقت أقل؛ بل كيف تستثمر كل ثانية في يومك بالعمل.

لكنَّ ملء يومك بالنشاطات ليس الاستثمار الأمثل لوقتك، وإنَّك في مرحلةٍ ما ستفقد التركيز وتَعدِل عن إنهاء قائمة مهامك إلى أن تجد نفسك تشاهد فيديوهات عن القطط وتتصفح مواقع التَّواصل بلا توقُّف، وحينها إضافةً إلى كونك لم تحقِّق تقدُّماً ملحوظاً فإنَّ ذلك الانشغال كله قد أصاب صحتك النفسية بأضرار جسيمة.

تذكُر الجمعية الأمريكية للطب النفسي (American Psychiatric Association) أنَّ الناس أكثر قلقاً من العام الماضي، ومع ذلك يتوقعون إنجاز مهام تحتاج أكثر من شهر في يومٍ واحد، ثمَّ يُعدُّون انشغالهم وحرمانهم النَّوم مدعاة للفخر.

لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو؛ فقد أوجِدَت ثقافة تحمُّل الحد الأدنى من الأعباء لسببٍ وجيه، فلا يجب التخلُّص فقط من الأعباء الجسديَّة؛ إنَّما النفسية أيضاً والمعتقدات التي تفرض أنَّ انشغال المرء هو دليل على أهميته وأنَّ قيمته تُحدد بمدى إنجازه اليومي.

إليك فيما يأتي ثلاث طرائق ستساعدك على القيام بهذا:

1. عدم معاملة الانشغال بوصفه إنجازاً:

يتكيَّف المرء مع مجموعة البشر المحيطين به، فإن كان محيطه مشغول على الدوام فإنَّه في الغالب سيكون كذلك أيضاً، على أيَّة حال إنَّ المشكلة لا تكمن فقط في تحمُّله ما يفوق طاقته بكثير؛ بل أيضاً في تبجُّحه واحتفاله بمدى انشغاله، مثل المقارنة ما بين من حظي بنومٍ أقل واحتسى أكواباً أكثر من القهوة.

نتحدث عن مثل هذه الأمور على أنَّها علاماتٍ على أنَّنا وصلنا إلى ما نريد، ولكن إذا تابعنا المشاركة في مثل هذا النوع من المزايدة، فإنَّنا نمنح فكرة أهمية الانشغال مزيداً من السيطرة على عقولنا.

تحرَّر من قواعد المجتمع وجرِّب شيئاً مختلفاً، شارك كم كان من المدهش حصولك على لحظات فراغ إضافيَّة عند إنجازك مهمَّة ما في وقت قياسيٍّ، وإن كنت قد وضعت نومك وعنايتك بذاتك أولوية وأصبحت أكثر سعادة وإنتاجاً فأطلِع أصدقاءك على سرك وكُن فخوراً بكونك تُعِدُّ وقت فراغك أولوية ولا تفرط في إجهاد نفسك، يمكنك الافتخار بمثل هذه الأحداث بدلاً من الافتخار بالانشغال.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح للعناية بالنفس حينما تكون دائم الانشغال

2. عدم الخوف من قول "لا":

معظم الناس يقولون إنَّ سبب انشغالهم الشديد هو كرههم لقول كلمة "لا" وعندما يقومون بذلك يستولي عليهم شعور الذنب، يمكن القول إنَّ هذا يعود جزئيَّاً لكونهم لطفاء؛ لكنَّ السبب الآخر هو عدم وضعهم حدود جيِّدة، فإنَّ الحدود تُعَد في مستوياتها الأعمق والأبسط وسيلة لحماية قيمة الإنسان، إنَّ وضع الحدود يعني أن نُعبِّر عن استيائنا حينما تُهمَّش جماعةٌ ما إذا كنا نؤمن بالمساواة، وأن نُعبِّر عن استيائنا إذا شغلنا شيءٌ ما عن العائلة إذا كنا نؤمن بأهميتها.

معظم الناس لم يعطوا أهميةً لقيمهم وكيف يحمونها ويدافعون عنها، ماذا لو قررت مثلاً أنَّ اثنين من قيمك هي عائلتك والسلامة الشخصية، حينها إن عُرضت عليك فرصة ستبعدك عن عائلتك وتجعلك مضطرباً سيكون من السَّهل رفضها؛ لأنَّها لا توافق مبادئك.

عندما توافق على فرصة ما؛ فإنَّك في الحقيقة ترفض شيئاً آخر قد يكون أكثر أهمية بالنسبة إليك، فإن وافقت على كلِّ فرصة قد ينتهي بك الحال بالتخلي عن مبدأ أو أكثر من مبادئك؛ لذا قبل موافقتك على الأمر الآتي فكِّر إن كان يماشي معاييرك أم لا، وإن لم يكن كذلك فيمكنك الرفض بأريحية، وحينها يمكنك الموافقة على شيء أكثر أهمية بكثير.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لتجنّب إحراج كلمة لا، كيف تقول "لا" دون أن تبدو فظاً؟

3. تحديد الأمور الهامة واستبعاد باقي الأمور:

الجميع لديه الـ 24 ساعة ذاتها في يومه، لكن ليس لديهم ذات المسؤوليات والأهداف؛ ولهذا السبب لا يمكن لأحد إخبارك ما هي النَّشاطات التي عليك إقصاؤها لجعل يومك أقل اكتظاظاً بالمشاغل، خصص بعض الوقت لجرد الأشياء الأكثر أهمية لك، وحدِّد قيمك الجوهرية وتفحص إن كنت تقوم بتقديرها تماماً في الوقت الحالي، إن كان أحد قيمك هو صحتك؛ لكنَّك مشغول بشدَّة حيث تتخطى التمرينات البدنية، وتتناول وجبات سريعة في كل ليلة، فما الذي يمكنك فعله لإصلاح هذا؟ فكِّر ما هو الأمر الذي تقوم به ولا يماشي قيمك ويمكنك التخلُّص منه.

بالنِّسبة إلى بعض الأشخاص قد يكون هذا الأمر صعباً، فقد تماشي جميع نشاطاتك؛ لكنَّها تفوق طاقتك على التحمُّل، فإن كنت حقَّاً لا تستطيع التخلص من أيٍّ منها فابحث عن أماكن يمكنك طلب المساعدة بها، على الأرجح سوف تجد العديد من الناس قربك بمجرد أن يعلموا أنَّك بحاجةٍ إلى المساعدة.

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات لتحقيق أقصى إمكاناتك كل يوم

في الختام:

ثقافة الانشغال هي مجرد ثقافة، والثقافات بإمكانها أن تتغيَّر، تخيَّل مجتمعاً ليس مثقلاً بالنشاطات لدرجة أنَّ الناس يملكون الوقت للاعتناء بأنفسهم ولا ينشغلون دائماً بإنجاز مهامهم فيه؛ بل ينجزون أكثر في وقتٍ أقل، فإنَّ كل هذا يُعَدُّ ممكناً عند التخلي عن فكرة أنَّ كون الإنسان مشغولاً هو إنجاز بحدِّ ذاته؛ لذا تذكر أنَّ الأمر لا يتصل بالعمل؛ بل بالمهام التي تنجزها، ولا يتصل بالانشغال بالحياة؛ بل بالاستمتاع برحلتها.




مقالات مرتبطة