3 طرق لزيادة مشاركة المواهب عالية الإمكانات في الشركة والاحتفاظ بها

تتجاهل الإدارة غالباً آراء الموظفين ذات الإمكانات العالية ووجهات نظرهم، وتُفوِّت فرصةَ فهمٍ أفضل لما يقولونه في الشركة بالرغم من الحاجة إليهم.



تُعرَّف المواهب ذات الإمكانات العالية بأنَّها الموظفين الذين يتمتعون بالقدرة والالتزام التنظيمي والحافز للارتقاء والنجاح في المناصب العليا في الشركة، ولكل شركة تعريفها الخاص للموهبة ذات الإمكانات العالية، لكنَّ الجوهر يبقى كما هو، والأهم من التعريف هو اكتشاف أولئك الموظفين في الشركة.

النظر في سلسلة القيادة:

تُمثِّل إدارة المواهب جهود الشركة لجذب الموظفين ذات الإمكانات العالية وتطويرهم والاحتفاظ بهم؛ فإنَّ هدفها هو الحصول على موظفين لديهم المؤهلات والكفاءات والالتزام بها للنجاح الحالي والمستقبلي للشركة، ويُشار غالباً إلى تجمُّع المواهب في الشركة - لا سيَّما المواهب الإدارية - باسم "سلسلة القيادة" (leadership pipeline).

صُمِّمَت سلسلة القيادة لمساعدة الشركة في الحصول على موارد، ومكافآت، وتقييم، وتطوير، ونقل الموظفين إلى أدوار مختلفة. وقد تنحني سلسلة القيادة أو تتغير أو تختل أحياناً عندما تُحدِّد الشركات الموظفين الجاهزين وأولئك الذين يسيرون على المسار الصحيح لتولِّي مناصب قيادية أكبر، ومِن هذا المنظور، فإنَّ إدارة المواهب هي شيء يُجرَى من أجل المواهب ذات الإمكانات العالية للشركة ولخدمة احتياجاتها.

لكنَّ الموظفين والمديرين الموجودين داخل سلسلة القيادة لا يعملون كتيَّار متدفق من المواهب تُوجِّهها الشركة فحسب؛ بل يجمعون وجهات نظرهم وخبراتهم في العمل.

لاختبار إدارة المواهب من خلال آراء المديرين ذوي الإمكانات العالية، أُجرِيَت دراسة شملت 199 قائداً حضروا برامج التطوير، وكان للنتائج أثر في كيفية تحديد الشركات للمواهب ذات الإمكانات العالية والاستثمار فيها والاستفادة منها.

3 طرائق للاحتفاظ بالمواهب عالية الإمكانات:

تكشف نتائج البحث عن 3 طرائق للاحتفاظ بالمواهب ذات الإمكانات العالية:

  • المسار الوظيفي والدعم.
  • تقديم صلاحيات أوسع.
  • التغذية الراجعة والتواصل.

1. المسار الوظيفي والدعم:

يصبح الموظفون ذوو الإمكانات العالية أكثر التزاماً ومشاركةً في العمل عندما يكون لديهم مسار وظيفي واضح؛ فالطريقة الأكثر شيوعاً لزيادة الالتزام والمشاركة بين جميع الإمكانات العالية هي مساعدتهم على تحديد المسار الوظيفي؛ حيث يرغب الموظفون ذوو الإمكانات العالية في الحصول على فكرة عن المسار الذي يتجهون إليه وفهم الخطوات التالية المرتبطة بالتطوير والخبرة والعمل، وقد لا تكون خطة التطوير السنوية كافية لزيادة مشاركة والتزام الموظفين ذوو الإمكانات العالية بدون مسار وظيفي واضح ومُتقدِّم.

يتوقع أصحاب الإمكانات العالية أيضاً مزيداً من التطوير والدعم والاستثمار؛ إذ ليس من المستغرب أن يتلقَّى الموظفون ذوو الإمكانات العالية المزيد من فرص التطوير - مثل: المهام الخاصة والتدريب، إلى جانب الحصول على المنتورينغ والكوتشينغ من كبار القادة - أكثر من الموظفين الآخرين، حيث اتَّفقَ 84% من الأشخاص ذوي الإمكانات العالية على أنَّ الشركات يجب أن تستثمر أكثر في موهبتهم وفي المواهب الثمينة الأخرى.

2. تقديم صلاحيات أوسع:

عند توفير مَهمة خاصة لذوي الإمكانات عالية، فهذا يعني على الأرجح أنَّ مستوى مسؤوليتهم قد زاد؛ وتُوصَف المهام الخاصة بأنَّها أعمال رفيعة المستوى ومشاركة في فريق العمل، وكذلك تناوب الأدوار، في حين قد يبدو أنَّ الشركات تكافئ فقط مواهبها ذات الإمكانات العالية بمزيد من العمل، فهم ينظرون إلى تلك المهام على أنَّها فرص وليست أعباء.

ونظراً لأنَّ الأشخاص ذوي الإمكانات العالية يتلقُّون مسؤوليةً أكبر، فإنَّهم يبحثون أيضاً عن صلاحيات أوسع لاتِّخاذ القرارات التي لها تأثير كبير في الشركة، وتُمنح الإمكانات العالية غالباً رؤيةً أكبر وإمكانية الوصول إلى كبار المديرين أكثر من الموظفين الآخرين، وتُترجم هذه الرؤية أيضاً إلى حصول الموظفين على مزيد من التقدير في الشركة، كما ينضمُّون في كثير من الأحيان إلى الاجتماعات مع كبار المسؤولين، ويلتمس الجميع آراءهم بصورة مستمرة؛ مما يزيد من مشاركتهم والتزامهم تجاه الشركة.

3. التغذية الراجعة والتواصل:

للاحتفاظ بالمواهب ذات الإمكانات العالية، يجب أن تتأكد الشركات من أنَّ الأشخاص ذوي الإمكانات العالية يتلقُّون الكثير من التواصل مع سلسلة القيادة والمزيد من التغذية الراجعة حول أدائهم، ويبدو أنَّ الشركات تنجح في تحدي مواهبها ذات الإمكانات العالية من خلال المهام التنموية وتقديم الدعم على شكل تدريب، ولكن يمكِنها تقديم المزيد من خلال توفير تقييم صادق لمسار الموظفين الموهوبين وتوضيح الخطوات التالية بصورة مباشرة.

إقرأ أيضاً: الاستثمار الحقيقي: استثمارك في مواهبك

تأثير تحديد المواهب ذات الإمكانات العالية:

تؤثر درجة الشفافية والرسمية التي تخبر من خلالها الموظفين بأنَّهم يتمتعون بإمكانات كبيرة في كيفية رؤية الموظفين لأنفسهم وكيفية رؤيتهم للشركة.

وُجِد في الدراسة أنَّ المشاركين الذين حُدِّدوا رسمياً بأنَّهم يتمتعون بإمكانات عالية من المرجح أن يَعُدَّوا أنفسهم موهوبين أكثر من أولئك الذين حُدِّدوا بأنَّهم كذلك بشكل غير رسمي؛ حيث يبدو أنَّ الاعتراف الرسمي يعزز هوية القادة وتَمتُّعهم بإمكانات عالية، ودون هذا الاعتراف، قد يشكُّ القادة في مستوى مهارتهم أو أهميتهم بالنسبة إلى الشركة.

وهذا يعني أنَّ التغذية الراجعة الإيجابية، أو سجلَّ الإنجازات الجيد، أو الإقرار غير الرسمي بقيمة الفرد لا يعادل توصيفه بشكل رسمي بأنَّه يتمتع بكفاءات عالية، على النحو المعترف به من قِبَل الشركة.

يُعدُّ الاعتراف الرسمي بتمتُّع الموظفين بإمكانات عالية هاماً للاحتفاظ بهم؛ حيث أعطى معظم الذين استُطلِعَت آراؤهم (والذين بلغت نسبتهم 77%) درجةً عالية من الأهمية لفكرة أن يُحدَّدوا رسمياً على أنَّهم يمتلكون إمكانات عالية في شركاتهم، وأظهرَت الدراسة العديد من الاختلافات الواضحة بين الأشخاص ذوي الإمكانات العالية الذين اعتُرِف بهم رسمياً وأولئك الذين يُنظر إليهم على أنَّهم يتمتعون بإمكانيات عالية بصورة غير رسمية:

  • أفاد 14% فقط من أصحاب الإمكانات العالية الذين اعتُرِف بهم رسمياً أنَّهم يبحثون عن وظائف أخرى.
  • ولكن من بين أولئك الذين اعترفوا بمواهبهم بشكل غير رسمي، ذكر أكثر من ضعف العدد (أي 33%) أنَّهم كانوا يبحثون عن فرص أخرى.

يشعر أصحاب الإمكانات العالية بالرضا عن مكانتهم ولكن لها جانبها السلبي أيضاً، حيث أعرب المشاركون في الاستطلاع بشكل عام عن مشاعر إيجابية حول تصنيفهم على أنَّهم يتمتعون بإمكانات عالية من قِبَل مؤسساتهم. وفي الوقت نفسه، لا يُعدُّ الاعتراف بإمكاناتهم مكسباً لمَن هم ضمن سلسلة القيادة؛ فبالنسبة إلى بعضهم، هناك شعور بضغط متزايد أو قلق بشأن التوقعات أو الأداء العالي، بينما يشعر الآخرون بالإحباط من نوايا المنظمة غير الواضحة.

3 استراتيجيات رئيسة للاستفادة من المواهب عالية الإمكانات:

النتائج التي توصَّلَت إليها الدراسة بمثابة تذكير بأنَّ إدارة المواهب الفعالة ليست مجهوداً من جانب واحد؛ فالنظر إلى مسار القيادة من خلال عدسة تنظيمية له آثار هامة على كيفية تحديد وتطوير وإشراك الإمكانات العالية.

يقترح فحص إدارة المواهب من منظور أولئك الذين هم ضمن سلسلة القيادة 3 استراتيجيات رئيسة يجب على المؤسسات مراعاتها:

1. الاهتمام بشفافية العملية:

تحتاج المؤسسات إلى النظر في مدى وضوحها وتوجيهها بشأن درجة الاستثمار التي يمكِن أن تتوقع المواهب ذات الإمكانات العالية بأن تحظى به، وذلك نظراً للقيمة التي يضعها أصحاب الإمكانات العالية على إمكانية الوصول والفرص.

تؤثر درجة الشفافية والرسمية في عملية تحديد الإمكانات العالية في كيفية رؤية الموظفين لأنفسهم وللمؤسسة، ويجب أن تفهم المؤسسات الآثار المترتبة على نهجها وتقيِّم التنازلات التي عليها أن تقدِّمها.

إقرأ أيضاً: ما وراء التمويل: ما على قادة الشركات معرفته بشأن الاستفادة من المواهب

2. إقامة علاقة متبادلة المنفعة بين الشركة والمواهب ذات الإمكانات العالية:

تعني علاقة المنفعة المتبادلة معالجة الفوائد التي يتلقَّاها الأفراد كموظفين في الشركة، ولكنَّها أيضاً تأخذ في الحسبان وتُوضِّح الفوائد التي تحصل عليها الشركة من موظفيها.

يتلقَّى الأشخاص ذوو الإمكانات العالية الاستثمار في التنمية التي يريدونها من شركتهم، ولا تتلقى الشركات مجموعةً أكثر التزاماً وتفاعلاً من القادة فحسب؛ بل تتلقى أيضاً أداءً أقوى ونتائج أفضل.

يؤدي القادة دوراً حاسماً في عملية تطوير المواهب ذات الإمكانات العالية، ويمكِنهم تحسين عملية تطوير المواهب من خلال محادثات أفضل مع أصحاب المواهب في الوقت والمكان المناسبين.

3. الاستفادة من إمكانات الموظفين العالية كمطوِّرين للمواهب:

لا ينبغي أن يقتصر استثمار الشركة في تطوير الإمكانات العالية عند هؤلاء الموظفين فحسب؛ فنظراً للتأثير الذي يُحقِّقونه، يجب على الشركات النظر في الطرائق التي قد يؤدي من خلالها أصحاب الإمكانات العالية دوراً في تحديد وتطوير الكادر المستقبلي للشركة من القادة.

ويجب توضيح أنَّ "الارتقاء" يعني تطوير الآخرين، لذلك حمِّل الأشخاص ذوي الإمكانات العالية المسؤولية في تطوير إمكانات الآخرين، وحاسِب رؤساءهم أيضاً، وساعِد ذوي الإمكانات العالية على تعلُّم كيفية استخدام المهام الصعبة والتدريب لتطوير المواهب من حولهم؛ فهُم بالتَّأكيد بحاجة إلى معرفة كيفية إجراء محادثات كوتشينغ مع الآخرين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة