3 طرق لإضفاء حس الإمكانية إلى حياتك

منذ عدة سنوات انتقلت إحدى صديقاتي من مدينة نيويورك إلى مدينة بورتلاند مع عائلتها للأسباب نفسها التي تدفع الجميع إلى مغادرة مدينة نيويورك، مثل رغبتهم في امتلاك منزل ذي حديقة، وبحثاً عن مكان تكون تكلفة المعيشة فيهِ معقولة. في إحدى زياراتها لنا، سألناها إن كانت تشتاق إلى مدينة نيويورك، بعد التفكير قليلاً أجابت: "أشتاق إلى ذلك الإحساس بأنَّ أيَّ شيء قد يحصل بمجرد خروجي من المنزل، ذلك الشعور بأنَّني سوف أصادف أمراً مذهلاً".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المعالجة النفسية "تونيا ليستر" (Tonya Lester) والذي تحدثنا فيه عن عيش حياة حافلة بالإمكانات، وإضفاء الروعة والمغامرة والنمو عليها.

إنَّ الحماسة وحسَّ الإمكانية هما العاملان اللذان يدفعان 90% من الأشخاص للانتقال إلى مدينة نيويورك بمن فيهم أنا، حيث يرتبط حس الإمكانية بالعيش في المدن الكبيرة وبالشباب؛ الفترة التي تشعر فيها أنَّ الصدف والأمل المتوقد والإمكانات أمور سوف تحدث في الأغلب.

شاهد بالفيديو: 9 استراتيجيات فعّالة لتحفيز ذاتك عندما تفتقد إلى الحماس

في ذلك المساء، كنا ننظر في أوجه بعضنا وندرك تماماً أنَّ جميعنا نكابد في عملنا وعلاقاتنا بعائلاتنا، فلا أحد منا كان يخرج في كل صباح من منزله ويأمل بحدوث شيء رائع له، أيّاً كانت المدينة التي يعيش فيها. بعد بلوغ سنٍ معين نشعر أنَّ المفاجآت لن تكون سعيدة كما نتوقع؛ لكنَّ هنالك طريقة لمقاومة ذلك الشعور، بأنَّ حياتك قد وصلت إلى شكلها النهائي ولا شيء سوف يتغير بعد الآن، إليك ثلاث طرائق لإضفاء حس من الروعة والمغامرة وجرعة من النمو إلى حياتك، بغضِّ النظر عن عمرك:

1. التعلم والنمو:

تقول عالمة النفس الإيجابي "سونجا ليوبوميرسكي" (Sonja Lyubomirsky) ومؤلفة كتاب "الطريق إلى السعادة" (The How of Happiness): "كل شخص سعيد هو شخص لديه مشروع"، أثق أنا والعديد من عملائي بهذا المفهوم حتى أنَّنا نقوم بعصف ذهني كل خريف لوقاية أنفسنا من الاكتئاب المتوقع الذي يصاحب أشهر الشتاء؛ العمل على مشروع، سواء أكان إجراء إصلاحات على منزلك أم تعلُّم العزف على آلة موسيقية، يمنح حياتك اليومية انتظاماً ويشجع دماغك على التفكير في طريقة مستقبلية إنتاجية.

اعثر على أمر تريد أن يشغل تفكيرك خلال الأشهر المقبلة، فأذهاننا تعشق التعلم والنمو، واختر مشروعاً ينشطك ويحفزك ويساعدك على عيش الحياة التي ترغب فيها، وسوف تعلم أنَّك عثرت على مشروع مناسب حين يُشعرك مجرد التفكير فيه بالحماسة؛ فإنَّ لتطوير شخصيتك - عبر زيادة مهاراتك - تأثيراً قوياً على احترامك لذاتك وشعورك بالقوة والسيطرة على حياتك.

2. المغامرة:

وصف لي أحد معارفي مؤخراً تجربته في الانتقال إلى مدينة سان فرانسيسكو بعد إنهائه المدرسة الثانوية، حينها لم يكن يعرف أحداً، ولم يملك المال ولم تكن لديه وظيفة في الأسابيع الأولى، كان يبحث عن عمل في الصباح، وبعد الظهر كان يصعد على متن أي القطار ويجلس فيه حتى يصل إلى المحطة الأخيرة، ثم كان يتجول في الأنحاء أينما أوصله القطار، ويستكشف أحياء جديدة ويتعرف بشكل أفضل على مدينته الجديدة، يقول عن تلك الفترة: "قد يبدو أنَّها كانت فترة كئيبة، لكنَّ ذلك غير صحيح، لقد شعرت وكأنَّني أخوض مغامرة".

إذا عرَّفنا المغامرة على أنَّها رحلة أسطورية، فقد نشعر أنَّها بعيدة المنال في حياتنا اليومية، لكن إذا نظرنا إليها عوضاً عن ذلك على أنَّها أي موقف نختار أن نعيشه حيث لا نعرف ماذا سيحصل، تصبح المغامرة فجأة في متناولنا؛ التجارب الجديدة هي أفضل علاج لعناء الحياة اليومية، خاصة حين يرافقها الفضول والمثابرة، يقول الباحث والطبيب النفسي "سي روبرت كلونينجر" (C. Robert Cloninger) في "جامعة واشنطن" (Washington University): "البحث عن التجارب الجديدة هو إحدى الصفات التي تبقيك معافى وسعيداً وتعزز نمو شخصيتك مع تقدمك في السن".

إقرأ أيضاً: 3 أمور تجعل لحياتك قيمة ومعنى

3. الروعة:

الرواية الجميلة "ظُلَّةُ الأشجار" (The Overstory) للمؤلف "ريتشارد باورز" (Richard Powers) هي رسالة حب إلى الأشجار والأشخاص الذين يعشقونها، خلال قراءتي لهذا الكتاب، أذهلتني درجة تعقيد هذا النظام البيئي الذي لم أكن أدرك وجوده من قبل، ألهمني استخدام باورز (Powers) المذهل للغة بأن أخرج إلى الغابة وأستمتع بكل ذلك الجمال، كما احتوى الكتاب جميع الأشياء التي أحبها، من موهبة المؤلف إلى قدرة الكتاب على التحليق بي إلى مكان وزمان آخرين وحتى غموض الطبيعة.

نحب - نحن معشر البشر - أن نُبهر ونُذهل ونُدهش؛ ولهذا تجد حتى الأشخاص غير المغامرين في العادة متحمسين إلى مشاهدة كسوف الشمس أو مستعدين لدفع المال لمشاهدة ممثل يحرك مشاعرهم حتى البكاء في صالة السينما، أو يقاطعون كل أعمالهم لمشاهدة الرياضيين يفوزون بالميداليات الذهبية، وفي حين نعتقد غالباً أنَّ الشعور بالروعة يتطلب الخطط الضخمة والمكلفة، ولكن يمكن لأي شخص الاستيقاظ مبكراً لمشاهدة شروق الشمس أو السَّهر إلى وقت متأخر متأملاً النجوم، حدد الأشياء التي تُشعِرُك بالذهول وحاول جعلها جزءاً من حياتك.

إنَّ الركود والملل والتشاؤم، هم ما يحول بينك وبين تحقيق الإمكانات، وهي صفات نطورها لكي نتجنب الألم وخيبة الأمل، وفي حين قد يأخذ إضافة النمو والمغامرة والروعة إلى حياتنا منحى سيئاً بسهولة، فقد يُؤذى كبرياؤك أو قد تهدر طاقاتك أو قد تشعر بالحماقة، لكنَّ ذلك كله لا يزال أفضل بكثير من البديل؛ تسألنا الشاعرة "ماري أوليفر" (Mary Oliver): "أنصت إليَّ؛ هل تتنفس وتدعو ذلك حياة؟" تتطلب الحياة السعيدة منا السَّعي إلى إضفاء جرعة من النمو والمغامرة والروعة إلى حياتنا، فمن السهل جداً - خاصة مع تقدمنا في السن - أن نسمح إلى الاعتقاد السائد أنَّ علينا توخي الحذر بإضعافنا؛ لذا لا تنتظر أن تأتيك السعادة بنفسها، اصنعها أنت.

المصدر




مقالات مرتبطة