3 خطوات لاتباع عادات مفيدة في حياتك

لفهم النجاح عليك أن تعلم أولاً أنَّ ما من طريق مُحدَّد يؤدي إلى النجاح بالتأكيد؛ فعلى سبيل المثال من المُرجَّح أنَّك لم ترَ طريقاً يتحرك من قبل؛ بل إنَّ السيارات والشاحنات والدراجات الهوائية والمُشاة هي التي تتحرك فوقه مجيئاً وذهاباً؛ فالطريق مُجرَّد منصة يقف عليها كل شيءٍ دون حراك؛ لكنَّ قوة الحركة هي التي تسيِّر الأشياء وتُوصِلها إلى هدفها المُحدَّد؛ وبصورة مشابهة يعلم الجميع معنى النجاح وماهيَّته وكيفية تحقيقه؛ لكنَّ التمايز الأكبر بين الناس يأتي على هيئة العادات التي يتبعونها في حياتهم اليومية.



لقد سمعنا جميعاً بقصصٍ عظيمة عن المحاولات الفاشلة لبعض الناس وكيفية تغلُّبهم عليها وتخطِّيها ليصبحوا أشخاصاً ناجحين كلياً، ولكن لا يتعلق الأمر بعدد المرات التي يفشل فيها الإنسان أو بعدم استسلامه وشعوره باليأس بعد الفشل؛ لأنَّ القضية ليست قضية قوة إرادة أو حافز أو إلهام؛ بل إنَّ عادات الإنسان بفعل شيءٍ ما هي التي تحافظ على استمراريته وتجعله يمضي قدُماً مهما اعترضَ طريقه من إخفاقاتٍ أو طرقٍ مسدودة، وتمكِّنه من شق طريقه بالقوة في هذه الحياة؛ لكنَّنا نادراً ما نُدخِل عاداتٍ جديدةً أفضل إلى حياتنا؛ وذلك لأنَّ من عاداتنا السيئة اتباع أي عاداتٍ أدخلناها إلى حياتنا دون أن نشعر، أو بمحض المصادفة، أو لأنَّ طبيعتنا كذلك.

إذاً للمُضي قدُماً نحو بلوغ النجاح أنتَ بحاجةٍ إلى اتباع عاداتٍ عظيمة، فقد يكون إدخال تلك العادات إلى حياتك والتزامها صعباً للغاية، ولكن لا تقلقْ، توجد طريقةٌ مُنظَّمة ودقيقة لغرس تلك العادات وإدخالها تدريجياً إلى حياتك، وتتمثل بالخطوات الآتية:

1. تحسين الذات تدريجياً:

كي تُدخِل أي عادةٍ عظيمة ومفيدة إلى حياتك عليك أولاً أن تُقلِع عن إحدى عاداتك السيئة التي تدمِّر جميع عاداتك الأخرى، ويُعَدُّ ما يُعرَف بالإشباع الفوري أكبرَ عدوٍّ لك حين يتعلق الأمر بتحقيق إنجاز عظيم؛ فحين يرغب المرءُ بالحصول على جوائز ومكافآت سريعة أو الشعور بالرضى الفوري لن يتمكن من الاستقرار أو العمل بجدٍّ أو التزام فعل الأمور التي تتطلب وقتاً لإنجازها، ومن ثمَّ فإنَّ زيادة الثراء بين ليلةٍ وضحاها هو مُجرَّد أسطورة لا أساس لها من الصحة؛ بل يتطلب الأمر سنواتٍ من الإصرار والتصميم والمثابرة لتحقيق إنجاز جديرٍ بالعناء والجهد.

على سبيل المثال، مدينة "روما" (Rome) لم تُبنَ في يومٍ واحد، ولم يُصبح موقع "فيسبوك" (Facebook) أكبرَ وأشهر مواقع التواصل الاجتماعي بين ليلةٍ وضحاها؛ فقد كانت "روما" مدينةً عظيمة، وكذلك موقع "فيسبوك" في أيامنا هذه؛ لكنَّ إنشاءَهما تطلَّب كثيراً من الوقت والعمل الدؤوب والمستمر.

إذاً لإدخال أي عادةٍ عظيمة جديدةٍ إلى حياتك عليك أولاً التخلي عن أسوأ عادةٍ لديك على الإطلاق؛ وهي الرغبة في الحصول على نتائج فورية لأي عملٍ تفعله، وإلَّا فإنَّك ستبدأ كلَّ شيءٍ بشغف وحماسة منقطعة النظير لتجدَ أنَّ حماستك وشغفك بها سينطفئ سريعاً جداً، ومن ثمَّ لن تعودَ أبداً إلى ممارسة تلك العادة أو محاولة إدخالها إلى حياتك مرة أخرى.

على سبيل المثال لنفرضْ أنَّك تريد جعل ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام جزءاً من عاداتك اليومية؛ وذلك في سبيل الحصول على جسمٍ رشيق ورفع لياقتك البدنية؛ لذا تذهب إلى النادي الرياضي بشغفٍ شديد لرفع الأثقال؛ لكنَّك تنظرُ إلى المرآة بعد شهرٍ من ذهابك إلى النادي فقط وبالكاد ترى فرقاً ملحوظاً في جسمك؛ لذا تقرر التوقف عن ممارسة التمرينات الرياضية؛ فقد تحطم حلمُك بالحصول على جسمٍ مثالي، وفقدت عزيمتك وعزفت عن ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام وجعلها عادةً في حياتك مرةً أخرى؛ لذا عليك ألَّا تفضِّل النتائج الفورية وتتوقعَها أبداً في حياتك.

شاهد بالفيديو: 7 عادات يومية تضيف إلى حياتك الكثير

2. الواقعية:

تحقِّق العادات العظيمة نتائج أكثر عظمةً لك وتُضفي أثراً رائعاً لحياتك؛ لكنَّ إحدى أكبر المشكلات التي تواجهك عند البدء بإدخال إحداها إلى حياتك هي إنهاك نفسك في محاولة التزام تلك العادة؛ لأنَّك وضعتَ توقعات غير واقعية فيما يخصُّ النتائج والآثار التي تنتظرها منها.

على سبيل المثال إن كنتَ تعمل مدوِّناً فبالتأكيد سترغب في كسب 100 ألف دولارٍ من مُدوَّنة الكتابة الخاصة بك كل شهر، وستكون مستعداً للعمل وبذل كل جهدٍ ممكن لتخصيص أكبر قدرٍ ممكن من الوقت لممارسة عادةِ كتابةِ أشياءٍ عظيمة، وستواصل الكتابة ليلاً ونهاراً؛ لكنَّ توقُّع مبلغٍ ماليٍّ كهذا نتيجةً لعملك وجهودك منذ البداية فقط يفرض عبئاً كبيراً عليك في النهاية، وستصبح فرص أو احتمالات كسب ذلك القدر من المال خلال بضعة أشهر ضئيلةً جداً أكثر فأكثر.

يمكن أن يكون ما سبق هدفاً قابلاً للتحقيق أو الإنجاز؛ لكنَّه يتطلب وقتاً أطول (عاماً كاملاً مثلاً)؛ لذا يجب أن توزع جهودك تدريجياً على أوقات عملك، ولا تحاولْ أن تضغط على نفسك لإنجاز عملٍ يتطلب سنةً كاملة خلال شهرين فقط؛ لأنَّك ستُضعِف قدرتك الإبداعية وستزعزعها وستعاني الاحتراقَ الوظيفي بتلك الطريقة؛ ممَّا سينعكس سلباً على مُدوَّنتك في نهاية المطاف التي ستفقد زخمَها وتتعرض للإخفاق قبل أن تبدأ حتَّى؛ وذلك لأنَّك وضعتَ تلك التوقعات الضخمة وغير الواقعية لها منذ بداية إنشائك لها.

إذاً ضعْ توقعات واقعية ومنطقية لعاداتك وحدِّدْ لها إطاراً زمنياً واقعياً كذلك كي تحصل على أفضل النتائج الممكنة وتتأكد من استمرارها معك والتزامك بها مدى الحياة.

إقرأ أيضاً: 5 أسباب لتحديد أهداف واقعية

3. تخصيص الوقت الكافي لها:

تحتاج إلى الوقت الكافي لفعل أي شيءٍ جديد وإدخاله إلى حياتك؛ لذا قبل اختيار عادة جديدة وتنظيمها أو تحديد موعدها في إطار زمنيٍّ مُعيَّن من وقتك، عليك أن تتأكد من تولِّي شخصٍ آخر للعمل الذي كنتَ تؤدِّيه سابقاً خلال تلك الفترة أو من استعدادك للتنازل عن ذلك العمل، وإلَّا ستجدُ نفسك مُكبَّل اليدين نتيجة إضافة عادة أخرى إلى جدولك عملك المكتظ أصلاً.

على سبيل المثال لنفترضْ أنَّك ترغب في البدء بممارسة تصميم التطبيقات بوصفها عادة جديدة، أو تريد إدخال التأمل بوصفها عادة يومية إلى حياتك بمُجرَّد عودتك إلى المنزل من العمل؛ لكنَّك في الحقيقة تعتني بوالدَيك المُسنَّين خلال ذلك الوقت؛ لذا أصبحت أمام خيارَين إن قررتَ إدخال عادة جديدة إلى حياتك؛ فإمَّا أن يعاني والداك بسبب غيابك أو أنَّك ستُضطَرُّ للعناية بهما وتلبية احتياجاتهما خلال وقتٍ أقل الآن، في كلتا الحالتين ستُصاب بالصدمة والإرهاق من مقدار العمل الهائل الذي يتحتم عليك إنجازُه؛ ممَّا يجعلك في النهاية غير قادرٍ على اتباع عادتك تلك بجدٍّ واجتهاد؛ لأنَّك تفتقر إلى الطمأنينة وراحة البال اللازمَتين لذلك.

إذاً لإدخال عادةٍ جديدة إلى حياتك تأكَّدْ من امتلاكك لِما يكفي من أوقات الفراغ لمتابعة تلك العادة ومواصلة ممارستها؛ كأن تنقل والدَيك مثلاً إلى منزل أحد أخوتك للعناية بهما أو تحصل على نوعٍ من خدمات الرعاية المنزلية للمسنين؛ كي لا يكون لديك ما يضايقك أو يشغل بالك أبداً حين تبدأ بممارسة العادة الجديدة.

إقرأ أيضاً: حلقة العادة: دليلك إلى تكوين العادات

في الختام:

العادات الجيدة والصحية هامة للغاية في نظر الجميع؛ لكنَّ أكثر ما يفتقر إليه المرء هو العقلية أو طريقة التفكير اللازمة للمحافظة على تلك العادات لفترة طويلة إلى أن تصبح جزءاً أساسيَّاً من حياته؛ لذا تأكَّدْ من أنَّك لا تطمح فقط لامتلاك عادات جيدة دون بذل أي مجهود لذلك؛ وإنَّما تتخذ الخطوات العملية اللازمة للتخطيط لإدخالها إلى حياتك بالصورة المناسبة.




مقالات مرتبطة