3 تمارين ذهنية لتطوير العزيمة

عندما كنت في الصف السادس، اشترت عائلتي أول جهاز كمبيوتر، وفي الصف السابع، بدأت في تفكيكه لأرى كيف يعمل، فسألت والديَّ عمَّا إذا كان في إمكاني ترقية "ذاكرة الوصول العشوائي" (RAM) - إذ كان الكمبيوتر أبطأ ممَّا أردت له أن يكون - وجاءت إجابتهم القاطعة بالرفض، فقد كانت آلة باهظة الثمن أثارت دهشة أمي، ودهشة والدي من تكلفتها، وليس عليَّ أن أعبث بها أبداً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "تايلر تيرفورن" (Tyler Tervooren) الكاتب ومؤسِّس موقع "ريسكولوجي" (Riskology)، ويخبرنا فيه عن تجربته في كيفية تطوير عزيمته وقوة صبره لتحقيق النجاح.

لذلك، أصبح استكشافي لهذه الآلة هو سلسلة من العمليات السريَّة؛ إذ كان والديَّ يعودان إلى المنزل من العمل بعد ساعتين من عودتي من المدرسة، وكنت أقضي هذا الوقت مع مصباح يدوي ومفك براغي صغير سرقته من المرآب لتفكيك وفحص القطع العديدة الموجودة بداخل الكمبيوتر بعناية.

لقد خطَّطتُ لمهماتي بحيث كان لدي ما يكفي من الوقت لإعادة تجميع القطع كما كانت عليه قبل عودة أي شخص إلى المنزل، وفي بعض الأحيان كنت أخطئ أو يعود أحدهم إلى المنزل مبكِّراً، فكانت هناك أيام لم يعمل فيها الكمبيوتر على الإطلاق، لأنَّني كنت على وشك أن يُكشف أمري وأنا أُسرع في إعادة غطاء الحاسب الشخصي مُخفياً كل قطعه تحت سريري حتى أتمكَّن من العودة إليه في اليوم التالي؛ فأمي وأبي لم يستخدما الكمبيوتر كثيراً، لذلك لم يُقبَض عليَّ أبداً.

عندما أصبحت في المدرسة الثانوية - وبعد حملة توسُّل استمرت عامين - حصلنا أخيراً على شبكة الإنترنت، وبدأت على الفور بفعل أشياء لم يكن من المفترض أن أفعلها (سرقة الموسيقى)، وتسبَّبت بدخول فيروس إلى نظام التشغيل.

لكن كيف أصلحت الأمر؟ اكتشفت كيفية الوصول إلى جميع ملفات نظام التشغيل وبدأت في حذفها، واحداً تلو الآخر لمعرفة ما ينجح، ولا بد أنَّني عطَّلت الآلة بأكملها مئة مرة، لكن في كل مرة، كنت أحتفظ بملاحظة لما نجح وما لم ينجح، وأعيد نظام التشغيل، وأبدأ من جديد، وفي النهاية، أزلتُ الفيروس.

اليوم، أنا مرتاح ومستعد لإصلاح أي مشكلة تقريباً بنفسي، وليس فقط مشكلات الكمبيوتر؛ فقد ساعدتني المهارات التي تعلَّمتها في تعطيل وإصلاح هذا الكمبيوتر القديم في إصلاح دراجتي وسيارتي وموقعي الإلكتروني وغسالتي وجهاز "الآيفون" (iPhone) الخاص بي، وحتى الأشياء الأُخرى، مثل خطط السفر وصعوبات الحياة العامة؛ وكان ذلك جزءاً من خطتي «لا تمتلك أشياء لا يمكنك إصلاحها» في الحياة.

قد أعزو معظم مهاراتي في حل المشكلات اليوم إلى مهارات تعطيل الأشياء التي طوَّرتها عندما كنت طفلاً؛ فعندما عطلت شيئاً ما واصلت العمل على إصلاحه، لأنَّني كنت أعرف أنَّ الأمر سينتهي بانزعاج والديَّ، وهذا ما يسمَّى بالعزيمة والقدرة على الجلوس بهدوء والصبر ومواصلة العمل في مهمة صعبة حتى الانتهاء منها، على الرَّغم من النكسات.

لقد أثبتت الأبحاث الحديثة أنَّه ليست فقط العزيمة هي ما تشكِّل عاملاً هاماً في النجاح المهني والشخصي، وأنَّه ليس بالضرورة أن تكون عبقرياً لتحقيقه؛ فأولئك الذين يملكون العزيمة وقوة الشخصية يمكنهم التفوق على الأشخاص الأكثر ذكاءً من دونها.

شاهد بالفديو: 6 طرق لامتلاك العزيمة كل يوم لتغير حياتك

العزيمة أو الجرأة: سِمة الشخصية التي تتفوق على العبقرية:

قبل سنوات عدة، أراد عدد قليل من الباحثين الاجتماعيين معرفة ما الذي يؤدي بالإضافة إلى معدل الذكاء إلى النجاح المهني، ولماذا كان أداء بعض الأشخاص ذوي معدلات الذكاء المنخفضة أفضل في الاختبارات وفي العمل وفي الحياة من أولئك الذين لديهم معدلات ذكاء أعلى؟ كانت فرضيتهم هي أنَّ: المثابرة دفعت بعضهم إلى الأمام.

لذا، أجروا اختباراتهم على طلابٍ بالغين من "أكاديمية ويست بوينت" (West Point Academy) ومدارس "آيفي ليغ" (Ivy League)، والمنافسين في "ناشيونال سبيلينغ بيي" (National spelling bee).

إنَّ ما وجدوه كان مذهلاً؛ إذ لم يستطع معدل الذكاء وحده التنبُّؤ بدقة بالإنجاز، لكن عندما قِيس معدل الذكاء أيضاً بالإضافة إلى سِمات الشخصية، كان أداء أولئك ذوي العزيمة أفضل في مجالات الحياة التي تتطلَّب جهداً مُستداماً في ظلِّ ظروف صعبة؛ لذا لا يهم الذكاء الطبيعي كثيراً إذا لم يكن لديك الجرأة والعزيمة لمتابعة الأمور عندما تصبح صعبة؛ فكثير من الإصرار والعزيمة يمكنه التغلُّب على نقص الذكاء الطبيعي.

تُعدُّ هذه أخباراً رائعة للأشخاص الذين لا يمتلكون ذكاءً خارقاً مثلي، إذ لا يمكنني زيادة ذكائي، لكن يمكنني بالتأكيد تحسين قدرتي على التحمُّل و«التمسُّك» بالمهام الصعبة، فقد ساعدني تفكيك جهاز الكمبيوتر الخاص بي وإعادة تركيبه بطريقة محبطة في أيامي الأولى على بناء العزيمة التي أملكها اليوم، لكن يمكنني تطوير المزيد.

إليك فيما يأتي ما يمكنك فعله لتطوير نفسك بصرف النظر عن عمرك أو وضعك الاجتماعي أو معدل الذكاء أو أي ظرف آخر.

تمرينات ذهنية يسيرة لتطوير العزيمة:

بصفتك مغامراً، فإنَّ القدرة على قضاء الأوقات الصعبة وتحويلها إلى نهاية سعيدة هي جزء هام من النجاح الآن وعلى الأمد الطويل، وإليك فيما يأتي بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها الآن لتطوير عزيمتك وتحويلها إلى واحدة من أقوى سِمات شخصيتك:

1. زيادة الاهتمام بكيفية عمل الأشياء اليومية:

فكِّك إحدى الآلات الكهربائية لديك، وأعِد تجميعها مرة أخرى فقط لمعرفة ما إذا كان في إمكانك ذلك، وحاول أن تنظر إلى العالم كما كنت تفعل عندما كنت طفلاً، فأنت لم تقبل أنَّ الأشياء هي مجرد أشياء جاهزة وناجحة أمامك، لكن أردت أن تعرف كيف تعمل ولماذا.

ربما قد ينتهي هذا الاستكشاف ببعض الأشياء المعطَّلة، ولكنَّها لن تكون نهاية العالم، فقد تعلَّمت خلال ذلك كيفية إصلاح الأشياء، وقد عزَّز هذا الأمر ثقتك في قدراتك الخاصة؛ إذ يبدأ تطوير عزيمتك بالرغبة في فهم العالم من حولك حتى تعرف ماذا تفعل عندما يتوقف شيء ما عن العمل.

إقرأ أيضاً: امتلاك الشغف ومواجهة الشدائد سببان للنجاح

2. تعلُّم شيء جديد كل يوم:

لكي تتحسَّن في حل المشكلات يحتاج عقلك إلى تحفيز منتظم، ويجب أن تثبت لنفسك أنَّه ما يزال في إمكانك تعلُّم ما هو جديد، والأهم من ذلك أنَّك تستمتع بتعلُّم أشياء جديدة.

للقيام بذلك، اعتَد على تعلُّم شيء جديد كل يوم، واحتفظ بدفتر ملاحظات أو مفكرة على هاتفك مع بعض الأسئلة العامة، فربما أجريت محادثة مع شخص ما ولم تفهم بعضاً مما قاله، وربما سمعت أحدهم يقول كلمة لم تعرفها، فاكتبها، وراجع ملاحظاتك مرَّةً واحدةً كل يوم وابحث عن سؤال للإجابة عنه.

قد يكون الأمر يسيراً، مثل: قراءة مقال في موسوعة "ويكيبيديا"، أو مطالبة زميل في العمل بشرح شيء ما، فالتأثير في عقلك هو أنَّك تبني الثقة بقدرتك على الكشف عن معلومات جديدة.

3. تحدي نفسك لحل مشكلة صغيرة كل يوم:

بالإضافة إلى تعلُّم شيء جديد، حدِّد هدفاً أمامك يتمثَّل بحلِّ مشكلة صغيرة في حياتك كل يوم، ونظِّم الملفات الموجودة على جهاز الكمبيوتر الخاص بك حتى تتمكَّن من العثور على الأشياء بطريقة أسرع، أو شُدَّ براغي الباب المرتخية، أو ضع ميزانية لمشروع ما.

افعل شيئاً كل يوم يحسِّن حياتك بطريقة حتى لو كانت صغيرة؛ فمن خلال الجمع بين هذه الخطوة والخطوة السابقة، سيعتاد عقلك ليس فقط على تعلُّم شيء جديد، لكن على معرفة كيفية تطبيق معلومات جديدة لإنشاء حياة أفضل؛ إذ إنَّ تبنِّي هذه الطريقة هو العزيمة التي تحتاجها لتجاوز التحديات الأكثر صرامة التي ستواجهك بالتأكيد.

إقرأ أيضاً: كيف تكون قوي العزيمة وتحقق أهدافك؟

وظيفتك الآن هي تفكيك شيء ما وإعادة تجميعه مرة ثانية:

إنَّ بناء العزيمة وزيادة قدرتك على التحمُّل لحل المشكلات ليس شيئاً يمكنك القيام به من خلال قراءة مقال على الإنترنت؛ فبصفتك شخصاً ذكياً ومتمرِّساً في المخاطرة، فإنَّ واجبك اليوم هو العثور على شيء تملكه - مثل مشروع - وبعد ذلك:

  1. فكِّكه.
  2. تمعَّن بكل قطعة فيه.
  3. ثم أعِد تجميعه مرة ثانية؛ إذ يكمن النجاح والمكافأة إذا عاد للعمل كما كان.

يمكنك البدء بمغامرة منخفضة المخاطر، فمثلاً لا تفكِّك سيارتك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك، بل جرِّب جهاز مطبخ صغير، أو ابحث في صندوق الإلكترونيات القديم الخاص بك عن شيء لم تعد تستخدمه بعد الآن، وتأكَّد من إعادته كما كان عندما تنتهي وأخبرنا كيف سارت الأمور.

المصدر




مقالات مرتبطة