3 استراتيجيات للعيش الحد الأدنى من البساطة

تعني البساطة أموراً مختلفةً جداً لأناس مختلفين؛ إذ ما يَعُدُّه شخص يعيش في وسط مدينة بسيطاً قد يكون مختلفاً تماماً عمَّا يراه شخص يعيش حياة ريفية أمراً بسيطاً.



ما نرغب في التحدث عنه في هذا المقال هو نوع من الحد الأدنى من البساطة. الهدف ليس التخلص من كل الأشياء الخاصة بك أو التقليل منها؛ إذ يتعلق الحد الأدنى للبساطة بإدراك أنَّ معظم الأشياء تكلف أكثر بكثير من ثمنها، وأشياء قليلة جداً تكون مجانية في الواقع عند التفكير في جميع العوامل المرتبطة بها.

عندما تُغيِّر هاتفك المحمول، توجد بعض الأمور التي ستظهر مع الوقت؛ إذ يجب عليك نقل جميع جهات الاتصال الخاصة بك وتعلُّم الميزات الجديدة، وعليك الذهاب أيضاً إلى متجر الهواتف المحمولة لاستلامه، وقد يكون الهاتف الجديد يستحق هذا أو لا يستحق؛ إذ إنَّ فكرة الحد الأدنى للبساطة ليست بالضرورة التخلص من هاتفك؛ وإنَّما تدور حول إدراك أنَّ الأشياء التي تمتلكها أنت، تمتلكك أنت أيضاً.

عندما تشتري شيئاً جديداً فإنَّك تلتزم به مع الوقت، وفي حالات كثيرة أنت تضحي بجزء من حياتك لهذا الشيء؛ فيجب أن تحرص على أن تكون قيمة العنصر الجديد تستحق من حيث المال والوقت.

ما الذي تحتاج إليه بالفعل؟

يوجد تداخل كبير وحدود غير واضحة بين حاجاتنا ورغباتنا، ومن المدهش كيف يمكن للأشخاص أصحاب الدخل المحدود الذين يعيشون على مساعدات الرعاية الاجتماعية شراء تلفاز وألعاب جديدة وهواتف محمولة؛ فقد يعتقد المرء أنَّك إذا كنت غير قادر على إعالة نفسك، ففي إمكانك فقط شراء الحاجات الأساسية من الطعام والملابس والمأوى.

من الصعب أن تقرر بالتحديد ما هي الحاجة وما هي الرغبة، فالأشخاص الذين يعيشون على الأموال الضريبية من غير الضروري أن يكونوا قادرين على تحمُّل تكلفة شراء تلفاز، ولكن يوجد أشخاص قد يجادلون في أنَّه حق أساسي. بالتأكيد توجد أشياء نَعُدُّها حاجات أساسية؛ ولكنَّها تافهة مقارنة بالطريقة التي يعيش بها الآخرون.

إنَّ تحديد ما تحتاج إليه يعني تحديد نوع نمط الحياة الذي ترغب فيه من أجل دعم أهدافك الأخرى، على سبيل المثال: إنَّ أسلوب الحياة المثالي في بعض المنازل يعني استضافة الكثير من الأشخاص في المنزل.

هذا النوع من الضيافة هو جزء أساسي من هوية هذه المنازل، فهو جزء من نمط حياتهم، ونحن نحتاج إلى أشياء تساعدنا على دعم أنماط حياتنا ليس من أجل الاستمرار الأساسي في العيش؛ وإنَّما لأنَّه جزء من قيمنا، فنحن نميل إلى شراء الأشياء التي تساعد على دعم هذه القيم.

إقرأ أيضاً: تأثير ديدرو: لماذا نريد أشياء لا نحتاج إليها؟ وكيف نحل هذه المشكلة؟

ما الذي يمكنك الاستغناء عنه؟

إنَّ تحديد ما تحتاج إليه يتعلق بتحديد ما يمكنك الاستغناء عنه؛ إذ عندما يتعلق الأمر بمفهوم الحد الأدنى للبساطة، فهذا يعني غالباً تحديد الأشياء غير المجدية اقتصادياً، على سبيل المثال: لنفترض أنَّك تفكر في إشادة بركة سباحة في فناء منزلك لتستمتع بالسباحة فيها لمدة 3 ساعات في الأسبوع؛ ولكنَّها تتطلب 5 ساعات من الصيانة كل أسبوع؛ نظراً لأنَّها ستكلفك الكثير من الوقت بالإضافة إلى تكلفة إشادتها، فمن المرجح أن يكون هذا شيئاً يمكنك الاستغناء عنه.

ما هو فعَّال من حيث القيمة وهام بالنسبة إليك، قد لا يكون فعَّالاً وهاماً لشخص آخر والعكس صحيح، على سبيل المثال: إنَّ وجود بيانو في المنزل هام جداً لبعض الأشخاص، على الرغم من أنَّ البيانو الجيد ليس رخيصاً، ويشغل مساحة كبيرة جداً في المنزل ويكون وجوده غير مريح في التنقل، ومع ذلك هذا الأمر لا يعني أنَّ العزف على البيانو ووجوده سيكون منطقياً بالنسبة إلى شخص آخر.

تذكَّر أنَّ الأمر لا يتعلق فقط بمحاولة التخلص من الأشياء؛ إذ يجب أن تركز اهتمامك في امتلاك الأشياء المناسبة، وألَّا تضيع وقتك وتهدر مالك وتستهلك مساحة من أجل الأشياء التي لا تناسبك؛ إذ يتعلق الأمر كله بإدراك القيمة الحقيقية لكل عنصر، والحرص على أن تكون فوائده تفوق تكلفته وقيمته.

إعادة الاستعمال والديمومة:

ربما مرت سنوات عدة ولم تشترِ سيارة جديدة تماماً، وربما معظم الأثاث في منزلك ليس جديداً، فقد تكون طاولة غرفة الطعام لديك شيئاً صنعه جدك مثلاً، وطاولة المطبخ حصلت عليها من جدتك، وقد يوجد في منزلك الكثير من الأشياء القديمة تُغنيك عن شراء أغراض جديدة، ومع ذلك يترافق هذا الأمر ببعض المشكلات.

أولاً؛ عندما تشتري شيئاً مستعملاً، غالباً ما يكون سعره أرخص وهذا يجعل من الصعب معرفة تكلفته الكاملة، وإذا كنت تفكر في الحصول على أداة للتدريب الرياضي - التي تُباع عادةً بمبلغ كبير - في حين يمكنك استعمالها مقابل مبلغ أقل بكثير؛ فهذا يبدو وكأنَّه صفقة رائعة، ومع ذلك تتمثل عواقب التكلفة المنخفضة لعنصر ما في مقدار الوقت الذي ستستغرقه في الحصول عليه ومحاولة نقله إلى منزلك.

ثانياً، إذا كنت تركِّز بشدة في شراء المنتجات المستعملة، فقد لا تنتبه إلى أنَّ الأدوات المستعملة التي تشتريها مكلفة أكثر على الرغم من رخص ثمنها، على سبيل المثال: عندما تشتري جزَّازة العشب، يمكنك الحصول على واحدة مستعملة؛ إذ تبلغ تكلفتها نحو نصف سعر القطعة الجديدة، وبعد بضع سنوات ستدرك أنَّه نظراً إلى العمر المتوقع لها وعدد ساعات استعمالها، فإنَّ تكلفة ساعة استعمالها ستكون تقريباً مساوية لتكلفة استعمال جزازة عشب جديدة.

ثالثاً، إذا كنت ترغب في الاهتمام بأشيائك، فقد تجد نفسك تصلح شيئاً تجاوز عمره الاستثماري، على سبيل المثال: قد تكون لديك سيارة استمرت في العمل لفترة طويلة من خلال إجراء إصلاحات إضافية لها كل عام، ولن ترغب في شراء سيارة جديدة في حين أنَّ تكلفة الإصلاحات الدورية تفوق ثمن شراء سيارة جديدة.

رابعاً، إذا كانت معظم الأشياء الخاصة بك لها قيمة عاطفية، فقد تكون فكرة التخلص منها أصعب بكثير عندما لا تحتاج إليها، على سبيل المثال: تمتلك معظم العائلات آلات الخياطة القديمة التي تخص جداتنا ولن يستخدمها أحد ولا تعمل جيداً حتى، ولكن تُوضَع كقطعة أثاث تشغل مساحة في المنزل.

يمكن أن تكون إعادة استعمال الأشياء والاحتفاظ بها لفترة طويلة وشراء أشياء مستعملة طرائق جيدةً للبساطة، ولكن يجب أن تحرص على أن تكون شاملاً فيما تفعله، وإلَّا ستتخذ قرارات خاطئة من خلال التركيز في جانب واحد دون مراعاة القيمة والتكلفة الإجمالية.

إقرأ أيضاً: دليلك الشامل لإعادة ترتيب حياتك وتقليل التوتر

التخلص من الأشياء التي لا تحتاج إليها:

يعاني معظم الناس من هذا الأمر، وإذا نشأت على فكرة أن تكون شخصاً مقتصداً، فقد يكون من الصعب التخلص من الأشياء؛ وذلك لأنَّك قد تحتاج إليها في المستقبل.

فيما يأتي بعض الاستراتيجيات التي تساعدك على التخلص من الأشياء التي لا تحتاج إليها:

  1. استبدال استراتيجية الاحتفاظ بما تحتاج إليه باستراتيجية التخلُّص ممَّا لا تحتاج إليه: يمكن أن يكون إخراج كل شيء من خزانة ملابسك وإعادة ما تعتقد أنَّك بحاجة إليه استراتيجية جيدةً، ولكن أحياناً لا تنجح هذه الاستراتيجية لأنَّ كل شيء يبدو لك وكأنَّك تحتاج إليه، وإذا وجدت نفسك في هذا الموقف، فاستعمل استراتيجية التخلص من الأشياء التي تكون متأكداً تماماً من أنَّه يمكنك الاستغناء عنها؛ إذ يمكن أن يساعدك تغيير أسلوبك على تحديد الأولويات بوضوح أكثر من خلال تقييم الأشياء من وجهة نظر أخرى.
  2. ملء صندوق بأشياء لم تَعُد تحتاج إليها: حدِّد هدفاً لعدد من الأشياء التي ستتخلى عنها أو ستعيد تدويرها؛ فقد يكون التخلص من أغراضك بناءً على عدد معيَّن أو حجم معيَّن تحددهما أسهل بكثير من محاولة تحديد فيما إذا كنت تحتاج إليها أم لا.
  3. إذا كنت غير متأكد من الأشياء التي يجب التخلص منها، فاحتفظ بها مؤقتاً: إذا كانت لديك أشياء تعتقد أنَّه يمكنك التخلص منها ولكنَّك غير متأكد من ذلك، فضعها في صندوق في المرآب الخاص بك، أو في خزانة ملابسك مع ملاحظة تؤكِّد بأنَّك ستتخلص منها بعد عام، وإذا كنت تحتاج شيئاً منها خلال السنة القادمة، فستجده في الصندوق، أما إذا لم تحتج إليها فسيكون من السهل التخلص من هذه الأشياء؛ وذلك لأنَّك أثبتَّ لنفسك أنَّك لم تكن بحاجة إليها خلال العام الماضي.
  4. شراء عنصر جديد والتخلص من اثنين مقابله: عندما تشتري عنصراً جديداً، حدِّد عنصرين ستتخلص منهما؛ أي عند إحضار أشياء جديدة إلى المنزل؛ فهذا يعني أنَّك يجب أن تختار بعض الأشياء التي ستتخلص منها، وهذا الأمر سيساعدك على بناء عادة جيدة تساعدك على التخلص من الأشياء.

شاهد بالفيديو: 6 فوائد لتدوين الملاحظات 

في الختام:

إنَّ علاقتنا بأشيائنا معقدة، وفي هذا المقال لا نحاول إقناعك بالتخلي عن كل شيء للحفاظ على حياتك سهلة فقط أو تكون في الحد الأدنى من البساطة، ومع ذلك توجد قيمة في الاعتراف بأنَّ أشياءنا لها تكلفة، ويجب علينا أن نكون متعمدين في تحقيق التوازن بين القيمة التي تحققها الممتلكات في حياتنا مع تكلفة امتلاكها.

المصدر: 1.




مقالات مرتبطة