3 أسباب تجعل التنفس العميق هاماً للغاية

هل تكره أن يُقال لك حين تكون متوتراً أن تأخذ نفساً عميقاً؟ يبدو الأمر مبتذلاً ومزعجاً، لكن يمكن أن يكون في الحقيقة مفيداً؛ فعلى الرغم من أنَّنا نتجاهل فوائد التنفس بعمق، لكن توجد ثلاثة أسباب لأهميته يجب أن نأخذها في الحسبان لا سيَّما عندما نكون متوترين.



إليك 3 أسباب تجعل التنفس العميق هامَّاً للغاية:

1. التنفُّس العميق يبطئ معدل ضربات القلب:

يوجد لدى الإنسان جهازان عصبيان؛ الودي (Sympathetic nervous system)، ونظير الودي (parasympathetic nervous system)، ويستثير الجهاز العصبي الودي أعصابنا، ويجهزنا لاستجابة الكر أو الفر لأجل الهرب أو الدفاع عن أنفسنا عندما نتعرض للخطر أو ما تحسب أدمغتنا أنَّه خطر، ولكن نظراً لعدم الحاجة إلى القلق بشأن الحيوانات المفترسة في نظام حياتنا المدني كما كان الوضع مع أسلافنا؛ فإنَّ الجهاز العصبي الودي حالياً يحسب أشياء مثل التحدث أمام الجمهور، والامتحانات، والمطالبة بزيادة الراتب خطراً يُهددنا؛ ومن ثمَّ في هذه المواقف ينشط الجهاز العصبي الودي ويرتفع معدل ضربات القلب لضخ مزيد من الدم إلى العضلات، وتتسرع عملية التنفس، وتفرز أجسامنا الأدرينالين لجعلنا مستعدين لمواجهة الخطر الذي يواجهنا أو الهرب منه، بالطبع هذه الاستجابة مفيدة للغاية إن كنا في خطر حقاً، لكن عندما لا نكون في خطر ونخوض موقفاً يتطلَّب الهدوء لا تكون هذه الاستجابة نافعة.

يزوِّد تَسرُّع عملية التنفس الجسد بكمية أقل من الأوكسجين؛ ما يعني أنَّ أدمغتنا التي تستهلك 25% من الأوكسجين الذي نحصل عليه تنال كمية أقل منه أيضاً؛ وهذا يجعلنا نواجه صعوبة في التركيز، وهو ما نكون غالباً بأمس الحاجة إليه، كما يُحفِّز التنفس السريع الجسد على تكوين مزيد من خلايا الدم الحمراء في مجرى الدم؛ ما يجعل قلوبنا تعمل بوتيرة أعلى وتنبض على نحو أسرع؛ ما يجعلنا نشعر بمزيد من التوتر والقلق.

لكن لحسن الحظ الجهاز العصبي نظير الودي يعمل بآلية معاكسة؛ إذ يُهدِّئ أعصابنا ويساعدنا على الراحة والهضم بدلاً من الاستعداد للقتال أو الفرار، وأحد مكونات الجهاز العصبي نظير الودي هو العصب المبهم، فينشأ هذا العصب في أدمغتنا ويتفرع في جميع أنحاء الجسم، ويلامس كل عضو تقريباً، والمدهش في العصب المبهم هو أنَّه عند تحفيزه يبطئ معدل ضربات القلب، وكما تعلم إذا كان قلبك لا ينبض بسرعة سينخفض شعورك بالقلق؛ لذا هل تعلم كيف يمكننا تحفيز العصب المبهم حينما نريد؟ من خلال أخذ نفس عميق.

يُعَدُّ أخذ شهيق عميق حدَّ توسيع الحجاب الحاجز طريقة ممتازة لتنشيط العصب المبهم؛ لذا حين تأخذ نفساً عميقاً، احرص على ملء معدتك أيضاً بالهواء في أثناء قيامك بذلك لإشراك الحجاب الحاجز في العملية، إليك تمرين سريع مدته 10 ثوانٍ يمكنك استخدامه حين تشعر بالتوتر: خذ نفساً عميقاً من الأنف واحتفظ به لأربع ثوانٍ، ثمَّ أخرجه من فمك بالتنهد تنهيدةً طويلة حتى ترتاح؛ وبذلك تحفز العصب المبهم ويتلقى جسمك رسالة مفادها أنَّ الوقت قد حان للراحة والهضم بدلاً من القتال أو الهروب، ومع ذلك ثمَّة تحذير واحد: لا تأخذ كثيراً من الأنفاس العميقة على التوالي، وإلا سوف تفرط في التنفس ويزداد قلقك.

شاهد بالفيديو:8 طرق لترفع مستوى هرمون السعادة في جسمك

2. استخدام التنفس العميق محفزاً لإدراك أنَّك بخير في هذه اللحظة:

تنبع معظم مخاوفنا إمَّا من القلق بشأن الماضي أو بشأن المستقبل، ونميل بطبيعتنا إلى مراجعة ما قمنا به، والتساؤل عما سيأتي؛ لكنَّ المبالغة في ذلك إلى درجة تَشتُّت أذهاننا وعدم التركيز في الحاضر تؤدي إلى شيئين:

أولاً: إذا كنا نحاول ضبط حالتنا النفسية فإنَّ التفكير في أخطاء الماضي والقلق بشأن الأخطاء المستقبلية سيجعلنا أكثر توتراً، التشكيك والقلق آليتان طبيعيتان لدى البشر نظراً لأنَّنا مجبرون على الحفاظ على سلامتنا ومراقبة أنفسنا؛ فمن المنطقي أن تتنقل عقولنا في التفكير بين الماضي والمستقبل؛ ففي النهاية تطورت أدمغتنا لتكون آلات لحل المشكلات؛ لذا فهي تحاول باستمرار إصلاح أخطاء الماضي والنظر في استراتيجيات للمستقبل، فيعدُّ هذا الفعل أمراً صحياً؛ لكنَّ المبالغة به يمكن أن تكون مُعوقاً ومثيراً للقلق.

ثانياً: إذا كنا نشتت وعينا بين الماضي والمستقبل فإنَّنا نفقد فرصة عيش الحاضر؛ فعلى الرغم من أنَّ عقولنا بارعة في استحضار صور حية لكلٍّ من الماضي والمستقبل، لكنَّها صور وليست حياة حقيقية، الحياة الحقيقية هي ما يوجد ويحدث أمامك الآن؛ شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص بك، ورائحة المطر، وطفلك الذي يركض حولك، وحقيقة أنَّك بخير في هذه اللحظة؛ لذا لا تفوت فرصة عيش الحاضر.

في كل مرة تأخذ نفساً عميقاً تذكَّر التركيز على هذه اللحظة لأطول فترة ممكنة، بالتأكيد ستعود إلى التفكير في الماضي أو المستقبل في النهاية، لكن استمتع باللحظة قدر الإمكان.

إقرأ أيضاً: الفرق بين القلق والتوتر

3. التنفس بعمق يحسن المزاج:

خذ نفساً عميقاً الآن، ألا ينتابك شعور رائع؟ ربما تقول في نفسك إنَّ التنفس العميق لن ينقذك من الديون، أو يحل مشكلات علاقتك، أو يؤمن لك وظيفة جديدة، وأنت محق في ذلك؛ فلن تحدث هذه الأشياء مباشرة؛ لكنَّ أخذ نفس عميق بين الحين والآخر يزود عقلك بمزيد من الأوكسجين؛ وهذا يتيح لك التفكير على نحو أكثر وضوحاً، وإبطاء معدل ضربات قلبك؛ وهذا بدوره يساعدك على الشعور بهدوء وسيطرة أكبر، ويذكرك بأنَّ الحياة هي هذه اللحظة؛ وذلك يبعث على الرضا ولو لبضع ثوان، وبالمحصلة سيكون جسدك وعقلك أكثر قدرة على معاملة الضغوطات الكبيرة في حياتك.

قد تحتاج إلى رسالة تذكِّرك بأخذ نفس عميق بين الحين والآخر على مدار اليوم، معظمنا حين ننهمك في مهمة لا ننتبه أنَّ تنفسنا يصبح ضحلاً للغاية؛ لذا من المفيد استخدام شيء ما لتذكيرنا بأخذ هذا النفس العميق الهام، يمكنك ضبط المنبه على هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك لينطلق كل عشرين إلى ثلاثين دقيقة ليكون تذكيراً، أو يمكنك وضع مُحفِّز بصري مثل أخذ نفس عميق في كلِّ مرة تعبر باباً أو تنظر إلى ساعة، أيَّاً كانت الآلية لا تنسَ أخذ نفس عميق بانتظام؛ فسيهدِّئ ذلك أعصابك ويجعلك تشعر بالرضا.




مقالات مرتبطة