3 أسئلة لتعزيز ذكائك العاطفي

نظراً إلى أنَّ مفهوم الذكاء العاطفي أصبح عالمياً، تجد الكثير من المهنيين يحاولون تحسين ذكائهم العاطفي؛ ذلك لأنَّهم لا يعرفون أين يركزون جهودهم، أو لأنَّهم لم يفهموا طريقة تحسين مهاراتهم على المستوى العملي، فمن خلال الاستشارة مع الشركات وقادة الكوتشينغ، تبيَّن أنَّه إذا كنتَ تتطلع إلى تطوير نقاط قوة معيَّنة في الذكاء العاطفي، فإنَّ ذلك يساعد على التفكير في مجالات التحسين التي حددها الآخرون إلى جانب الأهداف التي تريد تحقيقها، ثم بناء العادات بفاعلية في تلك المجالات بدلاً من مجرد الاعتماد على فهمها نظرياً، ولتحقيق هذه الغاية، ابدأ بطرح 3 أسئلة على نفسك:



1. ما هي الاختلافات بين نظرتك إلى نفسك ونظرة الآخرين إليك؟

تتمثل الخطوة الأولى -كما هو الحال في أيَّة عملية تعلُّم- بالتعرُّف إلى طريقة اختلاف إدراكك لذاتك (نظرتك تجاه نفسك)، عن سمعتك (نظرة الآخرين إليك)، وينطبق ذلك بصورة خاصة على تطوير الذكاء العاطفي؛ ذلك لأنَّنا يمكن أن نفشل في إدراك ذلك، ناهيك عن التحيز بشأن طريقة التعبير عن المكونات العاطفية لتفاعلاتنا وقراءتها.

على سبيل المثال: يعتقد معظمنا أنَّنا منصتون جيدون، ولكن في معظم الأحيان ليس هذا هو الحال فعلاً؛ إذ إنَّه دون التحقق من مصدر خارجي، سيكون من الصعب عليك تحديد الطرائق التي تؤثِّر فيها أفعالك في أدائك، كما يمكن أن يوفر الحصول على تغذية راجعة من الآخرين أيضاً دليلاً على ضرورة تغيير تصرفاتنا، وحافزاً للقيام بذلك.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن اختصار الذكاء العاطفي في نتيجة واحدة، كما هو الحال مع معدل الذكاء، ولا يمكنك أن تقول إنَّك "جيد" أو "سيئ" في الذكاء العاطفي؛ حيث توجد 4 جوانب منفصلة له، ونحن جميعاً أفضل في بعض الجوانب من غيرها، وهي: الوعي الذاتي، والإدارة الذاتية، والوعي الاجتماعي، وإدارة العلاقات.

لمنحك أفضل فهم عن الاختلافات بين إدراكك لذاتك وسمعتك، يجب عليك استخدام تقييم التغذية الراجعة ب 360 درجة الذي يأخذ في الحسبان الجوانب المتعددة للذكاء العاطفي، وبما أنَّ معظم المنظمات لديها تقييماتها الخاصة، فالحل هو العثور على تقييم يضمن سرية مَن يقدِّمون لك تغذيةً راجعةً، ويركز على التطوير وليس على تقييم الأداء، ويمكن أن يمنحك معنىً مفصلاً بالأمور التي يقيِّمك من خلالها الآخرون بصورة مختلفة عما تقيِّم من خلالها نفسك.

كما توجد طريقة أخرى للحصول على وجهة نظر خارجية حول طريقة تأثير أفعالك في علاقاتك وعملك، وهي العمل مع كوتش؛ إذ يمكن للكوتش مساعدتك على العمل والنظر في طريقة تأثير افتراضاتك وآرائك الشخصية فيك سلباً، وللعثور على كوتش متمرس، أجرِ عملية العناية الواجبة، فالكوتشينغ ليس مهنةً مرخَّصةً.

لذلك يقع على عاتقك الحصول على مراجع ومعلومات فيما إذا كان الكوتش المحتمل قد خضع لبرنامج تدريب صارم، وفي حال لم يكن العمل مع كوتش أمراً ممكناً، فابحث عن شريك في عملية التعلُّم بدلاً من ذلك، ومن الأفضل أن يكون زميلاً تثق بآرائه، وأن يكون على استعداد للتحدث حول طريقة أدائك بانتظام.

إقرأ أيضاً: ما هي الصورة الذاتية، وكيف تغيرها من أجل حياة أكثر سعادة؟

2. ما هي الأمور التي تهمك؟

عندما تحصل على تغذية راجعة من أحد التقييمات أو من الكوتش الخاص بك، فاستفد منها لتحسين الجوانب التي تحتاج إلى ذلك، ولكن لا تنسَ التفكير في أهدافك، وكيف تريد أن تصبح أفضل فيما تفعله الآن، أو إلى أين تريد أن تصل في المستقبل، فعندما يتعلق الأمر بتعزيز نقاط القوة في الذكاء العاطفي، فأنت في وضع سيئ جداً إذا كنتَ مهتماً فحسب؛ ذلك لأنَّ زميلاً لك أو مديرك في العمل أو شخصاً ما في الموارد البشرية أراد منك ذلك، كما إنَّ ذكاءك العاطفي مرتبط بإحساسك بالذات، لدرجة أنَّ الدافع الذاتي لبذل الجهد عند تغيير العادات القديمة، أهم من الدافع الذاتي عند تعلُّم مهارة مثل إعداد الميزانية.

وهذا يعني أنَّ المجالات التي تختار تحسينها، يجب أن تُحدَّد من التغذية الراجعة التي حصلتَ عليها، ومن المجالات الأكثر أهميةَ لتطلعاتك، فاسأل نفسك: هل ترغب في تطوير قدرتك لتولِّي منصب قيادي؟ وهل تريد أن تكون أفضل عنصر في الفريق؟ وأن يكون لديك تأثير إيجابي أكبر؟ وأن تتحسن في إدارة نفسك أو الحفاظ على التركيز على الأهداف الهامة؟ وأن يكون لديك تواصل أفضل مع زوجتك أو ابنك المراهق؟ إنَّ فهم تأثيرات عادات الذكاء العاطفي الحالية المرتبطة بأهدافك، سيساعدك على المضي قدماً على الأمد الطويل، بينما تعمل على تعزيز ذكائك العاطفي.

على سبيل المثال: لنفترض أنَّك حصلتَ على تغذية راجعة مفادها أنَّك لستَ منصتاً جيداً، في حين أنَّك تعتقد أنَّ هذا غير صحيح، فبدلاً من عدِّ هذا التقييم بمنزلة هجوم أو رفضه ببساطة، فكِّر ملياً في أهدافك؛ إذ لربما قلت إنَّك تريد تحسين علاقاتك وفهم الآخرين والتواصل بطريقة مؤثرة، فكيف يمكن أن يساعدك الإصغاء الجيد على فعل هذه الأمور؟ قد تساعدك رؤية التغذية الراجعة من هذا المنظور في عَدِّها فرصة للتطور نحو تحقيق أهدافك، بدلاً من عَدِّها تهديداً.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لبناء علاقات إيجابيّة مع الآخرين

3. ما هي التغييرات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف؟

بمجرد تحديد مهارات الذكاء العاطفي التي ترغب في التركيز عليها، حدِّد الإجراءات اللازمة التي ستتخذها، وإذا كنتَ تسعى إلى أن تصبح مُنصتاً جيداً - على سبيل المثال - فقد تقرر أنَّه عندما تتحدث إلى شخص ما، فستأخذ الوقت الكافي للتوقف والإصغاء لما يقوله، والتحقق من فهمك قبل الرد عليه، فاجعل إجراءاتك محددةً؛ حيث يساعدك ذلك على تغيير العادة المستهدفة.

يجب أيضاً أن تستثمر كل فرصة لممارسة المهارة التي تطورها مهما كانت بسيطة، فأنت تحاول تدريب عقلك على الاستجابة بطريقة مختلفة في المواقف الشائعة، ويخبرنا مبدأ المرونة العصبية (اللدونة العصبية) أنَّه كلما استُخدِمَت دائرة دماغية معيَّنة أكثر، أصبحت الروابط داخلها أقوى، ولا يميز الدماغ بين المنزل والعمل عندما يتعلق الأمر بتغيير عاداتك؛ لذلك عندما تتدرب في المنزل أو في العمل، مع شريكك أو ابنك المراهق، فالأمر مشابه لما تفعله مع رئيسك في العمل أو موظفيك.

يتطلب اكتشاف هذه الفرص بعض الوعي لإظهار عادتك الجديدة، وفي البداية، سيتطلب هذا جهداً، ولكن في كل مرة تقوم فيها بذلك، ستُعزِّز هذه المسارات الجديدة في عقلك ارتباطها؛ ممَّا يجعل أسلوبك الجديد اعتيادياً وأسهل، وقريباً ستجد أنَّه من الطبيعي أن تتوقف مؤقتاً وتصغي تماماً لتتمكن من الرد، بدلاً من مقاطعة الشخص الذي تتحدث معه بسبب حماستك للرد، ويوماً ما ستصل إلى استجابة عصبية؛ حيث ستبدأ العادة الجديدة بالعمل تلقائياً دون الحاجة إلى بذل أيِّ جهد، وهذا يعني أنَّ عادتك الجديدة قد حلَّت مكان العادة القديمة كدائرة دماغية افتراضية.

يمكن أن يكون الكوتش مفيداً لك خلال مسيرتك، لا سيَّما إذا كان مُدرَّباً بوضوح على مساعدة القادة والمديرين التنفيذيين على تطوير نقاط قوَّتهم في الذكاء العاطفي، فبدءاً بتحديد النوع المناسب من التقييم، ووصولاً إلى مراقبتك في أثناء العمل، يمكن للكوتش المُدرَّب جيداً أن يعمل معك لتحديد افتراضاتك الشخصية أو أنماط تفكيرك المعتادة، التي تُخفِّض قدرتك على الابتعاد عن أسلوبك الخاص.

كذلك يمكنه أن يرشدك عندما تجبرك ضغوط الحياة على العودة لعاداتك القديمة غير الجيدة، فمن خلال الإجابة عن هذه الأسئلة، والبدء بتغيير ردود أفعالك الروتينية، ستتعرف إلى العادات القديمة التي لا تفيدك، وستحوِّلُها إلى عادات جديدة ومفيدة.

المصدر




مقالات مرتبطة