3 أخطاء مرتبطة بالمرونة ترتكبها الشركات

إن لم تكن الشركات واثقةً من قيمة المرونة قبل الجائحة، فهي بالتأكيد أصبحت كذلك الآن. لقد أثبتت الأشهر العدة الماضية مقدار أهمية وجود موظفين قادرين على تحمُّل المحن، والحفاظ على توازنهم العاطفي وسط حالة عدم اليقين، وإيجاد حلولٍ للتحديات غير المتوقعة. لقد رأينا جميعاً كيف استمر الزملاء المرنون جداً في البروز ضمن شركاتهم، بينما عانى آخرون نتيجة قلة مرونتهم.



ولكن في حين أنَّ قضية الحاجة إلى تنمية المرونة بين القوى العاملة لديك قد تكون واضحة جداً، فإنَّ أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف غالباً ما تكون غير واضحةٍ تماماً. تدرك المنظمات أنَّها تريد بناء ثقافة المرونة، لكنَّ كثيراً منها غير واثقةٍ من كيفية تحديد هذه الميزة الهامة بالضبط وقياسها وبنائها.

كشف البحث الأخير الذي أجرته شركة "بيتر آب" (BetterUp)، الذي درس مواقف ودوافع وسلوكات عشرات الآلاف من المهنيين الأمريكيين، قبل وفي أثناء الجائحة عن رؤى متعلقة بتنمية المرونة. في الوقت نفسه، ترتكب منظمات عدة أخطاء شائعةً في أثناء سعيها وراء ثقافة المرونة. إليك بعضاً منها:

1. التقليل من شأن المرونة:

ينظر بعض القادة إلى المرونة على أنَّها "شيء من الجميل أن تمتلكه المنظمة"، يعود بالنفع على الحالة المزاجية للفريق وسلامته العقلية. لكنَّ البيانات تُظهر أنَّ المرونة تملك تأثيراتٍ ملموسةً وقابلةً للقياس في أداء المنظمة.

ترتبط القوة العاملة التي تتمتع بمرونة أعلى بنمو إيرادات سنوي أعلى بثلاث مرات، ونمو إيرادات أعلى بنسبة 60% على مدار خمس سنوات؛ بعبارة أخرى، يظهر أثر الاستجابة الجيدة للشدائد في المحصلة النهائية.

تؤثر المرونة أيضاً في الأداء الفردي؛ فالعمال المرنون جداً أكثر إنتاجيةً في العمل بنسبة 31% من أولئك ذوي المرونة المنخفضة، وهم أكثر إبداعاً ويساهمون كثيراً جداً في تشكيل الفِرق الإبداعية. كما أنَّهم يتمتعون بدعمٍ اجتماعيٍّ أعلى بنسبة 40%، وهذا يساعدهم على الظهور بأفضل صورة لهم والاستفادة من علاقاتهم الاجتماعية لتحقيق تأثيرٍ أكبر في شركاتهم.

2. إساءة فهم ماهية المرونة وكيفية تنميتها:

يعتقد كثيرٌ من الناس أنَّ المرونة هي القدرة على التحكم بالمشاعر، أو كبحها في أوقات التوتر أو الأزمات. تُظهر الأبحاث أنَّ خلاف ذلك هو الصحيح، فالعمال الأكثر مرونةً لا يعني أنَّهم غير عاطفيين. بخلاف ذلك، فإنَّ أولئك الذين يتمتعون بأعلى قدرٍ من المرونة هم أيضاً الأكثر تعاطفاً ومهارةً في تقبُّل الآخرين.

لا تتعلق المرونة بكونك قوياً ومتحمِّلاً لما يحصل. يتعلق جزء كبير منها بتعزيز التواصل المفتوح، والتفكير الواضح، والشعور بالمجتمع من حولك، وتمكين المساعدة المتبادلة حتى يتمكَّن الزملاء من دعم بعضهم بعضاً دعماً أفضل.

يعمِّم قادة الفرق الأكثر مرونةً أفكارهم الذاتية والسلوك الداعم المتبادل، بدلاً من اتخاذ موقفٍ متشددٍ ومتفرد. ولأنَّ المرونة هي مجموعة من السلوكات والمواقف، وليست سمةً شخصية لا تتغير، فهي مهارة يمكن للعمَّال صقلها؛ أي لا يعني أنَّ الناس يكونون مرنين بطبيعتهم. بدلاً من ذلك، يستثمر الأشخاص المرنون جداً تلك المهارة في أنفسهم، ويأخذون وقتاً كافياً للتعلم والتطور والنمو؛ وذلك حتى يكونوا مستعدين بالمهارات والاستراتيجيات التي يحتاجون إليها للتغلب على الشدائد.

يمكن للمنظمات تعزيز هذا النمو؛ حيث تُظهر البيانات أنَّ المهارات الأساسية لبناء المرونة - مثل التنظيم العاطفي والتعاطف مع الذات والمرونة المعرفية - يمكن أن تنمو بنسبة 88% و72% و75% على التوالي خلال ثلاث إلى أربع أشهرٍ فقط، لا سيما بمساعدة كوتش محترف.

إقرأ أيضاً: 4 قواعد لتوفير المرونة في العمل دون فقدان المساءلة

3. التركيز فقط على الأفراد وليس على الفِرق:

لبناء المرونة تأثيرات إيجابية واضحة في المنظمات. الخبر السار هو أنَّ الشركات في موضعٍ جيدٍ لزيادة هذه القدرة الهامة بين القوى العاملة لديها. ومن خلال دعم مرونة القادة، يمكن للشركات تعزيز مرونة فِرقهم بأكملها؛ إذ تنتقل المرونة انتقالاً طبيعياً من المديرين إلى موظفيهم؛ وذلك عندما يضرب كبار القادة مثالاً يُحتذى به في تنفيذ استراتيجيات فاعلة للتغلب على التحديات.

تُظهر الأبحاث أنَّ أعضاء فِرق القادة الذين يتمتعون بدرجة عاليةٍ من المرونة، يتمتعون بدورهم أيضاً بقدرٍ مذهلٍ من المرونة بنسبة 176%، مقارنةً بأولئك الذين يعملون لدى قادة ذوي مرونةٍ منخفضة. كما أنَّهم يختبرون في عملهم هدفاً ومعنىً أكبر بنسبة 57%، ويقل احتمال تعرُّضهم للإرهاق بنسبة 52%، وينمو أداؤهم بصفتهم فريقاً بنسبة 31% نحو الأفضل؛ وهذا يعني أنَّه يمكن للشركات تعظيم استثماراتها في بناء المرونة من خلال التركيز على كلٍّ من مستوى الفريق والمستوى الفردي.

من خلال مساعدة القادة على تنمية مرونتهم، يمكنهم إنشاء حلقات تغذية راجعة إيجابية؛ إذ يُنمذِج القادة التفكير الاستراتيجي والدعم المتبادل للمساهمين الأفراد، ويعكس المساهمون الأفراد هذه الجهود ويضاعفونها بين أقرانهم وهكذا.

والنتيجة النهائية هي تحقيق ثقافة المرونة على مستوى الفريق، والوصول إلى مؤسسةٍ أقوى وأكثر فاعليةً وربحاً ومجهزةٍ تجهيزاً أفضل؛ وذلك لمواجهة التحديات المستقبلية.

المصدر




مقالات مرتبطة