15 نصيحة عن التعلم الذاتي

ثمة مثل صيني يقول: "إنَّ المعرفة التي لا تُنميها كل يوم، تتضاءل يوماً بعد يوم". فالعلم لا حدود له، والإنسان الذكي والطموح لا يتوقف عن التعلم بعد التخرج أو الحصول على وظيفة؛ بل يسعى كل يوم إلى تعلُّم شيء جديد؛ إذ لم يعد اليوم يكفي أن تكون حاملاً لشهادة أكاديمية فقط؛ بل أنت بحاجة إلى التميز والتفرد عن غيرك بتطوير نفسك واكتساب المهارات والخبرات التي لا يمكنك الاعتماد على التعليم التقليدي في الحصول عليها.



لذا يُعَدُّ التعلُّم الذاتي هو الوسيلة الأفضل لمنحك إياها، وهو ما يجب أن تجعله جزءاً من روتينك اليومي، كونه الأكثر فاعلية لأنَّه نابع من ذاتك وشغفك بالتعلم، فما هو التعلم الذاتي؟ وما هي مصادره؟ وما هي أهم النصائح للاستفادة منه؟

أولاً: ما هو "التعلم الذاتي" أو (Self learning)؟

التعلم الذاتي نوع من أنواع التعلم التي انتشرت انتشاراً كبيراً بعد ثورة الإنترنت والتكنولوجيا، وسُمِّي بهذا الاسم لأنَّ الشخص يقوم به بشكل ذاتي ومن دافع شخصي دون إجباره أو الضغط عليه أو توجيهه من قِبل أحد، ودون الذهاب إلى المؤسسات التعليمية "مدارس أو جامعات".

يهدف التعلم الذاتي إلى تطوير النفس واكتساب مهارات ومعارف جديدة؛ وباختصار، التعلم الذاتي هو أن تُعلِّم نفسك بنفسك وتقوم باختيار المصدر والمجال والموضوع الذي تريد دون توجيه من أحد.

ثانياً: مصادر التعلم الذاتي

تتعدّد وتتنوع مصادر التعلم الذاتي اليوم؛ إذ يمكنك التعلم ذاتياً وأنت في بيتك جالساً على طاولتك أو سريرك قبل النوم أو حتى في المواصلات وأنت في الطريق؛ وذلك من خلال المصادر الآتية:

1. التعلم الرسمي عبر الإنترنت:

هو التسجيل والدراسة في أشهر الجامعات حول العالم التي تتيح التعليم أون لاين والحصول على شهادة منها، أو الحصول على المنح، وخيار التعليم الرسمي عبر الإنترنت من أكثر الخيارات تكلفةً ووقتاً.

2. دورات أو ورشات عمل أون لاين:

تتوفر على الإنترنت الكثير من الكورسات والدورات في مختلف المجالات، وتكون مُقدَّمة من جامعات ومعاهد عالمية، أو من موقع متخصص بالدورات أون لاين، وتُعَدُّ الكورسات المصادر الأكثر إمكانية ومرونة، وقد تكون مجانية أو مدفوعة الأجر، ومنها ما يقدم شهادة معتمدة.

3. الكتب والمجلات:

تُعَدُّ الكتب والمجلات سواء كانت ورقية أم رقمية من أهم مصادر التعلم الذاتي، وهي المصدر الأكثر دقة وموثوقية.

4. المقاطع الصوتية أو البودكاست:

يمكنك اعتماد المقاطع الصوتية أو البودكاست بوصفها مصدراً للتعليم الذاتي في الأوقات التي لا يمكنك فيها القراءة والكتابة أو حضور الكورسات، كأوقات الوجود في الطرقات أو المواصلات مثلاً، فكل ما يحتاجه الأمر هو وضع السماعات وتشغيل المقطع الصوتي.

شاهد: طريقة تطوير التعلم الذاتي

5. مقاطع الفيديو:

تنتشر اليوم الكثير من مقاطع الفيديو التعليمية وخاصة على منصة "يوتيوب"، وتُقدِّم هذه المقاطع الفائدة في مختلف المجالات دون الحاجة إلى حضور دورة أو التسجيل في معهد أو الالتحاق بجامعة أون لاين، وتتميز بإمكانية حضورها والرجوع إليها في أي وقت تريد.

6. المدونات والمواقع الإلكترونية:

يمكن اليوم التعلم الذاتي من المدونات والمواقع الإلكترونية؛ وذلك من خلال الدخول إلى موقع "غوغل" والبحث في "خانة البحث" عن الموضوع الذي تريد، وسوف تظهر لك العديد من المدونات والمواقع التي تعرض المقالات والمعلومات عن الموضوع.

7. المحادثات:

تنتشر اليوم العديد من التطبيقات التي تتيح لك المحادثات مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، وتظهر أهمية هذا المصدر في تعلُّم اللغات وممارستها، ومناقشة المدرب والطلاب بشكل مباشر.

ثالثاً: إيجابيات التعلم الذاتي

يحقق التعلم الذاتي للشخص المتعلم الكثير من الإيجابيات، مثل:

1. تنمية مهارات حل المشكلات:

تواجهك خلال عملية التعلم الذاتي بعض المشكلات والعقبات سواء كانت فنية أم تقنية التي ستضطر إلى البحث عن حلها وحدك، وهذا ينمِّي لديك مهارة حل المشكلات والبحث عن الحلول والتكيف مع المتغيرات من حولك.

2. اكتساب مهارات أخرى في أثناء التعلم:

يكتسب المتعلِّم في أثناء التعلم الذاتي مهارات أخرى، مثل إدارة الوقت ومهارة وضع الأهداف وتقييم الذات ونقاط الضعف والالتزام الذاتي دون وجود رقيب.

3. المرونة والحرية:

من أهم إيجابيات التعلم الذاتي توفير الحرية والمرونة للمتعلم، فأنت حر في اختيار تعلُّم الموضوع الذي يثير اهتمامك أو يستهويك واختيار الوقت المناسب لك وفقاً لمشاغلك والتزاماتك اليومية.

4. توفير الوقت والمال:

يوفر التعلم الذاتي الوقت الذي كنت ستقضيه والمال الذي ستنفقه في الذهاب أو السفر إلى أماكن التعليم الفعلية من المدارس والجامعات.

5. مراعاة الفروق بين المتعلمين:

يراعي التعلم الذاتي الفروق بين المتعلمين؛ إذ تستطيع أن تأخذ وقتك الكامل في التعلم، ويمكنك تكرار أيَّة فكرة لم تفهمها، والدراسة بالطريقة التي تناسبك دون المقارنة بينك وبين غيرك كما يحدث في التعليم التقليدي في المدارس والجامعات.

6. يناسب كل الأعمار:

من إيجابيات التعلم الذاتي أنَّه يتناسب مع كل الأعمار؛ إذ يمكن لأي شخص أن يتعلم ذاتياً سواء كان كبيراً أم صغيراً، فكم من طفل رأيناه يُتقِن لغات البرمجة مثلاً!

7. سهولة الوصول إلى المعلومة:

يتيح التعلُّم الذاتي سهولة الوصول إلى المعلومة سواء عن طريق الإنترنت أم الكتب، فلست مضطراً إلى انتظار مُعلِّم المدرسة حتى يشرح الفكرة أو الجامعة حتى تفتح.

8. التحفيز الذاتي:

يضمن التعلم الذاتي بقاء الحافز الذاتي لديك للتعلم وحب المعرفة؛ لأنَّك بدأت به بقرار من نفسك ولست مجبراً من قِبل أحد.

9. تطوير النفس:

من أبرز إيجابيات التعلُّم الذاتي تطوير نفسك ومهاراتك وزيادة ثقتك بنفسك وشعورك بالاستقلالية والمسؤولية كونك تتعلم الاعتماد على نفسك والالتزام بهدف معين.

10. اللياقة الذهنية:

عندما يتوقف الإنسان عن التعلم وتشغيل دماغه يصاب بالبلادة والجمود الفكري، أما بالتعلم الذاتي فأنت تضمن اللياقة الذهنية والقدرة التحليلية والقابلية للتعلم مدى الحياة.

رابعاً: نصائح تساعدك على التعلم الذاتي

التعلم الذاتي تجربة رائعة جداً، شرط أن تعرف كيف تقوم بها؛ إذ يبدأ بها الكثيرون ولكنَّ القليل من يستمر، فالغالبية يصيبهم الملل أو الفتور، أو يتشتتون في أكثر من مجال؛ لذا سنُقدِّم فيما يأتي أهم النصائح التي تساعدك على تجربة التعلم الذاتي بحيث تنجح بها دون ملل أو تراخٍ:

1. ضع هدفاً:

أهم نصيحة قبل البدء بالتعلم الذاتي هي أن تضع هدفاً واضحاً لك تسعى إلى تحقيقه من التعلم الذاتي سواء كان تعلُّم لغة معينة أم مهارة ما أم العزف أم الرقص أم الطبخ مثلاً.

2. ضع نظاماً للتعلم:

حتى تحصل على نتائج جيدة من التعلم الذاتي يجب ألا تترك الأمر للصدفة أو لوقت فراغك، فضع برنامجاً له بحيث تُخصِّص وقتاً معيناً من يومك للتعلم الذاتي وتجعله من أولوياتك.

3. اختر مكاناً مناسباً:

احرص على أن تختار مكاناً هادئاً ومناسباً للتعلم الذاتي بعيداً عن ضجة العائلة، وتعامَل مع الأمر بمنتهى الالتزام.

4. كن فضولياً:

الفضول هو سر تعلُّم أي شيء، فكن شخصاً فضولياً مهتماً بتعلم الكثير من المجالات وفهمها، فهذا ما يجعلك طموحاً وناجحاً.

5. دوِّن الملاحظات:

لا تكتفِ في التعلم الذاتي بالاستماع فقط، وخاصة في كورسات الأون لاين؛ بل اعتمد على تدوين الملاحظات والمعلومات، فكما يقول المثل: "أسوأ حبر أفضل من أقوى ذاكرة" بحيث تحقق أقصى استفادة وتتمكن من مراجعة المعلومات في أي وقت.

6. تعامَل بجديَّة:

تعامَل مع التعلم الذاتي بكل جدية وتركيز وليس كأنَّه تسلية أو تقضية وقت، وفكِّر أنَّه لديك هدف من هذه التجربة وعليك تحقيقه، وابتعد عن كل المشتتات، وألغِ الإشعارات، ولا تدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي في أثناء وقت التعلم.

7. تواصل مع المدربين:

إن كنت تتبع كورس أون لاين أو تتابع مقاطع فيديو لأحد المُدربين، فلا تتردد في التواصل معه وسؤاله عن النقاط التي لم تفهمها وطلب استشارته من خلال بريده الشخصي أو من خلال التعليقات.

8. كن ناقداً وليس متلقياً فقط:

من أهم النصائح في التعليم الذاتي أن تأخذ دور الناقد وليس المتلقي؛ بمعنى ألا تصدِّق كل ما تقرأه أو تسمعه؛ بل فكر فيه كثيراً، وأيَّة معلومة تُشكِّك بها ابحث عنها لتتأكد من موثوقيتها.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة عن التعلم الذاتي

9. استمر في المراجعة:

استمر بمراجعة المعلومات التي حصلت عليها من التعلم الذاتي وتكرارها، وإلا فإنَّك غالباً ستنساها إن اكتفيت بالمرور عليها لمرة واحدة؛ إذ ينقلها التكرار من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد.

10. كافئ نفسك:

احرص على مكافأة نفسك عندما تحقق أي تقدُّم أو إنجاز خلال تجربة التعلم الذاتي بحيث يرتبط التعلم الذاتي لديك بحافز إيجابي؛ كأن تكافئ نفسك بالخروج في نزهة جميلة، أو شرب كوب من المشروب المفضل لديك، أو تناول قطعة من الشوكولا بعد إنجاز مرحلة متقدمة في التعلم الذاتي.

11. قيِّم نفسك:

إحدى أهم النصائح في التعلم الذاتي هي أن تحرص على تقييم نفسك بشكل دوري، وتقارن المستوى الذي كنت به قبل التجربة ومستواك الآن، واكتشاف نقاط الضعف ونقاط التقصير لتلافيها لاحقاً.

12. مارِس ما تتعلمه:

لتحقيق أقصى استفادة من التعلم الذاتي، حاول أن تمارس وتطبق ما تتعلم، ولا تكتفِ بالمعلومات النظرية فقط؛ كأن تمارس اللغة التي تتعلمها وتبدأ بالتحدث بها مع من حولك أو مع متحدثيها الأصليين، أو تمارس مهارات العرض أمام المرآة أو أمام الأهل.

13. ادرس سوق العمل:

يُنصَح بدراسة سوق العمل وأكثر المجالات المطلوبة للعمل، واختيار المجال المتوافق مع ميولك ورغباتك وتعلُّمه عن طريق التعلم الذاتي؛ وذلك بهدف تحسين فرص العمل لديك.

14. شارك معرفتك:

احرص على مشاركة معرفتك وما تعلمته مع غيرك، فهذا يجعلك أكثر فهماً وتمكناً من معلوماتك، ويجعلها تترسخ في دماغك ترسُّخاً أكبر، وكما يقول "ألبرت أينشتاين": "إذا لم تتمكن من شرح الشيء ببساطة، فأنت لا تفهمه بشكل جيد".

15. تعلَّم اللغة الإنجليزية:

إن كنتَ ممن يرغبون في البدء بالتعلم الذاتي وخاصة بالاعتماد على مصدر الإنترنت، يُفضَّل أن تتقن اللغة الإنجليزية جيداً؛ وذلك حتى تحصل على أقصى استفادة؛ إذ إنَّ المحتوى الإنجليزي أكثر غِنىً وجودةً من المحتوى العربي الذي ما يزال متواضعاً إلى حد ما.

إقرأ أيضاً: أهمية التعلم الذاتي والتعلم بسرعة وطرق تطويرها

من أشهر منصات التعلم الذاتي الإلكترونية:

  1. منصة (Coursera).
  2. منصة (Udemy).
  3. منصة (EdX).
  4. منصة (Skillshare).
  5. منصة (Linkedln Learning).
إقرأ أيضاً: 9 خطوات لجعل التعلم ذاتي التنظيم أكثر فاعلية

اجعل التعلم الذاتي أسلوب حياة:

يتجه العالم اليوم إلى الاهتمام بالمهارات والخبرات التي اكتسبها الشخص بالتعلم الذاتي أكثر من الشهادات الدراسية والجامعية التي حصَّلها، وباتت تتخلى كُبرى الشركات مثل "غوغل" و"آبل" عن شرط الشهادة الأكاديمية للتوظيف لديها، وتُفضِّل الموظف الذي يهتم بتطوير نفسه بشكل دائم ويتعلم ذاتياً دون الاعتماد على أحد.

لذا اجعل التعلم الذاتي أسلوب حياة لديك؛ بمعنى ألا تمارسه لفترة معينة أو لتعلُّم شيء معين وتتوقف من بعده؛ بل خُذ قراراً بتعلُّم شيء جديد كل يوم، وأيَّة مشكلة تواجهك ابدأ بالبحث عن حلها وتعلَّمه، ولا تلجأ إلى الآخرين طلباً للمساعدة، فالتعلم الذاتي وسيلتك إلى تطوير ذاتك ومهاراتك وتحسين حياتك للأفضل، كما أنَّه رحلة استمتاع واستكشاف مجالات ومعلومات جديدة تُوسِّع آفاقك ومداركك وتقضي على الملل والروتين في حياتك، ولا تقل إنَّك تأخرت مهما كان عمرك، فكل لحظة هي بداية جديدة يمكن أن تكون نقطة تحول في حياتك.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة