12 معتقداً ساماً تحتاج أن تخرجه من عقلك

"عازف الطبل في فرقتنا أصمٌّ منذ ولادته؛ لكنَّه قادر على سماع النغمات المنخفضة واستشعار الاهتزازات من الطبول والآلات الموسيقية الأخرى، إنَّه عازف ممتاز لدرجة أنَّ الناس لا يصدِّقون أنَّه أصم، حتَّى أنا أنسى أحياناً أنَّه أصم".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Shernoff)، ويُشاركنا فيه 12 معتقداً ساماً شائعاً بين عملاء التدريب لديه وكيفية معالجة هذه المعتقدات.

"أكره الاعتراف بالأمر؛ لكنَّني أحسد عازف الطبل؛ لأنَّني أستطيع النجاح مثله في جميع نواحي حياتي فقط لو أمكنني إسكات الأصوات في رأسي".

هذه العبارات الملهمة من أحد الأعضاء الجدد في دوراتنا التدريبية.

فسألتها: "أيُّ أصوات؟".

فأجابت: "إنَّها الأصوات التي تخبرني باستمرار أنَّني لست جيِّدة كفايةً، وتنقصني أمور كثيرة، وأنَّ الأوان فات بالنسبة إلي، والمعترضين دائماً على حق وأنا المخطئة".

ثمَّ راحت تتعمق بالموضوع واضطررنا لمقاطعة الجلسة والخوض بالتفاصيل وإعادتها إلى المسار السليم.

يعاني كثير من الناس في جميع أنحاء العالم ومن مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية من المعتقدات السامة نفسها؛ لذلك أرغب اليوم بمشاركة 12 من أكثر المعتقدات السامة شيوعاً بين عملاء التدريب وأفراد الدورات التدريبية لدينا:

1. "لستُ جيِّداً كفايةً":

عليك تقبُّل ذاتك بكلِّيتها، وتقدير عيوبك وأخطائك؛ حتى تتخلص من تأثيرها فيك، فيبالغ العديد من الناس في تقدير قيمة ما ينقصهم والحطُّ من هويتهم، وهذا سلوك خاطئ.

تؤثر تصوُّراتك مباشرة في تجارب حياتك، وإنَّ ما يوقفك ويعوقك في جميع الأحوال هي أفكارك عن نفسك وعن طبيعة الحياة، وإنَّ تصوُّرك يشكِّل معتقداتك التي تشكل بدورها سلوكاتك، وسلوكاتك تصنع تجربتك.

2. "لقد فوَّتُ فرصتي":

تمنحك كل لحظة بداية أو نهاية جديدة، كما أنَّك تحظى بفرصة ثانية كلما مرت ثانية، وفرصتك التالية تحدث الآن، والخيار عائد لك في أن تكون إيجابياً وحراً أو أن تظل حبيس أفكارك السلبية، إمَّا أن تعيش على أنقاض الماضي أو تتفاءل بالحاضر.

إقرأ أيضاً: كيف تؤثر عبارات الدعم الإيجابية في معتقداتك؟

3. "لا شيء يستدعي السعادة في حياتي":

يعثر القلب الجاحد على المشكلات في أكثر الأجواء هدوءً وسلاماً، في حين يجد الإنسان الشكور السلام دوماً، وثمَّة دائماً ما يستدعي الشكر والامتنان في حياتك، ولا يُعَدُّ التفاؤل في المواقف السلبية سذاجة؛ بل إنَّه دليل على القوة والروح القيادية؛ لأنَّك قررت الابتسام وتقدير حياتك بدلاً من النواح والشكوى في ظل أوضاعك الصعبة.

إذا كنت تعاني هذا الأمر يمكنك بدايةً ممارسة الامتنان تجاه المشكلات التي لا تواجهها؛ لذا تخلَّص من حاجتك إلى الشكوى بشأن حياتك واقضِ مزيداً من الوقت في التمتع بجمالها، واستبدل عبارة "يجب عليَّ" بـ "سيتسنَّى لي"، فنحن نتذمر حيال كثير من الأمور التي يتمناها الآخرون في حياتهم.

4. "ينبغي أن تكون حياتي أسهل":

تتولد قوة المرء من صراعاته، وتقوم الحياة ببنائك حتى عندما يبدو أنَّها تحطمك؛ لذا حاول أن تبذل جهدك وتقدم أفضل ما لديك دون التفكير بالنتائج، فإنَّ متعة الحياة تكمن في تحدياتها، والتغلب عليها يعطي لحياتنا معنى.

5. "أنا متعب جداً، سأنجز مهامي لاحقاً":

عليك أن تدرك أنَّ كلمة "لاحقاً" زائفة؛ فإمَّا أن تتخذ قراراً فورياً بالاستسلام أو المضي وتقديم أفضل ما لديك في الحال، بدلاً من المبالغة في التفكير وتحليل الأمور وإضاعة الوقت دون إنجاز شيء، والفعل أبلغ من التفكير؛ لأنَّك بمجرد بدء العمل ستتمكن من استكشاف أولوياتك.

6. "ليس لدي ما يكفي من الوقت":

لدينا جميعاً 24 ساعة في اليوم؛ ما يعني أنَّك تتشارك الوقت نفسه مع الناجحين والمجدِّين الذين تحسدهم وتعجب بهم؛ لذلك ضع في حسبانك قانون السعادة والنجاح الآتي: "ما توليه اهتمامك وتركيزك ينمو؛ لذلك عليك التركيز على الأشياء الهامة والابتعاد عن الهامشية منها".

شاهد بالفيديو: 6 أسئلة هامّة لمعرفة ما تريد أن تنجزه بحياتك

7. "لدي كثير من الالتزامات":

لدى جميعنا كثير من الالتزامات، بيد أنَّك ستخيب أمل بعض الناس مهما بذلت جهدك؛ لكنَّ استبعادك للمسؤوليات غير الهامة بالنسبة إليك سيفسح المجال أمامك لقبول المزيد من الالتزامات الضرورية، ولا يعني تخليك عن بعض الناس أنَّك شخص سيئ؛ لذا أظهر لنفسك بعض الحب، أنت لا تستطيع إرضاء الجميع في كل المواقف، فابذل ما بوسعك بمحبَّة عندما يوافق المطلوبُ قيمَك.

8. "أحتاج ضماناً قبل أن أبدأ":

لا تحتاج إلى ضمانات بشأن كل شيء في حياتك؛ فليست هذه الطريقة التي تسير وفقها الحياة؛ لذا تقبَّل الشك؛ فإمَّا أن تكون مرتاحاً أو شجاعاً، لكن لا يمكنك أن تكون كليهما في آن واحد.

عليك أن توسِّع مداركك وألا تسمح للخوف في تحديد مستقبلك، فقد لا تبعث بدايات مراحل حياتك المميزة شعور الراحة في نفسك إلا في وقت متأخر.

9. "لا يفهمني الناس؛ لأنَّني مختلف":

نحن لا ندرك أحياناً كثرة الناس الذين يقبلوننا على الرغم من اختلافنا؛ وإنَّما نلحظ من يرفضونا، عليك إدراك هذه الفكرة وعدم السماح للمحبطين السلبيين بالتأثير في القرارات التي تبدو صائبة ومنطقية بالنسبة إليك.

عليك أن تضع في حسبانك عندما تتلقى تغذية راجعة سلبية أنَّه من الطبيعي ألَّا يفهمك بعض الناس وما يهمُّ فعلاً إدراكك لمن يفهمك؛ لذا تعلَّم أن تأخذ الانتقاد على محمل الجد ولكن بصورة غير شخصية، فتتعلق طريقة شعور الناس حيالك بهم وليس بك، ويأتي كثير من الحزن والخيبة والألم في حياتنا من أخذ الأمور على منحى شخصي.

يمكن النظر إلى تجاهُل آراء الآخرين السلبية منها والإيجابية وإنجاز أعمالك باتباع حدسك وحكمتك بوصفها سلوكاً صحيَّاً ومثمراً في معظم الحالات.

إقرأ أيضاً: 3 تحيزات معرفية تؤثر في قراراتنا اليومية

10. "لا أستحق أن أعامَل بشكل أفضل":

تذكَّر أنَّك وضعت بنفسك المعايير التي سيعاملك الناس وفقها، ما علاقاتك الخارجية إلَّا انعكاس لعلاقتك مع ذاتك.

11. "هذا ليس فعلاً صائباً، ولكن لا بأس إذا لم يكتشف أحد ذلك":

من الهام القيام بالأفعال الصائبة دائماً حتى لو لم يعرف بها أحد؛ لأنَّك تعي وجودها وهذا يغيِّر كل شيء على الأمد الطويل.

12. "حياتي مملَّة":

هذه الحالة عامَّة نوعاً ما، وتثبت أنَّك لا تنظر إلى الحياة بالعمق الكافي؛ لذا عليك أن تنهض وتفتح عينيك ومداركك وتتحلَّى بالفضول تجاه الحياة، وألَّا تنتظر الإلهام من أحد، فانتبه لما يحدث من حولك وفي داخلك؛ لأنَّ الانتباه يكشف لك فرص الحياة، ويجعلك توَّاقاً وجاهزاً للتعلم طوال الوقت، ولا يمكن أن يكون النمو مملَّاً أبداً.

في الختام:

كلُّ شيء يحدث لك على الأمد الطويل هو انعكاس مباشر لرؤيتك لنفسك على الأمد القصير؛ أي إنَّك لا تستطيع تجاوز تقديرك الذاتي، ولا يمكنك تحقيق أكثر ممَّا تعتقد أنَّك تستحق؛ أي إنَّ معتقداتك إمَّا أن تدعمك أو تضعفك.

لا تقوم الحياة السعيدة والناجحة على الإنجازات أو العوامل الخارجية؛ بل إنَّها عبارة عن عقلية وأسلوب تفكير، وتمثل السعادة الأبدية والنجاح موقفاً قائماً على معتقدات وأفكار قوية وداعمة؛ لأنَّ أفكارك واعتقاداتك بشأن حياتك تحدد إلى حدٍّ كبير كيفية شعورك (موقفك)، والإجراءات التي تتخذها (سلوكك)، وإنجازاتك (النتيجة النهائية).

يواجه كثير من الناس هذه المعتقدات السامة؛ فلدى جميعنا أفكار ونزعات مؤذية مدفونة بعمق في داخلنا وقادرة على التأثير في عقولنا أحياناً، ويكمن الحل في الوعي؛ أي إدراك هذه المعتقدات ومعالجتها قبل أن تؤثر في روتينك اليومي.




مقالات مرتبطة