11 طريقة لتتعامل مع عدم اليقين وتعيش مطمئن البال (الجزء الثاني)

تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن 4 طرائق تبيِّن لك كيف تتعامل مع عدم اليقين وتعيش مطمئن البال، وسنكمل في هذا الجزء ونتحدَّث عن 7 طرائق أخرى، فتابعوا معنا السطور القادمة:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "تريسي كينيدي" (Tracy Kennedy)، وتُحدِّثنا فيه عن 11 طريقة لتتعامل مع عدم اليقين وتعيش مطمئن البال.

1. فهم مقدار سيطرتك على الوضع:

يوجد في كل موقف عناصر تحت سيطرتك وأخرى خارجة عنها، لكنَّنا غالباً ما نركِّز على العوامل الخارجية الخارجة عن سيطرتنا لدرجة أنَّنا نشعر أنَّ كل شيء خارج عن السيطرة، في حين أنَّ ثمَّة كثيراً من الأشياء التي يمكننا التحكُّم بها.

على سبيل المثال، إذا كنت تمر بأزمة مع شريكك وتتساءل عمَّا سيحدث في علاقتك، ركِّز على ما أنت واثق منه في جوانب أخرى من حياتك، مثل دخلك الثابت، وكونك تحب عملك، وأنَّ لديك أشخاصاً رائعين يدعمونك، وأنَّك تمكَّنت من تجاوز كل الأيام السيئة التي مررت بها في حياتك، ركِّز على ما تعلم أنَّه حقيقي، وعلى ما هو ثابت ومؤكد.

يتعلَّق هذا في كثير من الأحيان بالتحكُّم في رد فعلك ومشاعرك وسلوكك؛ إذ يقول الطبيب النفسي النمساوي الذي نجا من مجزرة الهولوكوست "فيكتور فرانكل" (Victor Frankl) في كتابه "بحث الإنسان عن المعنى" (Man’s Search for Meaning): "يمكن أن يُسلَب كل شيء منَّا سوى شيء واحد، وهو حرية الاختيار؛ أي اختيار المرء طريقة تصرفه خلال أي ظرف واختيار ما سيفعله".

إذا تمكَّن "فرانكل" من العثور على شيء ما يستطيع السيطرة عليه في أثناء مواجهة تلك الظروف القاسية التي يكاد يكون كل شيء فيها خارج سيطرته، نستطيع نحن أيضاً فعل ذلك.

2. التعبير عمَّا يقلقك:

يخفِّف التحدث إلى شخص ما عن مخاوفك وآمالك وأحلامك من وطأة المشكلة؛ إذ أظهرت الدراسات أنَّ مجرد التحدث عن مشكلاتنا ومشاركة عواطفنا السلبية مع شخص نثق به يمكن أن يساعدنا على الشعور بالتحسُّن، وتقليل التوتر، وتقوية جهازنا المناعي، وتقليل الاضطراب الجسدي والعاطفي.

لا يرغب معظم الناس في مشاركة ما يقلقهم؛ لأنَّهم لا يريدون أن يكونوا عبئاً على الآخرين، لكن تخيَّل شعورك إذا كان أفضل صديق لك أو شريكك أو طفلك يعاني من مشكلة ولا يريد إخبارك لأنَّه لا يريد إزعاجك، على الأغلب ستريد منه أن يخبرك عنها؛ لذا تصرَّف كما تريد له أن يتصرف وبعدها لن تشعر بالتحسُّن فحسب؛ بل سيقرِّبكما هذا الحديث من بعضكما أيضاً، وإذا لم يكن لديك من تتحدث معه، فاعثر على معالج أو كوتش جيد أو تحدَّث إلى طبيبك.

شاهد بالفديو: 15 طريقة بسيطة لتطوير الذات قد تغير حياتك

3. التركيز على الحاضر:

"إذا كنت مكتئباً، فأنت تعيش في الماضي، وإذا كنت قلقاً فأنت تعيش في المستقبل، وإذا كنت تشعر بسلام فأنت تعيش في الوقت الحاضر". - الفيلسوف الصيني "لاو تزو" (Lao Tzu).

ابحث عن طريقة لتعيش في الحاضر، ربما أنت قلق بشأن حدوث شيء ما لشخص تحبه، فعوضاً عن هدر وقتك في القلق، كن ممتناً لوجودك معه الآن، وعبِّر له عن مدى حبك، قل ما تريد أن تقوله، وقدِّر كل لحظة صغيرة تعيشانها معاً، فإذا استطعت أن تكون ممتناً وتركز على اللحظة الحالية، فستشعر براحة أكبر عند مواجهة عدم اليقين.

4. التأمُّل:

يساعد التأمل على نقل جهازك العصبي من استجابة الكر أو الفر إلى الجهاز العصبي اللاودي في حالة الراحة والاستجمام، ممَّا يهدِّئ جسمك ويسمح لك بالشعور بالأمان والسلام، وإذا كنت لا تشعر بالرغبة في التأمُّل حاول أن تربط نفسك باللحظة الراهنة من خلال المشي حافي القدمين على التربة أو الشاطئ أو العشب، أو تنفَّس ببطء؛ إذ يزيد التنفس العميق من حركة الدورة الدموية عن طريق نقل الأوكسجين إلى عضلاتك ودماغك، ويبعث على حالة من الهدوء.

5. بدء العمل:

عدم اتخاذ أي إجراء إزاء حالة عدم اليقين يزيد الأمر سوءاً؛ لأنَّك لا تعرف ما سيحدث حتى تفعل شيئاً وترى ما سيحدث بعد ذلك، فعندما تقف منتظراً تتساءل ما الذي سيحدث، وتقلق بشأن ما يمكنك فعله، ستفقد ثقتك بنفسك تدريجياً وتبدأ في الشك في نفسك، لكن عندما تبدأ العمل، تزداد ثقتك بنفسك على الفور؛ لأنَّك تتخطى حدود إمكاناتك وتدرك أنَّك تستطيع فعل ما تريد.

يزيد العمل الثقة بالنفس، وكل خطوة إلى الأمام تعزِّزها أكثر، فالشيء المذهل في العقل البشري هو أنَّه بمجرد أن يدرك أنَّ ما يفعله يحقِّق نتيجة سيمنحك مزيداً من الزخم، فمن المخيف المضي قدماً، خاصة نحو المجهول، لكنَّ أفعالك ستقهر الخوف وتكسبك الثقة والقوة، وعندما تقرِّر بدء العمل، ركِّز على الخطوة الأولى التي تحتاج إلى القيام بها.

إقرأ أيضاً: ما الذي يمنعك من المضي قدماً؟

6. البحث والاستفسار:

إذا لم تكن متأكداً من شيء ما فاسأل، فبصفتي مستشارة للقيادة وتطوير الفريق، عملت مع آلاف الأفراد الذين يعملون في ظلِّ ظروف من الغموض وعدم الوضوح، وغالباً ما يكون هذا بسبب إعادة هيكلة في الشركة، أو رب عمل جديد، أو عمليات اندماج، أو لمجرد نقص في المعلومات.

في إحدى المرات كنت أدير ورشة عمل قال فيها أحد المشاركين إنَّه قلق بشأن عدم امتلاكه للمعلومات التي يحتاج إليها لإنهاء المشروع، وتساءل عن سبب عدم تلقيه لها، وقال إنَّ الاضطرار إلى العمل دون هذه المعلومات أمر مرهق، فأجابت امرأة أخرى ضمن الورشة بسرعة أنَّ المعلومات بحوزتها، لكنَّها لم تعرف أنَّه يحتاج إليها، وتساءلت لماذا لم يطلبها ببساطة، فقد حصل ذلك الرجل على الشيء الذي كان قلقاً بشأنه في غضون دقائق من السؤال عنه.

أنا أعمل حالياً مع شركة تمر باندماج، فثمَّة كثير من عدم اليقين، والناس قلقون بشأن أثر ذلك في وظائفهم ومهنهم وعائلاتهم، ولدعم العملية عقدت القيادة جلسة؛ إذ تمكَّن أعضاء الفريق من طرح جميع أسئلتهم المُلِحَّة، وبعدها بقي شيء من عدم اليقين، لكنَّ الحصول على مزيد من المعلومات والوضوح أفادهم حتماً، وأنت أيضاً يمكنك طرح أسئلة بسيطة للتخفيف من بعض شكوكك أو كلها.

7. اتخاذ قرار:

اتخذ القرار، لن يكون لديك معلومات كافية لتشعر بالثقة أو الاستعداد التام أبداً، ويوجد دائماً مستوى معيَّن من عدم اليقين يجب أن تتعامل معه، لكن يجب أن تقرِّر أن تفعل ما تحتاج إلى فعله على أي حال.

لديَّ صديقة عزيزة كانت تتوق للذهاب إلى "هاواي" منذ سنوات، لكنَّ زوجها يعمل في صناعة الأفلام وجدول أعماله يتغيَّر باستمرار، وفي كل مرة يفكِّران في التخطيط للرحلة، يتوقفان لأنَّهما لا يعرفان ما إذا كان يستطيع الذهاب، ولا يريدان حجز الرحلة في حال تبيَّن أنَّ لديه عمل في اللحظة الأخيرة.

مرَّت الآن 10 سنوات وهم على هذه الحال ولم يزورا "هاواي"، ربما لو حجزا رحلة لاضطرا إلى إلغائها، لكن كان من الممكن أيضاً أن يحصل العكس، فربما كانا ذهبا واستمتعا بإجازة غيَّرت حياتهما.

يمكنك أن تدع عدم اليقين يقف في طريقك، أو يمكنك المضي قدماً واتخاذ القرار على أي حال، على سبيل المثال، خطط والداي لرحلة في وقت لاحق من هذا العام رغم كل ما يجري، فربما سيتمكَّنان من الذهاب وربما لا، لكنَّهما لم يتركا احتمال عدم نجاح الخطة يمنعهما من اتخاذ الخطوات في حال نجاحها؛ لذا خطَّطا لذلك واشتريا التذاكر، وسيغيران خطتهما إذا لزم الأمر.

إقرأ أيضاً: كيف نتدرب على اتخاذ القرارات؟

في الختام:

كما هو الحال مع كل شيء في الحياة، لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع، بعض أوقات عدم اليقين مخيفة ومرهقة أكثر من غيرها، وستجد بعض هذه الاستراتيجيات أفضل في مواقف مختلفة، فالتقدُّم لوظيفة جديدة أو القلق بشأن عرض تقديمي كبير يختلف تماماً عن التساؤل عمَّا إذا كنت ستعثر على شريك حياتك، أو تنتقل إلى بلد آخر، أو تنتظر تشخيصاً طبياً.

حدِّد أيَّاً من هذه الاستراتيجيات يناسبك، وجرِّبها كي تعرف أيها يناسبك، وتذكَّر أنَّ الوضع نادراً ما يكون بالسوء الذي تتخيَّله، والمستقبل دائماً أكثر إشراقاً ممَّا يبدو عليه.




مقالات مرتبطة