11 اختلافاً بين الأشخاص المشغولين والأشخاص المنتجين

قضيت في عام 2010 يوماً مع "كيليان جورنيت" (Kilian Jornet)، أحد أفضل متسلِّقي الجبال في العالم؛ فحكى لي عن الفارق بين حياته في الجبال، والحياة التي يراها في المدينة. يقضي كيليان معظم حياته في الجبال، وقد تسلَّق سابقاً قمَّة كليمنجارو، وأكونكاجوا، ومونتبلانك، وسورفينو سابقاً؛ وحطَّم الرقم القياسي لأسرع صعودٍ في كلٍّ منها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن رائد الأعمال والمتحدِّث "كونور نيل" (Conor Neill)، والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته في الإنتاجية.

يقول كيليان أنَّه يعرف وجهته، فهو على درايةٍ شديدةٍ بالمحيط وتغيُّرات الطقس والصخور السائبة؛ لكنَّه غالباً ما يكون غير واثقٍ بالمسار الدقيق، ويضطر إلى تعديل طريقه باستمرار.

أخبرني أنَّه يذهب عدَّة مراتٍ في السنة إلى معسكره في مدينة برشلونة، حيث يتنزَّه، ويخرج ليرى الناس يمشون بثقةٍ في الشارع؛ وقد علَّق على هذا قائلاً: "صحيحٌ أنَّهم يبدون واثقين، وعلى يقينٍ من خطواتهم؛ لكن ليس لديهم أدنى فكرةٍ إلى أين يذهبون".

هذا هو أحد الاختلافات بين الأشخاص المشغولين والأشخاص المنتجين؛ ولمعرفة ما هذا الاختلاف، والتعرُّف على 10 اختلافاتٍ أخرى؛ تابع معنا قراءة هذا المقال.

1. يريد المشغولون أن يبدو وكأنَّهم في مَهمَّة، بينما يكون لدى المنتجين مَهمَّةٌ بالفعل:

يخفي المشغولون شكوكهم حول وجهة حياتهم من خلال التصرُّف بثقةٍ في خطواتهم الصغيرة، بينما يسمح المنتجون للآخرين برؤية الشكِّ في خطواتهم الصغيرة؛ لأنَّهم واضحون في الوجهة.

2. المشغولون لديهم أولوياتٌ عديدة، بينما لدى المنتجين أولوياتٌ أقل:

لا أحد مشغولٌ جداً في الحقيقة، إذ باستطاعتنا جميعاً إدارة أوقاتنا بصورةٍ جيدة، فالحياة مسألة أولويات؛ فإذا كان لديك 3 أولويات، فأنت حقاً لديك أولويات؛ أمَّا إذا كان لديك 25 أولوية، فهذه ليست سوى فوضى.

أساس مبدأ باريتو هو أنَّ 80٪ من النتائج المرجوَّة تأتي من 20٪ من نشاطك.

لم يبنِ هنري فورد (Henry Ford) ثروةً عن طريق صنع سياراتٍ أفضل، ولكن عن طريق بناء نظامٍ أفضل لصناعة السيارات؛ بمعنى: يحاول الأشخاص المشغولون صنع سياراتٍ أفضل، بينما يطوِّر الأشخاص المنتجون أنظمةً أفضل لصناعة السيارات.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم مصفوفة تحديد الأولويات عندما تكون كل مهمة أولوية؟

3. يقول المشغولون "نعم" بسرعة، بينما يتروَّى المنتجون بقول "نعم":

تعريف وارن بافيت (Warren Buffet) للنزاهة هو: "أن تقول لا لمعظم الأشياء".

إذا لم تقل "لا" لمعظم الأشياء، فأنت تغوص في ملايين الجزئيات المنتشرة بين أولويات الآخرين؛ فالنزاهة هي أن تكون قيمك واضحة، وأن يخدم وقتك هذه القيم.

4. يركِّز المشغولون على العمل، بينما يركِّز المنتجون على الوضوح قبل الفعل:

للتركيز على أفضل 20٪ من الأنشطة، يجب أن تكون واضحاً بشأنها، وأعظم موردٍ ستحتاجه على الإطلاق لإرشادك لتعيش حياةً جيدة: "تجربتك الشخصية" (في حال كانت موثَّقةً جيداً).

للأسف، يوثِّق معظم الناس حياتهم فقط في تحديثات حالة الفيسبوك؛ لذا احتفظ بمذكراتٍ يومية، وخُذ 5 دقائق كلَّ يومٍ للتفكير في اليوم الماضي، وفي ما نجح، وما لم ينجح، وما يُلهِمك.

5. يُبقِي المشغولون كلَّ الأبواب مفتوحة، بينما يُغلِق المنتجون الأبواب:

إنَّه لمن الجيد -كشابٍّ- أن تكون مُنفتحاً على الكثير من الخيارات؛ فمن الجيد أن ترغب في السفر، وتعلُّم اللغات، وتسلق الجبال، والذهاب إلى الجامعة، والعمل في مجال التكنولوجيا، والعيش في بلدٍ آخر. ومع ذلك، هناك وقتٌ في الحياة يجب على المرء فيه أن يتخلَّى عن معظم الخيارات، ويركِّز على شيءٍ واحدٍ فحسب، فعلى سبيل المثال: إذا كان هدفك هذا العام هو تعلُّم اللغة الإسبانية فقط، فستتحدَّث الإسبانية في نهاية العام؛ أمَّا إذا كان هدفك هذا العام هو تحدُّث اللغة الإسبانية، وكسب 30٪ أكثر، والسفر إلى 10 دول، والحصول على لياقةٍ بدنية، والزواج، والذهاب إلى جميع الحفلات الموسيقية؛ فلن تحقق أيٌّ من هذه الأهداف غالباً.

6. يتحدَّث المشغولون عن مدى انشغالهم، بينما يسمح المنتجون لنتائجهم بالحديث بدلاً عنهم:

إنَّه لشيءٌ واضح، فالحديث عن الكتابة ليس كالكتابة؛ فلا يتحدَّث المؤلِّفون المشهورون عن كتابهم القادم، بل يركِّزون على إنتاجه فقط.

عندما تكبر، يصبح لديك اهتمامٌ أقلُّ بما يقوله لك الناس حول ما سيفعلون، وتميل إلى سؤالهم عمَّا فعلوه بالفعل؛ فالأداء السابق هو المؤشر الجيد الوحيد للأداء المستقبلي.

إنَّ الشعور بالإنتاجية ليس مثل الإنتاجية، وهذا أمرٌ هام؛ فقد تشعر بالإنتاجية في أثناء لعب لعبة ماين كرافت (minecraft)، ويمكن أن تشعر بعدم الإنتاجية في أثناء كتابة منشور مدوَّنةٍ ممتازٍ يساعد الآخرين في اتخاذ إجراءاتٍ أفضل.

7. يتحدَّث المشغولون عن ضيق الوقت، بينما يخصِّص المنتجون الوقت لما هو هام:

أيُّ وقتٍ نقضيه في اختلاق الأعذار هو وقتٌ لا نقضيه في الإبداع؛ فإذا سمحت لنفسك باختلاق الأعذار، فستصبح أفضل في اختلاقها.

لا يستخدم الأشخاص المنتجون الوقت كعذر؛ فإمَّا أن يدعم الإجراء الذي يُطرَح عليهم أعلى قيمهم ومهمَّتهم، أو لا يدعمها؛ وإذا لم يكن كذلك، فإنَّهم لا يفعلونه، حتَّى لو كان لديهم يوم عطلةٍ كامل.

هناك مثلٌ يقول: "أن تفعل أيَّ شيءٍ أفضل من لا شيء"، وهذه كذبة؛ إذ إنَّ عدم فعلك لأيِّ شيءٍ أفضل من القيام بعملٍ لا يُفيدك.

8. يكون المشغولون متعددي المهام، بينما يركِّز المنتجون على مهام محدَّدة:

هل تعرف تقنية بومودورو؟ إنَّها تقنيةٌ صارمة، لكنَّها فعَّالة.

حدِّد مَهمَّةً يجب عليك القيام بها، واضبط المؤقت لـ 20 دقيقة، واعمل على المَهمَّة حتَّى ينتهي الوقت، وفي حال حدوث أيِّ إلهاء -مثلاً: التحقُّق من البريد الإلكتروني، أو شُرب بعض الماء، أو الذهاب إلى الحمام- أعد ضبط المؤقت لـ 20 دقيقة.

كم عدد دورات البومودورو التي يمكنك إكمالها في يومٍ واحد؟

إقرأ أيضاً: أسطورة تعدد المهام: لماذا تؤدي أولويات أقل إلى عمل أفضل؟

9. يردُّ المشغولون بسرعةٍ على رسائل البريد الإلكتروني، بينما يتمهَّل المنتجون في ذلك:

البريد الإلكتروني هو قائمةٌ مفيدةٌ من الأولويات، لكنَّ المشكلة أنَّها أولويات الآخرين، وليست أولوياتك؛ وإذا رددتَ على كلِّ بريدٍ إلكتروني، فإنَّك تقسِّم حياتك إلى آلاف الجزئيات الصغيرة التي تخدم أولويات الآخرين.

10. يريد المشغولون من الآخرين أن يكونوا مشغولين مثلهم، بينما يريد المنتجون أن يكون الآخرون فعَّالين فحسب:

يقيس المدراء المشغولون ساعات النشاط، بينما يقيس المدراء المنتجون كميَّة الإنتاج؛ ويصاب المدراء المشغولون بالإحباط من الآخرين الذين يبدون مرتاحين وكأنَّهم يملكون الوقت، ويظهر عليهم أنَّهم يستمتعون بعملهم؛ بينما يحبُّ المدراء المنتجون رؤية الآخرين يستمتعون بعملهم، ويحبُّون خلق بيئةٍ يمكن للآخرين التفوُّق فيها.

يظلُّ الناس المشغولون مُحبَطين، فهم يريدون أن يُقدَّروا لجهودهم، وليس لنتائجهم.

هناك مثلٌ هندوسيٌّ يقول: "لدينا الحقُّ في عملنا، وليس في ثمار عملنا"، أي لدينا الحقُّ في الاستمتاع بكوننا ممتازين في عملنا، لكن ليس لدينا الحق في الاستمتاع بالسيارات أو المنازل أو الأموال التي تأتي من القيام بعملٍ جيد؛ فالإنتاجية هي تقييم الرحلة نحو التميُّز، وليست مجرَّد تقييم أيِّ لحظةٍ من النشاط.

إقرأ أيضاً: كيف تقيس إنتاجيتك؟ اختبار عملي لقياس الإنتاجية

11. يتحدَّث المشغولون عن كيفية تغيُّرِهم، بينما يقوم المنتجون بهذه التغييرات فعلاً:

لا يقضي كيليان جورنيت الكثير من الوقت في التحدُّث عمَّا سيفعله؛ بل يتحدَّث عمَّا فعله، وما تعلَّمه، وما يُلهِمه.

اقضِ وقتاً أقلَّ في الحديث عمَّا ستفعل، وكرِّس هذا الوقت لإنشاء الخطوة الأولى، واسأل نفسك: ما الذي يمكنك فعله الآن ويتطلَّب موافقة أيِّ شخصٍ آخر؟ ماذا يمكنك أن تفعل بالموارد والمعرفة والدعم الذي لديك الآن؟ افعل ذلك، إذ إنَّه لأمرٌ مدهشٌ كيف يكافئ الكون الشخص الذي يتوقَّف عن الكلام ويبدأ العمل.

نحن نُولَد بإمكانياتٍ لا تُصَدَّق؛ فأفضل إطراءٍ يمكنك سماعه في سن العشرين مثلاً، هو: أنَّك تمتلك الكثير من الإمكانات، ويبقى هذا الإطراء مقبولاً في سنِّ الثلاثين؛ لكن تصبح عبارة "لديك الكثير من الإمكانات" في سنِّ الـ 40 إهانة؛ أمَّا في سنِّ الستين، فربَّما يكون إخبار شخصٍ ما بأنَّ لديه الكثير من الإمكانات الإهانةَ الأكثر قسوةً التي يمكن أن تحدث في حياته.

لذا، لا تدع إمكاناتك تذهب سدى، وابتكر شيئاً رائعاً؛ فهذه هي المكافأة التي تقدِّمها لك هذه الإمكانات.

 

المصدر




مقالات مرتبطة