10 ملاحظات لنفسك ستمنعك من أخذ الأمور على محمل شخصي

لماذا نأخذ الأمور على محمل شخصي دائماً؟ توجد عدة إجابات منطقية عن هذا السؤال للنظر فيها، لكن قد تكون الإجابة الأكثر شيوعاً هي ميلنا جميعاً إلى وضع أنفسنا في مركز الأمور ورؤية كل شيء وكل حدث ومحادثة وظرف من وجهة نظر كيفية ارتباطه بنا على المستوى الشخصي؛ الأمر الذي قد تكون له جميع أنواع الآثار السلبية بدءاً بالشعور بالأذى عندما يقلل الآخرون من احترامك، إلى الشعور بالأسف لأنفسنا عندما لا تسير الأمور كما هو مُخطَّط لها، وصولاً إلى الشك في أنفسنا عندما لا نكون مثاليين.



نحن بالطبع لسنا محور كل شيء؛ إذ إنَّ الكون لا يسير بهذه الطريقة، على الرغم من أنَّه يبدو كذلك بالنسبة إلينا في بعض الأحيان؛ لذا دعنا نُلقي نظرة على بعض الأمثلة اليومية:

لنفترض أنَّ شخصاً دخل الغرفة بمزاج سيِّئ ويتأفف ويخاطب الموجودين بطريقة فظة، لتفكر على الفور في قرارة نفسك: "ما الذي يحدث هنا؟ أنا لا أستحق أن أُعامَل بهذه الطريقة، يجب أن يُحسِن معاملتي أكثر"؛ ليتركك الأمر في حالة مهانة وغضب، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ سلوك الشخص الآخر لا علاقة له بك، فلربما غضبَ من أمر في الخارج ويُنفِّس الآن عن إحباطه أمامك كرد فعل عمَّا حصل معه؛ مما يعني أنَّه صادف وجود الحاضرين في المكان الخطأ وفي التوقيت الخاطئ فحسب، هذا في الواقع لا يبرر سلوكه، لكن يجب أن ندرك هذه الحقيقة بوعي حتى لا نهدر الكثير من طاقتنا الذهنية عند وضع أنفسنا في محور الموقف وأخذ كل شيء على محمل شخصي.

لنفترض الآن للحظة أنَّ أفعال الشخص تبدو في الواقع مرتبطة بنا بشكل مباشر، فقد فعلتَ أمراً أزعجه عن غير قصد، فأصبح يتعامل الآن معك بوقاحة، قد يبدو موقف كهذا شخصياً، لكن هل هو بالفعل كذلك؟ وهل يرتبط رد الفعل الوقح لهذا الشخص بشكل كامل بك وبالشيء الوحيد الذي قمت به والذي نتج عنه ذلك؟ ربما لا؛ إذ إنَّ رد فعله في الغالب هو مجرد تعبير عن ردود أفعال هذا الشخص وأحكامه السريعة ومشكلات الغضب طويلة الأمد التي يمر بها وتوقعاته عن الكون، فمرة أخرى نحن مجرد جزء أصغر من قصة أكبر بكثير.

وبالمثل عندما يرفضنا شخص آخر ويتجاهلنا ولا يتصل بنا على الرغم من وعده أنَّه سيفعل، أو عندما لا يُظهر اهتماماً بنا أو لا يحترمنا بشكل واضح، فإنَّ ردود الفعل هذه لا تتعلق بنا بقدر ما تتعلق بمشكلات الشخص الآخر الشخصية؛ لذا علينا أن نتعلم كيف نحترمه بصمت دون أن نأخذ ما يقوله على محمل الجد بشكل كبير.

لكنَّنا نميل مرة أخرى إلى التفاعل مع تصرفات وكلمات الآخرين كما لو كانت حكماً شخصياً أو هجوماً علينا؛ وذلك لأنَّنا نرى كل شيء من خلال عدسة تنظر إلى كيفية ارتباطه بنا نحن شخصياً فحسب؛ عدسة لا تستطيع رؤية الصورة الأكبر بوضوح، ومن ثم فإنَّ غضب الآخرين يجعلنا غاضبين، وعدم احترام الآخرين لنا يجعلنا نشعر بأنَّنا غير كفؤ، وتجعلنا تعاسة الآخرين غير سعداء وهكذا.

إذا مررت بأي من هذا، فقد حان الوقت لتبدأ بالتخلص من السلبية التي لا معنى لها والتي تحيط بك، فعندما تشعر بأنَّ الأفكار السلبية تراودك، فادفعها قليلاً بفكرة من قبيل: "هذه الملاحظة أو الإيماءة - أو أي شيء آخر - لا تتعلق بي بالفعل؛ بل تتعلق بك أو بالعالم بأسره".

تذكَّر أنَّ جميع الأشخاص لديهم مشكلات عاطفية يتعاملون معها مثلك تماماً؛ وهذا يجعلهم فظين ومضطربين وغير قادرين على التفكير في بعض الأحيان؛ فإما أنَّهم يبذلون قصارى جهدهم أو أنَّهم ليسوا على دراية بمشكلاتهم تلك، وعلى أيَّة حال يمكنك أن تتعلم عدم تفسير سلوكاتهم على أنَّها هجوم شخصي عليك، وأن تراها عوضاً عن ذلك على أنَّها مواجهات غير شخصية، وتختار إما الرد عليها بلباقة أو ألَّا ترد على الإطلاق.

لكنَّ الأمر لا يحدث بالطبع بشكل طبيعي؛ إذ إنَّ عدم أخذ الأمور على محمل شخصي هو ممارسة يومية مستمرة.

شاهد بالفيديو: مهارات التعامل مع الآخرين

ملاحظات لنفسك كي لا تأخذ الأمور على محمل شخصي:

جميعنا بشر وما نزال نأخذ الأمور على محمل شخصي في بعض الأحيان عندما نكون مأخوذين باللحظة؛ لذلك علينا تنفيذ استراتيجية بسيطة لمراقبة ردود فعلنا؛ إذ علينا باختصار أن نبادر إلى تذكير أنفسنا بألَّا نأخذ الأمور على محمل شخصي؛ وذلك من خلال التوقُّف مؤقتاً وقراءة "ملاحظات كتبتها لنفسك"، والتي سنستعرضها أدناه في أي وقت تجد نفسك تفعل ذلك، ثم تأخذ فيما بعد أنفاساً عميقة ومنعشة:

  1. نادراً ما يفعل الناس ما يفعلونه بسببك حتى عندما يبدو الأمر شخصياً؛ بل إنَّهم يفعلونه بسببهم هم، أنت تعلم أنَّ هذه الحقيقة صحيحة؛ لذا على الرغم من أنَّك لا تستطيع التحكم بكل ما يفعله أو يقوله الآخرون لك؛ إلَّا أنَّه في إمكانك أن تأخذ قراراً بألَّا تجعلهم يُضعفونك.
  2. إنَّ أكثر الأشخاص تعاسة هم أولئك الذين يولون أهمية كبيرة لما يظنه الآخرون؛ لذا ترك الأشخاص لآرائهم يمنح شعوراً رائعاً بالحرية، ويخلِّصك من عبء ثقيل عندما لا تأخذ الأمور على محمل شخصي.
  3. عدم خفض معاييرك، لكن تذكَّر ألَّا تضع توقعات للآخرين؛ وذلك لأنَّ هذه هي الطريقة الأفضل لتجنُّب تعرُّضك للخيبة من قِبَلهم؛ إذ سينتهي بك الأمر مُحبطاً في حال كنت تتوقع أنَّ الناس سيفعلون من أجلك ما تفعله من أجلهم، فلا يمتلك الجميع قلبك.
  4. لا تستطيع التحكُّم بكيفية تلقي الناس لطاقتك، فمهما كان الأمر الذي يحاولون إسقاطه أو تأويله عليك، فإنَّه يدل على الأقل بجزء منه على صعوبة أو مشكلة يواجهونها هُم؛ لذلك استمر في فعل ما تفعله بأكبر قدر مستطاع من الطاقة والصدق.
  5. يكون الناس أكثر لطافا عندما يكونون أكثر سعادة؛ الأمر الذي قد يُخبرنا بالكثير عن الأشخاص الذين ليسوا بذلك اللطف؛ إذ إنَّ الأمر محزن ولكنَّه حقيقي، فالطريقة التي نعامل بها الآخرين ممن نختلف معهم هي بمنزلة دليل على الأمور التي تعلمناها عن الحب والرحمة واللطف؛ لذا دعونا نتمنى لهم الخير ونمضي قدماً.
  6. تُصبح السيد الحقيقي لحياتك عندما تتعلَّم كيف تتحكم بتركيزك؛ لذا قدِّر قيمة الأمور التي تمنحها طاقتك، واسمُ فوق التفاهات التي تحاول أن تجذبك، وركز في الأشياء الهامة فحيث يكون انتباهك تتدفق الطاقة، وحيث تتدفق الطاقة تنمو.
  7. إنَّ السلام الداخلي يبدأ باللحظة التي تختار فيها ألَّا تسمح لشخص أو حدث آخر بالتحكم بأفكارك، فلا يحدد ما يحدث لك مَن أنت؛ بل هو من تقرر أن تكون عليه في تلك اللحظة؛ لذا خذ نفساً عميقاً وابدأ من جديد.
  8. إذا كنتَ لا تُحبِّذ سلوك شخص ما، فابتعد عنه لكن لا تؤذِه، ولا تكُن شخصاً مُسيئاً؛ فهذه علامة ضعف، وفي الحقيقة يظهر الامتحان الحقيقي عندما لا تتلقى من الناس ما كنت تتوقعه، فهل سيسيطر الغضب على رد فعلك أم سيكون الهدوء هو مصدر قوتك العظمى؟
  9. عندما يُزعجنا أحدهم غالباً ما نشعر بالضيق؛ لأنَّ ذلك الشخص لم يتصرف بناءً على التصوُّر الذي رسمناه في مخيلتنا عن السلوك الذي ينبغي عليه القيام به؛ لذلك لا ينبثق إحباطنا عن سلوكه؛ بل عن الاختلاف بين سلوكه وتصورنا المُتخيل عنه، لكن يجب ألَّا ننهار؛ فرباطة الجأش هي قوتنا الخارقة.
  10. لن تكون أولوية بالنسبة إلى الآخرين بشكل دائم؛ لذا عليك أن تضع نفسك كأولوية بالنسبة إليك، وتعلَّم أن تحترم نفسك وتهتم بها وأن تكون منظومة دعمك الخاص لاحتياجاتك أهمية؛ فابدأ بتلبيتها واختر نفسك عوضاً عن انتظار الآخرين كي يختاروك.

كيف تخاطب الأشخاص المسيئين بشكل مباشر؟

عندما يُصر شخص ما على فرض عدائه ومأساته عليك، فاستمر في ممارسة وقراءة "ملاحظاتك إلى ذاتك" وكن مثالاً عن الحضور الراقي، وابذل قصارى جهدك لاحترام آلامه والتركيز في التعاطف معه، وتواصل وعبِّر عن نفسك بأفضل نواياك وبطريقة يعمُّها السلام والكمال.

لكنَّ التعامل مع الأشخاص المسيئين بشكل مباشر في بعض الأحيان ضروري، فيوجد العديد من الناس الذين كانوا يعانون من هذا المأزق بالذات وتجاوزوا الأمر بالتدريج باستخدامهم استراتيجيات ذكية وبسيطة في الوقت ذاته؛ لذا فلنُلقِ نظرة على بعض هذه الاستراتيجيات بإيجاز آملين أن تجدها ذات قيمة أيضاً:

1. التحكم الإيجابي بالمحادثات السلبية:

لا بأس في تغيير الموضوع أو التحدث عن شيء إيجابي أو توجيه المحادثات بعيداً عن الشفقة والمآسي الذاتية؛ لذا كن مستعداً للاختلاف مع الأشخاص الصعبين والتعامل مع العواقب المرافقة لذلك، فلا يُدرك بعض الناس فعلاً كم أنَّ ميولهم صعبة أو سلوكهم متهور؛ لذلك في إمكانك في الواقع أن تُخبر شخصاً ما: "أشعر وكأنَّك تستمر في تجاهلي إلى أن يأتي وقت تحتاج إليَّ فيه".

يمكنك أيضاً أن تكون صادقاً معهم حيال الأمر في حال كان سلوكهم السلبي المفرط هو ما يدفعك بعيداً: "إنَّني أحاول التركيز في الأشياء الإيجابية، ما هو الشيء الجيد الذي في إمكاننا التحدث عنه؟" فربما يُجدي الأمر نفعاً وربما لا ينجح، ولكنَّ الشيء المؤكد هو أنَّه سيساعدك صدقك على أن تضمن أنَّ استمرار أي نوع من التواصل فيما بعد سيكون مبنياً على أرضية مفيدة للطرفين.

2. وضع حدود صحيحة ومنطقية مُسبقاً:

تدرَّب على أن تكون مُدركاً لمشاعرك واحتياجاتك، وانتبه إلى الأوقات والظروف التي تشعر فيها بالاستياء من تلبية احتياجات شخص آخر، وابنِ الحدود تدريجياً بأن تقول لا للطلبات التي تسبب لك الاستياء، سيكون الأمر صعباً في البداية بالطبع لأنَّه قد يبدو أنانياً بعض الشيء، لكن في حال كنتَ قد سافرت على متن طائرة من قبل؛ فسيكون لديك علم مسبق بأنَّ المضيفات يطلبن من الركاب ارتداء أقنعة الأوكسجين الخاصة بهم قبل أن يقدموا الرعاية للآخرين ومن ضمنهم أطفالهم؛ والسبب يكمن في أنَّك لن تستطيع مساعدة الآخرين إذا كنت غير قادر على مساعدة نفسك؛ لذا سيمنحك إنشاء وفرض حدود صحية ومعقولة بشكل استباقي بينك وبين الأشخاص الصعبين الرضى عن نفسك وعمَّن تهتم لأمرهم على الأمد الطويل، وستُعزز هذه الحدود أفضل ما لديك وتُحافظ عليه؛ إذ يمكنك مشاركته مع الأشخاص الأكثر أهمية بالنسبة إليك وليس فقط مع الأشخاص صعاب المراس الذين يحاولون إبقاءك مقيداً.

3. تخصيص وقت إضافي لنفسك:

من الواضح أنَّه يصعب التعامل مع الأشخاص صعاب المراس الذين يغرقون في مشكلاتهم ويفشلون في التركيز في الحلول؛ لذلك حتى يتمكنوا من الشعور بالرضى عن أنفسهم؛ تراهم يرغبون في أن ينضم الآخرون إليهم وإلى مأساتهم دوماً، وقد تشعر بالضغط مُضطراً إلى الاستماع لشكواهم لمجرد أنَّك لا تريد إيقافهم أو أن يُنظر إليك على أنَّك شخص قاسٍ أو وقح، لكن يوجد خيط رفيع بين أن تصغي بحنو وأن تنغمس في مأساتهم العاطفية.

وإذا كنت مُجبراً على العيش أو العمل مع شخص صعب المراس، فتأكَّد من أنَّك تحصل على الوقت الكافي بمفردك للاسترخاء والراحة والتعافي، وقد يكون الاضطرار إلى تأدية دور الشخص البالغ والعقلاني في مواجهة الحالة المزاجية القاسية لذلك الشخص أمراً مرهقاً، وقد يُصيبك سلوكه السام بالعدوى إن لم تكُن حذراً؛ لذا تذكَّر أنَّه حتى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات حقيقية وأمراض سريرية ما يزال في إمكانهم فهم أنَّ لديك احتياجات أيضاً؛ مما يعني أنَّه يمكنك أن تعتذر منهم بأدب عندما تحتاج إلى ذلك.

4. إخبار الأشخاص صعاب المراس بأنَّك غير مهتم بكل احترام:

يُعَدُّ هذا الملاذ الأخير، فإذا كنتَ قد بذلت قصارى جهدك للتواصل باحترام مع شخص صعب المراس أو حاولت النأي بنفسك عنه ولكنَّه يُصر على مُلاحقتك ومهاجمتك لأي سبب كان، فقد حان الوقت للتحدث إليه وإخباره بأنَّ كلماته لا تعني لك شيئاً، حاول في مثل هذه المواقف أن تجعل من هذه الجملة شعارك لمدى الحياة: "إنَّني - وبكل احترام - لا أهتم"، قُل ذلك لأي شخص يُطلق أحكاماً عامةً على أشياء تؤمن بها بشدة أو أمر يجعلك على ما أنت عليه.

5. إذا تحول سلوكهم المُهين إلى إيذائك جسدياً، فهذه مسألة قانونية يجب معالجتها:

إذا كنت قد نجوت من حادثة اعتداء جسدي قام بها أحد أفراد عائلتك وحاولت إعادة الأمور إلى نصابها، أو إذا كنت قد أمضيت سنوات متمسكاً بمفاهيم الثقة والإيمان حتى بعد أن عرفت في قلبك أنَّ تلك الأشياء الجميلة غير الملموسة التي يُبنى عليها الحب ويدوم لن تعود أبداً؛ وخاصة إذا وقفت كحاجز بين المعتدي وشخص آخر مُتحملاً عن الضحية العبء الأكبر من الإساءة؛ فأنت بطل، لكن حان الوقت الآن لتكون بطل مستقبلك، وإذا مارس شخصٌ إساءة من نوع ما واعتدى جسدياً، فهو شخص يخالف القانون ويحتاج إلى تحمُّل عواقب أفعاله.

المصدر




مقالات مرتبطة